هل الإنسان بحاجة لدين؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
Do the mankind need a religion? and why (whether yes or no)?
هكذا سألتني خبيرة الكمبيوتر من الإمارات بلغة ريتشارد قلب الأسد (الإنجليزية) سؤالا محرجا: هل الجنس البشري بحاجة لدين؟وتقول عن نفسها أنها مسلمة بالولادة، وتحاول حاليا الاختيار؟
وتذكر أنها أثناء الدراسة العلمية المنطقية تراكمت عليها الهواجس المحرجة للفكر التقليدي، وأنها تتبع كتاباتي بشغف، وأن عندها الكثير من الأسئلة، وأنها تتمنى أن أجيبها على سؤالها بما يشبع طموحها، ويعطيها ضربا من القناعات؟
وهو سؤال صعب الإجابة عليه بنعم ولا.. فحاولت شرح ذلك موضحاً، فحدث التباس فقد ظننت أن الكاتب رجلا، ثم تبين أنها امرأة مهتمة بالعلم فأجبت:
أنا آسف للخلط بين ذكر وأنثى، وحين دعت امرأة عمران ربها بالذرية الطيبة وهبها الرب مريم؛ فجاءها رزقها في المحراب عجبا، فقال النبي لها: أنى لك هذا؟؟
واحترامي للمرأة كبير، وعائلتي كلها إناث، وعندي خمس بنات، أنا بهن فخور، وللرب شاكر، ولنعمه التي لا يحصيها عدد ويضمها هندسة وجبر حامد.
الفاضلة:
نعم يمكن للبشر أن يعيشوا بدون دين، وهناك في العالم أعداد كبيرة من الأنام تعيش بدون دين، حتى اخترع الإنسان الدين، كما اخترع الدولة والكمبيوتر.
مثل أي حاجة تنفع وتضر، فليس مثل الدين سموا، وليس مثل المؤسسة الدينية ضلالا، ولم يتم استعباد الناس بعد الطاغوت السياسي مثل الجبت الديني، ولولا الثاني ما تسلط الأول، ونظرة للجبابرة في كل مكان نرى رفيقهم هو الكاهن الأعظم والحبر والموبذان ورجال الدين من كل صنف شيطانان.. ولم يتم قهر الناس وإذلالهم بقدر خديعة الدولة الدينية..
ومن اخترع الكمبيوتر اجتهد أن يخدم البشر؛ فلا يمكن تنظيم طيران أساطيل الطائرات، وحجز ملايين العباد على مقاعدها بدون تنظيم يفوق كل تنظيم، وهو ما برع فيه الكمبيوتر، وفاق به دماغ البشر أجمعين، وغلب كمبيوتر (الأزرق العميق) كسباروف الروسي عملاق الشطرنج.
ومع تطور الحياة وتعقيدها يخترع البشر نظما ثم يودعونها، وهكذا فنظام (الرق) و(الحرب) كانت يوما تأتي بالخير لطرف ولو على حساب طرف آخر، ولكن الحرب اليوم جنون مطبق، وجريمة منظمة بدهاء، وانحطاط أخلاقي أسرع من غرق التيتانيك إلى القاع.
والرق إفراز طبيعي لظاهرة الحرب، فهو الآلة العضلية.
وحسب (توينبي) في كتابه (مختصر دراسة التاريخ) أن المد الصناعي وظهور الآلة ألغت بشكل تلقائي العضلات، فلو لم تلغ أمريكا الرق بحرب أهلية كلفت 660 ألف قتيل، لأتت الصناعة وألغتها من غير شك وريب.
وكذلك الحرب؛ فقد ماتت كمؤسسة وأفلست، بدون أن يشعر صدام المصدوم، وبوش الخايب، وبن لادن الجهادي (كذا) وشارون الصهيوني المغشي عليه في سكرات الموت، والرفاق الثوريون المعتوهون، أنها انتهت؛ فهم يجربون بودرة بارود قديم نفق وفقد صلاحيته؟
وهو ما دعا (الفريد نوبل) لإنشاء جائزته، وأن يدعو مؤسس السلاح النووي (روبرت أوبنهايمر) أن يلغى السلاح النووي، و(كالاشنيكوف) الذي باع 200 مليون قطعة من رشاشه؛ فقتل 300 مليونا من الأنام، فهو يحمل راية السلام اليوم، في شهادة عن عبثية الحرب وغباوة القوة وعجز السلاح، كيف يعبد البشر ما ينحتون؟؟ والله خلقهم وما يعملون؟؟ ومن لم يعرف الجاهلية لم يعرف الإسلام كما قال عمر رضي الله عنه ذلك يوما.
ومن استعمل آلة قديمة في عصر جديد؛ كان مثله مثل من يعالج الأنورزما (أمهات الدم) بخيطان الزهراوي القديمة، أو فهم القرآن بتفسير ابن كثير قبل ألف سنة.
وكما يقول (توينبي) البريطاني الحجة في التاريخ، نقلا عن (الإنجيل)، أنه يشبه وضع الخمر الجديدة في أزقة (أوعية) قديمة؛ فلا الخمر بقي، ولا الأوعية حفظت، فاندلق الخمر، وانثقبت الأزقة؟؟
كان ذلك في الكتاب مسطورا..
وكذلك الحال بالنسبة لكل الأفكار والديانات..
وهناك حاليا من الملل والنحل والفرق أكثر مما كتب (القرافي) عن الفَرْق بين الفِرَق؟
والشيء العجيب أن كلاً منهم يدعي وصلا بالله، أنه هو الممثل الشرعي الوحيد له على ظهر الأرض، وأن الآخر يوقد به مرجل الجحيم، نارا وقودها الناس والحجارة.
وفي الإحصائيات الأخيرة من مجلة الشبيجل الألمانية، فاقت شعبية (الدلاي لاما) البابا بندكت السادس عشر (العدد 29 تاريخ 16 يوليو 2007م)
وحسب (أوشتدورف Ochtdorf Dieter) الألماني الذي هو النبي 12 من الدزينة الأمريكية من جماعة المورمون، تحت راية (جوردون هينكلي Gordon Hinckley) المسيح الجديد؛ فإن 120 ألف ياباني اعتنقوا مذهبهم فهو بهم فرح فخور، وقفز عددهم خلال 30 سنة بين عامي 1976 و2006م من 3.1 مليونا إلى 12،9 مليونا من الأتباع في أرجاء المعمورة، وهو مذهب من بقايا القرن التاسع عشر، لرجل أدعى النبوة اسمه (جوزيف سميث)، ما يذكر بجماعة (الآميش) الألمان في فيلادلفيا.
وفي سوريا يذكر (عبد الحق شحادة) الحلبي رئيس الاستخبارات العسكرية في مذكراته، كيف اعتلى بسيارته جبال العلويين بين الصخور، أيام حكم (أديب الشيشكلي) العسكري، ليرى عجبا من اجتماع الناس على تأليه (مجيب المرشد) ـ وهو ابن الإله السابق سلمان المرشد الذي قتله الفرنسيون من قبل ـ فأهانه بين عبّاده الذين كانوا له يسجدون ويركعون، والنتيجة معروفة أن الاجتماع انتهى بحمام دم، بقتل الرب وثلاثة من رسله الكرام؟ وهي سيرة عربية معروفة منذ أيام عنترة وتأبط شرا..
وعنونت مجلة الشبيجل الاجتماع الحاشد للدلاي لاما في ألمانيا بعبارة (قوة الغيبوبة Die Macht der Ohnmacht).
وحزب التحرير الذي اندثر في الشرق الأوسط، بعث من الرماد مثل طائر الفينيق في أقصى الشرق، فأقام في أندنوسيا في 12 أوجست 2007 مهرجانا ضم مائة ألف من الناس ويزيدون، وأنا أفرك عيني ولا أكاد أصدق؟؟
وما زالت كتب (تقي الدين النبهاني) تحفظ عن ظهر القلب من الأتباع المخدرين عن خرافة الدولة الإسلامية.
ومازالت في حلقات الحزب السرية تدرس ثنائية الصراع الأمريكي البريطاني، مثل عقيدة زرادشت في الظلمة والنور، ولو كانت مسير نملة وطيران نحلة فخلفها بالتأكيد صراع أمريكي بريطاني.
ونحن نرى حاليا بريطانيا طفل صفير في حضن أمريكا، ولكنها العقائد.. خرافة كبيرة، وتعلق أكبر، فكلما أغرقت في الضباب ضاع الناس أكثر.
وأتذكر أقوال (سعدية سعيد) داعية السلام في الجولان؛ أن أي فكرة مهما بلغت من السخف والضلال واللامعقولية، فهناك عدد من الناس، يزيد وينقص، مستعد ذلك الاستعداد الغريب، أن يقلب دماغه، ويمشي على رأسه بدون أن يحس بالدوار.
ومن يمش على رأسه يفقد رأسه ورجليه معا..
ومن يبق لفترة طويلة في الفضاء الجوي يفقد الإحساس بالجاذبية؛ فتتآكل العظام وتذوب السيقان، ويتحول إلى كائن مكور يدور بدون اتزان..
والبوذية تركت جبال هملايا، وزحفت إلى الصين على طريق الحرير، شاهداً على أثر الجغرافيا في حياة الناس.
وفي مصر تمت دوما فبركة عقائد كثيرة؛ من الحاكم بأمر الله الأول، إلى الحاكم بأمر الله الناصري، وودعت النيل الذي لا يسمح إلا بامتزاج الناس عند ضفتيه، لتصدرها مثل الطماطم والمانجو إلى سوريا والعراق حيث الجبال المعزولة؛ فنما العلويين بأكثر من أعشاش الدبابير، وتكاثر الدروز في جبل العرب ولبنان، بأكثر من مدن النمل وخلايا النحل، في وحي جديد؛ كما هو الوحي عند النحل، وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون..
وحين يصحو العقل الطائفي من السبات، ويرجع الوعي المغيب من المنفى، ويختلط الناس بلا شقاء، فسوف يذهب الغثاء..
وأما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال..
وقصة الإلحاد قديمة، ومن المهم أن نأخذ حياة أولئك الذين كانوا دهريين بعين الاعتبار، كما جاء في تعبير القرآن: وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر.
وفي هذا كتب الأفغاني يوما في الرد على الدهريين، ومن قبل كتب ابن تيمية ذلك في رسالة خاصة، فالمسألة قديمة قدم الدهر كما ترين..
وحسب (جيفري لانج) أستاذ الرياضيات الأمريكي، الذي كان مسيحيا ثم قلب فأصبح ملحداً، ثم أسلم وكتب (الصراع من أجل الإيمان) فوصف وضع الإلحاد أنه "حالة لا تطاق"؟
ويبدو أن دماغنا مبرمج هكذا، كما ظهر ذلك في بحث نشرته مجلة الشبيجل عن بقعة في الدماغ للإيمان برب الجنود.. إن ربك فعال لما يريد.
وفي كندا أعرف أناسا يبدلون عقائدهم ودياناتهم، أكثر من تغييرهم الملابس، ولا يخافون أن تطير رؤوسهم بحكم الردة، ولو كانوا في العالم الإسلامي لطارت رؤوسهم أكثر من دجاج الوطنية.
فعندنا في العالم العربي نعيش حياة الحزب القائد، والفكر الواحد، والزعيم الخالد، والرسالة الخالدة، في عقيدة لا فكاك منها ولا خلاص، في الوقت الذي يقول القرآن فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وسمح القرآن للإنسان أن يكفر ثلاث مرات دون أن يطير رأسه مرة واحدة..
إن الذين آمنوا ثم كفروا، ثم آمنوا ثم كفروا، ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا..(النساء 137)
ففي الوقت الذي يسمح القرآن بالدخول والخروج فإن فقهاءنا وعلماء الأزهر الشريف، يسمحون له بالدخول مرة واحدة فإن خرج خرج بدون رأسه؟؟ وهي نكتة كبيرة ولكنها تبكي
أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون؟؟
والقرآن ساوى بين الرشد وعدم الإكراه " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"؟؟
ولكن حياتنا كلها في العالم العربي مبنية على الإكراه، ففي أقطار لا يسمح للفتاة أن تظهر قلامة أظفارها، وفي أقطار ثورية يجب أن تخلع عن رأسها، كي يتنفس؛ فتدرس وتتعلم، فالعلم لا يدخل الرؤوس المغطاة بقطعة قماش كما لا تدخل أمواج الأثير صفيح الرصاص؟
أو هكذا يفكرون..
وعلى الإناث جميعا الانتساب للحزب القائد، كما حصل مع ابنتي في (خان أرنبة) في الجولان السوري، وحولها كتبت مقالة بعنوان (قوة كلمة..لا)..
وهكذا فالجواب على فكرة هل يمكن للإنسان أن يعيش بدون دين؟
هو... نعم...
ولكن ما هو الإلحاد ؟
حسب وجهة القرآن فهو يقرن الإلحاد بالظلم فهذه هي فلسفته:
"ومن يرد فيه بإلحاد بظلم" عن البيت الحرام جاءت الآية 25 من سورة الحج..
فالقرآن سمح بالكفر وقاوم الظلم..
واعتبر أن الإكراه هو دين الفاشلين الفاشيين الوثنيين..
واعتبر أنه لا الأيمان، ولا الكفر، له أي قيمة مع الإكراه..
وسمح بالنطق بالكفر مع الإكراه" إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان"
والعالم الإسلامي في جملته يقوم على الإكراه بالسيف والمخابرات والحزب والفقيه؟
وفلسفة الجهاد هي حلف عالمي لرفع الظلم عن الإنسان أينما كان ومهما دان، فيُجَاهد ضد المسلم الظالم، ونتحالف مع الكافر العادل..
وفلسفة الوجود الأولى مع خلق أول إنسان، حين سألت الملائكة عن الكفر؟ فقالت أتجعل فيها من يسفك الدماء؟
فهذه هي المشكلة الوجودية الأولى والأخيرة..
وسبحان الأول الآخر الظاهر الباطن وهو بكل شيء عليم..
وهكذا فالعبرة ليست بالحاجة إلى الدين، ولكن ما هي وظيفة الدين؟
هل الدين تيولوجيا؟ أم حاجة اجتماعية؟
هل هي عملية نضالية لإخراج نموذج من المجتمعات تسودها العدالة، وان يقوم الناس بالقسط؟؟ أم هي تيولوجيا في السماء تبحث في ذات الله والصفات وعدد أسماء الله الحسنى؟ كما كان اليونان التي احتشدت السماء عندهم بمملكة غاصة بآلهة شتى؟
فمن أجل هذا بعث الأنبياء، ومن أجله هذا ماتوا وقيدوا إلى الصلب؟ فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا..
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونيه