جيوبوليتيك البحر المتوسط: قراءة في كتاب ييف لاكوست
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الحلقة الأولى
منذ عام 2005، أطلق دار نشر " أرموند كولان" في باريس مجموعة من الدراسات الجيوبوليتيكية وصلت إلى ستة كتب ومن المحتمل أن تصل قريبا إلى اثني عشر كتابا. تعتمد هذه الدراسات (الكتب) بشكل أساسي على مفهوم جديد للجيوبوليتيك. يقول "ييف لاكوست"،المشرف على المجموعة، في هذا الشأن:" نحن نعتبر بداية أن الجيوبوليتيك يبين كل الصراعات بين السلطات و تأثيرها على الأرض أو الإقليم، ليس فقط بين الدول، ولكن أيضا بين السلطات من كل نوع، لاسيما إذا كانت خفية".الكتب التي تضمها المجموعة تعالج إذا إشكاليات كبير تتعلق بالدولة، مثل البترول، أو ظواهر مختلفة كثيرا، كأن تكون دينية أو مالية".
من جهة أخرى يرى المشرف العام على المجموعة ومؤلف كتاب اليوم أن:" الجيوبوليتيك لا يمكن فصله عن التاريخ وذلك من أجل فهم أفضل للحالة التي وصلنا إليها اليوم من صراعات هنا وهناك، أو من حالة جيوبوليتيكة صراعية". وفق هذه الرؤية للعلاقة بين التاريخ و الجيوبوليتيك عند "ييف لاكوست" يمكن القول إن كل مجموعة، كل حزب أو حتى كل شعب في حالة صراع أو تنافس، يستند إلى تاريخه الخاص أو إلى رؤية أقل أو أكثر موضوعية مختلفة عن المعسكر المنافس. كل طرف من أطراف الصراع يحاول فرض ويؤكد حقوقه في أرض أو إقليم مقدما تاريخه و هو تاريخ في الغالب مبتور أو غير موجود، أمام أعين مؤرخين أقل انحيازا.
منذ بداية مؤلفه الصادر بالفرنسية تحت عنوان [Geacute;opolitique de la Meacute;diterraneacute;e، ويقع في 480 صفحة] يبين "ييف لاكوست" أن معنى " منظور"،" رؤية" أو " نظرات" perspective التي يتحدث عنها في الكتاب،هو منذ عصر النهضة الشكل الخاص الذي من خلال يرى هذا أو ذاك ويقدر الأشياء، بالإضافة لذلك هو متابعة للأحداث التي يمكن أن تكون مفكر فيها كممكنة أو محتملة (يمكن العودة هنا إلى قاموس Robert, Dictionnaire culturel en langue franccedil;aise ).
لهذا السبب يقول المؤلف هذه المجموعة تسمى " نظرات جيوبوليتيكة " (نظرات هنا تقع ضمن معنى الاستشراف للمستقبل)، حيث داخل كل كتاب من المجموعة التحليلات الجيوبوليتيك و الاعتبارات التاريخية تسمح، بالنسبة لهذه الحالة أو تلك، برؤية للمستقبل أقل أو أكثر اختلافا.
ولكن كما ترى معظم الدراسات الجيوبوليتيكية الغربية لا يمكن تحليل أو دراسة الصراعات بين القوى السياسية المتجاورة في الأرض أو الإقليم من وجهة نظر الحدود التي تقع عليها الدول فقط. لأن كل طرف له حلفاء بعيدون أو قريبون، من هنا لا بد من الأخذ بالاعتبار قدرة أطراف الصراع والحلفاء بالتدخل عن مسافة بعيدة جدا. وفي هذا الموضوع يقول "ييف لاكوست":" من أجل فهم تطور حالة جيوبوليتيكية، لابد من تغيير وجهة النظر، نقطة الملاحظة أو المراقبة و التفكير من بعيد، من زاوية مختلفة، باختصار من خلال نظرة مختلفة".
في تعريف "لاكوست" لمصطلح الجيوبوليتيك يقول:" نحن حتى اليوم استخدمناه بأشكال متعددة، يشير إلى كل ما يتعلق بالتنافس بين السلطات التي تعيش على أرض واحدة: تنافس أقل أو أكثر سلما أو عنفا بين السلطات السياسية من كل الأنواع، وليس فقط بين الدول، بل بين الحركات السياسية أو المجموعات المسلحة الشرعية أو غير الشرعية، هذا التنافس يمارس من أجل السيطرة أو الهيمنة على إقليم جيوبوليتيكي له مساحة كبيرة أو صغيرة جدا".
ضمن تعريف المؤلف لهذا المصطلح يتبين لدينا الأهمية الكبرى والمتنامية لهذا العلم ولأسئلته التي يطرحها علينا،بحيث أن دراسة الإشكاليات الجيوبوليتيكية لم تعد حكرا على المختصين أو المسؤولين السياسيين. فهذا يتعلق بكل المواطنين وينبغي أن يعرفوا بشكل أفضل تعقيدات و خطورة العديد من القضايا التي تطرح قريبا أو بعيدا عنهم، وهذه المعرفة بدورها تقود إلى تصرفات هادئة و تساعد على الاحتفاظ بالدم البارد أمام التهديدات المحتملة أو الحلول التي يمكن أن تكون أخطر من الإشكاليات ذاتها.
وفيما يتعلق بالبحر المتوسط يقول "لاكوست":" إذا استندنا إلى كافة القضايا الكبرى التي تستحضرها الصحافة فيما يتعلق بالبحر المتوسط بمجمله أو فيما يتعلق بالتنافس و الصراعات بين السلطات قديما وحديثا و التي تدور بين 25 دولة، كبيرة أو صغيرة الأهمية، حول هذا الامتداد البحري الطويل (4000 كيلومتر) من الغرب إلى الشرق، نستطيع التأكيد أنه ضمن هذا الجزء من العالم، الإشكاليات الجيوبوليتيكية هي أكثر من أي مكان آخر، خطرة و معقدة جدا، لأنها تشابكت بطريقة غير مباشرة عبر تاريخ طويل".
يطرح المؤلف السؤال التالي:" لماذا وضعنا هذا العنوان للكتاب: جيوبوليتيك البحر المتوسط بصيغة المفرد؟ " و يجيب " إن هذا الكل المكون من البحر و البلدان التي تحيط به سيكون نطاقا أو مكانا للعديد من المجابهات الكبرى: هذا ما نعتقد منذ عشرات السنين، حيث بشكل بياني هناك مواجهة بين شمال و جنوب البحر المتوسط: من جهة، البلدان الأوربية الواقعة على حافته الشمالية، ومن أخرى، البلدان الممتدة على حافته الجنوبية أو هي البلدان المصنفة " بالنامية أو تحت النمو"، بسبب الهيمنة الاستعمارية التي مارستها دول الشمال منذ القرن التاسع عشر". في الواقع هذه النظرة في تناول الأشياء هي مطروحة بقوة اليوم من قبل جهات متطرفة تقع على الطرفين تؤكد أن العالم هو من الآن فصاعدا مسرح " لصراع الحضارات" أو بين أديان كبرى. ووفق هؤلاء، البحر المتوسط هو الجزء من العالم حيث هذا "الصراع" سيكون الأعنف، ففي الجنوب تقع بلدان مسلمة وفي الشمال هناك بشكل أساسي بلدان مسيحية. طبعا هناك حالة استثنائية اسمها إسرائيل.
ولكن مؤلف الكتاب يرى أن:" التنافس و الصراعات بين السلطات حول المتوسط، إذا دققنا فيها جيدا، لا يمكن أن تختصر إلى مفهوم شمال ـ جنوب أو إلى صراع مسيحي ـ إسلامي. حتى في العصور الوسطى، أثناء الحروب الصليبية، و الحديث عنها اليوم لا يتوقف، وهي ظاهرة جيوبوليتيكية كبيرة، الصراعات بين القوى المتعددة كان أكثر تعقيدا مما نتخيله اليوم. الرؤية الثنائية للبحر المتوسط " الشمال و الجنوب وتوافقهما مع ثنائية الشرق و الغرب"، تستلهم خطابها من ادعاءات فلسفية و التي تتجاهل أو تمر تحت صمت تعقيد مختلف الأوضاع الجيوبوليتيكية في البحر المتوسط".
وفي اعتقاد " ييف لاكوست"، إنه فقط حول الجزء الغربي من هذا الامتداد البحري أن التباين الاقتصادي و الاجتماعي بين البلدان المحيطة، الشمالية و الجنوبية، كان سببا في الهيمنة الاستعمارية ابتداء من القرن التاسع عشر على بلدان المغرب من قبل الدول الأوربية، فرنسا بشكل خاص. في المقابل، حول الجزء الشرقي من البحر المتوسط، التباين الاقتصادي شمال/جنوب كان أقل واقعية وحقيقة بكثير. فمنذ توسع الإمبريالية الحديثة في العالم العربي، قبل أقل من قرنين، ليست في الواقع البلدان الواقعة على الحافة الشمالية، مثل اليونان أو ألبانيا هي التي هيمنت على مصر، ولم تكن أيضا تركيا، بل بريطانيا وهي في الحقيقة دولة غير متوسطية. هذه الأخيرة بفضل أسطولها البحري، لعبت دورا جيوبوليتيكيا رئيسا في حوض المتوسط و استمر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. عندما استبدلت و قبل خمسين عاما بالأسطول السادس للبحرية الأمريكية الذي يقابل شرقي المتوسط وقدراته القتالية، خاصة الجوية، لا يمكن مقارنتها بأي شكل من الأشكال مع البحرية الملكية آنذاك.
ولفهم المشاكل الجيوبوليتيكية للبحر المتوسط، لا يمكننا التوقف فقط عند دراسة حوض المتوسط، كما يقول " لاكوست":" ليس علينا فقط الأخذ بالحسبان للقوى العظمى التي يمكن أن تستخدم قوتها فيما بعد الأطلسي، ولكن أيضا للارتدادات التي يمكن أن تحصل، وتصل إلى البحر المتوسط، ومنها التغييرات الجيوبوليتكية البعيدة التي تحدث من صراعات آسيا الوسطى أو أفغانستان". أما بالنسبة لحوض المتوسط نفسه فهناك العديد من الدول المتجاورة لديها مشاكل حدودية مع بعضها، سوريا/تركيا، سوريا/إسرائيل، أو بين دول البلقان لاسيما ما نتج عن تفكك يوغسلافيا السابقة. أكثر من ذلك، حتى داخل بعض الدول الواقعة على المتوسط، يوجد مشاكل جيوبوليتكية يمكن أن تكون بصيغة تتعلق بالدين و اللغة، أو عدم العدالة في التقسيم الإقليمي لعائدات الثروة والاقتصاد والتي تتحول إلى مطالبات بالاستقلال فيما بعد. يظهر هذا بشكل واضح في إسبانيا، وأيضا في إيطاليا. أما في لبنان حيث العديد من الطوائف تمركز على مناطق خاصة بها فقد استمرت الحرب الأهلية 15 عاما، وكل طرف منها يسعى لتعزيز علاقاته مع دول مجاورة.
يرى " لاكوست" أن عنوان الكتاب كان يمكن أن يكون بصيغة الجمع " جيوبوليتكيات" geacute;opolitiques البحر المتوسط، لأنه ومن أجل فهم القضايا المتعددة، يجب الأخذ بالحسبان للمشاكل النوعية داخل أو لكل دولة تقع على حوض البحر المتوسط. ولكن وفق المؤلف، منذ قرون أو آلاف السنين، كل قطاع من هذه السواحل الطويلة للمتوسط (تقريبا 12000 كيلو متر من غير الجزر)، هو في علاقة مباشرة مع الآخرين، من خلال النقل البحري المتبادل.
في البحر المتوسط التنافس على الأرض أو الأقاليم لا يدور فقط بين الدول المتجاورة، ولكن أيضا بين الدول المتقابلة أو في الجانب الآخر من البحر المتوسط، كما كان بين فرنسا ودول المغرب العربي. كل هذا يؤسس وفق " لاكوست" ما يمكن أن نسميه " الظاهرة الجيوبوليتكية المتوسطية" أو " النموذج المتوسطي" الذي يمكن أن يعرّف من خلال تعدد التداخلات المباشرة من طرق بحرية بين الدول المتوسطية، المضائق و الممرات نحو محيطين والتي تسهل حركة السفن أو النقل البحري بين المحيطات عبر المتوسط. ومن هنا نتحدث اليوم عن " المتوسط الأمريكي" أو " المتوسط الآسيوي" من أجل استحضار نفس الظاهرة ونفس الدور. ويقصد هنا خليج المكسيك و بحر أنتيل(بين أمريكا الوسطى، أرخبيل أنتيلي، أمريكا الشمالية، أمريكا الجنوبية)، و (بحر الصين الجنوبي) بيت الصين، إندونيسيا و الأرخبيلات الكبرى في آسيا جنوب/شرق. وكل من هذين المتوسطين الواقعين، ليس بين قارتين، ولكن على حافة المحيط، هو محاط بمجموعات صغيرة من الدول.
أما البحر الأبيض المتوسط الذي يمكن أن ندعوه الأوربي/العربي، أو، بشكل أفضل الأوربي/الإسلامي حتى لا نسقط تركيا منه، هو في الحقيقة أكثر تعقيدا و منطقة للصراع أكثر من الآخرين السابقين، لأن الأول الأمريكي، ودوله من إرث الاستعمار الأوربي في القرن السادس عشر، ليس في تماس مع دول إسلامية، أما الثاني الآسيوي يتواجد تحت تجانس صيني.
و دراسة البحر المتوسط جيوبوليتيكيا تجبرنا وفق رؤية المؤلف على الأخذ بالحسبان للتعدد الكبير في الإرث التاريخي و علاقات القوة المختلفة، منذ الخلافات القديمة إلى الصراع من أجل البترول. بالمقابل، البرهان أو المنطق الجيوبوليتكي الذي شكل في السنوات الأخيرة المدرسة الفرنسية الجديدة في الجيوبوليتك، تحت اسم " دليل هيرودوت" يسمح بالفهم الأفضل لصراع السلطات. المنطق التاريخي و منهج التحليل الجيوبوليتكي هما في الواقع غير منفصلين. بشكل آخر للقول لا يمكن وضعها في التنفيذ من غير العودة إلى التاريخ. الشيء الأساسي هو فهم الصراعات الحالية، من خلال ربط الصفات التي تجمعها مع تحليل النتائج الحالية للأحداث التي نتجت قبل أشهر، سنوات أو حتى قرون. و لا يمكن فهم الحالة الجيوبوليتكية من غير معرفة " كيف وصلنا إلى هنا"، بتعبير آخر وفق " لاكوست" دائما، من غير أن يكون لدينا معلومات شاملة عن الصراعات والتنافس بين السلطات التي تعاقبت تاريخيا على الإقليم موضوع الدراسة.
يرى " لاكوست" في مقدمة كتابه أن وسائل الإعلام يمكن أن تقدم الحوار الجيوبوليتكي بطرق تعود إلى التاريخ لتتحدث عن نزاعات إقليمية أو على الأرض ذات أصول إيديولوجية وسياسية لم تعد موجودة نهائيا. أيضا في فرنسا، على الأقل في الأوسط الطلابية و الفكرية، لم نتحدث نهائيا بشكل كاف عن الاستعمار، خاصة فيما يتعلق بالناحية الأخلاقية وحقوق الإنسان، بينما العصر الاستعماري انتهينا منه كما هو الحال مع المغرب، الجزائر وتونس. " إن ما ندعوه من الآن فصاعدا (مرحلة ما بعد الكولونيالية) هو أساس ومصدر للكثير من المشاكل الحالية لم نتوقعها وتطرح علينا هنا في فرنسا، كما بالنسبة لبريطانيا، القوة الاستعمارية الأخرى، خاصة فيما يتعلق بالعدد الكبير للمهاجرين القادمين من الدول التي استعمرت سابقا".
لكن "لاكوست" يصر على أن القضايا الجيوبوليتكية على ضفاف حوض المتوسط هي جديدة أو أصلية أكثر مما هي قضايا تاريخية تتحدث عن الحقبة الاستعمارية. فالحديث عن الجيوبوليتك تاريخيا هو الحديث عن ظواهر للهيمنة كانت على مستوى العالم (أمريكا، آسيا و إفريقيا)، وفي الغالب أو في معظم الحالات كانت مجموعات مسلحة ترسل لأسباب تجارية من قبل الدول الأوربية الغربية (إسبانيا، البرتغال، فرنسا، هولندا) ويدخلون في اتصال مع مجتمعات مختلفة، ربما تكون منظمة وقوية. أما الحديث عن حالات معينة في حوض المتوسط فقد كان هناك من وجهة نظر اقتصادية و ثقافية اقتسام للسلطة المحلية مع الأوربيين. و نعني هنا يضيف "لاكوست" سؤالا كبيرا،ثقافيا و جيوبوليتكيا، نستطيع التفكير فيه بشكل أكثر دقة فيما يخص الأشكال و النماذج التي أخذها في عملية الغزو الاستعماري لدول المغرب.
لكن جزءا كبيرا من الشعوب المتوسطية، " المتوسط الشرقي"، إن كانوا مسيحيين أو مسلمين، خضعوا قبل قرون لهيمنة سلطة يعتبرونها أجنبية، و هي الأتراك العثمانيون، ولكن لا تعتبر استعمارية لحد كبير بالنسبة لهم. لأن سلطتها لم تكون من النموذج الأوربي، لكنها شيء جديد قادم من آسيا الوسطى، سلطة حاول عبثنا منذ القرن الثامن عشر تقليد الأوربيين بتقدمه التقني و الثقافي.
الإمبراطورية العثمانية لم تكن قادرة لا بالنسبة لها، ولا للشعوب التي تحت هيمنتها، أن تقوم بثورة صناعية و رأسمالية. في القرن التاسع عشر، ضعفها المتصاعد و مناورات القوى العظمى الأوربية أحدث ثورات ضدها بين الشعوب المهيمن عليها، بداية في البلقان، ثم في الشرق الأوسط، وكل طرف من هذين الطرفين مع مفكريه ومثقفيه الذي يستمعون لما يقال في أوربا حول القومية، بدأ بالحديث عن الاستقلال وعن الأمة.
إن المطالبات الجيوبوليتكية يقول "لاكوست" لأمة معينة جديدة تستند إما على اختلافات دينية أو على ارتقاء أدبي للغة بشكل خاص دارجة في أوساط العامة، أو على حدود رسمت من قبل سلطة أجنبية وتحدد إقليما معينا خاصا داخل أو ضمن منطقة ضخمة من اللغات، وهذا حال العالم العربي. لكن المدهش أكثر وفق مؤلف كتاب " جيوبوليتيك البحر المتوسط"، أن في الكل المتوسطي هذه الصيرورة من النهوض(تشكل أمم جديدة وكل يطالب تحت ضغط مجموعات قومية بالاستقلال لإقليمه أو أرضه ويدافع عن لغته) تظهر اليوم في إسبانيا بين شعوب لم تخضع نهائيا لسلطات أجنبية استعمارية، بل على العكس كانت هي قوى استعمارية كبيرة، كما الحال مع " الباسك" و " الكتلان" Basques , Catalans.
هذان الأخيران لم يكن لديهما الحظ حتى بأن يكونا من دول "الطرف" الأوربية، لكن كان لديهما الحظ بتحقيق منذ القرن التاسع عشر تنمية اقتصادية وهي الأكثر أهمية في شبه الجزيرة الأيبيرية.
لقد كرس "لاكوست" مدخلا لكتابه من أجل إعطاء فكرة حالية لتعقيدات المشاكل الجيوبوليتكية حول حوض المتوسط، وذلك قبل الانتقال لدراسة هذه الامتداد البحري مع الدول التي تحيط به. لأن "لاكوست" في ما بعد هذا المدخل المفهومي لكتابه، سيدرس الدولة المحيطة دولة بعد أخرى، و الصفات الجيوبوليتكية لكل منها. حيث في كل دولة تطرح القضية القومية، ليس بالمفهوم القانوني أو الفلسفي، ولكن في علاقاتها التاريخية الأكثر أو الأقل صراعية مع الدول الأخرى التي توجد على الحدود أو في الضفة الأخرى من البحر المتوسط.
فمن وجهة نظر المؤلف، معظم التوترات الجيوبوليتكية حول المتوسط هي التي تترجم التنافس بين السلطات المتجاورة في الأرض، (الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي، الصرب/البوسنة، الأتراك/الأكراد، الكتلان/الكاستيلان). وهي في الواقع ليست الصورة التي نملكها عن البحر المتوسط بأنه صراع بين طرفيه الشمالي و الجنوبي. (باستثناء تعقيدات العلاقات التاريخية ما بعد كولونيالية بين الجزائر وفرنسا).
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
لم يسترسل اييف لاكوست
Geo TV -لم يتطرق ايف لاكوست لاقليم حوض البحر الابيض المتوسط كمجال للتعايش، وتطرق لاسرائيل ببساطة بدون دكر انها نتاج لاتفاقية كامبل التي هدفها الأساسي نفط الشرق الاوسط وكيف يمكن استغلال الدول المستعمرات اطول مدة ممكنة ومتاخرة ومتخلفة، ومنها من القيام بأي وحدة! خلق المغرب العربي كان من اجل تكسير الوحدة العربية ....وبالتالي خلق دولة صديقة للغرب والضفة الشمالية وعدوة الشرق والضفة الجنوبية( إسرائيل!!!!العديد من المفكرين مثل جون كريستوف روقان وسامويل هينتكتون ابرزوا خبايا هدا الصراع والتفاوتات بين الشمال والجنوب!!!!!