كتَّاب إيلاف

من حقنا أن نخاف

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حين يُقتل الحارس الشخصي لرئيس وفدنا المفاوض، ولا يأبه أبو علاء قريع لذلك، بل يحاول أن يهوّن من الأمر، كما هوّن من أمر تأخيره وبهدلته على الحواجز الإسرائيلية- حينها من حقنا أن نخاف. فإذا كان رئيس الوفد المفاوض، يُعامل من قبل الحكومة الإسرائيلية على هذا النحو المهين، فكيف لنا أن نثق بهذه المفاوضات؟
أحاول أن أتخيّل الرجل، إذ يدخل غرفة المفاوضات، على تسيبي لفني، كيف تكون نفسيته وما هو شعوره؟ وكيف تكون نفسيتها وما هو شعورها بالمقابل؟
تسيبي لفني القوية، وقريع الضعيف. لفني سيدة المكان والزمان، ومقابلها قريع المُهان. قريع الواصل للتوّ من الحاجز، بعد تأخير ومناكفات صغار الجنود.
إنها لا شك: "حاجة مسخرة " كما نقول بلساننا الشعبي. فالرجل خاصتنا، يبدو مدرّعاً ضد الإهانات. لا يعنيه إلا أن يُفاوض، وأن يكون رئيساً للطاقم. أما كيف يفاوض وما هي الشروط، والبداهات التي تلزم أي عدويْن يجلسان على طاولة المحادثات، فشيء ليس في الوارد أو الحسبان.
لقد نسي السيد أبو علاء أنه ممثل لشعب، وأنّ إهانته المتعمّدة هي إهانة لشعبه أولاً. فلو حدث مع لفني ما يحدث معه، لرأينا وسمعنا العجب.
إننا حتى لم نسمع ولو تصريحاً من المتحدث الرسمي الفلسطيني يستنكر ما حدث. وكأنّ ما حدث هو أمر طبيعي وعادي خالص، في ظل أوضاع غير طبيعية على الإطلاق.
إنه الهوان والتهافت. ومن يذهب بهذيْن إلى مفاوضة الذئب، لن يُدخل الطمأنينة على قلوب شعبه أبداً.
لقد تشائمنا منذ تمّ تعيين قريع رئيساً للوفد. فهذا الرجل هو ذاته صاحب اتفاقية باريس الاقتصادية، التي ألحقت اقتصاد المناطق المحتلة باقتصاد إسرائيل. والتي عانينا وما زلنا نعاني من جرائها الأمرّيْن.
ومع ذلك، أتوا به باسم الخبرة والتجربة العريضة. فهو مفاوض متمرّس، ولا تعنيه القشور! هكذا يقولون لنا. ولنا أن نصدق أو لا نصدق، فهذا لا يهمّ.
إنهم ماضون في طريقهم. وبنفس الوجوه القديمة. فكل الوجوه القديمة لا غبار على تجربتها. وفقط الغبار على تجارب الوجوه الجديدة. لهذا لم يلجأ أحد لوجه تفاوضي جديد. ففلسطين الداخل والخارج، عاقر، وليس في الإمكان أبدع مما كان.
لا نقول هذا الكلام تهويشاً أو رغبة في الإساءة لأحد. حاشا وكلا. بل نقوله ونحن نعي تعقيدات وضعنا على الأرض، وتعقيدات اللحظة الإقليمية والعالمية، ونقوله ونحن نعرف أنها فرصة كبرى بعد موات السبع سنوات العجاف الماضية. ولأنها كذلك بالضبط، كان يجب على رئيسنا أبو مازن أن يغيّر الوجوه القديمة بوجوه جديدة ومن داخل وخارج منظمة التحرير. فلدى شعبنا من الكفاءات، في الوطن والمنفى، ما يكفي لهذه المفاوضات الأصعب في تاريخنا المعاصر. لدينا مَن كانوا سيكونون أقدر على فن إدارة الصراع التفاوضي، وفن الحضور في الإعلام الدولي، بأفضل كثيراً من هذا أو ذاك، ممن نعرف ونرى ونسمع كل يوم.
إنّ حالنا كفلسطينيين، على أسوأ ما يكون. وإنّ فرقتنا وانقسامنا، لهما أمران سندفع ثمنهما على طاولة المفاوضات باهظاً _ إلا إذا حدثت معجزة. فهكذا علّمتنا إسرائيل، وهكذا علّمنا العالم.
وليس أقل من أن نُحسن اختيار الأعضاء في وفدنا. فهذا هو فعلاً أضعف الإيمان.
لقد كنت أتمنى على الرئيس، أن تكون ثمة حماية ورعاية دولية لجلسات المفاوضات. وحبذا لو تُعقد في أمكنة محايدة، في هذه القارة أو تلك. فهذا على الأقل، سيوفّر مناخاً ولو شكلياً من الندّية بين طرفي الصراع. أما أن يذهب قريع إلى القدس الغربية، بعد جولة من البهدلة على حواجز المشمار قفول، ليفاوض السيدة لفني، الجالسة كالأسد في عرينها، فشأن محبط لا أقلّ.
وشيء لا يبعث على التفاؤل والثقة.
وشيء يدعونا للخوف والريبة من مستقبل هذه المفاوضات.
ونحن لسنا ناقصين يا أبا مازن.
فيكفينا ما فينا.
يكفينا الآن حماس، وفأسها الذي وقعَ في الراس.
ويكفينا أننا نذهب مشتتين ضائعين لنفاوض عدواً محترفاً في الاستفادة من انقسام عدوه صاحب البيت الذي من زجاج.
إنّ كل الظروف ضدنا. انتفاضة فشلت في تحقيق أهدافها. وبيت مقسوم من الداخل، وحصار إجرامي، وموت أحمر، وتنكيل يهود وتنكيل عرب، ثم تأتي أنت وتضع الوجوه إياها، دون تغيير أو تبديل.
إنني كلما أرى أبا علاء، أتحسس قلبي. فالرجل، كما أسلفنا، هو صاحب اتفاقية باريس المشئومة. ونفسياً كان يجب استبداله هو وطاقمه. فالمُجرَّب لا يُجرّب مرتيْن.
هذه فقط هوامش، لا تعني بأي حال أننا، حاشا، ضد هذه المفاوضات. فنحن معها ومعها، إنما بوجوه مقبولة ومشهود لها بالنزاهة والكفاءة والصرامة في الدفاع عن الحقوق والثوابت.
فالوضع لا يسرّ. ومن حقنا أن نشك وأن نخاف.
بل إننا نخاف أكثر، حين نرى رئيس وفدنا ورئيس وزرائنا الأسبق، يُهان ويُوقف يومياً على المخاسيم، وفوق هذا يُقتل حارسه بأيدي الإسرائيليين، فلا يعترض هو ولا سواه ممن يجب أن يعترضوا.
هل يخافون من الاعتراض أم ماذا؟
نتمنى ألا يكونوا!

اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تعليق
أبو سفيان -

إهانة أبي علاء على الحواجز لاتعني الشعب الفلسطيني كثيرا، فهو يمثل نفسه وطبقة قطط أوسلو السمان ولا علاقة له بعبدالرحيم محمود صاحب : سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى.فالرجل يحمل في راحته قلما ليوقع على أي شيئ !! وكما قلت الرجل أصبح مدرعا ضد الإهانات ( وبلغة عادل إمام : متعودة دايمن ) أما مناشدتك لأبي مازن فهي أشبه بمزحة؟؟ من المعروف أن منصب رئيس الوزراءإستحدثته أمريكا رغم أنف الراحل عرفات، حينها قام رئيس الوزراء المفروض عنوة (أبو مازن) بتعيين دحلان وزير داخلية، عندها غضب عرفات وزمجر وسأل أبا مازن عن سبب هذا التعيين فقال له: من فرضني عليك فرضه علي.

لا قصص لخائفون
إنجي -

ومنذ متى كان هناك مسؤولاً أو موفداً يعبر وينوب ويتحدث بلسان الشعب؟!-شعوبنا يا أستاذ باسم لا يُمثلها إلا نفسها-برأيي أن تشريد وقتل طفل فلسطيني-هو الوحيد الذي يُمثل حال هذا الشعب-ويصير موفداً للعالم المتقدم اللا متحضر-فإنه لذلك أبكم وأصم!؟-وهذا الذي يمثل إهانة كبرى للإنسانية عموماً-ألاحظ..أن الأستاذ باسم بعد عودته للكتابة-تقلد بالخوف والتشاؤم-لذا أقول له..أن القصص العظيمة لا يكتبها أناس خائفون-وسلاماً0

أكره اسرائيل
مغربي -

بغض النظر عن المقال أود أن أسجل موقفا طالما اعتنقته و كأنه دين جديد هو كرهي لاسرائيل ...دون اسقاط على أغنية شعبان عبد الرحيم ..فان كان هو قد مازج بين الكره و الغناء فأنا كرهي الذي أحمله حامضي صامت...و في قلبي من حب للأقصى أضعاف كرهي ...وهذا الكره أغديه كل يوم بقصيدة أو بنشرة أخبار أو حتى كلما مررت بطفل بالشارع أو عجوز جالس بعتبة بيته ...أو حتى اذا رأيت شجارا بين أخوين ..أكاد أجزم باسرائيل كطرف ثالث خفي في النزاع .أرجو النشر عسى أن يصادف تعليقي اللذين يحبون أن يحللوا الشخصية العربية من اليهود الصهاينة .

جنين مشوه
العقلاني -

هذا السلام متذ البدايه وأنا أطلق عليه اسم "جنين مشوه " يحتاج لمائة عمليةحتى. يأكل وحتى يشرب وحتى يمشى ومائة لتحريك أطرافه العليا وحتى يحرك رأسه وحتى يتكلم وحتى يرى وحتى يسمع و و ووووو والنتيجه مشوهه حتى في اختيار المفاوضين

لا تعجب
رمضان عيسى -

لاتعجب يا أخى فالسيارة الفلسطينية قد خرجت عن الجادةالى طريق لاتعرف نهايته وفوق هذافقد تعارك الركاب واقتسموا السيارة ، فكيف تعود الى الطريق المعبد وما يحدث هو فقدان للاٍتجاه فى كثير من الأشياء ولا تجب من تكرار الأخطاء في اختيار الممثلين والمفاوضين ففي شرم الشيخ رأيناهم وكأنهم في نزهه بحريه وليس لتقرير حقوق شعب ومصيره