كتَّاب إيلاف

غزة ضحية اللانظام العالمي الجديد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

" إن قانون الثالث المرفوع لا دور له في ميدان السياسة لكن العمل اللاحربي يظل ممكنا: فالديمقراطيات ليست مجبرة حقا على الاختيار بين ميونيخ) جبن الاستسلام(ودريسدن) القصف المدمر)" تزفتيان تودوروف.

غزة محاصرة منذ مدة وهاهي تغرق الآن في الظلام دون غذاء ودون ماء ودون دواء ودون كهرباء والوضع الإنساني متدهور وخطير جدا لأن حياة مليون ونصف أصبحت في الميزان وعلى حافة الانقراض البطيء أو لنقل إبادة جماعية ترتكب غير بعيدة عن حادثة الهولوكوست المأساوية.
مأساة غزة بدأت منذ الانسحاب من جانب واحد للجيش الإسرائيلي والذي عقبه إخلاء المستوطنات والذي اعتبرته الفصائل المسلحة انتصارا كاسحا وتحريرا لتلك القطاع المقاوم لكل نزعات الاستئصال والدمج.
كل الأنظار من قبل جميع المتابعين اتجهت آنذاك الى غزة باعتبارها العاصمة الحقيقية للدولة الفلسطينية المنتظرة ومركز الثقل الكبير الذي يلوذ به كل فلسطيني مهدد في حقه في الوجود لكونها المكان الوحيد من أرض فلسطين التاريخية التي عادت فيها السيادة للفلسطينيين.
على هذا النحو طالبت عدة جهات بإبرام هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل من أجل تحقيق السلام العادل والبدء في مفاوضات جدية حول المشاكل العالقة بين الطرفين وقد انخرطت العديد من الحساسيات السياسية في هذه الفكرة بل وصل الأمر بالبعض منها الى القيام بمراجعات مهمة في أدبياتها مكنتها من المشاركة في الانتخابات وإتباع نهجا واقعيا برغماتيا.
ولكن هذه الحال لم تدم لنشوب صراع حاد على السلطة بين فتح وحماس ولعدم اعتراف العالم بحكومة حماس المنتخبة ديمقراطيا من طرف الشعب الفلسطيني في ضفة والقطاع وتشبث بعض الفصائل الأخرى بخيار الكفاح المسلح مثل الجهاد والجبهات بشكل متفاوت ومتباعد زمنيا والانسياق وراء ردود أفعال صاروخية بعد كل توغل إسرائيلي للقطاع ولمدن الضفة الغربية.
ثم بدأ بعد ذلك الوضع يتعفن في الداخل وفي علاقة مع إسرائيل ومع المحيط العربي والمجتمع الدولي وفشلت خارطة الطريق والمبادرة العربية للسلام ومؤتمر أنابوليس ووصل الجميع الى طريق مسدود بحكم نية البعض إسقاط حق العودة وإعلان إسرائيل يهودية الدولة وتمسك الفلسطينيين بثوابتهم وخاصة بمبدأ تحرير كل فلسطين من النهر الى البحر.
غزة ضحية اللانظام العالمي الجديد وقد تأكد ذلك عندما أجبر الفلسطينيين على الانقسام على أنفسهم والدخول في صراع على السلطة انتهى بتقاسم النفوذ بين فتح التي تدير حكومة على رأسها فياض وتتحكم في الضفة الغربية وحماس التي تدير حكومة يسيرها هنية والزهار وصيام رغم أن رئيس السلطة المنتخب عباس قد أقالها واعتبرها حكومة انقلابية.
إن تسيير شعب واحد عن طريق حكومتين متصارعتين هو خطأ كبير ونقطة ضعف أمام الرأي العام العالمي وسهل الاستخفاف الإسرائيلي بالحقوق الأساسية للفلسطينيين باعتبارهم بشر أولا وقبل شيء ويجب أن يتمتعوا بمنظومة الحقوق التي تكفلها لهم المنظمات الدولية وخاصة الحياة الكريمة والغذاء والمسكن والصحة والتعليم والشغل.
القطرة التي أفاضت الكأس والتي قدمت القطاع على طبق من ذهب وأجازت اجتياحه وتدميره هي حالة الضعف العربي أمام العملاق الغربي وفقدان البوصلة بين الولاء لأمريكا التي تقود المحور الأطلسي والولاء للثوابت الحضارية التي يزايد عليها الجار الإيراني ويستغلها لتحقيق أجندته باسم دعم المقاومة والتمسك بالقدس كعاصمة للمسلمين.
هذا الضعف ظهر عند زيارة كل من بوش وساركوزي للمنطقة العربية وحفاوة الترحيب وحسن الضيافة التي قوبلا بها رغم أنهما لم يحملا أي جديد لرفع حالة الحصار على غزة ولإعادة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني المشرد في المخيمات والمحاصر عن طريق الأسوار العازلة ومعابر التفتيش والذي يعاني من المجاعات والأمراض المزمنة ومن التخويف والتحرش والتهديد بالاغتيالات من طرف أقوى جيش في المنطقة لديه أفضل قوة ردع وهي السلاح النووي.
إن تعثر المشروع الوطني الفلسطيني مرده حالة الانقسام الداخلي نتيجة الفراغ الرمزي الذي تركه الراحل ياسر عرفات والتي لم تقدر كل الزعامات الحالية على ملئه لفقدانهم للشرعية التاريخية ولعدم امتلاكهم للكاريزماتية اللازمة لمثل هذه المهمات الدقيقة والحرجة. كما أن حالة التخبط في قرارات الشرعية الدولية تجاه القضية الفلسطينية يعكس حالة اللانظام التي تميز العلاقات الدولية لكون المعمورة تعيش مرحلة انتقالية من عالم يحكمه قطب واحد هو الإمبراطورية الأمريكية الى عالم متعدد الأقطاب تكون فيه أمريكا مجرد قوة الى جانب قوى أخرى تعمل على تحقيق التوازن المنشود وهذه القوى ربما تكون الصين وروسيا وأوروبا الموحدة والشرق آسيا والمحور اللاتيني من أمريكا الوسطى والجنوبية وبالطبع يبرز العرب والمسلمون بغيابهم عن التأثير والفعل في صناعة الكونية.
إن إنهاء معاناة سكان عزة رهين إيقاف تحرشات إسرائيل واعتداءاتها المتكررة على القطاع والضفة والمخيمات في لبنان وسوريا والأردن وتخليه عن بناء المستوطنات وتفكيكها للجدار العازل وتخفيفها لحالة المراقبة الدائمة للعمال الفلسطينيين مع تعهد كافة القوى الفلسطينية الفاعلة بإبرام صلح شامل وطويل وعادل يحفظ العرض والحق.
كما أن تحقيق هذا الحل متوقف على إرادة شجاعة من طرف المنتظم الأممي وعودة الوئام الى العائلة العربية الإسلامية في إطار الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وتحمل جميع الأطراف مسؤولياتهم على ما قد يحصل لغزة لو ظل الوضع على حاله والعمل بسرعة على إيجاد تسوية عاجلة لهذه الورطة من أجل إخراج سكانها من هذا النفق المظلم الذي وصله له بسبب صراع الهويات وتناقض المشاريع وتصادم الثقافات وحروب الأديان. ألم يصرح منظرو الدولة الأمريكية بأن بلادهم تعتقد أنها مدعوة الى فرض الخير في أنحاء العالم؟ فلماذا لا يشمل هذا الخير الأمريكي سكان مخيمات غزة؟ أليس من الضروري أن يفعل المنتظم الدولي مبدأ حق التدخل من أجل توفير الحماية لفلسطين من كل اعتداء خارجي؟
* كاتب فلسفي

اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كاتب فلسفي؟
جمشيد -

ما رأي الكاتب الفلسفي أن يرد على سؤال واحد:ماذا كانت مصر ستصنع بغزة لو أطلقت حماس وغيرها على مدن مصرية؟ إذا عرفت الجواب، اكتب عنه في المرة القادمة.

ماذا حدث لمليار ونصف
كركوك أوغلوا -

دولار أمريكي من ملالي أيران لحماس في غزة ؟؟!!00وهذا ما يحدث في العراق من أنعدام الخدمات من ماء وكهرباء وصرف الصحي وعشرون مليار دولار ميزانية حكومة المالكي ؟؟!!00سرقة وفساد ورشوات وحسابات رقمية في سويسرا , والشعب يتضور جوعا !!!00والحكومتين تم أنتخابهم ديموقراطيا ؟؟!!00ليتعلموا الدرس القاسي والمر ,مرة ثانية!!00

لا
نبهان بن جهلان -

غزة ضحية الجهل و الفساد الذي ادى الى انتخاب امثال هنية و الزهار و من ورائهم سوريا و ايران و اي بلد تتدخل فيه سوريا و ايران يكون مصيره الدمار

اين اللبراليين العرب
رشاد القبطي -

الحقيقة الدامغة ان العالم الغربي الديمقراطي الحداثي الانساني اراد معاقبة الناخبين الفلسطينين على اختيارهم الديمقراطي فكان ان شارك في احكام الحصار على غزة وغض الطرف على العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة كما تورطت سلطة اوسلو في هذا الموضوع وتحولت الى مستبد آخر اصطف بلا خجل وراء الصهاينة واما الانظمة العربية فمن مصلحتها اجهاض الحكومات التي تأتي بها صناديق الاقتراع لتقول انها فاشلة وتقول للغرب انظروا بمن جاءت الديمقراطية اضافة الى ان كثيرا من اللبراليين العرب الذين طالما صدعوا ادمغتنا وبشروا بالديمقراطية الامريكية خنسوا و اختبؤا خلف اصابعهم ولم ينطقوا بربع كلمة لا بل عادوا الانتخابات وتحولوا الى جوقة تطبل وتزمر للاستبداد اذا كان سيقمع اشواق الناس الى الحرية ان اللبراليين العرب في صف الصهاينة والامريكان في السراء والضراء كزواج النصارى ؟ّّّ

امجاد ماذا
louie -

دائما نحن العرب نعلق اخطائنا على الامريكان , ودائما نعول على الرموز التاريخية والدينية , ونقول لو كانوا لاصبح شيئا اخر , ما وددت قوله لو كان المرحوم عرفات موجودا فماذا سيصنع وماذا بالاساس فعل سابقا كي نعتبره اثر على الفرار الدولي بشان القضية , نعم نثمن له مواقفه النضالية , ولكن المرحوم لم يقرا المستقبل كم قرأه السادات , فاصبحنا نقوا الان اه لو وافقنا سابقا , ما اود ان اقول انا لست من المشجعيين للسلام مع اسرائيل ولكن لا خيار للعرب فاما ان تحارب واما ان تفوض للسلام , وبالطبع حماس لا تملك حنكة المحارب المؤثر ولا حنكة التفاوض السياسي , وعباس ينتظر واهل غزة يلطمون على الاثنان

قائد تاريخى!ها ها
مصرى وبس -

لو كان قائدا حتى ولو لم يكن تاريخيا لرضى بما عرضه عليه كلينتون وهو العرض الذى ندم عليه ولكن بعد فوات الأوان.. الديمقراطية ليست معناها أن يأتى الناخبون بفصيل إرهابى ويطلبون من المجتمع الدولى الإستمرار فى تدفق المساعدات عليه, أريد أن أفهم كيف لإسرائيل أن تؤمن الغذاء والكهرباء والوقود لأناس يحاربونهم ويريدون إلائهم فى البحر!؟ لهذا لا يلقى المجتمع الدولى بالا لصراخ أطفال غزة ولن يلقى. لماذا لا توقف حماس صواريخها ثمنا للوقود والكهرباء والطعام الذى يأتيها من أحفاد القردة والخنازير!؟

لا للصهاينة
بدر -

احذر من تبني وجهة النظر الصهيونية التي تحمل الضحية وزر ما حصل وما قد يحصل يجب ان لاننسى اصل البلاء وهو الاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية المسلمة من قبل اليهود المشتتين في الدنيا بتواطؤ دولي استعماري واقليمي عربي ان الدول الاستعمارية حلت مشكلة اليهود في الغرب والشرق على حساب الشعب العربي الفلسطيني تحت دعوى ارض بلا شعب لشعب بلا وطن ؟؟؟؟؟؟!!