كتَّاب إيلاف

يا قوم: اتركوا الصّلاة!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

للوهلة الأولى سيظنّ خاطفو المقالات من العناوين، والقرَّاء المستهلكون للنّصوص من قشرتها، - خلافًا للقارئين لها بإطراق، الداخلين في نسيجها برويّة ومكث وأناة، لتكون الكتابة ثمرًا يانعًا، والقراءة قطفًا جنيًّا، - سيظنّ أولئك بأنّ ثمّة خطأً لفظيًّا أو طباعيًّا في الاستهلال الذي يتصدّر المقال، وهو سلوك ما عاد يدهشنا لكثرة هؤلاء السّطحيين، وطغيان صوتهم النّشاز!!

والأمر في حقيقته ليس كذلك، وإنّما هو باب من الاستفزاز لتجاوز القشرة نحو اللّباب، والصّبر على وعورة السّطح لبلوغ الجوهر، بل إنّ القرآن الكريم يؤيّد ما يذهب إليه العنوان، فلو أنّك قرأت قوله جلّ وعزّ: (فَوَيْلٌ للْمُصَلِّينَ)، دون معرفة بأحوال المصلّين الموعودين بالثّبور هنا للفّك التّعميم برداء الجهل والفهم المغلوط، ولو تلوت قوله جلّ ذكره في موضع آخر: (لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ) وانصرفت، لوقعت في حرج المجتزئين لحاجة في أنفسهم، ولكنت مثل شاعرهم الماجن الذي اجتزأ هذه الآية، أو بالأحرى "ابتسرها وعزلها عن سياقها" وبنى عليها فكرة خبيثة ليقول في لحظة شاعريّة مظلمة، - لا بارك الله في قوله-:

دَعِ المَسَاجِدَ لِلْعُبَّادِ تَسْكُنها
وطُفْ بِنَا حَوْلَ خَمَّارٍ لِيَسْقِينا!
ما قَالَ رَبُّكَ وَيْلٌ للأُولَى سَكِرُوا
وإنَّمَا قَالَ: "وَيْلٌ لِلْمُصَلِّينا"!

إنّه معنى مقنّع في ظاهر الأمر، نحته بإزميل الغرض، وعلّقه في مدخل العبث الماجن، وهكذا دومًا تكون المحصّلة حين يعمد الفاعل الثّقافي إلى تزوير الحقائق، ويعكف على ليّ عنق النّصوص وتطويعها حتى تستجيب "لأوهامه وخيالاته الحمقى"!

فهل نقول مع أبي نوّاس: يا قوم (دعوا الصّلاة)! وفقًا لأصحاب القراءة السّطحية، والنّظر "القشري"؟!.. معاذ الله أنّ نقول بذلك، ولن يقول بذلك من في قلبه مثقال ذرّة من إيمان!
ولكن - وآه على ما بعد لكن - هل يبدو أبونوّاس هو الوحيد الذي يوظّف النّصوص لصالح فكرته أو بالأحرى "وهمه"؟!
حسنًا، تأمّل أطروحات الفكر القاعدي - نسبة إلى القاعدة - تأمّل كيف حصروا علاقتنا بالآخر من خلال نصٍّ وحيد يأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب.. إنّهم تجاهلوا كلّ النُّصوص الأخرى التي تشرح العلاقة مع الآخر، وحتّى هذا النّص - الذي ما لبثوا يستشهدون به - تمّ تجريده من ملابسه التّاريخيّة والوقائعيّة، بل حتّى من ظروفه التي قيل فيها، ليُحصر الدّين - وفق التياثهم العقلي والتباسهم الفهمي - في دائرة القتال وإظهار العداوة لكلّ من هو غير مسلم، بل إن فهمهم هذا يتعدّى إلى المسلم المُخالف لرؤيتهم السّقيمة، والذي لا يرى إخراج المشركين أو المخالفين لعقيدة الإسلام من جزيرة العرب، ما دام ثمّة حاجة إليهم، غير مقتضية بغيرهم، وما دامت المعاهدات قائمة ومرعيّة، والسّلم مبسوط السّلطان وموفور الأسباب!

إنّك لو تأمّلت مثل هذه المفهوم "القاعدي" وطفقت تقارنه بمأثمة أبي نوّاس في معرض المفاضلة بين "أفضل السّيئين" لوجدت أبو نواس أرحم وأعدل من أصحاب الفكر المنحرف من المعاصرين، لأنّه على الأقل قد سمح لمن يخالفونه بالإقامة في أماكن عبادتهم، بينما نرى "البنلاديّين" ينطلقون من نظرة فرعونيّة، مفادها (لا أريكم إلّا ما أرى)..
آه.. اللّهم أرانا الحقّ حقًّا وارزقنا إتّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، فقد خنقتنا الكآبة، وغمّ على بعضنا حتّى لا يكاد يفرّق بين وجه الغابة وتداعيات السّحابة!
Arfaj555@yahoo.com

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف