كتَّاب إيلاف

الصلاة بين أنطولوجيا اليومي وميتافيزيقا الحياة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

معنى الصلاة:
الصلاة في اللغة هي الدعاء والتضرع والابتهال وفي الشريعة هي عبارة عن أركان مخصوصة وأذكار معلومة بشرائط محصورة في أوقات مقدرة.
والصلاة أيضا هي طلب التعظيم لجانب الرسول صلعم في الدنيا و الآخرة[1]
لقد أجمعت الأمة أن إقامة الصلاة ركن من أركان الإسلام و من أسقط وجوبها أو تأولها على معنى موالاة قوم فقد خرج من دائرة الأمة(فهو كافر) وقالوا في الصلوات المفروضة إنها خمس وأكفروا من أسقط وجوب بعضها (و كان مسيلمة الكذاب قد أسقط وجوب صلاتي الصبح والمغرب وجعل سقوطها مهرا لامرأته سجاح المتنبئة فكفر وألحد) وقالوا بوجوب عقد صلاة الجمعة ورفضوا فكرة من قال لا جمعة اليوم حتى يظهر الإمام المنتظر وقالوا من شروط صحة الصلوات:
- الطهارة.
- ستر العورة.
- دخول الوقت.
- استقبال القبلة على حسب الإمكان.
وقالوا أن من أسقط هذه الشروط أو اعتبار شيء منها مع الإمكان فانه قد كفر.[2]
إلا أن منظومة الصلاة قد تشمل مجموعة من المفردات يمكن أن نذكر منها:
- التثويب وهو أن يقول المؤذن في أذان الفجر الصلاة خير من النوم
- الترجيع هو أن يعود في قوله أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ويكرر ذلك.
أما الترجيع في الصوت فهو ترديده وتكرير أجزائه.
- التحريم هو التكبير في أول الصلاة.
- التحليل هو التسليم.
- التشهد هو قولك التحيات لله إلى آخره.
- القنوت دعاء الوتر.[3]
وقد قسم ابن رشد العبادات إلى خمسة أجناس
- عبادة معقولة المعنى(الطهارة)
- عبادة مفهومة المعنى
- عبادة هي معقولة المعنى ومفهومة المعنى
-عبادة محضة أعني غير معقولة المعنى(الصلاة).
فالعبادة المحضة هي التي لا يمكن تفسيرها ولا عقلنتها وإنما هي تكليف للمخاطبين بالشرع دون أن يدركوا كننها ودون أن يتمكنوا من استنباط أسبابها وعللها.
وإذا كانت الصلاة هي عبادة محضة غير معقولة المعنى يقصد منها التقرب فقط من الله سبب اختلاف الناس حولها يرجع إلى تعظيم من يجب تعظيمه وشكر من يجب شكره أو لا يجب.والصلاة لها دلالة لغوية تعرفنا عليها ولها أيضا دلالة شريعة وتحمل على الحقيقة مثلما تحمل على المجاز.
وابن رشد يرى أن الصلاة عبادة محضة غير معقولة المعنى يقصد منها القربى فقط لذلك لا يسأل المؤمن لماذا كان عددها خمسا ولماذا تفتقر إلى النية.
أما بخصوص عدد الركعات فهو موضع تسليم كما أن التوقيت في العبادة لا يكون إلا بدليل سمعي وليس بدليل عقلي.
إن اسم الركعة يطلق لغة على الانحناء و يطلق شرعا على القيام والركوع والسجود.
إن مراكز الاهتمام في العبادات ثلاث:
1- المقدمات وهي متعلقة بالوجوب و شروطه على من تجب؟متى تجب؟
2- الأركان وهي الأمور المعمولة نفسها والأشياء المتروكة.
3- اللواحق أو النوافل وهي تعريف أفعال هذه العبادة في كل نوع منها والمتروك المشتركة فيها.[4]
والله تعالى في كتابه العزيز يقول لنبيه الكريم "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون"

II/ الحاجة إلى الصلاة:
" العبادة حاجة إنسانية ثابتة..."[5]
العبادات لها دور كبير في الإسلام وأحكامها تمثل جزء مهما من الشريعة والسلوك العبادي يشكل ظاهرة ملحوظة في الحياة اليومية للإنسان المتدين. وإذا كانت جوانب تشريعية أخرى مرنة ومتحركة يتأثر أسلوب تحقيقها وتطبيقها بظروف التطور المدني في حياة الإنسان كنظام المعاملات والعقود فإن نظام العبادات وخاصة الصلاة يكاد يكون أحد أوجهها الثابتة التي ربما لا تتأثر بطريقة الحياة العامة وظروف التطور المدني في حياة الإنسان إلا بقدر يسير. ففي المجال العبادي يصلي إنسان عصر الكهرباء والأنترنت كما كان يصلي سلفه البدائي في عصر الطاحونة اليدوية والمحراث الخشبي. صحيح أنه في الجانب المدني من التحضير للعبادة قد يختلف هذا عن ذاك فهذا يستر جسده في الصلاة بملابس مصنعة أنتجتها الآلة وذاك بملابس نسجها بيده وهذا يتوضأ في حمام المياه المعدنية وذاك يكتفي بمياه الآبار والأودية وقد يتيمم بالتراب إن لم يجد ماء ولكن صيغة العبادة العامة وطريقة تشريعها واحدة وضرورة ممارستها ثابتة لم تتأثر ولم تتزعزع قيمتها بالنمو المستمر لسيطرة الإنسان على الطبيعة وتقدم وسائل عيشه فيها. وهذا يعني أن الشرع لم يعط الصلاة وغيرها من العبادات كوصفة موقوتة وصيغة محدودة بالظروف التي يحياها المرء بل فرضت تلك العبادات على الإنسان وهو يزاول عملية تحريك الآلة كما فرضتها على الإنسان الذي كان يقطف ثمار الطبيعة بيده،فماهي وظيفة الصلاة في حياة الإنسان؟ وما الحاجة إليها؟ ماهو الدور الذي تؤديه الصلاة بالنسبة لعلاقة الإنسان بذاته وبالله؟
الصلاة تحقق ثلاث حاجات ضرورية بالنسبة للحياة الإنسانية:
- تمكن من التعلق بالمطلق وتجاوز الجزئي،فهي تحل مشكلة اللاإنتماء والضياع وتعترض على كل من يحول الحقائق النسبية إلى حقائق مطلقة والأهداف المحدودة إلى أهداف نهائية ولامحدودة،فالمطلق الوحيد هو الله والطريق إليه لا حد له ويفترض التحرك باستمرار والكدح.
- التقيد الموضوعية في الأفعال والتخلص من الاعتبارات الذاتية،فهي تجعل الإنسان يترفع عن مصالحه الشخصية ويسمو بعمله ليكون في سبيل الله ومن أجل خير البشرية ولمصلحتها.
- تنمي الشعور الداخلي بالمسؤولية والتعاطف مع الآخر،فالإنسان الذي يؤدي الصلاة يشعر أنه يؤدي واجبا يختلف عن الإلزام القانوني والعرف الاجتماعي ويتوقف على النية السليمة والإخلاص في العمل.
إن الصلاة لها دور في توجيه علاقة الإنسان بربه وعلاقته بأخيه الإنسان توجيها معقولا،وهي علاج ثابت للحاجات وشرط أساسي في تغلب الإنسان على مشاكله ونجاحه في ممارساته الحضارية.
رغم أن وظيفة الصلاة كبيرة ومنزلتها متميزة إلا أنها أصبحت اليوم رأس المتروكات وآخر الاهتمامات وحتى الذين يمارسونها فإنهم يأتونها متثاقلون وهم في الغالب عليها ساهون،فلماذا هذا السهو والإهمال؟ ما حكم تارك الصلاة؟ وهل يجوز للذين تجوهروا بلغة التصوف أن يشرعوا لتركها؟

/3مفارقات الصلاة:
"لا يكون لأي صلاة- هذه العادة القديمة التي لم تنقرض بعد تماما- أي معنى إلا بشرطين: لابد أن يكون ممكنا حمل المعبود على تغيير نيته، ولابد للمصلي أن يعرف معرفة جيدة ماهو في حاجة إليه،ما يرغب فيه فعلا. وهذين الشرطين،التقليديين المقبولين في كل الديانات الأخرى،قد أنكرتهما المسيحية،وان حافظت على الصلاة مع ذلك،رغم إيمانها بكون عقل الرب كله حكمة وفطنة،وهو ما يجعل هذه الصلاة غير ذات معنى في الواقع،بل تجديفية،فلتبين عن حيلة الحية المدهشة لديها،لأن الأمر الواضح لا تصل قد يؤدي بالمسيحيين،بسبب الضجر،إلى جحود المسيحية.في الدعاء والعمل المسيحيين يشغل الدعاء مكان اللذة،وبدونه ماذا كان سيفعل أولئك التعساء الذين يحرمون على أنفسهم العمل،أعني القديسين!- وقد اعتبروا محاورة الله،سؤاله كل الأشياء الممتعة،سخرية المرء من حمقه المتجلي في أن له رغبات رغم أن له أبا طيبا،قد اعتبروا هذا اكتشافا ممتازا."[6]
تثير الصلاة مجموعة من المفارقات وقد أحيطت بمجموعة من الشبهات والاحراجات أهمها حكم تاركها ومسألة إمامة المرأة وإشكالية إسقاط بعض المتصوفة بعض الطقوس منها.
*- هل تدرك الأحكام التعبدية ومنها الصلاة بالعقل أم بالسمع؟
يعتقد البعض أن الشعائر والعبادات والطقوس هي منطقة ثابتة محددة واضحة لا يجوز فيها الابتكار والتجديد لأن كل زيادة أو إنقاص أو تعديل يعتبر بدعة وضلالة وخطورة ذلك أن الصلاة اعتبرت عماد الدين ومركز الثقل في الشريعة ومن يشكك فيها ينظر إليه كأنه شكك في الدين كله وبالتالي يحرم الإطلال بنور العقل على هذه الشعيرة الضاربة في القدم والموجودة في كل الأديان والشعوب ويمنع التطور عن العقل الفقهي الذي ربي على الابتعاد عن الجدل في العبادات ويتذرع ببعض الأحاديث للرسول محمد مثل:"إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تسألوا عنها" وكذلك:" ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم" ثم قوله صلعم:"أعظم المسلمون جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته" من هذا المنطلق:"كان واجب الفقيه عند تحقق أن الحكم تعبدي أن يحافظ على صورته وأن لا يزيد في تعبديته كما لا يضيع أصل التعبدية" [7]لأن صلاح الاعتقاد يؤدي إلى صلاح الأنفس وصلاح الأنفس مرتبط بصل عمل العبادات.
وقد انقسم القوم حول حكم الصلاة هل هو بالسمع أم بالعقل؟
ونجد من يقول أنه بالسمع مثل:"اعلم أن الأحكام السمعية لا تدرك بالعقل لكن دل العقل على براءة الذمة عن الواجبات وسقوط الحرج عن الخلق في الحركات والسكنات قبل بعثة الرسل عليهم السلام وتأييدهم بالمعجزات وانتفاء الأحكام معلوم بدليل العقل قبل وردود السمع ونحن على استصحاب ذلك إلى أن يرد السمع فإذا ورد نبي وأوجب خمس صلوات فتبقى الصلاة السادسة غير واجبة لا بتصريح النبي بنفيها لكن كان وجوبها منتفيا...فإذن النظر في الأحكام إما أن يكون في إثباتها أو في نفيها،أما إثباتها فالعقل قاصر عن الدلالة عليه وأما النفي فالعقل قد دل عليه..."[8]وهكذا فان فرض الصلاة حسب هذا الرأي حكم تعبدي ثابت يفرض بالنص ولا دخل للعقل فيه وقد أثبت أبي بن كعب في مصحفه افتتاح دعاء القنوت وجعله سورتين لأنه كان يرى رسول الله صلعم يدعو بهما في الصلاة دعاء دائما فظن أنه من القرآن،أما التطبيق في الصلاة أي جعل اليدين بين الفخذين في الركوع فليس من فرض الصلاة،إذ يرى ابن مسعود أن الّذي كان يطبق في الآية هو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلها بين ركبتيه في الركوع والتشهد ويرى أن الفرض في الصلاة هو الركوع والسجود فقط لقوله عز وجل: "اركعوا واسجدوا" فمن طبق فقد ركع ومن وضع يديه على ركبتيه فقد ركع وإنما وضع اليدين على الركبتين أو التطبيق من آداب الركوع وقد كان الاختلاف في آداب الصلاة فكان منهم من يقع ومنهم من يفترش ومنهم من يتورك وكل ذلك لا يفسد الصلاة وان اختلفت".[9]
كما نجد من يقول أنه بالعقل والسمع معا مثل:"وأشرف العلوم ما ازدوج فيه العقل والسمع...وعلم أصول الفقه من هذا القبيل فإنه يأخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل فلا هو تصرف بمحض العقول بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول ولا هو مبني على محض التقليد لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد".[10]
بيد أنه يوجد موقف فقهي آخر يدعو إلى التطوير والتجديد ويخضع العبادات وخاصة الصلاة لحكم العقل ويرى أن الإيمان لا يحصل إلا كنتيجة للنظر والبحث والتفكير وسائر المجهودات المعرفية التي يبذلها الإنسان ليصل إلى الاقتناع بوجود الله وضرورة الإيمان به فيكون الإيمان إذن مبنيا في النهاية على أساس العقل."على الفقيه أن يجيد النظر في الآثار التي يتراءى منها أحكام خفيت عللها ومقاصدها ويمحص أمرها فإن لم يجد لها محملا من المقصد الشرعي نظر في مختلف الروايات لعله يظفر بمسلك الوهم الذي دخل على بعض الرواة فأبرز مرويه في صورة تؤذن بأن حكمه مسلوب الحكمة والمقصد. وكان حقا على أئمة الفقه أن يساعدوا على وجود الأحكام التعبدية في تشريع المعاملات وأن يوقنوا بأن ما ادعى التعبد فيه منها إنما هو أحكام المعاملات التي تلقاها بعض الأئمة تلغي الأحكام التعبدية قد عانى المسلمون من جرائها متاعب جمة في معاملاتهم."[11]
وقد اعتمد بعض المجددين على حكم الرخص في الإسلام والرخص هو الاقتصاد والنهي عن الغلو في الدين،فالوضوء والغسل من شروط الصحة للصلاة و يمكن أن يستبدلا بالتيمم بالتراب إذا خشي منه الضرر عند المرض أو عرضت مشقة أو تبذير في تحصيل الماء.كذلك" القيام مما لا تصح الصلاة إلا به إلا إذا أصابت المصلي فيه مشقة فيسقط ويصلي قاعدا،كما أن السعي إلى الجمعة واجب إلا إذا كان وحل غزير أو مطر كثير أو ما يوجب تعب ومشقة فيسقط.وهكذا تجد القاعدة قد عمت صحة الأبدان مقدمة على صحة الأديان فنرى الدين قد راعى في أحكامه سلامة البدن كما أوجب العناية بسلامة الروح".[12]
في هذا السياق يقول الله تعالى:"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" ويقول النبي محمد صلعم:"إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا" ويقول أيضا:"إن الله تعالى يحب أن تؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته". من هذا المنحى وإذا عدنا إلى أصول الفقه نجد أن حكم الرخص أو الترخيص من الضرورات تبيح المحظورات ولا ضرر ولا ضرار يدعونا إلى المزيد من التيسير والتبسيط.فعدد الشعائر محدود وبسيط ومن السهل القيام به لأن الصلاة يجوز فيها القعود والإشارة عوض عن القيام والعبارة وتخفض الصلوات الرباعية أي التي تتكون من أربعة ركعات إلى النصف في حالة السفر وأثناء الحرب تجنبا للإرهاق والغدر كما يمكن تخفيف الصلاة لتتناسب مع ميدان المعركة.
إن" الصلاة لا تستغرق في اليوم كله بعض ساعة وصيام لا يستغرق سوى ساعات من اليوم لمدى شهر من العام ورحلة تفترض على القادر عليها مرة في العصر"[13]
نستخلص إذن أن النفس لا تحب أن تتعامل بالحد الأقصى أو الأدنى ولا تكتفي بالتقيد بالعبادات المفروضة بل تستشعر الحرية في العبادة بشكل اختياري تثبت من خلاله شخصيتها الذاتية في التنافس على فعل الخير.

*- ما حكم تارك الصلاة عمدا؟
يرى بعض الفقهاء أن الله سبحانه وتعالى يتبرأ من أولئك الذين يتركون الصلاة المفروضة .. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " rlm;لا rlm;تترك rlm;الصلاةrlm; متعمدا، فإنه من ترك الصلاة rlm;متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله " (رواه الإمام أحمد في مسنده). كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم الذي يفرّط في صلاتي الفجر والعشاء في الجماعة بأنه منافق فما بالك بمن لا يصليها أصلا لا في جماعة ولا غيرها rlm;: " ليس صلاة rlm;rlm; أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ومون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا " (رواه الإمام البخاري في باب الآذان). بيد أن ابن رشد الفيلسوف له رأي آخر فقد طرح الإشكال حول تارك الصلاة على النحو التالي: هل هو مؤمن أم كافر؟وهل يقتل حدا أم لا؟وهل هو في المنزلة بين المنزلتين؟
يجيب ابن رشد أن اسم الكفر في قول النبي صلعم:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث:كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير حق" ينطبق على التكذيب وتارك الصلاة معلوم أنه ليس بمكذب إلا أن يتركها معتقدا لتركها وما دام مؤمن غير كافر فلا ينبغي اعتباره كافرا وإنما هو مجرد مكذب فقط ينبغي ردعه وتعزيره حتى يصلي.يقول ابن رشد:"وأما من قال يقتل حدا فضعيف لا مستند له إلا قياس شبه إن أمكن وهو تشبيه الصلاة بالقتل في كون الصلاة رأس المأمورات والقتل رأس المنبهات". هكذا نحن بين أحد أمرين:إما أن نفهم من حديث الرسول الكفر الحقيقي وبالتالي يجب علينا استعمال التأويل أي أنه أراد صلعم من ترك الصلاة معتقدا لتركها فقد كفر،وإما أن يحمل اسم الكفر على غير موضوعه الأول وذلك على أحد معنيين إما على أن حكمه حكم الكافر أعني في القتل وسائر أحكام الكفار وان لم يكن هذا وإما أن أفعاله أفعال كافر على جهة التغليط والردع له أي أن فاعل هذا يشبه الكافر في الأفعال إذ كان الكافر لا يصلي كما قال صلعم:"لا يزني المؤمن حين يزني وهو مؤمن" وحمله على أن حكمه حكم الكافر في أحكامه لا يجب المصير إليه إلا بدليل لأنه حكم لم يثبت بعد في الشرع من طريق يجب المصير إليه إذ لم يدل عندنا على الكفر الحقيقي الذي هو التكذيب أن يدل على المعنى المجازي لا على معنى يوجب حكما لم يثبت ضده وهو أنه لا يحل دمه إذ هو خارج عن الثلاث الذين نص عليهم الشرع"[14].
نستخلص من ذلك أن ابن رشد يرفض تكفير تارك الصلاة ويرفض تطبيق حد القتل عليه.
هوامش
1- الجرجاني التعريفات دار الكتب العلمية ص137 بيروت ط2000
2- البغدادي الفرق بين الفرق دار المعرفة بيروت ص303/306
3- الخوارزمي مفاتيح العلوم دار الكتاب العربي ط2بيروت 1989ص25
4- ابن رشد بداية المجتهد ونهاية المقتصد دار الكتب الحديثة د-ت
5- محمد باقر الصدر نظرة عامة في العبادات في الإسلام مطبعة الطباعة الحديثة
[6] ف.نيتشه إنسان مفرط في إنسانيته كتاب المسافر وظله ترجمة محمد الناجي أفريقيا الشرق الدار البيضاء/بيروت 2001الشذرة 74ص144
[7] محمد الطاهر بن عاشور مقاصد الشريعة الإسلامية طبعة الشركة التونسية للنشر والتوزيع ص46
[8] أبو حامد الغزالي المستصفى من علم الأصول ج1 طبعة مصطفى محمد القاهرة 1937 ص218
[9] ابن قتيبة كتاب تأويل مختلف الحديث دار الكتاب العربي بيروت ص21
[10] أبو حامد الغزالي المستصفى من علم الأصول ج1 طبعة مصطفى محمد القاهرة 1937 ص219
[11] علال الفاسي مقاصد الشريعة الاسلامية ومكارمها الطبعة الأولى مكتبة الوحدة العربية الدار البيضاء 1963 ص3
[12] محمد عبده الإسلام والنصرانية مع العلم والمدينة ط2 دار المعارف سوسة تونس 1999 ص60
[13] محمد فتحي عثمان الفكر الإسلامي والتطور دار البراق للنشر 1990 ص177
[14] ابن رشد بداية المجتهد ونهاية المقتصد الجزء الأول ص98

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونيه

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف