كتَّاب إيلاف

أين مثل هؤلاء الآن؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
-1-
بالأمس انتهيت من قراءة كتاب المفكر والمصلح السياسي والديني والاجتماعي المصري، الشيخ الأزهري خالد محمد خالد (1920-1996) (من هنا نبدأ) للمرة الرابعة أو الخامسة، وكان لدي شوق شديد لزيارة هذا الرجل، الذي رحل عنا، منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك من خلال إعادة قراءة كتبه. فالراحلون العظماء أمثال هذا الرجل، تتم زيارتهم في أي وقت من خلال ما تركوه لنا من آثار فكرية وسياسية ثمينة، كانت مؤثرة أشد التأثير في مصر الجمهورية حيث كان عبد الناصر، يقرأ خالداً باستمرار، ويتابعه. واعترف له بأنه قد تأثر بفكره وكتبه. وكان خالد محمد خالد، أول مفكر مصري يجتمع ساعات طويلة في بيت عبد الناصر بناء على طلب الرئيس، لمناقشة إشكالية الديمقراطية معه. كما كان خالد محمد خالد المفكر المصري الوحيد، الذي وقف يجادل عبد الناصر، بعد سقوط الوحدة المصرية- السورية عام 1961، في مسألة الديمقراطية وضرورة تطبيقها في مصر، في 'اللجنة التحضيرية'، في عام 962، ونقل هذا الجدل مباشرة وحياً على شاشة التلفزيون.
-2-
قرأت كتاب خالد محمد خالد (من هنا نبدأ) لأول مرة في الخمسينات. وهذا الكتاب طُبع أكثر من عشر طبعات، وتُرجم إلى الانجليزية، وتحتفظ مكتبة الكونجرس بواشنطن بنسخ منه بالعربية والانجليزية. ومنذ ذلك التاريخ، فُتنتُ بفكر هذا الرجل. وزاد افتتاني به بعد أن قرأت بعض كتبه، التي أصدرها تباعاً، ومنها 'مواطنون لا رعايا'، و 'ولكي لا تحرثوا في البحر'، و 'هذا أو الطوفان'، و 'الديمقراطية أبداً'، و 'أزمة الحرية في عالمنا'، وغيرها من الكتب، التي غاصت في أعماق المجتمع والفكر المصري والمجتمع العربي بكل مشاكله وتحدياته، وخاصة أن مصر في ذلك الوقت كانت تستقبل عهداً جديداً، وتنظر إلى المستقبل الجديد، بعين الرجاء، والأمل، والطموح. ودفعني افتتاني بهذا المفكر إلى الكتابة عنه. فكتبت عنه مقالاً أو مقالين، ولكن ذلك لم يُشفي افتتاني به. فقررت في عام 1989 أن أكتب عنه كتاباً. فرحلت إلى مصر، وقابلته عدة مرات في بيته في الروضة بالقاهرة. وصدر كتابي عنه 'ثورة التراث.. دراسة في فكر خالد محمد خالد' في ستمائة صفحة، عام 1991 عن 'دار مدبولي' بالقاهرة، ثم في طبعته الثانية عن 'دار العصر الحديث' في بيروت. وكان الكتاب الأول والوحيد في المكتبة العربية عن فكر هذا الرجل، في ذلك الحين.
-3-
كتاب خالد محمد خالد الأول 'من هنا نبدأ'، أثار عاصفة شديدة في الخمسينات، واحتج الأزهر عليه، وكلَّف الراحل الشيخ محمد الغزالي بالردِّ عليه في كتابه 'من هنا نعلم'، واعتُبر الشيخ خالد من قِبل الأزهر شيخاً خارجاً، وتمّت محاكمته. كما اعتُبر من قبله الشيخ علي عبد الرازق في الثلاثينات، وتمّت محاكمته أيضاً، عندما أصدر كتابه ' الإسلام وأصول الحكم' في 1925، وطُرد من سلك القضاء الشرعي لمعارضته تنصيب الملك فؤاد خليفة للمسلمين، بعد سقوط الخلافة في تركيا عام 1924. وكان خالد شديد المطالبة في هذا الكتاب بالديمقراطية، وينطلق في مطالبته بتطبيق الديمقراطية من منطلق إسلامي متجدد، مؤكداً على محاربة كل اللصوص والطغاة الذين يسرقون الشعوب، ويضطهدون الأمة باسم الدين. وعندما صدر كتابه التالي 'لكي لا تحرثوا في البحر' بعد خمس سنوات من صدور كتابه الأول، كان خالد يطرح إشكالية الديمقراطية كضرورة خلقية من خلال منظور إسلامي بحت. وإن كانت استشهاداته المتعددة في هذا الكتاب، قد جاءت على لسان زعماء إصلاح غربيين، لا يختلفون مع الإسلام في طرحه ذاك. فقد كان خالد في هذين الكتابين، وفي كتبه اللاحقة داعية حديثاً من دعاة الديمقراطية. وهو المفكر الإسلامي المنفتح على الفكر العالمي وجوانبه الإنسانية الايجابية، والمستشهد في كتاباته بهذه الجوانب، التي لم تكن ترضي اليمين الإسلامي، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك اختلف خالد معهم، واختلفوا معه.
-4-
إن أبرز ما في فكر خالد محمد خالد، إطلالته الواسعة والممتدة الرحبة على الفكر الإنساني كله، من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه. فالدور الفكري والدور الإصلاحي الذي اختطه خالد لنفسه، حتَّم عليه أن يفتح شبابيك الفكر العالمي وأبوابه لكل الرياح. وهو حين انهمك في موضوع الديمقراطية واشكاليتها في مصر والعالم العربي، كان لا بُدَّ له أن يبسط أمام القارئ العربي كل طروحات الديمقراطية في العالم الحديث، لكي يصل بعد ذلك إلى الطرح الإنساني الأصيل للديمقراطية، الذي ينبذ كل الذين يمتطون ظهر الديمقراطية من أجل استغلالها شعاراً، وفكراً، وممارسة، لتحقيق أغراضه السياسية.
ومن هنا، كان قول خالد للسادات علانيةً، وفي قاعة مجلس الشعب، عام 1961، أيام كان السادات رئيس مجلس الأمة:
'إن ما أُخذ من حرية الشعب، يجب أن يعود إليه، لا أقول بعضه بل كله. ولا أقول غداً بل الآن. وإذا لم نفعل سيقول التاريخ، أن الذين فجّروا ثورة 23 يوليو، هم الذين عادوا فأعاقوا سيرها، وزحفها'.
فباسم الديمقراطية نهبت بريطانيا الهند ومصر والعراق، وأقطاراً أخرى، وبُنيت الإمبراطورية البريطانية على نهب ثروات شعوب العالم.
وباسم الديمقراطية استعمرت فرنسا المغرب العربي، وأجزاء من أفريقيا، وكذلك سوريا ولبنان.
وباسم الديمقراطية حاربت أمريكا الشعب الفيتنامي وساندت إسرائيل.
ولكن إذا كانت الديمقراطية الغربية ذات وجهين ومكيالين مختلفين، فإن الديمقراطية الشرقية لا وجه لها على الإطلاق. فنظام الحزب الواحد الذي كان واقعاً في أوروبا الشرقية أثناء تبعيتها للاتحاد السوفيتي، والذي واقعاً الآن في العالم الثالث والعالم العربي والشرق عامة، هو الديكتاتورية الحزبية بعينها. وهي ما شغلت بال وفكر خالد محمد خالد في كل كتبه.
السلام عليكم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رجال عرفوا بالحق
سلمان القاضي -

هذا الرجل من الرجال الذين عرفوا بالحق. فالرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال كما يقال.خالد محمد خالد هو فولتير العرب دون منازع، أو هو روسو العرب دون شك. والكتابة عنه في هذه الأوقات ضرورة قصوى.

لأول مرة
عربي حر -

لأول مرة أتفق معك يا دكتور !

أتتفق معه للنهاية؟؟
سلسبيل -

لقد تراجع الدكتور خالد بكتاب آخر بعد أن فند مزاعمه الدكتور محمد الغزالي رحمه الله .. ومشكلتكم يا من تناهضون الإسلام انكم تعتقدون أن كل الحكومات العربية تسوس بالإسلام ولهذا فنحن متخلفين وهمجيين .. المهم هو ان آخر ما قاله أو كتبه الشيخ خالد رحمه الله في كتابه ( الدولة في الإسلام)إعتذر به عن ما جاء في كتابه (من هنا نبدأ) والحمد لله وتدارك نفسه قبل أن يلقى ربه بفكر يساري إلحادي !!..أقترح أن تقرأ للكتور الغزالي وهو الأحق بالعنوان أين هؤلاء الآن!! يقول خالد في كتابه: الدولة في الإسلام في هذا الفصل قومية الحكم –كتاب من هنا نبدأ- ذهبت أقرر أن الإسلام دين لا دولة، وأنه ليس في حاجة إلى أن يكون دولة، وأن الدين علامات تضيء لنا الطريق إلى الله، وليس قوة سياسية تتحكم في الناس وتأخذهم بالقوة إلى سواء السبيل، وما على الدين إلا البلاغ وليس من حقه أن يقود بالعصا من يريد لهم الهدى وحسن ثواب، وقلت: إن الدين حين يتحول إلى حكومة فإن هذه الحكومة الدينية تتحول إلى عبء لا يطاق وذهبت أعدد يومئذ ما أسميته: غرائز الحكومة الدينية وزعمت لنفسي القدرة على إقامة البراهين على أنها -أعني الحكومة الدينية- في تسع وتسعين في المائة من حالاتها جحيم وفوضى وأنها إحدى المؤسسات التاريخية التي استنفدت أغراضها، ولم يعد لها في التاريخ الحديث دور تؤديه، وكان خطئي أنني عممت الحديث حتى شمل الحكومة الإسلاميةوأرجع خالد سبب خطئه في كتاب من هنا نبدأ إلى مضاهاته الحكومات الدينية الكنسية والتي كانت ترتكب أبشع الجرائم في حق الشعب بالحكم في الإسلام. وحاول خالد كتابه الدولة في الإسلامأن يدلل على أن الإسلام يملك خصائص تكوين الحكومة، وذلك خلال ذكر وقائع تاريخية لقيام الحكومات داخل شبه الجزيرة العربية قبل دخول الإسلام قبل مملكة سبأ وحمير، وأيضا قيام الحكومات بعد انتشار الإسلام، وقال:فحتى لو لم يكن للعرب سابقة مع الحكومة، فإن الإسلام بخصائصه قادر على تمكينهم على ممارسة هذه التجربة بنجاح

دائماً
النجدي -

شكراً جزيلاً. أنا دائماً أتفق معك يا دكتور.لقد قرأت مقتطفات متفرقة عن هذا الرجل ولكني لم أقرأ له أي كتاب. وقد شجعني مقالك عل شراء جميع كتب خالد محمد خالد، وسأقوم بذلك في أقرب فرصة.

الفكر اليساري افضل
احمد -

الى رقم 3 اعلم ان الفكر اليساري الانساني افضل بالف مرة من الفكر الرجعي المتعفن التكفيري

إلى 5
سلسبيل -

ليس كل لا يساري تكفيري ! ولن أرد عليك بأسلوبك !!إذا انت مقتنع بما تؤمن فلماذا تهاجم الآخر؟؟ أم إن من منهجكم وشريعتكم أن تنسفوا فكر الآخر؟ الأفضليه على أي أساس تكون أذن؟

لا جديد !
طـــــــــارق الوزير -

سبق وان كتب العميد عن ذلك فى ايلاف !ورددنا عليه بانه قد تراجع ...واعترف بذلك الاستاذ خالد محمد خالد للشيخ الغزالى !!وهناك كتاب ل د.محمد عماره فى تحقيق ذلك لمشروعه( اعاده كتب التراث )ودافع عن خالد ...ولا جديد من العميد بل يؤكد ان عهد ( )عبد الناصر كان فيه حريه فلم يُعتقل الاستاذ خالد ! سلام عليكم

باسم الديمقراطية
حدوقه -

وباسم الديمقراطية غزت امريكا العراق ودمرته !!

الى رقم 5
عبدالله -

الى رقم 5 ان الالحاد واليسار ارتكب مجازرضد البشرية ناهيك عن خطف الناس وقتلهم وتفجير السيارات وخطف الطائرات وقتل المدنيين فدكتاتور مثل ستالين اباد خمسين مليون انسان في طرفة عين واباد كنائس وجوامع لا انسانية في الفكر اليساري

الى رقم 7 و9
احمد -

الى سلسبيل لقد نسيت ماكتبت أولست انت القائل (قبل أن يلقى ربه بفكر يساري إلحادي)بعد ان كتبت هذا تريد ان تتهم الاخرين بالتعصب؟؟!!! ولكن لاعجب من موقفك لانكم كلكم خريجي مدارس التعصب والدم والارهاب. اما الى رقم 9 فانني لست ملحد بل اعتبر نفسي مسلم حقيقي صالح ولست متزمت ضد الاخرين ولقد كنت ناصريا وانا افخر بذلك اما عن ستالين وامثاله فطبعا لا اؤيده ولكن لاتنسى ان الشعب الجورجي مازال يشيد تماثيل للمجرم ستالين وكذلك الصين يعتزون بماو والمغزى هو ان هذه الشعوب تعتز بهؤلاء الزعماء اما زعيمكم بن لادن فان الشعوب العربية ستنصب له مشنقة لو وقع بيدها بعد كل جرائمه ضدناوالسلام على كل انسان متحضر.

إلى اليساري
سلسبيل -

طيب انا قلت يساري إلحادي يعني جمعت الأثنين معا لان فيه يساري ليس إلحادي ويقر بوجود الله ما المشكلة؟ لماذا لا تقرأ جيدا ما يكتب من تعليقات بدلا من تغيير دفة موضوع المقال إلى المعلقين ..وبالنسبة لما قلته بحقي عن الدم والتعصب والإرهاب..فهذا ينم عن عجزك الكامل عن مواجهة من هم أقوى منك حجة وعلما!! وتعليقاتنا هنا عن خالد محمد خالد وليس عن المعلقين فإذا انت قاريء جيد له وما كتب سابقا لعرفت مقصدي من الكلام!! وإلا أنت هنا تتصيد للقراء بدلا من إلمامك بالموضوع الذي نحن هنا من أجله.عموما هذا ردي الأخير على كلامك ولن ألتفت بعد هذا إلى أي شيء كتبت.

مجددون
رعد الحافظ -

الشيخ جمال البنا يستحق هذا الاحترام ايضا لانه مجدد وعقلاني ومتسامح والاهم انه يؤمن بالله العظيمام انكم ستكفروه ايضا؟؟

إرحمونا من التطرف
العراقي الحر -

وكفانا ما تحملناه حين باع المجرم صدام العراق الى حفنة من المتطرفين المتاسلمين المصريين الذين عاثوا في العراق فسادا لا يضاهيه فسادا في التاريخ وخربوا اخلاق اهله و علموهم على كل السيئات, يا رب, جازيهم على قدر افعالهم المجرمة يا رب.

تراجع كما تراجع طه ح
كركوك أوغلوا -

ولايفيد التودد للأخوان !!..ماذا حدث لسعدالدين أبراهيم .....هرب وهاجر بحياته ؟؟!!..