كتَّاب إيلاف

أشباح ماركس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في عام 2002 أصدر "جورج سوروس" - Soros كتابه: "حول العولمة" - On Globalization، الذي أكد فيه أن سبب ظلم وإجحاف العولمة الرأسمالية يعود إلى أن " تطور مؤسساتنا الدولية لم يتناسب من حيث الإيقاع والسرعة مع تطور الأسواق المصرفية العالمية. يضاف إلى ذلك أن التدابير السياسية التي اتخذناها كانت بطيئة ومتخلفة عن السرعة التي تمت بها العولمة الاقتصادية. بمعنى آخر فإن العولمة السياسية لم تتحقق حتى الآن لكي تتساوق مع العولمة الاقتصادية التي قطعت شوطًا كبيرًا في التحقق".
غير أن سوروس كأحد أكبر المستفيدين من العولمة، فضلاً عن كونه الشخصية النموذجية للعولمة، وهو ثمرة هوياته المتعددة: يهودي من أصل مجري يحمل الجنسية الأمريكية ورجل مالي ومحسن منهمك في تمويل بلدان الشرق، لاحظ حصول تحالف غير مألوف بين أصولي السوق الحرة في جهة أقصى اليمين والمنظمات المناهضة للعولمة في أقصى اليسار، يقول: "هناك تحالف موضوعي غريب الشكل بين هاتين الجهتين العدوتين (سابقًا). وهو تحالف يهدف إلى تدمير المؤسسات الدولية التي نملكها حاليًا".
ثم عاد سوروس في منتصف هذا العام 2008 ليحذر من أن العالم ربما يكون بصدد نهاية "الفقاعة المالية" التي شهدها الاقتصاد العالمي علي مدار الـ ٢٥ سنة الماضية، وأن زمن "الازدهار الكبير" الذي أعقب الحرب العالمية الثانية قد ولي إلي غير رجعة، مشيرًا إلي أن "التباطؤ الاقتصادي سوف يكون أكثر حدة، وبالتأكيد أطول مما يتوقعه معظم الناس".
علي أن أهم ما قاله هو: " كان يتعين علي البنوك المركزية استهداف ومعالجة قضية الأرصدة والمبالغ المالية الوهمية، مثل الارتفاع الكبير في أسعار العقارات والأراضي، وتحاول كبح جماحها لتمنع خروجها عن نطاق السيطرة.". أول من تنبأ بظهور الحركات المناهضة للعولمة، وبالأزمة الأقتصادية العالمية التي نعيشها اليوم، هو الفيلسوف الفرنسي " جاك دريدا، وذلك في عام 1993، حين قال في حوار مع جريدة لوموند: " ما كنت أدعوه بالنزعة العالمية أو بالأممية الجديدة يفرض علينا تطوير القانون الدولي والمؤسسات التي تتحكم بالنظام العالمي: صندوق النقد الدولي، البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى، ثم الأمم المتحدة بصفة خاصة. فقد آن الأوان لتغيير ميثاق هذه المنظمة وتغيير تركيبتها، ومكانها، وإلا ستقع الكارثة ". وربما كان كتاب دريدا " أطياف ماركس " الذي أصدره أيضًا في عام 1993، هو المحرك الجوفي للعديد من الأطروحات المتناقضة منذ التسعينيات من القرن العشرين وحتي اليوم، وأتهم بسببه من اليمين واليسار معًا. حيث أعتبر كتابه عن "أطياف" أو "أشباح" ماركس - Specters of Marx (ثورة) على التفكيك، ورد اعتبار للعقل أو اللوغوس، وللأفكار والمفاهيم الأساسية ذات النزعة الكونية - Grand narrative التي كانت مصدر سخرية من التفكيك في السابق، حيث تحدث فيه دريدا لأول مرة عن "الثورة" و "النضال" و "الايديولوجيا" منذ أن أعلن لأول مرة تفكيك الميتافيزيقا الغربية عام 1967.
في هذا الكتاب جادل دريدا "فوكوياما" حول كتابه "نهاية التاريخ" جدلاً عقلانيًا، وقال: بأن الديمقراطية الليبرالية لم تتحقق في كل بلدان العالم كي نقول بأن التاريخ قد انتهى، ناهيك عن أنها لم تجد حلاً حتى الآن لمشكلة الفقر والبؤس الاجتماعي، حتى داخل المجتمعات الغربية نفسها.
وكتاب دريدا في الأصل مجموعة من المحاضرات التي ألقاها في جامعات الولايات المتحدة، دعا فيها إلى عدم التنكر الكلي لـ "ماركس"، ذلك أن ماركس لم يمت ولم يقل كلمته الأخيرة بعد. بل يجب استلهام روح النقد الاجتماعي "النقد الراديكالي" من كتاباته. وأهم ما يلفت النظر في طرح دريدا إزاء الرأسمالية الراهنة، هو لجوءه إلى التراث الغربي كوسيلة للخلاص، على اعتبار أن ماركس جزء مهم من هذا التراث.
ويبدو أن فكرة "الطيف" أو "الشبح" بمثابة الخيط اللامرئي الذي يربط مفاهيم دريدا عن "المحاكاة" و "التناسخ" و"الأثر"، كما أنها تتعلق بجميع أفكاره المرتبطة بـ "اللاحسم" indecidable باعتباره الشرط الرئيسي لاتخاذ أي قرار مسئول.
هذا من جهة، من جهة أخرى فهو يرينا كيف يتحقق قانون المفارقة التاريخية - anachronie أو عدم التطابق الزمني، باعتباره قانون النهاية والفناء، وذلك لأن الشيء يعيش بعد صاحبه ويوجد على شكل فكره، وهو ما حدث ويحدث مع " كارل ماركس ".
كما دعا دريدا إلى تشكيل الوحدة الأوروبية بكل قوة، وتزويدها بجيش قوي مستقل عن حلف الأطلسي وأمريكا، لنشر العدل لا الهيمنة. وهو هنا يتفق مع معاصره "هابرماس"، رغم الخلافات العديدة بين الرجلين، وهما يتبعان نفس مشروع فيلسوف التنوير الأكبر "كانط" الذي حلم بتحقيق السلام العالمي عن طريق تشكيل حكومة عالمية قبل أكثر من مائتي سنة. dressamabdalla@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
من قراء ماركس
بدوي أردني -

لقد كان ماركس على حق ولا أحد يستطيع ان ينكر ذلك الا الاغبياء

رد على بدوي أردني
ناصر السنة -

لقد كان ماركس على حق!!!!!! بحيث أن أفكار الرجل تدعوني وتسوغ لي أن أشاركك مزرعتك و أغنامك وحصانك وبيت الشعر الذي تسكن فيه وفوق كل ذلك والأهم والأخطر أنه أنكر وجود الخالق عزوجل الذي وزع الأرزاق وقدرها.

الى2
بدوي أردني -

بيت الشعر أخذه الفلسطينيين والاغنام والحصان أخذهم الهاشميون

ماركس ليس حلا
حمزة الكربلائي -

الماركسية ماتت منذ الثورة العلمية التكنلوجيةوتلاشي الطبقة العاملة التقليدية. التطور نحو الاشتراكية الديمقراطية تدرجيا وذلك بخلق دولة اكثر عدلا واكثر تمثيلا للشعب. الازمة المالية تشير لفشل اليمين الثاتشري الريغني ولابد العودة للكينزية واعطاء دور اكبر للدولة في الاقتصاد ضمن النظام الليبرالي الديمقراطي.

مآ ثر ما ركس
رمضان عيسى -

من مآثر ماركس التى لا يستطيع أن ينكرها أحد هي ليس كتاب رأس المال ونظرية فائض القيمة فقط ،بل في اكتشاف المادية الجدلية والتى هى أعظم تفسير لظواهر الطبيعة والمجتمع والفكر الاٍنساني وبتطبيق المادية الجدلية على التاريخ الاٍنساني أظهر لنا أعظم فهم لتاريخ البشرية وكيف يتطور المجتمع البشرى ويتقدم من مرحلة اجتماعية واٍقتصادية وسياسية الى أخرى أرقى شكلا ومحتوى . ولهذا كانت فلسفة ماركس ملهمة للثوار فى العالم ومقاومة الظلم الاجتماعي والسياسي.

الكارثة
روز -

قبل اكثر من القرن قال كارل ماركس ( الرسمالية هي السبب الجوع في العالم )....والعلة في الرأسمالية هي الملكية الخاصة ...وهذا الرجل العظيم الذي دحض واجهز النظرية المالثوسية واسس النظرية (التوزيع العادل) لاجل انقاذ العالم من كارثة التكاثر والانفجار السكاني كما يحدث الان في العالم الاسلامي والعربي.. ودليل على ذلك شهداء الخبز في المصر ,امام الكاميرات وامام انظار العالم وكما حدث ويحدث في كثير من الدول في العالم..

أقرؤه أولا
وليد الحسناوي -

إن نظريتات ماركس في تحليل النظام الرأسمالي هي دراسات معمقة في نقد النظام الرأسمالي كنظام إجتماعي له خصائصه وأسسه القانونية والإقتصادية والسياسية. لقد إستند السير جون مينارد كينز في نظريته في الإستخدام والنقود والفائدة الى التحلسل الماركسي للسوق الرأسمالية وخرج بإستنتاج بأن الطلب الفعال هو من يخلق الفرص الإستثمارية ويحرك عجلة الإقتصاد. لقد إستند العالم الرأسمالي آنئذ على تلك النظرية لحل الأزمة الكبرى في الثلاثينيات من القرن المنصرم. نظريات ماركس الإقتصادية كانت تحليل علمي لظواهر لم تكن معروفة في التشكيلات الإجتماعية السابقة لها. ستبقى عينا ماركس مفتوحة ترى المستقبل ومايحدث الآن من إنزلاقات قد حللها ماركس في تناوله للظاهرة النقدية ومن يريد التوسع ليذهب الى المراجع العلمية. أما الإشتراكية فلم يحللها ماركس فهي لم تكن موجودة أصلاً. ماركس كان يرى أن صيرورة التاريخ ستؤدي الى نشوء الأشتراكية وكما خرجت الرأسمالية من رحم الإقطاع والإقطاع من العبودية وستخرج الإشراكية من رحم الرأسمالية. ببساطة لقد نشأت الطبقة العاملة نتيجة لنمط الإنتاج الرأسمالي وتم إستغلالها إستغلالا بشعا وهذا ما يدفعها الى الثورة وإنهيار النظام عاجلا أم آجلا وستكون الإشراكية هي الحل.. إزالة إستغلال البشر للبشر وتحقيق فائض القيمة وتراكم الثروات بيد الأقلية سيدفع الى التغيير وقد يكون مؤلما وعنيفا. أن الذي نراه اليوم في موضوع أزمة العقارت هو شكل من أشكال الرأسمالية المتوحشة وأن الذين عجزوا عن سداد ماإشتروه هو شكل من أشكال الإستغلال حين قبض الرأسمالي حصته وسيخسر العامل الأجير أو المستثمر الصغير داره. لم يتغير جوهر الإستغلال بل تغيرت أشكاله. ومن يقول بان النظرية الماركسية قد إنتهت بالثورة التكنولوجية فهو لايعرف نظرية العمل الماركسية. العمل العاقل المحددالمنتج هو أساس الثروات التي راكمتها البشرية على مدى تاريخها وهذا العمل سواء كان عملا ذهنياً أم بدنياً.

النظريات موجوده لكن
majed -

الروس صارو راسماليين اكثر من الراسماليين والبريطانيين صارو اشتراكيين اكثر من الاشتراكين بتأميم بنوكهم لكن الا يوجد نقطه وسط بين الاثنين ممكن نجادل بواسطتها ولكن لا نتطرف؟

مات ماركس
عصام -

ان فشل الراسمالية لا تعني العودة لماركس واليوم اي شخص على دراية بسيطةبمناهج البحث العلمي يدرك سخافة الفكر الماركسي واللينيني نحن لا نحتاج فكرهم في انقاذ وطن او اقتصاد والكثير من علماء الغرب صرح على شاشات التلفاز وفي المواقع الالكترونية ان الحل يكمن في النظام الاسلامي الذي يجب ان يدرس بجدية كحل شامل لمشاكل البشرية