كتَّاب إيلاف

هذه نقرة...وتلك نقرة!!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

من الأشياء التى كنت أراقبها منذ طفولتى فى تصرفات الناس بصفة عامة هو مقدرة الكثير منهم على الفصل بين المبادئ التى يدافعون عنها وبين تصرفاتهم. والإنفصام بين القول والفعل موجود فى كل الطبقات وفى كل الأزمنة وفى كل الأمكنة وإن إختلفت درجاته مابين زمن وآخر وبين مكان وآخر وبين شعب وآخر.
والأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى:
فاللص يخرج صباحا من منزله وهو يرفع يديه للسماء للدعاء ويقول:
إصطبحنا وإصطبح الملك لله
يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم
اللهم إبعد عنا المباحث والمخبرين
آمين يارب العالمين!!
ثم يذهب لبدء عمله بسرقة موظف أكثر منه فقرا lsquo; ويعود للبيت يحمد الله على حصاد اليوم،
فهذه نقرة... وتلك نقرة!!
...
والتاجر يغلق محله للذهاب للصلاة وأثناء الصلاة يدعو الله أن يبارك له فى الرزق وفى تجارته، و يعود إلى متجره ويبدأ مياشرة فى غش الميزان، ويقسم بأغلظ الإيمان ( كذبا) عن أنه يخسر فى البضاعة، وقيل فى الأمثال المصرية:"طلبوا من التاجر أن يحلف، فقال جاء الفرج"،
وهذه نقرة... وتلك نقرة!!
...
والساسة بلا شك فى كل أنحاء العالم يمارسون سياسة هذه نقرة وتلك نقرة، فيتدشقون بالمبادئ علنا، وينفذون غيرها سرا، وأحيانا علنا بدون أى حياء، فهذا القائد الملهم يدعى أنه غرس فى شعبه الكرامة، ثم يمرغ بكرامة معارضيه الأرض، ويقول لك:
هذه نقرة... وتلك نقرة!!
....

رئيس أعظم دولة فى العالم يتجول شرقا وغربا محاولا نشر الحرية والعدالة والمساواة، ويطالب بالإفراج عن المعتقلين فى كل أنحاء العالم، وتسأله عن معتقلى معسكر جوانتنامو، فيقول لك بالإنجليزى):
This is NAQRA hellip;. and that is NAQRA

والمجاهد الأكبر، الذى يدعى أن النصر يأتيه من عند الله، وأن الإستشهاد هى أمنية كل مجاهد، تجده يختفى عن الأنظار هربا من الأعداء، ولا يشاهده الناس إلا من خلال شاشات التليفزيون، التى إخترعها الكفار الذين يهاجمهم ليل نهار، ويقول لك:
هذه نقرة... وتلك نقرة!!

....
بعد أن تنتهى الراقصة من موسمهما الراقص وبعد أن تبذل أقصى ما فى (وسطها) لإسعاد المشاهدين وغير المشاهدين، تذهب لأداء العمرة فى شهر رمضان، لأنه شهر مفترج، ثم تعود وتستأنف نشاطها الفنى بعد العيد مباشرة، وتقول لك:
هذه نقرة...وتلك نقرة!!
والكتاب والفنانين ومعظم الناس يهاجمون مبدأ التوريث فى رئاسة البلاد والعباد، ثم تجدهم يحاولون توريث أولادهم وبناتهم فى مؤساساتهم الحكومية على حساب أولاد الغلابة، ضاربين عرض الحائط بمبدأ تكافؤ الفرص (والذى فلقونا به ليل نهار)، وتسألهم عن هذا التناقض، فتكون إجاباتهم:
هذه نقرة...وتلك نقرة!!

وأذهب لقضاء عمل فى مصلحة حكومية ويطل علىّ الموظف بوجهه البشوش وذقن بيضاء تشبه ذقن باب نويل وزبيبة الصلاة تملأ نصف صلعته فأستبشر خيرا وأقول أن سيماهم على وجوههم، يبدو أن هذا الموظف (بتاع ربنا) وسوف يقضى حاجتى بدون تلكؤ، وإذا به يبدأ الشكوى من صعوبة الموضوع، وأنه لا بد أن (تشخلل) جيبك لأن مرتبات الموظف لا تفى بإحتياجاته، وإلخ هذه الإسطوانة، وأمد يدى لكى أشخلل جيبى وأنا أنظر حولى وأشعر بأنه سوف يتم القبض علىّ فى أى لحظة، وإذا بالموظف الوقور يقول لى وهو يفتح درج مكتبه:
- خايف من إيه حط الإكرامية هنا فى الدرج.
وأتعجب وأنا أنظر إلى الذقن والزبيبة وأقول يبدو أن:
هذه نقرة...وتلك نقرة!!
....
الواعظ الدينى تجده يهاجم تزاحم الناس على متاع الدنيا، ويقول لهم وما الدنيا إلا متاع الغرور والآخرة خير وأبقى، ولا شك أن هذا كلام جميل، غير أن صاحبنا ماأن يسمع (شخللة) الدنانير ويشم رائحة البترودولار إلا ويهب "مجاهدا" لجمع العدد الأكبر، وتسأله: ماذا حدث يامولانا، فيقول وهو يستغفر الله العظيم:
هذه نقرة...وتلك نقرة!!
....

والأب تجده ينصح إبنه بالإبتعاد عن العادات السيئة مثل التدخين و"البصبصة"، ثم يراه ولده وهو يدخن بشراهة، ويبصبص للنساء على شاطئ البحر، وإذا تجرأ وسأله ولده عما يفعل، فيشخط فيه بغضب ويقول:
هذه نقرة...وتلك نقرة!!

...
ومن المشاهد الملفتة للنظر فى فيلم السفارة فى العمارة (بطولة عادل إمام)، ويلعب فيه عادل أمام دور مواطن جاء حظه أنه يسكن فى نفس العمارة الموجودة فيها السفارة الإسرائيلية، وهذا المواطن أعزب ومولع بالنساء، ومرة أصطحب أمرأة من ملهى ليلى بعد أن إتفق معها على المبلغ المطلوب لأن تقضى الليلة معه، ونامت معه فى سريره، ثم إكتشفت أنه يسكن بجوار السفارة الإسرائيلية، فما كان منها إلا أن هاجت وماجت، وأخرجت المبلغ من صدرها ورمته فى وجهه وهى تقول له:إنت ساكن جنب السفارة الإسرائيلى، بعت القضية ياخاين ياعميل!! وأنا بالنيابة عنها أقول:
هذه نقرة...وتلك نقرة!!
...
والشئ بالشئ يذكر، حكى لى صديق عاد من القاهرة فى الشهر الماضى، وقال لى أنه سمع عن قصة أمرأة (غانية) ذهبت إلى شقة لأداء مهام وظيفتها مع إثنين من الشبان، وبعد أن إتفقت على الشروط المالية، ثارت بشدة عندما علمت أن أحد الشابين لا يدين بنفس ديانتها، ورفضت أن تنام معه، وقررت أن تنام فقط مع من يماثلها فى الديانة!! وأنا فى تصورى أن هذه الغانية متطرفة فى تفسيرها لتعاليم دينها، وعليها أن تعرف جيدا بأن تصرفها هذا من شأنه تهديد الوحدة الوطنية، بغض النظر عن أن:
هذه نقرة...وتلك نقرة!!

samybehiri@aol.com

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف، تسبب ملاحقة قانونية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تحية
مدمن ايلاف القبطي -

هل ذهبت لمصر قريبا يا سامي ؟ هل تذكرالاوتوبيس النهري بتاع زمان؟ علية العوض اصبح قطاع خاص والاجرة 5 جنيهات و جنية اخر مايسمي دي جي وستجد العجب العجاب كل الموجودات محجبات ومعهم بعض الملتحين في اوضلاع لن تجدها ولا حتي في امريكا نفسها منتهي ال -- ولا بلاش روح شوف بنفسك

هؤلاء يدعون المراؤن
د. رأفت جندي -

مقال خفيف الظل وحقيقي, ولقد قال سليمان الحكيم فاقد الشي لا يعطيه, فالتعليم بالقدوة والعمل هو التعليم الحقيقي وليس بالكلام, والسيد المسيح حذرنا من هؤلاء قائلا (فكل ما قالوا لكم ان تحفظوه فاحفظوه وافعلوه, ولكن حسب اعمالهم لا تعملوا لانهم يقولون ولا يفعلون.) ولهذا اوصانا المسيح قائلا (الذي يحبني يحفظ وصاياي)اي يفعلها. كل انسان يعثر كثيرا او احيانا بين قوله وفعله, ولكن الخطأ الاعظم في كونه اسلوب حياة, وهؤلاء يلقبون بالمرائون.

نقرة أخيرة
أبو سفيان -

إسمحوا لي بهذه الأقصوصة التي عشتها قبل مدة في ميدان التحرير، قرب الهيلتون وسط القاهرة: رأيت على الرصيف ( كومة آدمية بائسة)لمشرد يهيم بين الجنون وفقدان الوعي وقد تخشبت ملابسه من كثرة الأوساخ وإختلط زبد فمه ولعابه بتراب الأرض، وسالت حوله ( فضلاته الخاصة) كسواقي.. بينما كان السابلة يمرون قربه دون إكتراث، وليس بعيدا منه وقف شرطيان( يدخنان ويحتسيان الشاي) سألت أحدهما إن كان بالإمكان تقديم مساعدة ما!! قيل لي:( أهلو رموه!عايزين يخلصو منو)؟ بإختصار شديد لمست سلبية وعدم إكتراث وعجز شامل ، يؤشر بخطورة إلى أن المجتمع ( والدولة ) أصبحا معاقين وضريرين. أجل لقد تمت ( طلبنة) الشارع الإسلامي المصري بصورة عنيفة، مما أدى إلى تحوّل الأقباط إلى( طالبان ) المسيحية؟؟ فهذه نقرة وهذه نقرة

معك حق
مراقب -

وهناك دولة عربية تقمع المعارضة لديها قبل أن تتنفس. ويتشدق الطبالون والزمارون ومهرجوا السلطان ويبررون بأن ضرورات المعركة (التي يحتفظون بحق تحديد مكانها وزمانها منذ عشرين سنة) لا تحتمل حاليا المعارضة والتعددية والمشاركة والنقد. وبنفس الوقت تدعم هذه الدولة المعارضة في بلدان أخرى ويتشدق نفس الطبالون والزمارون ومهرجوا السلطان بأن من حق المعارضة أن يكون لها صوت معطل لعمل الحكومة. سبحان الله على التناقض. معك حق أخ سامي هذه نقرة...وتلك نقرة!!

ألفلاح ألفصيح.
مصرى حقيقى. -

أجمل مقالات..حقيقة فى أيلاف فرغم أنها مضحكة جدآ فهى عميقة جدآ و هى معبرة عن حكمة ألفلاح المصرى ألذكى ألفطن ألمتسامح ألمرح ألمحب للحياة ألذى لم تستطع ملايين ألصفحات ألصفرأء ألمليئة بالترهات ألفارغة ألشريرة ..أن تنزع منه قدرته على ألتمييز ألحقيقى بين ألخير والشر مثل جده ألفلاح ألفصيح.

ألفلاح ألفصيح.
مصرى حقيقى. -

أجمل مقالات..حقيقة فى أيلاف فرغم أنها مضحكة جدآ فهى عميقة جدآ و هى معبرة عن حكمة ألفلاح المصرى ألذكى ألفطن ألمتسامح ألمرح ألمحب للحياة ألذى لم تستطع ملايين ألصفحات ألصفرأء ألمليئة بالترهات ألفارغة ألشريرة ..أن تنزع منه قدرته على ألتمييز ألحقيقى بين ألخير والشر مثل جده ألفلاح ألفصيح.

Hillarious
Hatem El Gowhary -

Wonderful...........great

نفسي اشوف تقرتك
سامية -

مقال ظريف ... وأنا أريد أن أرى نقرتك (خلف الرقبة ) اذا أمسك بك أحد الذين طاولتهم بكلامك ....يعني بعد كام طيارة صديقة أو الهية...

فى العضم
أدهم صبرى -

الأخ أبو سفيان يسعدنى انك تفهمت ان التطرف والانعزال المسيحى هو رد فعل على التطرف والانعزال الاسلامى واتمنى ان أقرأ رأيك فى كيفية حل تلك المعضله اما الأخ سامى فمقالك - فى العضم - للأسف الحال فى مصر - وأتمنى أن أكون مخطئ - لا يبشر بأى خير !!!

مقال جميل
jonjon -

قالوا ان الشعب المصري فقد خفة الدم التي كان يشتهر بها وانا اقول ان خفة الدم المصرية بخير بوجودك يا البحيري .استمر في نقش مساميرك على صفحات ايلاف

الاخوان و البرلمان ا
اشرف -

يرفض الاخوان البهائيين و كذلك يحترموا الشيعة والاقباط لكن مواقعهم رحبت بقرار البرلمان الاوربي ثم يقولون نرفض التدخل الاجنبي ولكن عندما يكون هذا التدخل في صالحهم فمرحب بة.الحزب الوطني يقابل الامريكان و يرفض علي ابمن نور ذلك و يعتبرة عميل هو و الامريكان.الصحفيون يهاجمون التدخل الاجنبي ثم يرحبون بالصحف الاحنبية و كذلك جمعيات حقوق الانسان التي ترفض سجنهم .هي مصر بكل مشاكلها

ظريف ولكن
بهاء -

المقال مليء بخفة الظل والدعابة كما أجمع الأخوة المعلقين! لكن بسرد الكاتب ترد أفكار خاطئة وتثبت مفاهيم باطلة من خلال تصوير التناقض بين تصرفين لشخص واحد، وتناقضهما باطل ويؤسس أسلوب الكاتب لأفكار خرافية: 1- الأخلاق الحميدة غير مرتبطة بالتدين وهذا ما يختبره أي إنسان بحياته اليومية وما يثبته التاريخ، فلا تناقض أن تتدين وأن تغش! 2- ليس أبشع آثام جورج بوش معتقل غوانتنامو كما أوحى الكاتب ومقاتلات البيت الأبيض تطير حول العالم ناشرة الخراب والتطرف والقتل وجالبة الأموال والقوة لأغنياء العالم. 3- بائعة الهوى إنسان له كافة حقوق الإنسان، والنفاق الاجتماعي باحتقار هذه المهنة يسقط عندما يثبت التاريخ أنها أقدم مهنة بالتاريخ ولم يكسد سوقها أبدا، فمن حق الراقصة وبائعة الهوى أن تمتلك قيمها وأخلاقها، لكن يبدو أن الحياة بالغرب لم توسع آفاق النظرة الإنسانية عند الجميع.