كتَّاب إيلاف

نداء من مواطن أردني....

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

"دكتور كون محضر خير بين الأردن والإخوان المسلمين...."
يلاحظ أن من موضوعات الساعة المطروحة في الساحتين العربية والإسلامية هي العلاقة بين الحركات الإسلامية والأنظمة الحاكمة، فمن العلاقة بين حماس والسلطة الفلسطينية، إلى العلاقة بين الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسورية وغيرها والأنظمة القائمة في بلادهم، إلى الحركات الإسلامية في باكستان وتركيا واندونيسيا والتوتر بينها والأنظمة الحاكمة هناك وغيرها، وقد كان لمقالتي الأخيرة (ماذا يريد إخوان الأردن غير تدميره) صدى واسعا بين القراء خاصة الأردنيين سواء من حجم التعليقات على المقالة أو الرسائل التي وصلتني على بريدي الخاص، وهذا أمر طبيعي لأن الوضع الذي عالجته المقالة يخص الساحة الأردنية وما يتفاعل بداخلها ويؤثر على مستقبل البلد نتيجة لحساسية الظروف المحيطة به سواء غربا في مناطق السلطة الفلسطينية أو شرقا في العراق.
وقد لفت انتباهي تعليق من مواطن أردني (سامح المعايطة)، كان تعليقه عبارة عن نداء قال فيه: (دكتور كون محضر خير بين الأردن والإخوان المسلمين ولا تزيد الوضع سوءا بينهم الله يخليك). والمقصود من التعبير الشعبي (محضر خير) أن يكون حضور الشخص بين طرفين متنازعين حضورا للتوفيق وليس لزيادة الخصومة بينهم. وأنا مع هذا النداء فليس هناك موقف مضاد مسبق من طرفي إزاء جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وحزبهم السياسي (جبهة العمل الإسلامي)، وذلك لأنني لست مواطنا أردنيا ولا أقيم في الأردن، وكل ما أكتبه عن الأردن سياسة وثقافة فقط لأنه من ضمن اهتماماتي منذ زمن طويل، يعود لبداية امتهاني الكتابة إذ كان أول كتاب لي هو (عرار الشاعر اللامنتمي) عام 1974 الذي كان أطروحتي لدرجة الماجستير، وكان من أوائل الدراسات عن الشاعر الأردني مصطفى وهبي التل المتوفي عام 1949. و كذلك لا تربطني أية معرفة شخصية بأي قيادي من هذه الجماعة كي تكون هذه المعرفة سببا لحساسية تؤدي لنقدي لهم كما ورد في مقالتي الأخيرة، وبالتالي فإن ما أكتبه حقيقة لا يهدف لزيادة الخصومة وسوء الوضع بقدر ما هو مجرد رؤية سياسية من مهتم ومتابع للشأن الأردني، و إذا أصابت هذه الجماعة في موقف سياسي لها سأكون أول من يثمّن ذلك، وإن تعرضوا لمصادرة حرياتهم السياسية سأكون أول من يدين ذلك، وبالمقابل لن أسكت عن أخطائهم وتقلباتهم السياسية التي تصل أحيانا حدّ التهور غير المحسوبة نتائجه على الوطن والمواطن الأردني.

رجاءا ماذا تريدون؟
ولمزيد من إلقاء الضوء على مواقف هذه الجماعة أسال: ماذا يريدون تحقيقه في الأردن أو ما هي أجندتهم السياسية؟. من خلال متابعتي الدائمة لأدبيات ونشاطات حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن منذ تأسيسه عام 1992، لم أعثر على رؤية سياسية شاملة وواضحة ممكنة التطبيق حول الشأن الأردني، ومنذ تأسيس الحزب وهو يعتمد الظاهرة الصوتية أي البيانات الخطابية التي تدغدغ عواطف الجماهير لساعات وتخدم بقاء قيادات الحزب في الصورة الإعلامية فقط، أما ما يمكن تحقيقه من هذه البيانات فهذا آخر ما تفكر فيه قيادات الإخوان المسلمين في الأردن وحزبهم جبهة العمل الإسلامي. ويكفي لمن يريد الدليل أن يطلع على وثيقتين منشورتين في موقع الحزب الإليكتروني وهما: (البرنامج الانتخابي لمرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي 1993 - 1997) و (رؤية الحركة الإسلامية للإصلاح في الأردن)، والوثيقة الثانية في منتهى الخطورة لأن نجاح الإخوان في تطبيق ما ورد فيها حول الشأن الداخلي الأردني لا يعني سوى صورة حرفية لتطبيقات (طالبان) في أفغانستان، حيث أسلمة عمياء لمجتمع متعدد الديانات، وربما هذا ما قاد المسيحي الوحيد في قيادة الحزب (عزيز مساعدة) للاستقالة من الحزب (مارس 2007) رغم كل اللغط والتأويلات التي أثيرت حول عضويته في الحزب ثم استقالته نهائيا، ولا داعي لإطالة الاقتباس من برنامجهم هذا للتدليل على نواياهم وخططهم الطالبانية الظلامية، فالوثيقة موجودة في موقعهم ومتاحة للقراءة لكل من يرغب.

أما خططهم ورؤاهم الخارجية فهي تخطط حسب الوثيقة لـ:

أولا:(فلسطين والصراع العربي الصهيوني) و في هذا الشأن يدبّجون خطابات بلاغية لا مثيل لبلاغتها لدى جهابذة البيان العربي مثل نشيدهم: (فلسطين من النهر إلى البحر حق تاريخي وسياسي وقانوني لشعبها الذي هو جزء من الأمة العربية والإسلامية، وأن هذه الأرض ملك ووقف لهذه الأمة، وأن ذلك جزء من عقيدة الأمة ومقدساتها الكبرى (لم توضح الوثيقة ما هي المقدسات الصغرى) وأن قضيتها تعدّ القضية السياسية الأولى والمركزية للأمة العربية والإسلامية، وهذا يتطلب بذل قصارى جهدها لتحريرها ودعم شعبها في جهاده من أجل التحرير والاستقلال والعودة). و (إن اتفاقيات السلام القائمة مع هذا الكيان إنما هي سبيل لتكريس اغتصابه لأرضنا وحرية شعبنا، وأن الجهاد في سبيل الله والمقاومة - لم يوضحوا ما الفرق بين المقاومة والجهاد - بكل أشكالها هما السبيل إلى التحرير)، وهذا يعني أن الإخوان المسلمين في الأردن جاهزون لإلغاء اتفاقية وادي عربة واتفاقية كامب ديفيد وقطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وموريتانيا والأردن ودولة إسرائيل وإقفال المكتب التجاري الإسرائيلي في قطر وإلغاء مبادرة السلام العربية التي وافقت عليها كافة الدول العربية بالإجماع.

ثانيا: (العراق والتدخل العسكري الأجنبي) ومن أهم ما يريدون عمله هو (دعم المقاومة العراقية الباسلة والشعب العراقي الأبي بكل أشكال الدعم المتاحة لتعزيز صموده)، وطبعا لم يوضح الإخوان ما هي إمكانيات الأردن الاقتصادية والعسكرية لتحقيق ذلك وكيف سيخلقون هم هذه الإمكانيات لو كانت مقاليد السلطة بيدهم.

ثالثا: (في مجال الوحدة العربية و الإسلامية)، يورد إخوان الأردن ثلاثة عشر هدفا لهم أسهلها على التحقيق: (...العمل على تحرير الأقطار العربية والإسلامية الرازحة تحت الاحتلال كفلسطين والجولان والأراضي اللبنانية والعراق والشيشان وأفغانستان وكشمير) والملاحظ في هذا المجال خيانتهم الواضحة لإقليم الأسكندرونة المحتل من تركيا وسبتة ومليلة المحتلة من أسبانيا، فلماذا هذا التقاعس؟ هل هو تواطىء مع الاحتلال التركي والأسباني أم هناك أسباب ومبررات شرعية نجهلها؟. وكي لا أنسى وأتهم بالتواطؤ والتعتيم على قدراتهم فهم جاهزون حسب وثيقتهم المذكورة ل (تعزيز الوحدة الاقتصادية القائمة على التكامل الاقتصادي وإيجاد السوق العربية المشتركة وتوحيد العملة (لم يذكروا ما سيكون نوعها واسمها) وإلغاء تأشيرات السفر والقيود الجمركية وإعطاء الأولوية عمليا للتبادل التجاري بين الدول العربية والشعوب الإسلامية وتوظيف موارد الأمة وثرواتها لخير أبنائها)....تصوروا ما أسهل هذه الشعارات عندما تكون خطابا على الورق، و لكن لماذا الظن وبعض الظن إثم فهل إخوان الأردن عاجزين عن تحقيق هذه الأهداف؟ أعتقد لو أنهم كانوا غير متأكدين من قدراتهم ما ضمنوها لورقتهم هذه !!.

يطالبون بالديمقراطية و يمارسون الديكتاتورية

الإخوان المسلمون في الأردن مثل غالبية الأحزاب التي تدّعي الخلفية والمرجعية الإسلامية يطالبون بالديمقراطية التي تسمح لهم بالعمل كما يريدون، وفي الوقت ذاته يمارسون أعتى أنواع القمع والديكتاتورية مع خصومهم السياسيين إن خالفوهم في أي رأي وتوجه، وكونهم يتحركون باسم الذات الإلهية فهم فوق القانون وكافة الأعراف، ويكفي ذكر ممارستين ل (زكي بن ارشيد) أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن ليتبين القارىء هذا الطغيان الذي يصل حد الفجور:

الأولى: الطلب الذي تقدم به زكي بن ارشيد للمدعي العام الأردني مطالبا الزميل عبد الوهاب زغيلات رئيس تحرير جريدة الرأي الأردنية بمعرفة (اسم الصحفي الذي كتب خبرا تناول لقاء أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي زكي بن ارشيد مع الأمريكان والتباحث معهم حول تدريب كوادر من الحزب على الانتخابات)، وقد أبلغ الزغيلات النائب العام (أنه هو من كتب الخبر كونه رئيس التحرير المسؤول، موضحا أنه لا يجوز مطلقا الكشف عن مصدر الخبر أو المعلومة إلا في حال مساسها بأمن الدولة)، هذا رغم أن ا بن ارشيد اعترف شخصيا لوسيلة إعلام محلية أنه التقى الأمريكان، وهذا وجه من وجوه الغطرسة المتسترة بالإسلام فأن يلتقي ابن ارشيد الأمريكان مسموح شرعا، أما من يلتقي الامريكان من غير حزبه فهو منحرف وعميل، وأنا شخصيا لا أدين لقاءه مع المارينز الأمريكان فربما يكون هذا بداية لتفسيرات شرعية نجهلها نحن. وضمن هذا السياق أوضح عبد الوهاب الزغيلات (أنه قبل أن يتم انتخاب بن ارشيد أمينا عاما لحزب جبهة العمل الإسلامي كتب تقريرا صحفيا على الصفحة الأولى للرأي حذر فيه من وصول بن ارشيد لزعامة الحزب، وطالب بعدم فرض أشخاص من الخارج على الحزب، لكنه تفاجأ برد جماعة الإخوان المسلمين الذي كان عبارة عن شتائم) و أوضح الزغيلات (أن ا بن ارشيد لم يراع الوطن الذي يحتضنه وسمح له بإدارة استثمارات بملايين الدولارات هو وابنه وزوجته مؤكدا أن كافة المستثمرين المحليين والأجانب راعوا مصلحة الوطن الذي فتح لهم ذراعيه فيما تجاهل ابن ارشيد كل ما قدمه له الوطن، لافتا إلى وجود مشكلة قائمة بين العقلاء من جماعة الإخوان المسلمين والمتشددين الذي يقودهم بن ارشيد)، وأقوال الزميل الزغيلات هذه موثقة ومنسوبة له في صحيفة الحقيقة الدولية الاليكترونية ليوم الثاني عشر من أغسطس لعام 2007 كي لا يرفع عليّ بن ارشيد قضية أمام المدعي العام النرويجي.

الثانية: الشكوى التي تقدمت بها صحيفة الحقيقة الدولية في التاسع عشر من حزيران الماضي للمكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي، ضد أمين حزبهم زكي بن ارشيد (على خلفية قمعه غير المسبوق للحريات الصحفية بقراره مقاطعة الصحيفة ومطالبته بتغيير سياسة الصحيفة، وتلميحه المباشر إلى عزل رئيس التحرير في إطار خطوات حسن النوايا التي اشترطها على إدارة الصحيفة للعدول عن قراره) - يقصد قرار مقاطعته للصحيفة -، وكل هذا الغضب العنتري من بن ارشيد لأن الصحيفة نشرت تقارير صحفية أشارت لتراجع شعبية الحزب في الدائرة الانتخابية الثانية في العاصمة الأردنية.

والسؤال المهم: إذا كانت هذه ممارساتهم وهم في المعارضة فكيف سيحولون حياة المواطن الأردني إن وصلوا للحكم لا قدّر الله؟. إزاء كل ما سبق أقول للمواطن الأردني سامح المعايطة: المطلوب من جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أن يكونوا محضر خير لشعبهم وليس هذا المحضر الظلامي التعسفي الذي يستشف من ممارساتهم وسلوكهم في كل ميادين الحياة.
ahmad64@hotmail.com

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف