الوصلة بين القلب البشري وإيقاعات الجمال
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يشير عالم الأحياء (أدولف بورتمان) إلى أن الأوراق ضرورية للشجرة لإنتاج طعامها، ولكن هناك الشيء الكثير في شكل الورقة وخطوطها ما ليس تكيفا مع البيئة بل هو تصوير ذاتي محض.
إن متطلبات التمثيل الضوئي تفسر وجود الأوراق على الشجرة، ولكنها لا تفسر اختلاف ورقة الميبل ليف عن ورقة الصفصاف؟
وإذا انتقلنا من علم النبات إلى علم الحيوان نجد الشيء ذاته يصح على الحيوانات بما يتعلق بريش الطائر مثلا، فيلاحظ العالم بورتمان أنه وإن ساد لمدة طويلة من الزمن، أن ريش الطائر ليس له دور، سوى تيسير عمليتي تعديل الحرارة والطيران، ولكن علينا الآن أن نضيف دورا ثالثا هو التعبير عن الذات، لأن هناك أصنافا كثيرة من الريش تغلب على تركيبها الزخرفة..
وهكذا يستنتج هؤلاء العلماء أن الضرورة لا تفسر الجمال...
وإذا كان همفريز (من عالم ندف الثلج السداسية) وبورتمان وغيرهم من علماء، قد اعتمدوا على ما تقدم لهم بيئتهم من ندف ثلج،أو أوراق الميبل (شجر القيقب المشهورة فيه كندا) فإن القرآن الكريم قد لفت نظر القوم الذين تنزل عليهم القرآن وخاطبهم من وحي بيئتهم:
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت؟ وإلى السماء كيف رفعت؟ وإلى الجبال كيف نصبت؟ وإلى الأرض كيف سطحت؟
والإبل هي من صميم هذه البيئة الصحراوية، التي أنزل فيها هذا الكتاب، وكذلك الجبال المنتصبة، والأراضي المنبسطة، على امتداد البصر وقبة السماء المرتفعة...
ونلاحظ في هذه اللوحة الفنية المدهشة التوازن الأفقي في السماء والأرض، والشاقولي بين الإبل والجبال.
وهناك القمر الذي لا يلفت النظر، كما صرح لي أحدهم، كيف وقد ذكره الله سبحانه في أروع وصف:
والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم..
والصورة هنا تبرز لنا بطريقة رائعة، لأنه يعبر عن الإحساس البصري والشعور النفسي معا، وكلمة عرجون قديم أقدر على تصوير القمر كما تراه العين، وكما تحس به النفس، وهو هنا بالتصوير القرآني يبدو نحيلا دقيقا محدودبا يغشاه شحوب ووجوم، مثل الغصن الأعجف، بعد أن كان مستديرا مضيئا، تملأه النضارة والفتوة.
في كتاب "العلم من منظوره الجديد" يبرهن كل من العالمان (روبرت أغروس) و(جورج ستانسيو) على أن الضرورة لا تفسر الجمال، ويقدمان مثلا جسم الإنسان، وفيما يتعرضا له صوت الإنسان الذي هو أحيانا أكثر براعة وتعبيرا من أية آلة موسيقية أخرى، والضرورة في هذا المجال لا تستلزم أن يكون الإنسان قادرا على إخراج أنغام حلوة، إذا كان يكفي أن يكون له صوت رتيب وممل، مثل الروبوت لطلب الإغاثة، أو التعبير عن حاجات بدنه؟!
و(داروين) صاحب نظرية التطور ذاته، أقر على أن الضرورة لا تستطيع أن تفسر ما يملك الإنسان من مواهب موسيقية فطرية، والقرآن الكريم يوجهنا *وفي الأرض آيات للموقنين* وفي أنفسكم أفلا تبصرون *
إذن الضرورة لا تفسر الجمال
لعلها الصدفة هي التي تفسر الجمال
هذا رأي آخر يقدمه العلماء الملحدون، فيقولون: إذا كانت الضرورة لا تفسر الجمال فلعلها الصدفة؟
ولكن إذا كان الأمر كذلك؛ فيجب أن يكون الجمال نادرا، ولكن الواقع يختلف عن ذلك لأن الطبيعة تزخر بالجمال..
والقرآن يوجهنا * أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج* والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج*تبصرة وذكرى لكل عبد منيب* ونزلنا من السماء ماءاً مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد* والنخل باسقات لها طلع نضيد *رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتة كذلك الخروج*
هذه الآيات هي بمثابة وصلة بين القلب البشري وإيقاعات الجمال في هذا الكون، بما فيه من سماء هي صفحة ممتدة، فيها التناسق والكمال والجمال، وما فيه من أرض، تمثل الاستقرار والثبات، برواسيها الشامخات، والبهجة بزهورها الفواحة، وثمارها المتنوعة، ورياحينها العطرة..
كل هذه المشاهد هي تبصرة، كي تزيح الحجب، وتنير البصيرة، وتفتح القلوب، وتصل الأرواح بهذا الكون الجميل، وما وراءه من إبداع وحكمة وتناسق،،،
هذه الوصلة بين القلب البشري وإيقاعات الجمال، هي التي تنبهنا على إعادة النظر في كتاب الكون المفتوح، الذي يقرأ بكل لغة، ويدرك بكل وسيلة، ويستطيع أن يطالعه ساكن الخيمة أو نزيل القصر ساكن الصحراء أو القطب؛ فالناس قطعة من هذا الكون ينبغي أن تنبض قلوبهم على نبضه،
إن هذه الآيات هي دعوة للبحث والدراسة في نجوم السماء وأفلاكها، في الأرض ونباتاتها وأحيائها، للانتهاء إلى ألفة بيننا وبين مظاهر الجمال في الكون، وإلى تعارف يوثق أواصر الصداقة بين الناس والكون، وإلى شعور ينتهي إلى خالق هذا الكون الجميل"ذكرى لكل عبد منيب"
يقول (ديفيد بوم) إن كل ما يمكن العثور عليه في الطبيعة، يتبدى عن شيء من الجمال، سواء في الإدراك الفوري له، أو في التحليل الفكري..
وفي داخل الخلية الحية تكشف الأشعة السينية عن تركيب جزيء الـDNA وهو قالب الحياة الذي يصفه (جيمس واتسن) المشترك في اكتشاف تركيبه بأنه جميل.
وأخيرا فإن المكونات الذرية لهذا الجزيء ذاته تفهم بلغة معادلات رياضية، تتسم بجمال ذهني، كما يقول الفيزيائيون..
وفي كتاب (العلم من منظوره الجديد) يقول: إن جمال الطبيعة ليس جمالا سطحيا، بل هو متغلغل في الأعماق، وفي جميع الأشياء الطبيعية، حية وغير حية، وفي كل مستوى، وداخل كل شيء؛ من مروج الأعشاب إلى الإلكترون والبروتون والنيوترون.
إن جمال كهذا متوفر كل هذه الوفرة ومتنوع هذا التنوع في شتى المستويات لا يمكن أن ينشأ من الصدفة "صنع الله الذي أتقن كل شيء"
اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات
زغلول النجار أقوى من
محمود -أرجو أن تعذرني إن قلت:إن تفسيرات زغلول النجار ورؤيته أقوى من تفسيراتك ورؤيتك.
التمنطق
نزار -مقال مكرر يبدو ان الكاتبة لا تقرا التعليقات وان قراتها لا تستفيد منها لقد عرفنا بما لا يقبل الشك انه لاتوجد سماء مرفوعة بقضبان او بدون قضبان بل ان مانراه من زرقة هو البعد اللانهائي للاشياء وان السماء التي كان يشبهها القدماء بالسقف او السجادة التي تطرزها او تزينها النجوم هي ليست كذلك بل ان مانراه من نجوم هي عبارة عن شموس وكواكب تسبح بهذا الكون اما المطر فلا ياتي من السماء بل يرجع الينا بعد ان يتكثف في طبقات الجو العالية الباردة واما شكل الارض فهو اشبه للكروي وهي ليست مسطحة او مبسوطة ولكن للاسف هناك اناس مازالوا نائمين يحلمون بعصور ماقبل التاريخ
جميل جمال
ابو خالد -سيدتي-مقالة جميلة.But the beauty is in the eye of the beholderهل تعرف الاوراق انهاجميلة؟وهل تعرف الجزيئات بجمالها؟ نعم اينما نذهب او ننظر فسنجد الجمال لاننا نصنع الجمال احيانا ولكننا نرى القبح احيانا اخرى. كم من الجمال ياترى يكون من حصة الجياع و المسحوقين؟
يقتلون البشر الأحسن
د. رأفت جندي -عندما خلق الرب الاله كل هذا كان يقول بعد كل يوم خليقة انه حسن, ولكن بعد ان خلق الانسان قال انه حسن جدا. والذين يقتلون الانسان بحجة ان كافر او مشرك او خلافه يقتلون ما قال عنه الرب الاله انه حسن جدا.
تعقيب
أبو سفيان -قرأت في التعليقات: أن الرب الاله كان يقول بعد كل يوم خليقة انه حسن؟؟ تعليق : أثناء أيام الخلق لم يكن أحد حاضرا!! فمن ياترى سمعه وهو يقول:انه حسن؟ ولماذا لم يقل لابأس أو جيد؟ أو جيد جدا؟ أو ممتاز؟ لماذا يصر البعض على كلمة (حسن) بالذات؟ ألا يمكن أن تستغل كلمة( حسن ) لأغراض مذهبية وسياسية وننقسم إلى أصحاب : حسن وحسين وحسنين وتحسين وحسني وحسونة (-------).. مع الأسف لم أكن حاضرا
احساس رقيق بالجمال
محمد نور -أشكر الكاتبة على مقالها الرائع الذي أقل ما يقال غيه تنبيه القارئ للتفكر والتدبر بكل شيء من حوله ليحس بجماله وبالتالي يغمره بالإيمان بخالقه.ولست أويد ما جاء في التعليقات السوداوية اللون ، القاتلة للاحساس، المميتة للتذوق والذوق بالجمال...القارئة بطريقة سلبية لما كتبأزيد الكاتبة أنه معنى الابل كذلك هو السحاب والآيات تدعو للتفكر بالدورة المائية تبخر فجبال من الغيوم ثم هطول المطر فتسط بمائها الأرض والله أعلم
لماذا التجريح؟؟؟
طارق الهامى -حينما تتحدث الاستاذة نادية سلطان فانها تبتغى مرضاة الله فقط اما ان يلجأ البعض الى التجريح فهذا هوالتجاوز المرفوض لان الدكتور زغلول النجار له اجتهاداته البناءة وله منا جميعا كل التقدير وكذلك الاستاذة نادية سلطان لها مساهماتها الايجابية فى هذا المجال وليت الجميع من العلماء يتنافسون لابراز مواطن الاعجاز فى القرآن الكريم وهى كثيرة وهذا الكتاب الكريم به من الاسرارمايكفى مجال البحث والدراسة لكل العلماء مسلمين وغير مسلمين حتى قيام الساعةواتمنى التوفيق والسدادللجميع وخاصة نافذتنا نحو الثقافة الجادة والراقية جريدة ايلاف الاثيرة فى قلوب المثقفين العرب على اختلاف مشاربهم واوطانهم