كتَّاب إيلاف

الجمال والإيمان بين الضرورة والصدفة؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد أيام من قدومي من كندا إلى الشرق التقيت برجل هام فقال لي: نحن قوم لا نفهم الجمال سوى في المرأة فهي المصدر الوحيد للجمال في اعتقادنا.
نحن لا نفهم الجمال في الوردة أو القمر أو الفراشة أو العصفور، والحقيقة أن هذا المنطق قد أدهشني، واعتبرته منطقا غريبا، بين قوم نزل عليهم خبر السماء وصدرت النبوات لأهل الأرض، فمن الشرق خرج إبراهيم وموسى وعيسى والنبيون لا نفرق بين أحد منهم..
ولكن هل الجمال كما تصورها صاحبنا أم أنها مغروسة في الكون في كل مكان؟
إن هذا يدفعني لعرض قصة الجدل بين أصحاب النظرية العلمية القديمة وأصحاب النظرية العلمية الحديثة....
الفريق الأول كان يضم مجموع العلماء الملحدين، والفريق الثاني كان يضم فريق العلماء، الذين نقضوا كل أقوال الفريق الأول، و كان الجمال هو وسيلتهم وحجتهم الدامغة لإثبات وجود الله سبحانه وتعالى..
لقد أنتجت النظرية العلمية القديمة في القرن التاسع عشر الكثير من المؤلفات التي تهاجم الدين باسم العلم وفي عام 1875 صدر كتاب بعنوان 'تاريخ الصراع بين الدين والعلم'The history of the conflict between religion and scienceلمؤلفه' John w Draper'
وهو أول رئيس للجمعية الأمريكية لعلوم الكيمياء وكذلك الرياضي والفلكي سيمون لابلاس ومن بينهم أيضا العالم فرويد وغيرهم من جمهور العلماء الملحدين الذين قالوا أن الكون آلة تدير نفسها بنفسها وهذه الآلة محكومة بحقيقتين الضرورة والصدفة كما قالوا أن المادة أزلية ولا حاجة للاعتقاد بوجود خالق للكون..
أما أصحاب النظرية العلمية الحديثة فلهم قول آخر لقد أثبتوا أن للكون بداية... مثل عالم الفيزياء الفلكية دنيس شياما، وعلماء الفيزياء النووية مثل (هانز بيته) و(كارل فون فايتسكر) الذين أثبتوا أن الكون كان مركبا في البداية من الهيدروجين، ثم تحول إلى عناصر أثقل وهي الكربون والأكسجين والسيليكون والحديد وسائر العناصر الأخرى.
كذلك العالم الفيزيائي (جورج غاموف) الذي تنبأ بالانفجار العظيم في عام 1948 م، ثم أكده العالمان (آرنو بنزياس) و(روبرت ويلسون) في عام 1965م وأخذا على ذلك لاحقا جائزة نوبل للعلوم.
وهكذا فإن النظرية العلمية الحديثة، ترى أن الكون بمجموعه، بما في ذلك المادة والطاقة والزمان والمكان والقوانين، حدث وقع في وقت واحد، وكانت له بداية محدودة، وأن المادة ليست أزلية، وإنما مكونة من خلق عقل أزلي الوجود..ز
والآن سوف أسهب بعض الشيء في موضوع العلماء الذين اعتمدوا على مفهوم الجمال لإثبات وجود الله سبحانه..
إن العلماء من أصحاب النظرية القديمة الحديثة قد ردوا على الفكرة التالية

الضرورة تحكم الكون
مثال: قد يستطيع أحدنا أن يبني مصنعا للسيارات، مجهزا كليا بمعدات ميكانيكية، لإنتاج عربات، ولكن ليس بالضرورة أن تكوم هذه العربات جميلة، حتى تؤدي الغرض بالركوب والتنقل.
وهكذا فالجمال في السيارة ليس ضرورة، إذ تظل العربات البشعة قادرة على أن تنقل الركاب بفعالية.
وكذلك ليس هنالك أي ضرورة مطلقة في المقام الأول، أن تشمل القوانين الفيزيائية للطبيعة، على عناصر الجمال الثلاثة، التي حددها العالم آينشتاين: وهي البساطة والتناسق وسعة التطبيق في كل موضع.
الضرورة إذن لا تقدم تفسيرا للجمال الذي نجده في الجوامد، كما أنها لا تستطيع أن تفسر الجمال الموجود في النباتات والحيوانات.
في عالم الجوامد يمكن أن نتصور كونا آخر ذا قوانين طبيعية غير متماثلة ومعقدة، تنتج ندفا ثلجية بشعة لضرورة ميكانيكية.
العالم همفريز كانت حجته على ذلك هي الندف الثلجية
لقد ألف هذا العالم كتابا اسمه (snow crystle) البلورات الثلجية، وهو كتاب يحتوي على ألفي شكل للندف الثلجية، بذل في تصويرها جهدا وعناية مدة تقرب من خمسين عاما..

يقول العالم همفريز في مقدمة كتابه:
( إن الثلج الجميل الذي يصفه الشاعر النشوان بأنه غطاء الشتاء النظيف الأملس للغابة والحقل، ما برح منذ قديم الزمن يتحدى الأقلام أن تصفه، والريش أن ترسمه وتصور آثاره العجيبة.
إن الجمال الذي تشيعه في النفس أصغر ندفة منه، أو أصغر بلورة تسبح بتؤدة بين السماء والأرض، لا يقل عن ذلك سحرا. وهو يلح علينا بإصرار عن سبب وجود هذه الجوهرة بالغة النقاء ذات الجمال الفائق والرقة والأناقة والأشكال التي لا حصر لها)
وهكذا فإن مصممو المنسوجات والفنانون ومصممي المجوهرات يستوحون أفكارهم من ندف الثلج ويستعينون بما يسميه همفريز معرض الطبيعة الدائم للزخرفة.
إن صغرى العواصف الثلجية تسقط على الأرض تريليونات من الندف الثلجية، وربما كانت كل ندفة فريدة من نوعها، وما من أحد استطاع حتى الآن أن يفهم مجمل العمليات والظواهر الفيزيائية لكيفية تشكل ندف الثلج؟؟
وقد وضع العالم الفيزيائي (جيمس لانغر) الذي يعمل في مركز الفيزياء النظرية، في (سانتا باربرا) قد وضع لها بعد سنوات طويلة من العمل المضني، نموذجا رياضيا يفسر جمال الندف الثلجية.
وهكذا فإن الضرورة لا يمكن أن تفسر الجمال الذي تقدمه لنا الطبيعة في تشكيل قوس القزح أو تكوين زبد البحر أو منظر غروب الشمس.
وإن جمال هذه الجوامد ينتج بالضرورة من قوانين الفيزياء والكيمياء.
هذا ما قدمه علماء الفيزياء والرياضيات لإلغاء فكرة أن الكون تحكمه الضرورة...

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
فلسفة كتاب اليوم
نزار -

البحث العلمي او المقالة العلمية يجب ان يكون لها اصول وقواعد ويجب ان تتطرق لكل الامور لا ان تقتطف جزء من هنا واخر من هناك .. ان فشل النظريات العلمية في تفسير الظواهر الطبيعية لا يعني بالضرورة انتصار نظرية الدين اذا صح التعبير .. اما الجمال فهو شيء نسبي وهو من خلق الانسان فالصورة التجريدية التي يراها مجموعة من النقاد فنا رائعا لا تعني للقروي او راعي الغنم شيء ولا يشتريها بقرش كما ان اغاني ام كلثوم التي يطرب لها مجموعة كبيرة من العرب وغيرهم ربما تكون مقززة للاوربي او الامريكي مثلها مثل موسيقى الجاز للعربي او التركي .. لم تفسر لنا الكاتبة ظاهرة وجود مواليد فيها عيوب خلقية واين الجمال من ذلك؟

إرحموا اللغة
؟؟؟ ؟؟؟؟؟ -

اللغة السليمة من مقوّمات (جمال) الكتابة، وأنت ياسيدتي لا تكتبين للشعب الأرمني الشقيق، بل لعرب ( كانت وتظل اللغة أهم منجزاتهم).. لقد أنثت كلمة ( جمال ) بقولك:هل الجمال كما تصورها صاحبنا أم أنها مغروسة في الكون. ألم تسمعي الشاعر يقول: ليس الجمال بأثواب تزينه... إن الجمال جمال العلم والأدب. أما قولك :فإن مصممو المنسوجات والفنانون ومصممي المجوهرات( إنتهى) فكارثة لغوية قد تتصدع لها الجبال!! لقد صدمني المقطع الأول الغير مترابط ( حتى على المستوى الأرمني ).. فما علاقة الأنبياء والكتب ( بالجمال ) أتصور أنك قصدت ( الجمال : بكسر الجيم

على سبيل المثال
مدقق عابر -

النبوات= النبوءاتمصممو = مصممواقوس القزح = قوس قزح

تصنيف خاص
خوليو -

قسمت السيدة الكاتبة العلماء لقسمين، المجموعة الأولى وصفتها بأنها فريق النظرية القديمة القائل بأن وجود الكون محكوم بالضرورة والصدفة، وأظن أنها تريد قول الطفرة بدل الصدفة، حيث أنّ الطفرة هي حدث تغييري أثبت علم الجينات صحته لانتقال الكائنات من وصف تشريحي معين لكائن آخر أكثر تطوراً ( انسان نينديرتال إلى الرجل العاقل (أومو سابينس) مثلاً، وأما الفريق الحديث أصحاب نظرية الإنفجار الكبير(بينغ بانغ) الذي نتج عنه تكوين الأرض فلا أدري أين موضع خلافهم مع أصحاب النظرية القديمة ، نظرية الإنفجار الكبير لاتتوافق مع ما نقرأه في الكتب المسماة سماوية عن تكوين الأرض أو خلقها كما يصفونها، فهي تناقض تماماً قصة الإنفجار المثبت الذي استحق جائزة نوبل، وأخيراً إذا كان الجمال هو عامل لإثبات وجود الله الخالق لكل شيئ، فما هو سر خلق الأشياء القبيحة؟

الجمال نسبي
عدنان رجيب -

السيدة نادية، ما 1كرتيه عن الجمال وضرورته قد لا يجوز هذا صحيحا على الأقل من الفكرة البسيطة التي يطرحها العلماء في إن الجمال هو نسبي، وهو ما ترترتاح له العين وتسر به، وبذلك فالجمال ليس نفسه عند كل الناس، فالندف الثلجية التي ذكرتيها قد تكون ممتعة بهيجة لبعض الناس بينما تكون مصدر كآبة لآخرين، وكذا الحال لملايين الشياء في حياتنا. أما بالنسبة للكون وبدايته، فإذا وضعنا بداية للكون فإننا فلسفيا نكون قد وضعنا حدا لما قبل البداية، وقبل البداية هذه هي بداية كذلك. إذن كيف سنضع البداية؟! وإذا كانت بداية الكون (كما يقول بعض العلماء) هي عند تكون الهيدروجين، إذن قبل تكون الهيدروجين كان هناك كون ما قبل الهيدروجين. أي وجود كون كذلك.

سبحان الخالق
سندباد -

الكاتيه قصدت ان تبين ابداع الله في هذا الكون وربما اخطات في بعض المواقع و ربما عارض كلامها اراء بعض من لهم اراء اخرى..عموما الكلام في هذا الموضوع يجعلك تتيه اكثر مما يجعلك تجد ضالتك والسبب قصور العقل البشري عن استيعاب اشياء كثيره ..ولكن في الاخير نجد ان دللائل وجود جالق للكون جليه لما تامل واعمل عقله

الحوف هو الله
aa -

احنلط الحوف بفكرة العبادة فحلو الحوف ودجنوه بالطاعة ليس المشكلة بالنصوص بل في السلطات التي تنتجها لذا لا يمكن منح السلطة حصانة الجمال بل قباحة النقد وان كانت الفردوس .. الم يفعلها جدنا ادم ؟

الجمال والحجاب
كركوك أوغلوا -

يعتبر حجب الجمال (ولو بعضه), بالحجاب نوعا من أنواع العبودية في المرأة !!00وهل تشاطرني الفنانة التشكيلية بذلك ؟؟!!00وخاصة أذا لم يتم فرضه عليها من عصابات سلفية متعصبة وأرهابية !!!00