وداعا يا حكيم الثورة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
غادر الدنيا الفانية يوم السبت الماضي المناضل العربي الفلسطيني الدكتور جورج حبش، الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي اشتهر بلقب (الحكيم) في صفوف المقاومة الفلسطينية، بعد رحلة عطاء ونضال شاقة امتدت أكثر من نصف قرن منذ تأسيسه (حركة القوميين العرب) عام 1952 عقب تخرجه طبيبا للأطفال من الجامعة الأمريكية في بيروت، تلك الحركة التي انتشرت فكريا وتنظيميا في العديد من الأقطار العربية، وضمّت نخبة من خيرة المناضلين العرب الذين عرفوا بالشفافية والصدق مثل المناضل العراقي باسل الكبيسي الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي في باريس في مارس 1973 والمناضل الكويتي الدكتور أحمد الخطيب مسؤول حركة القوميين العرب في الكويت وكان صديقا للدكتور جورج حبش في الجامعة الأمريكية في بيروت.
بعد هزيمة العرب في حزيران 1967 التي خفف جمال عبد الناصر وقعها المزلزل بتسميتها (نكسة)، تعاقدت من العاصمة الأردنية عمّان للعمل مدرسا في الكويت، وكانت مثل هذه الفرصة ثمينة للغاية بعد نزوح ألاف الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى ألأردن، ووصلت الكويت حيث بدأت عملي مدرسا في مدرسة الأحمدي الثانوية، وكان مديرها الفلسطيني هاشم أبو عمارة ومن ضمن المدرسين فيها عدنان أبو عودة الذي أصبح بعد ذلك وزيرا للإعلام و رئيسا للديوان الملكي في ألأردن. في شهر يوليو عام 1968 عقب تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانطلاقها من الأغوار الأردنية حيث تتواجد حركة فتح أول تنظيم فلسطيني أعلن المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وصلتنا في الكويت نحن أعضاء حركة القوميين العرب الذين أصبحنا تلقائيا أعضاء في الجبهة الشعبية رسالة من قيادة الجبهة تطلب منّا ترك وظائفنا في الكويت والالتحاق بقواعد الجبهة في ألأغوار الأردنية. في ذلك الوقت زمن الصفاء الثوري لم يتردد أحد في تنفيذ قرار قيادة الجبهة رغم حاجتنا الماسة للوظيفة في الكويت لإعالة أهلنا وعائلاتنا في مخيمات القطاع والضفة. كانت أول مرة أقابل فيها الدكتور جورج حبش في قاعدة للجبهة الشعبية في الأغوار الأردنية حيث جاء للسلام على الحركيين القادمين من الكويت حاملين له تحيات الدكتور أحمد الخطيب و عبد الله النيباري. كان رجلا يفيض حماسا ونقاء وحيوية إذ كان في الثالثة والأربعين من عمره، يحمل هموم وطن تمّ تشريده منه، من مدينة اللد التي ولد فيها عام 1925 من أسرة فلسطينية من الروم الأرثوذكس، وهذه نقطة مهمة إذ يلاحظ أن غالبية المنظّرين والمؤسسين لفكرة القومية والحركة العربية هم من المسيحيين العرب أمثال: قسطنطين زريق، وإنطوان سعادة،بطرس البستاني،ناصيف اليازجي، ميشيل عفلق، وجورج انطونيوس صاحب كتاب " يقظة العرب "، جورج حبش، و وديع حداد وغيرهم، وكانت هذه الطليعة ترى أن الوحدة العربية هي الطريق لتحرير فلسطين. في تلك الفترة كان الدكتور جورج حبش الذي اشتهر بلقب (حكيم الثورة) دائم التردد على قواعد الجبهة الشعبية في الأغوار الأردنية، وكلّما نزلنا للعاصمة عمّان نزوره في مكتب الجبهة في حي اللويبدة.
لم يمض شهور قليلة على انطلاقة الجبهة حتى بدأ نايف حواتمة القيادي في الجبهة المسلسل الذي لن ينتهي بعد ذلك، وهو المسلسل المخزي المعروف باسم (الانشقاق)، إذ أعلن انشقاقه عن(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، معلنا تأسيس (الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين)، وبعد شهور حذف كلمة (الشعبية) من اسم انشقاقه، فصار لدينا (الجبهة الشعبية) و (الجبهة الديمقراطية)، وبعد ذلك انشق أحمد جبريل معلنا تأسيس (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة)، ثم انشقت عن أحمد جبريل مجموعة أطلقت على نفسها (جبهة التحرير الفلسطينية)، ومن (جبهة التحرير) انشق أفراد فأصبح لدينا (جبهة طلعت يعقوب) و (جبهة أبو العباس)، والكل يتهم الآخرين بالتخاذل وأنه هو فقط من سينجز تحرير فلسطين من النهر إلى البحر ويتولى رمي اليهود في البحر، وهي في الواقع مجرد صراعات شخصية على النفوذ والمناصب والمال الذي كان وفيرا وغزيرا آنذاك من دول أرادت أن تكف هذه التنظيمات عنها شرّها.
ارتكبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش خطأها القاتل في سبتمبر من عام 1970، عندما قامت مجموعة لها يرأسها وديع حداد بخطف أربعة طائرات أجنبية وإنزالها في مهبط مهجور قريبا من مدينة المفرق الأردنية، أطلقوا عليه اسم (مطار الثورة). جرت مساومات كثيرة تخللتها ملابسات عديدة انتهت بتفجير الطائرات الأربعة واقتياد ركابها إلى العاصمة عمّان، وكانت هذه العملية القشة التي قصمت ظهر أية علاقة بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية خاصة بعد تغول هذه المنظمات في داخل الأردن، وطرح نفسها بديلا للنظام ألأردني وتصرفها وكأنها هي الحاكم الشرعي الوحيد في الأردن، مترافقا مع التجاوزات الخطيرة خاصة التصدي لأفراد الجيش والأمن الأردني بطريقة أثارت قطاعات واسعة من الشعب الأردني، ولا يمكن نسيان تصريح ياسر عرفات في الخامس من أغسطس عام 1968 الذي قال فيه: (قررنا أن نجعل من الأردن مقبرة لكل المتآمرين، وستكون عمّان هانوي الثورة)، وذلك عقب موافقة الرئيس المصري جمال عبد الناصر على مبادرة روجرز الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي، و برقية الملك حسين لجمال عبد الناصر (ما تقبلونه نقبله، وما ترفضونه نرفضه)، فسيّرت المنظمات الفلسطينية مظاهرات عارمة هتفت ضد جمال عبد الناصر، وأحرقت العلم المصري أمام السفارة المصرية في عمّان، وتفرد الرفاق في الجبهة الديمقراطية بتسيير مظاهرات في مخيم البقعة ضد جمال عبد الناصر واضعين صوره على ظهر حمار، وكانوا قد ملأوا شوارع عمّان بشعاراتهم المراهقة الخالية من أي مضمون مثل: (السلطة كل السلطة للمقاومة) و (فلتعلن مجالس السوفييت في كل شارع وحارة). إثر ذلك كانت المواجهة بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية في سبتمبر عام 1970 التي انتهت بطرد هذه المنظمات وهروبها إلى سوريا التي حاولت أثناء المواجهة التدخل لمساندة المنظمات الفلسطينية إلا أن الجيش الأردني تصدى لها بنجاح وطردها خائبة، وكان أول شرط للمخابرات السورية على تلك المنظمات الهاربة إليها هو (عدم إطلاق أية رصاصة على إسرائيل من الحدود السورية، ومن يريد ذلك فعليه أن يتوجه للجنوب اللبناني بمساعدة المخابرات السورية). كانت هزيمة المنظمات الفلسطينية وطردها خارج الأردن من أهم إنجازات الملك حسين والجيش الأردني، لأنه لو بقيت تلك المنظمات والدكاكين في الأردن لخربت البلاد والعباد كما فعلت في لبنان بعد ذلك، حيث الصراعات والانشقاقات والاغتيالات والتصفيات الشخصية والتنظيمية والعمل لحساب أجهزة مخابرات عربية وأوربية شرقية، وكل ذلك باسم التحرير الذي لم ينجز منه أية خطوة سوي البيانات والشعارات بدليل الوضع الحالي الذي أوصلت تلك القيادات الشعب والقضية إليه.
الحكيم و مرحلة ما بعد أيلول
راجعت الجبهة الشعبية في عام 1973 موقفها من العمليات الخارجية خاصة خطف الطائرات، وأدركت ضررها على القضية الفلسطينية فقررت وقفها، فرفض وديع حداد مسؤول تلك العمليات ذلك القرار، فلم يتردد المكتب السياسي للجبهة برئاسة جورج حبش عن طرد وديع حداد من صفوف وقيادة الجبهة، فلجأ مع بعض مناصريه إلى بغداد حيث واصل عمله من هناك بالتنسيق مع المخابرات العراقية برئاسة سعدون شاكر، مستعملا اسم (الجبهة الشعبية - المجال الخارجي)، وظلّ في بغداد إلى أن قتلته المخابرات العراقية ذاتها بدس السمّ له في فنجان قهوة حيث توفي في الثامن والعشرين من مارس 1978، وكان اغتياله رسالة من نظام صدام للقوى الغربية أنه ضد الإرهاب وذلك في مرحلة استعداده لشنّ الحرب على إيران كما فصّلت ذلك في مقالة لي بعنوان (من قتل وديع حداد)، من خلال معايشتي لوديع شخصيا في مقر قيادته بمنطقة المسبح ببغداد التي كان يطلق عليها (فيلا المسبح)، هذا رغم ذكر الصحافي الإسرائيلي آرون كلاين في كتابه (ردّ الضربة) بأن الموساد هو من دسّ السمّ له في قطعة شوكولاته في بغداد، وإن كانت هناك صحة ما لمعلومة الصحفي الإسرائيلي، فهذا يؤكد تورط المخابرات العراقية مع الموساد في تلك العملية، لأنه من المؤكد أن وديع حداد شعر بالألم في معدته مشتكيا لنا في فيلا المسبح بعد عودته من اجتماع ليلي له مع سعدون شاكر مدير المخابرات العراقية، وقال لنا صراحة أنه شعر بالألم فور شربه فنجان القهوة في منزل سعدون شاكر، ثم سافر إلى الجزائر ومنها إلى ألمانيا الديمقراطية للعلاج حيث توفي هناك بعد أن عجز الأطباء الألمان عن تشخيص مرضه، وذلك يذكّر بقتل مخابرات صدام لصبري البنا (أبو نضال) قبل حرب إسقاط نظامه بشهور قليلة كرسالة أيضا لقوات التحالف أنه لا يدعم الإرهاب بدليل أنه يقتل أي إرهابي يتواجد في بغداد. وبعد وفاة وديع حداد أقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مهرجانا تأبينيا ضخما له في بغداد، وكنت آنذاك أدرس في جامعة الأسكندرية لدرجة الدكتوراة، وسافرت خصيصا لبغداد لتنسيق الجهود الإعلامية لذلك الحدث، وفي المهرجان الخطابي بعد التشييع قال الدكتور جورج حبش في خطابه قوله المشهور: (يقولون وديع حداد إرهابي، نعم إنه الإرهاب الذي يرد على إرهاب العدو الصهيوني).
الحكيم وطلب القذافي منه إشهار إسلامه
كنت أعمل في عامي 1979 - 1980 مدرسا بكلية ألآداب بجامعة الفاتح في " الجماهيرية العربية الشعبية الديمقراطية العظمى "، وكان الأمناء العامون للمنظمات الفلسطينية دائمو التردد على الجماهيرية العظمى خاصة أن القذافي قرّر صرف راتب شهري لكل منظمة بدءا من مليون إلى خمسة ملايين دولار شهريا حسب حجم التنظيم إن كان في حجم (دكانة) أم (سوبرماركت) حسب توصيف العقيد نفسه، مع إعطاء مستشاريه الصلاحيات بزيادة الراتب شهريا تبعا لمستوى الولاء للعقيد ومساهمتهم في نشر الكتاب الأخضر، وقد استغل مستشارو العقيد تلك الصلاحيات أسوأ استغلال فكانوا يساومون ممثل كل تنظيم على أنهم يستطيعون زيادة المخصص الشهري لتنظيمه مليوني دولار مثلا على أن يوقع على المبلغ الجديد، ولكنه يتسلم المبلغ القديم المحدد من العقيد مقابل أن يأخذ المبلغ الزيادة لإيداعه في حساب مستشار القذافي في قبرص أو بيروت مع خصم نسبة بسيطة عمولة له. وقد ابتز القذافي المنظمات الفلسطينية بوقف المخصص الشهري إن لم ترسل كل منظمة مجموعة من عناصرها للقتال مع جيشه في حربه ضد تشاد التي استمرت عدة سنوات نكاية بخصمه اللدود رئيس الوزراء التشادي حسين حبري، إلى أن انسحب منها نهائيا في عام 1994 بعد القرارات الدولية التي أجبرته على ذلك رغم أنفه، وقد تجاوبت غالبية المنظمات الفلسطينية مع دعوى القذافي،وأرسلت مقاتلين من عناصرها للقتال والموت في تشاد فالطريق إلى فلسطين أصبح يمرّ عبر نجامينا العاصمة التشادية.
كان الحكيم جورج حبش يزور عاصمة الجماهيرية ويلتقي القذافي، الذي فاجأه في زيارة له نهاية عام 1979 بأن طلب منه اعتناق الإسلام علانية وأطلق عليه القذافي اسم (الخضر)، وفي لقاء لي معه في الفندق الكبير بطرابلس ضحك الحكيم كثيرا من مسخرة القذافي الجديدة، وأخبرني أنه رفض دعوة القذافي علانية أمامه مخبرا إياه أنه في المجتمع الفلسطيني لا توجد هذه التفرقة الطائفية، لأن الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق بين مسلم ومسيحي وبالتالي تمنّى على القذافي نسيان هذه المسخرة، ورغم ذلك ظلّ إعلام القذافي الجماهيري يطلق عليه اسم (الخضر)، وفي نشرات الأخبار الرسمية في أية زيارة له نسمع الخبر في الإذاعة الليبية كالتالي: (وصل اليوم الأخ المناضل الخضر الأمين العام للجبهة الشعبية لعاصمة الجماهيرية، حيث قابل الأخ الخضر العقيد القذافي مستعرضا معه تطورات القضية الفلسطينية...إلخ الأسطوانة البايخة المشروخة). وفي لقاء مع الحكيم في الفندق ذاته سألني: هل يمكنك أن تخمن لماذا اختار العقيد لي هذا الإسم إن قبلت الدخول في الإسلام؟. وبعد الاستفسار من واحد من مستشاري العقيد، أخبرت الحكيم أن الاسم يقصد به العقيد الجماهيري (الخضر صاحب النبي موسى عليه السلام)، وهو شخصية مختلف عليها عند علماء المسلمين سواء فيما يتعلق بنسبه وطول عمره وكونه نبيا وبقاءه حيا إلى زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومما قاله فيه ابن الأثير في تاريخه: (وأما الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا فالجمهور على أنه باق إلى اليوم، قيل لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة وقيل لأنه شرب من عين الحياة فحيي). وإن اختلف الجمهور حول (الخضر) فلن يختلفوا على أن الحكيم كان من أنقى القيادات الفلسطينية خلقا وممارسة مما أكسبه احترام الجميع أفرادا وقيادات.
رفض المسؤولية من المهد إلى اللحد
مما لا يمكن تجاوزه أو نسيانه للحكيم أن كان معروفا بنزاهته وصرامته الشديدة في قيادة الجبهة الشعبية، وتواضعه الجمّ الذي كان يسمح لأي عضو أو كادر أن يلتقيه ويتحدث معه، خاصة في مرحلة وجوده في العاصمة السورية دمشق بعد عام 1982، وهذه الصرامة هي التي أدت أيضا إلى طرد بسام أبو شريف من عضوية المكتب السياسي للجبهة الشعبية بسبب علاقاته مع الرئيس ياسر عرفات من وراء ظهر الجبهة الشعبية، مما أدى إلى تركه دمشق عام 1986 وإقامته في تونس مع ياسر عرفات الذي عيّنه مستشارا له، وهي وظيفة شكلية ابتدعها عرفات ديكورا يضع فيه كل الهاربين إليه من التنظيمات ألأخرى، دون أن تكون لهم أية صلاحيات أو مسؤوليات سوى الوساطة لدى عرفات من حين إلى آخر في مسائل شخصية تهم الأصدقاء والأقارب وهي غالبا صرف المساعدات المالية، وكما قال أحد هؤلاء المستشارين من جبهة التحرير الفلسطينية " عبد الفتاح غانم ": (أنا مستشار لا أستشار في شيء، وأقابل عرفات مرتين كل سنة مهنئا مع الجميع بعيدي الفطر والأضحى) وقد وضعه عرفات بعد ذلك في السجن لشهور طويلة.
وفي عام 2000 رفض جورج حبش أن يترشح من جديد لمنصب الأمين العام للجبهة الشعبية، فاتحا المجال لغيره لقيادة الجبهة، فكان اختيار مصطفى الزبري (أبو علي مصطفى) الذي اغتالته إسرائيل في مكتبه في رام الله في السابع والعشرين من أغسطس عام 2001 ردا على اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام وئيفي الذي نفذته مجموعة من الجبهة الشعبية، وكان أبو علي مصطفى قد عاد إلى الضفة الغربية عام 1999 على قاعدة اتفاقية أوسلو بتنسيق مع ياسر عرفات رغم رفض الجبهة الشعبية لاتفاقية أوسلو، وأعقب وفاته اختيار أحمد سعدات أمينا عاما للجبهة الشعبية، وقد اعتقلته السلطة الفلسطينية بناءا على الضغوط الإسرائيلية، وظلّ في سجن أريحا حتى الرابع عشر من مارس عام 2006 حيث اقتحم الجيش الإسرائيلي السجن عقب انسحاب المراقبين ألأمريكيين والبريطانيين وتمّ اقتياده إلى السجون الإسرائيلية مع مجموعة من السجناء الفلسطينيين من بينهم (العميد فؤاد الشوبكي - أبو حازم) أحد مستشاري الرئيس عرفات والمتهم من قبل السلطات الإسرائيلية بموضوع الباخرة (كارين إي) حيث ما يزالون في السجون الإسرائيلية حتى اليوم.
خطوة الحكيم هذه الرافضة لاستمراره أمينا عاما للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أكسبته احتراما واسعا لأنه شذّ عن القاعدة العربية والفلسطينية بتولي المسؤولية من المهد إلى اللحد، مقابل التشبت بهذه المسؤولية من رفاق سابقين له كنايف حواتمة وأحمد جبريل اللذين يصرّان على البقاء أمناء عامين بدون أمانة منذ عام 1968 وحتى اليوم، أي منذ أربعين عاما متساوين بذلك مع الطاغية العقيد معمر القذافي، وهم يشكرون على ذلك لأنه في تنظيماتهم ودولهم لا يوجد من يستطيع القيادة سواهم، وبالتالي فهم جديرون بهتاف (بالروح بالدم نفديك يا أبو النوف، ويا أحمد جبريل، ويا عقيد الجماهيرية العظمى)، لذلك إزاء هذه المسخرة المضحكة المبكية يستحق الحكيم جورج حبش التحية والاحترام.
حكيم الثورة المناضل جورج حبش يموت في عمّان التي عاش فيها سنواته الأخيرة عقب تخليه عن منصب الأمين العام، وهذه مفارقة كبيرة أن تحتضنه عمّان التي ناصب نظامها العداء في السبعينات، وبموتك يا حكيم نودّع مناضلا نزيها ومخلصا، فلك الرحمة ولأهلك ورفاقك ومحبيك العزاء.
ahmad64@hotmail.com
اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات
ما اجمل الاردن
امجد -يحاربون الاردن ويعودون اليه ليموتوا بعزة وكرامة ورعاية وعناية وما اجمل الاردن ملكا وحكومة وشعبا
الخضر وكوهين
د.عادل حامد -الله يرحمك يا حكيم وعلى مثلك فلتبكي الثكالى والفقراء والمقهورين فما زلت على مبادئك وهمك حتى سلمت الروح الى باريها واعلم بان لك الدعوات من كل الذين احبوك وكنت قائدا لهم فدعوا لك بالرحمه والمغفره في المساجد والكنائس سوائا كنت جورج ام خضر فان الدين لله والوطن للجميع .على ان مالا يثير استغرابي هو من يتمسح بالحكيم ويشرق ويغرب وياتي على تاريخ اسود نود نسيانه وهوالكاتب ينفخ في الجمر ليشعل النار ويثير الفرقه والانقسام ولا يدري بان وعي الناس ومفهوميتهم اكبر من كل خرابيطه وامنياته وامانيه .احسن حاجه بتسويها انك بتظل هناك بعيد وبعيد هناك وبتنقطنا بسكاتك ولو كان عندي اقتراح اتسمي حالك كوهين وتقبظ بالشيقل .صحيح اللي استحوا ماتوا ويا قلبي لا تحزن
رحمة الله
سليم -رحم الله الحكيم و اسكنه فسيح جناته. و الشكر الجزيل للدكتور احمد على المعلومات القيمة و للمنبر الحر ايلاف.
الوداع
amilsos -الوداع لا يكون لجسد فاني بل البكاء على وداع المبادىء والقيم التي ياخذها الانسا ن معة ولا توجد بشخص غيرة لانها اصبحت مفقودة في هذة الايام
ما أحلاك يا اردن
زينة -لم أجد اي دولة احتضنت اعداءها ووفرت لهم العلاج والمسكن الآمن والكرامة مثل الأردن!!ولم أجد دولة تتعرض للطعن من ضعفاء النفوس ومدعو القومية والعروبة مثل الأردن!! وهذا دليل على رفعة الأردن وصلابته في وجه كل الحاقدين!!
نسراًأحمراً كنت ومتَ
د.حمدان مهند -سوف تظل محفوظا في تاريخنا المشرق بالتضحيات .قائدا فذا كرس حياته لخدمة التوره والقضيه الفلسطينيه...وداعاايها الرفيقوداعا ايها الحكيم
يا زينه
د.عادل حامد -يا زينه الله يزينك دائما بالوطنيه وحب الاوطان .الاردن يا اختي هو موئل احرار العرب وفيه نبتت ثورة العرب الاولى وهي الثوره العربيه الكبرى .فالاردن كبير بملوكه الاحرار الهاشميين وبترابه الطيب وشعبه الوفي العربي والاصيل
الانتهازية
وائل عبد الفتاح -يبدو أن الانتهازية والتكسب كان يستدعي الانتقال من زعيم إلى زعيم. وهذه صفة بارزة في طلاب الشهرة والمتملقين والخائبين. وكما قال الدكتور عادل حامد: يلي استحوا ماتوا.
الإساءة لجورج حبش
إدريس الشافي -أحمد أبو مطر لا يؤبن في مقاله هذا المناضل جورج حبش، ويقول فيه كلمة طيبة صادقة لوجه الله، من منطلق إحقاق الحق.. إنه يسيء إلى حبش إساءة بالغة حين يوظف حدث وفاته في تصفية حساباته الشخصية مع أناس من أبناء وطنه ظلوا على درب النضال إلى أن توفوا أو استشهدوا في الميدان دفاعا عن حق شعبهم في الحصول على حريته واستقلاله وإنشاء دولته.. انتقلوا إلى جوار ربهم وما بدلوا تبديلا، بخلاف الذين باعوا أنفسهم للدولار والريال والشيكل..
وداعا يا حكيم الثورة
shadi -وداعا يا حكيم
تكرار وملل
سفيان الشنقيطي -يعني اسطوانة احمدابو مطر اصابتنا بالملل حيث اقسم بالله العظيم انه لو اراد الكتابه عن قانون الجاذبيه فانه وكعادته سوف يتطرق الى سوريا والعراق.نريد شيئا جديدا يجعل منك كاتبا مطلعا ومنفتحا على العالم وليس تكرارا لا يفيد
مغالطات في مغالطات
جمال -هل قتل أبو علي مصطفى رداً على قتل زئيفي؟؟ أم أن الجبهة الشعبية قد اغتالت زئيفي رداً على اغتيال إبي علي؟؟ ألا تكفي هذه المغالطة وقلب الحقائق زيادة على التشويه الكبير في المقال إلى التشكيك في مصداقية كاتبه وأهدافه؟؟؟
نصف الحقيقة
مراقب -لم يتطرق الكاتب لكل الحقيقة التي تخص المرحوم "الحكيم".اضافة لما كتب د.احمد,والذي اتفق معه, فان الحكيم قام بزيارة بغداد لتهنئة الدكتاتور المقبور, جرذ العوجة, صدام حسين بعد احتلاله للكويت. فاقد الشيء لايعطيه. فكيف يمكن لشخص بثقافةوخبرة"الحكيم" ان يصدق الشعارات الفارغة لحزب البعث الفاشي و قائده المقبور؟
الى السيد الكاتب ؟
عادل الشوربجى -ولكن الراحل المناضل جورج حبش وجماعته يعتبر فى التعريف الصهيونى الامريكى انه(ارهابى )وانت تصفه بالحكيم !؟ مع انك فى كتاباتك تهاجم المقاومين من الاسلامين ؟ فهل هى اِزدواجيه ؟ام ماذا يا دكتور احمد ؟ ومعروف ان الخط الاستراتيجى لحبش هو مقاومه من اغتصبوا بلده والاسلاميين نفس الخط ! فما هو خطك بالضبط مع تحياتى
الفرق
محمد بويصير -لقد اصر الحكيم على الاستقالة لآنه ببساطة لم يلوث نفسه لا بالجرائم و لا بالفساد اثناء توليه القيادة، لذا فلم يكن هناك تراث اسود يلاحقه ويرعبه، ان اهم اسباب التشبث يالسلطة يا استاذ احمد هو محاولةتأجيل لحظة مواجهة الحقيقة. التقيت الحكيم مرةواحدة فى تونس فى نوفمبر 1988 اثناء اقرار اعلان الاستفلال حيث شرفنى الختيار بدعوتى الى الاجتماع الاخير فى مقر الحكومة الجزائرية المؤقنة السايق. عندما اراجع ما دونته عن الاحاديث التى سمعتها من القادة الفلسطينيين ، اجد ان الحكيم كان ذو رؤية مختلفة.
تراب الأحرار
العسلى -نعم دوماً أرض الأردن و تراب الأردن للأحرار و لكل ما يفقد طريقه و هو الوطن لكل مناضل بعيداً عن الديكتاتورية . دائماً نجد من يطلب التواجد على ترابه الغالي لشعوره بالأمن و الأمان حتي بعد موته !!!!!!!!!! حمي الله الأردن ملكاً و شعباً ز
تصويب
عائد ابو سمرة -الكاتبرغم المغالطات والتجني على الحكيم ومحاولاتك المتكررةباقناعنا بانك من اهل مطبخ الحكيم السياسي وضالع في معرفتك ببواطن الامور, فانه من الماسف بانك لا تعرف بان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد ردت على قيام اسرائيل المجرمة بإغتيال ابو علي مصطفي بتصفي الوزير الاسرائيلي العنصري وصاحب نظرية الترانسفير التي تدعو لاستكمال طرد العرب الفلسطينيين من وطنهم.
القوميه الجاهليه
احمد الفراتي -حقا لماذا كل قيادات القوميه العربيه هم من المسيحيين طبعا القوميه العربيه مفهوم استعماري عنصري يختلف عن العروبه والقوميه العربيه مفهوم دعمته برطانيا للنيل من الدوله العثمانيه (الاسلاميه) لذلك كانت القوميه العربيه ولازالت عدوة للاسلام وهي بمثابة مفهوم الجاهليه الامويه
لك الله يا قدس!!!
سمير -الآن استطيع القول ان القضية الفلسطينية ضاعت بعد ان اختطفتها الجماعات الأسلامية المتطرفة كحماس وغيرها وقد كانت القضية فى الماضى قضية وطنية قومية وكان زعماء فلسطين يضمون مسلمين ومسيحييين مثل جورج حبش ونايف حواتمةوغيرهم اما الآن بعد ان اصبحت حماس هى الصوت الفلسطينى الوحيد واصبحت القضية الفلسطينية قضية اسلامية وكان فلسطين اقدس اقداس المسيحية لا فى البال ولا الخاطر لذلك اقول ضاعت القضية مع ظهور التعصب الدينى واصبح شعار الاسلام هو الحل هو شعار القضية ايضا
عمان في القلب
ناصر سبلات - الأردن -لا شماتة أمام رهبة الموت ولكوني أحد أبناء عمان مولدا ونشأتا فكل حواري عمان القديمة منحوتة في ذاكرتي وبما أنني شاهد على عصر ممارسات الفصائل الغلسطينية أنذاك وعلى رأسها الجبهة الشعبية التي أمعنت أكثر من غيرها في العبث بأمن عاصمتي الجميلة وكدرت صفو حياتنا فمن حقي أن أصف الدكتور جورج حبش بالأرهابي وهذا ليس هجوما ولا شتيمة ولا محاولة للأساءة وانما تدوينا للحقيقة التي عايشتها مع احترامي لشرفاء المقاومة وانني أثني على من سبقني وعلق على عظمة الأردن وقيادته الهاشمية التي استضافة حتى أعدائها لتكون بحق موئل العرب .
هلا بالتسامح والعفو
عربي حر -يجب ان نتعلم ان التسامح والعفوهو طريق البقاء والازدهار وهذا الحكيم كان من اسوء اعداء الاردن عام 1967 و1968 وعام 19670 وما بعده ولكن سياسة الملك حسين بن طلال كانت دائما مبنية على التسامح والعفو لان الانسان يا سادتي الكرام غير معصوم عن الخطأ وقد اتبتث هذة السياسة انها خير وعز للاردن الذي كان تواقا ومتسامحا ومحبا لابناء اسرته الواحدة من جميع الاصول والمناقب رحم الله الحسين بن طلال ورحم الجميع وهلا بكل ابناء الاردن وهلا بالتسامح والعفو لانها عند اهل المقدرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زينة
mohd amin -أي حقد وأي كراهية تتحدثين عنها يا اخت زينة؟ هل ما زلت تعيشين في الزمن الغابر..انت تتحدثين عن حقبة عمرها اربعين عاما,وصفحة طويناها منذ عقود.فالاردنيون والفلسطينيون سمن على عسل الآن والاردن اليوم هو اكبر الداعمين للحق الفلسطيني, والفلسطينيون يحترمون الاردن قيادة وشعبا, بل انهما شعب واحد في دولتين, احداهما مستقلة وذات سيادة والاخرى في سبيلها الى ذلك .انني استغرب اشد الاستغراب ممن ينفخون في كير الفتنة والحقد والكراهية(من الجانبين) بين هذين الشعبين واسألهم سؤالا واحدا فقط:هل من مصلحة الاردنيين او الفلسطينيين , العودة الى الصراع والتناحر ؟هل تريدون(اردنيين وفلسطينيين) التصالح مع اسرائيل والتناحر فيما بينكم.. إتقوا الله .
وداعا
سامر -وداعا يا حكيم العرب
الكاتب ما له وما علي
مراقب -بصرف النظر عن الزلة التي اركتبها الكاتب حيث قلب حكاية اغتيال الجبهة لزئيفي، غير أنه قام بالإشارة إلى قضية مهمة جداً، وهي استقال د.حبش من منصب الأمين العام للجبهة، وهو ما لم ولا يفعله أي مسؤول عربي منذ فجر التاريخ. للقائد العظيم الرحمة ولأهله الصبر والسلوان.
وتلك الايام00000
عندليب -كان عدو الامة ايامها واحد او على الاقل المعلن00كان العرب شعبا واحدا فلم تكن تسمع عن مسيحي ومسلم000 وكان المسلمون امة واحدة فلم تكن تسمع سني وشيعي00وكان المسيحيون امة واحدة فلم تكن تسمع ارثدوكسي وماروني00 وكان الفلسطينيون شعب واحد محتل كان يطلق على المقاومين منهم الفدائيين000 ننظر اليوم نجد شعوب عراقية وشعوب فلسطينية واخرى سودانية وغيرها لبنانية0000فرحم الله تلك الايام ورحم الله كل شهدائنا000 اكثرما احزنني في وفاة جورج حبش هو انه مثل الكثيرون غيره لم يدفن في اللد كما لم يدفن غيره في مدنهم وقراهم الاصلية0000
تصحيح
محمد امين -اود التنويو الى ان اسرائيل اغتالت الشهيد ابو علي مصطفى قبل شهر ونصف او شهرين من اغتيال الوزير الاسلرائيلي, بل ان اغتيال الاخير جاء انتقاما لاغتيال مصطفى.ولا اعرف ان كان الكاتب يجهل ذلك ام تعمد قلب الحقيقة؟
احسنت يادكتور
خليل برواري -نعم الرسول الكريم يقول {ويل لامتي إن لم تقل للمحسن احسنت وللمسيئ اسئت }المناضل جورج حبش سمعنا به كثيرا ولكن اطلعنا على نضاله بشكل كبير ومن خلال الدكتور احمد ابو مطر الذي ينصف الاخرين ويقّيم ادوارهم دون احياز احسنت يادكتور
التواجد
سيبويه -الاستاذ الكاتب أحمد ابو مطر من خيرة الكتاب فى هذه المرحلة. لست بمجال التعليق على آرائه فهذا ليس من اختصاصى ، وأتركه لذوى الاختصاص. ذكر عبارة (تتواجد حركة فتح) وكلمت تتواجد هذه تسبب لى مغصا شديدا حينما تستعمل فى غير موضعها. عاد واستعملها مرة اخرى حينما قال (يتواجد فى بغداد). تواجد معناها ابدى الغرام الشديد او الحزن الشديد ، ولا اظنه يقصد ايا من الحالتين. فكان بامكانه القول مثلا: (توجد حركة فتح) والأخرى (يعثر عليه فى بغداد). ان الأستاذ ابو مطر ليس وحده مغرما ب(التواجد) ولكن كتابا كبارا كثيرين مثله يقعون فى نفس الخطأ. تحياتى للاستاذ ابو مطر وللقراء الأعزاء.
ترجل الحكيبم
ابراهيم -ننحني اجلالا لصاحب المبادئ وللذين ثبتوا على مواقفهم رغم كل الرياح والاعاصير التي ملأت الدرب، والحكيم واحد من القلائل الذين عاشوا وماتوا على ثباتهم، اشكر الكاتب لانه لفت نظرنا الى طلب القذافي من الحكيم ان يعلن اسلامه، ولا داعي هنا لتأكيد ما هو مؤكد، من ان الدور العربي المسيحي في حركة التحرر ودحر الاستعمار واضحا وضوح الشمس، وان حاول البعض اخفائه والصاق القومية العربية بالاستعمار، فهذا محدودية في التفكير وقلب الامور بشكل مبتذل، عودوا الى كتب التاريخ لتروا دورهم في حركة النضال، ومن المؤسف حقا ان هذا الطرح الاستعماري اصبح سائدا هذه الايام على الساحة العربية، اما ما اعتب عليه هو في عدم تحري الكاتب للدقة في حادثة إقدام الاحتلال على اغتيال الامين العام للجبهة الشعبية، وما قامت به الجبهة من ردة فعل وبترتيب متقن وبمهنية عالية وتخطيط دقيق على اغتيال المتطرف الاسرائيلي زئيفي، فما اقدمت عليه الجبهة كان بعد استشهاد ابو علي مصطفى وليس قبله، عشت ايها الحكيم كبيرا ومت كبيرا وستبقى كبيرا في عقولنا وقلوبنا وعاش الدور المسيحي في النضال علما واضحا جليا لا يمكن الاستهانة به نحو دحر الاحتلال ونيل الاستقلال