وأشربوا في قلوبهم العجل (2 - 2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وأشربوا في قلوبهم العجل! لقد كان صدام الديك الرومي للأمريكيين في يوم الشكر، فهم من صنعوه وهم من ذبحوه، كما ضحى مجرم سابق بالجعد بن درهم حين وقف خطيبا ثم قال: أيها الناس إنكم اليوم مضحون وأنا سأضحي بالجعد بن درهم ثم قام وذبح بجنب المنبر.
وهو إن صح من حج الناس لمزاره فهو يكرر قصة يغوث ويعوق ونسرا ولا يزيد الناس إلا ضلالا، ولسوف يقرأ ربما أحفادنا في كتب التاريخ المدرسية المكذوبة كما قرأنا نحن، عن ملوك بني أمية الرائعين العادلين، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر...
وهو يقول أن نشك في كل تاريخنا المكتوب، ونعرضه كما قال ابن خلدون على قوانينه الستة من صحة الأخبار' فاعلم أن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسية وطبائع العمران والأحوال في اجتماع الناس ولا قيس الغائب بالشاهد والذاهب بالحاضر فلا يأمن فيها المرء من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق وهو أمر وقع فيه أئمة النقل والتفسير والمؤرخين'.
وهذا صنوه البعثي الآخر في جبال سوريا أصبح مزاره حجا لكل الحمقى والمغفلين والمعتوهين والمجرمين والمنافقين والخائفين ولا يزيد الظالمين إلا تبارا.. فيحجون إلى قبره ويصلون، ويطوفون سبعا على سبع فروع أمنية، يقدمون الهدي آمين البيت الحرام، ثم يرمون الجمرات في حوران على قبر أبي رغال الزعبي؟؟
وإن صح الخبر الذي جاء من العراق فهو كشف علمي في فهم علاقة سيكولوجية الشعوب بنظام الحكم؛ فقد نقلت استطلاعات الرأي البريطانية أن أكثر من ثمانين بالمائة من الشعب العراقي يعلن عن ' الحاجة لزعيم عراقي قوي منفرد'.
أي صدام جديد؟
وترجمة هذا الكلام أن الشعوب العربية لا تنبت الطواغيت من فراغ. والقرآن يقول أن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا.
وبعوضة مثل صدام خرجت من مستنقع عراقي يعج بكثير من البعوض ولم يجفف بعد.
وتجفيف المستنقعات هي الطريقة المثلى للقضاء على البعوض. ولكنه ليس كلمة بل جهود سنوات.
وعندما تتوطن ثقافة مريضة لا يمكن استئصالها مع كل الإحاطة بمسبباتها والعلاج.
ومنذ أكثر من مائة سنة يعرف المصريون سبب مرض البلهارسيا وطرق علاجه. ولكن المصريين ما زالوا يبولون في الترع؟!
وفي الهند يندلع الطاعون من حين لآخر بسبب تقديس الجرذان؟؟؟
ولا يوجد كتاب عنى بتاريخ اليهود مثل القرآن؛ فهو يذكر موسى أكثر من مائة وثلاثين مرة.
ونحن نظن أن مرض بني إسرائيل خاص بقوم عاشوا في الألف الثانية قبل الميلاد، ولكن مرض بني إسرائيل مرض إنساني يمكن أن يصيب أي قوم.
وطالما كان مرض (أهل كتاب) فهو ينطبق على كل (أهل كتاب) والمسلمون منهم.
وليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به.
والقرآن يذكر عن عبادة العجل، أنه تحول إلى ثقافة خالطت العقول والضمائر، فقال بتعبير مبني للمجهول (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم)، فتسربت إلى الثقافة كما في فيروس الإيدز الذي يتسرب إلى الكود الوراثي فيتشرب به ويعلق.
والثقافات تمرض كما تمرض الأجسام، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وقصة صدام ليست وحيدة أو منفردة، بل هي مكررة في نسخ ميتة في أمكنة أخرى.
وصدام اليوم ذهب مثلا وسلفاً للآخرين ومات الوحش السوري إلى الأبد صدقا وعدلا.
ومن دافع عن (شقي العوجة) ليسوا سذجا ولا مغفلين بل التفوا بمعاطف المحامين ودافعوا عن قضيته وبالمئات.
وهناك من يعتقد أنه بطل في تاريخ العروبة. ولو حرروه من شرك الأمريكيين والطائفيين لأعلن حربا شعبية لتحرير العراق ولكنه هلك غير مأسوف عليه؟
وعندما يحج الناس إلى قبره فهم أتباعه وعباده يقدمهم يوم القيامة بئس الورد المورود. وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود.
وعندما مات عبد الناصر خرجت الملايين في جنازته، وهو من جر المصائب على رؤوس العرب في كارثة اليمن، وفشل الوحدة، وتفجير الغزو الثلاثي بدون مبرر، وفتح البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية كتتمة لها، وتأسيس نظام المخابرات، وإعدام سيد قطب، وشنق المعارضة على حبل الغسيل، وإفقار مصر، وإفلاس الخزينة، وبوار الجنيه المصري، وهرب الفلاسفة مثل البدوي، وكارثة حزيران يونيو 1967 م وآثارها حتى اليوم. ويجادل العرب عبثا إعادة عقارب الساعة للخلف مع الاستعداد لكل خسارة.
وبالمقابل عندما هزم تشرشل في معركة غاليبولي على الساحل التركي عام 1915م استقال؟ وهو تشرشل الذي لا يهزم، ولكن الأتراك أذلوه وهزموه، وهو احترم نفسه فاستقال.
أما في عالم العروبة فمن أعلن سقوط الجبهة ارتقى من منصب وزير الدفاع إلى رئيس تصفق له الجماهير، كما حصل مع الطاغية الأسد، وعندما أعلن عبد الناصر استقالته؛ في لعبة متقنة مدروسة بحنكة ودهاء ـ وكان أذكى من غيره ـ فخطط للمسرحية جيدا، وهو أبو المسرحيات وشيخ الكذابين، وشاعره سعيد بدون سعادة، هتفت الجماهير بالروح بالدم نفديك يا أبو الجماجم، وخليك على رقابنا قرونا آخرين.
ولو عاد صدام لهتفت الجماهير تحيي البطل الذي هزم ثلاثين دولة، وكسر شوكة الحلفاء أجمعين، وهزم أمريكا بنفخة من سحره المبين؟ ولاخترع اسما لمعركة جديدة اسمها أم الهزائم.
ولكن العرب أميون لا يقرأون، والهزيمة والانتصار كلمات وليست حقائق، وإذا تم استبدال الحقائق بالكلمات، فإن القاموس يكسب كلمة، ويخسر الواقع حقيقة، ويعيش العرب في عالم السحر في قبضة ملك الجان في إجازة مفتوحة إلى يوم الدين.
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
لن تستطيع خداعناخالص
ابو انور العراقي -رغم انك تحاول ان تسوق صدام بصورة مزدريه الا ان من يقرا مابين سطورك وفي بدايتها على الاخص عندما تقول ان اعدام صدام كان الديك الرمي للامريكان في عيد الشكر فانك تحاول ان تسوقه لنا باللاوعي كضحية وشهيد لغطرسة الامريكان عيب على من يحاول ان يقدم نفسه لنا كناشط سلمي يتكلم باسم العدالة والانصاف ان يبطن عكس مايظهر فلن يفيدك الاسلوب المكشوف هذا فصدام قد ولى وذكراه اصبحت كالدخان الاسود المتبخر الى السماء فماتلبث السنون ان تدفعه بعيدا ولن يذكره احدا الا باللعن والسوء كنت اتوقعك اقل تحيزا لاحاسيسك الطائفيه والقوميه يا خالص
تحيه لك مني سيدي
استراليا/عراق -سلمت يدك استاذي وبورك فيك.اصرخ رغم الشتائم والتخوين لعل العرب يصحون من سباتهم الذي ادمنوه.اكتب وصرخ لعلهم يفيقون بعدما ادمنو عبادة الطغاة من الاولين والاخرين.
قد نحتاج إلی قرن
محسن جوامیر ـ کاتب -عاش قلمک يا أیها العالم الطبيب والأديب.. البلد الذی تطبع علی الکتاتورية ولا يعتبر، لا يمکن أن يخطو أبناؤه خطوة نحو الأمام،وإنهم یحاولون کذلک الإجهاز حتی علی من يعی ويفهم و يحاول أن يبنی مستقبله وبلده ونظامه المستقل، بعد أن عانی ما عان من ظلم وقهر وإبادة.. وهذه الحالة تبدو مع الذين يعادون کل تطلع أو تقدم من لدن شعب کوردستان، ولن يرضی المتطبعون علی التذلل إلا بجرهم إلی مستنقع الدکتاتورية الذی أوقعهم فيه الطاغية الراحل..ولکن ألا تعتقد أن الشرق سینتفض بعد قرن إن شاءالله ؟!.. مع حبی.! محسن جوامیر ـ کاتب کوردستانی
العرب والأميية
محمد المشاكس -لاعلاقة للكاتب بالعروبة إلا باللغة، والتي لايجيدها بالطبع، ولهذا فهو يدعي بآن العرب كعرق أميون، مثله مثل نزار قباني الذي أشبع الإنسان العربي شتائم وهو كردي أو تركي الأصل (مع إحترامي للأخوة الأكراد والأتراك). كلام فاضي وكذلك فكرة كما أنتم يولى عليكم المنتشرة في المقال آعلاه لأنها تفسير الدكتاتور للقمع. تفكير أعوج لأنه في النهاية يصب في مصلحة الديكتاتور. مآساة كاتب كهذا أنه يعتقد أننا لانقرآ. ف
الإسلام و القائد ..
عبد البا سط البيك -يبدو أن لكل أمة عناصر نفسية مشتركة تنبع من ينابيع متعددة لتشكل كافة روافدها محصلةالعناصر النفسية المشتركةللأمة. من جملة هذه العناصر الروابط الإجتماعية و الثقافية و الدينية. و تلعب هذه الروابط دورا حيويا في تكوين شخصية الفرد في تلك الجماعة. أمتنا العربية تكاد تتميز بين الأمم الأخرى في البحث عن قائد فرد يقودها , و يكون الحكم الفيصل في تحديد مسيرتها و إشباع رغباتها و نزواتها. ثمة نظرة تقديسية الى القائد و مكانته. ربما تعودهذه النظرة الى تراث ديني قديم حيث ربط دور القائد بإرادة الله لأن القائد هو ظل الله في الأرض و خليفته , و طاعته واجبةعلى كل فرد.في مثل هذه الظروف يشرب الجميع فكرة التعلق بقائدهم الى درجة العبادة و التقديس , و لو خرج ذلك الزعيم عن المألوف في سلوكه و تصرفاته . الإسلام وضع ضوابط للتعلق بالقائد و الخضوع لحكمه, و لم يمنح القائد الحق بدون شروط شرعية تكون أساسه زعامته. ولاة أمرنا لا يحبون أن نتكلم عن هذا الموضوع ..لذا وجب السكوت عنه ..
the true.
zobeir -He is Turkesh, man, he no Kurd. Mr. muhamad al- mushakes.
ليست خاصية عربية
بهاء -ما زالت طبيعة تكوين المجتمعات البشرية تسعى نحو تمركز السلطة وحتى بالبلدان الغربية، ويلقي الناس هموم الحكم على شخص أو أشخاص محدودين. الديمقراطية الغربية تسمح لحد ما بالمحاسبة وبالتغيير لكنها لا تمثل رأي الشارع، فالأوروبيون بمعظمهم ضد سياسة القوة العسكرية وما تفعله جيوش الإمبراطورية الأمريكية، لكن قادتهم السياسيون عموما يسيرون خلف البيت الأبيض. فقبول البشر بالحاكم المطلق كانت خاصية عامة للجميع، استطاع الغرب التخلص منها تدريجيا لكن ليس بشكل كامل. والشعوب العربية كغيرها من شعوب نامية لا تعشق الدكتاتور لكن ما العمل إذا كانت المفاضلة بين دكتاتور ظالم كصدام أو فوضى قتل وتدمير وتشريد وسرقة الثروات الوطنية كحال العراق اليوم؟ أخيرا سؤال للكاتب إذا كنت لهذه الدرجة لا تحترم الشعوب العربية (المستنقعات كما سميتها) فلمن تكتب إذا؟ فمن أصول النقاش احترام الآخر ومن أنبل المبادئ الإنسانية احترام الإنسان! أما أن المقال مجرد تفريغ انفعالي لمشاعر شخصية متراكمة؟
تحية
al-Brini -احييك احييك واهنئك اهنئك واشد على يديك يا دكتور خالص ، قلما قويا وصوتا عميقا وكتابة تنطلق لتدخل القلوب ، محاربا للقيم الفاسدة الحقيرة التي تنخر في التاريخ العربي والعقل العربي قيم القمع والارهاب ووماسوشية الجماهير المحبة لخانقيها وجلاديها ربما بسبب ارث تاريخي لا تريد ان تتخلص منه ارشحك لجائزة اعظم قلم عربي يدافع وينافح عن قيم المجتمع الجديد السليم المعافي الذي نسعى وعن قيم الحرية والديمقراطية وكرامة الانسان ولعن الله الطغاة ماصيا وحاضرا ومستقبلا ولعن الله عبدة الطغاة الى يوم البعث وانا اتكلم عن بعث خالق العالمين يوم الدين لا بعث المستنقعات التي يتكلم عنها الكاتب
على هامش النقال
خوليو -ملاحظة من المقال وعلى هامشه: عندما ذبح خالد بن عبدالله القسري معبد ابن درهم،في أسفل محراب جامع الكوفة، بعد أن كان قد سجنه بأمر الخليفة هشام، الذي ألحق الدنيا ببستانه كما تقول فيروز(كانت الأندلس مفتوحة)، لقد شرح خالد القسري للمصلين أن أسباب ذبح معبد في عيد الأضحى هو أن معبداً كان يقول بأنّ الله لم يكلم ابراهيم تكليما، والمعروف أن معبداً كان من أصحاب نظرية تحليل صفات الله: التكلم ، وهل له يد ؟ (يد الله مع الجماعة) وبنفس الوقت لايشبهه أحد، لقد كانت المسألة صعبة الهضم على معبد، ومن الأسباب الأخرى لذبحه هي مطالبته بتطبيق الشريعة السمحة، حيث الثورات تعم البلاد طلباً للعدل ، وهذا يعني أن الشريعة لم تكن مطبقة بينما هشام ألحق الدنيا ببستانه، يا للمفارقة مسلموا عصرنا الحالي يقولون أن سبب هزائمنا يكمن في عدم عدم تطبيق الشريعة، بينما هشام ألحق الدنيا ببستانه ولم تكن مطبقة الشريعة، صفعة قوية لنظرية تطبيق الشرع وعلاقته بالتقدم أليس كذلك؟ مقالة الدكتور تستحق القراءة والتأمل.