كتَّاب إيلاف

الإرث المرّ والايديولوجيا المستعادة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يُقدّم الجدل الفكري الدائر في المجتمعات العربية حول طبيعة اللحظة التي يعيشها العرب مناسبة لاعادة قراءة إشكالية "العروبة " و"الوحدة " حيث نشهد عودة طروحات "النهضويين " وكأنها نص كتاب مقدس يتم إسقاطه على واقعنا، فتُجرّ الأحداث برجالاتها وأبطالها وكأنها أقدارٌ لا مناص منها.
ردّة الفعل الفكرية هذه واستحضار روحها ورموزها "النهضوية" تبلورت في الآونة الأخيرة، على شكل حلول طرحت في ظل الفشل الذريع للأنظمة و تَحوّل مزاج الجماهير نحو مزيد من "الأصولية ".
وإذا كانت مسؤولية المفكر أبعد من أن تكون مجرد إلتزامٍ فكري، فإن مسوغّات العودة الى الإرث النهضوي تحت ذريعة مستقبلية، تُعد أحد أهم الأخطاء البنيوية التي يرتكبها "الوحدويون الجدد"، فكون الانسان عاجز عن التفكير باستقلالية تامة عن الماضي، فإن هذا يخرجه من دائرة "المفكر الرؤيوي " الباني للمسقبل. وهنا أتساءل مجددا عن علاقة الفكر المطروح بظروفه وزمنه: أليست الطروحات نهضوية كانت ام غيرها هي بنت واقعها وحضرتها؟؟ وهل عملية استجلاب نصوص "نهضوي القرن التاسع عشر والعشرين" الى آنتنا يُعد نهضة؟؟؟ أليس استحضار "نهضة" ماضية واستجلابها هو " انهيار " ونكوصٌ وتراجع؟؟
انها عملية لا تغدو عن إلباس الماضي لثوبٍ مستقبلي! إنّ ماقدمه رجال "النهضة" كان "تقدميًّا" او "حداثيًّا" في ذلك الوقت وذاك الواقع، فهل من الضروري ان يَصلح لتجربَة حاضرة اختلفت شروطها وإشراطاتها، فمسألة نجاح اجتراح الحلول يرتبط قبل كلّ شيئ بالآنة ومستوى الواقع الذي ينتمي له .
وهل يمكن ان نبقى إلى ما لا نهاية أسرى "أسلافنا "؟ "سواء كانت "سلفية دينية " او سلفية "نهضوية "؟؟ فالنهوض الحقيقي يكون بمغادرة الماضي الى غير رجعة، والذات الحضارية لا تكون الا "واحدة موحدة مع آنتها " متجاوزة لشتى انواع التعلقات الماضوية. ايديولوجيا الفكر القومي الى اين؟ تنوعت شروحات "القومية العربية " بتعدد مذاهبها ومدارسها، وبغض النظر عن اية تفاصيل، فإن الحد الادنى الذي تتفق عليه الحركات القومية على اختلاف مصادرها الايديولوجية والفكرية، هو ان "القومية العربية " تتمحور حول الايمان بأن العرب كلهم من محيطهم الى خليجهم يشكلون وحدة حضارية تفترض جغرافيتها إقامة منظومة تشكل وحدة سياسية في نهاية المطاف، هو مصطلح جيوبوليتيكي - دوغمائي.
وهنا اسجل النقاط التالية:
اولا:إن ايديولوجيا الفكر "القومي" تقوم على تفسيرٍ لاحق لواقعٍ كان موجودًا بالسابق، فهي تشكل شرحا " تراثيا" لواقع فرضته الطبيعة الجغرافية الموجودة أصلا... بعبارة اوضح هي "استشراف المستقبل انطلاقا من الماضي".
ثانيًا: ان العلاقة "التراثية" بين العروبة والاسلام، والتي أدت الى وحدة سياسية سبقت قيام الكيانات القومية التي تمحورت حول العصبية "القومية"، وطرحت بديلا عن العصبية "الدينية "، غير انها كلها في النهاية تصب في دائرة " الأنوية الحضارية"، وتضع الشعوب وراء متراس "العصبيات"!
اذن فالقومية هي تفسير "عنصري" يستبعد "الاخر ممن لا ينتمي الى "القومية" نفسها!
قهل نريد نحن العرب بناء "قومية عربية" تواجه "أخرى "عبرية " او تواجه القوميات "المجاورة"؟؟ وكيف حالنا سيكون مع "الفرس " و"الأكراد " و"الأتراك" وغيرهم ممن يشاطروننا التاريخ والجغرافيا والواقع نفسه؟ فأي دولة نريد؟؟
فهل نريد بناء ملكوت السماء على الأرض ام مملكة الانسان في السماء؟؟ وهل الدولة هي السبيل الى الايمان؟؟؟ ام انها مجرد وسيلة تعاقد انسانية تعبر عن كيان اجتماعي وترقيه وتضمن حقوقه وحرياته وانسانيته؟؟ حرب "البترودولار" مع "الشعار":
ولوتجاوزنا الملاحظات الاولى و سلمنا جدلا "بالعروبة "، فإن ذلك يجعلنا نضع مسألة غاية في الأهمية بالحسبان، وهي: هل كل العرب يريدون الوحدة؟ فالوضع خفي وحسّاس بلاشك بين "عرب البترودولارات" و"عرب الشعارات"، بين عرب الثورات وعرب الثروات...فعرب الثورة يرون في الوحدة العربية مشروعا ناهضَا بحق العرب "الفقراء" ولكن قد لا يكون كذلك بحق دول الخليج لا سيما بالشأن الاقتصادي الذي لا يبدو عادلا بحق الدول النفطية ؛ وهو امر طبيعي ومشروع، ومن حق هذه الدول ان ترى ان نفطها لنفسها لا للعرب أجمعين، وهي لا تريد ان تقتسمه مع احد، وان مساعداتها للدول الاخرى تكون بالقدر الذي يحقق لها مصالحها، وليس من واجباتها انقاذ خزائن العرب الفارغة. لذلك نجد "صراعا سياسيا خفيا وغير معلن" بين هذين المحورين، فالعلاقة السورية السعودية خير دليل على ذلك، ومن قبلها العلاقات العراقية الكويتية...
فالاتهامات متبادلة وجاهزة، ففي الوقت التي تتهم فيه جهة ما انظمة أخرى بالرجعية والشمولية، يبادر الاخر بالاتهام بتصدير الارهاب ونهب الخيرات.....
علما ان كلاهما في قمع الحريات والانسان والتعسف سواء. أخيرا هذه الرؤية:
أليس حريّ بنا السعي الى "الحرية "قبل الوحدة والى جعل الانسان أولا وقبل كل شيئ ، بهدف تحقيق قواعد تواصلية حقيقية بين الانسان واخيه الانسان؟
فالحوار والوحدة تستوجب "ذواتًا حرة " وقواعد تتجاوز إكراهات الصور النمطية، وانظمة القيم الخاصة بكل نطاق جغرافي تاريخي موصوف باسم الحضارة. فالتحرر من الاثقال الماضوية شيئ ينبغي ان نطمح اليه، وذلك من خلال تطوير محتوى حضاري انساني يساهم في اتجاهات التطور البشري لا يكون فيه المستقبل متكونًا من مخلفات الماضي وعقده، ولا من الأحلام أضغاثها.
وعندما يصبح الانسان الحر هو موردنا الأول، نكون قد أنجزنا المرحلة الأعقد في علاقاتنا مع بعضنا البعض.
اننا كشعوب تسربلنا بالتراث والماضي الأليم مما أوقعنا في عنف دام مستديم، فالتغلب على حالة البؤس السياسي الحاضرة المتمثلة بغياب حرية الانسان عند كل الدول الموصوفة بأنها عربية ... هي محور السلوك العنفي الذي نعيشه. البداية تكون بالكفّ عن التصفيق لاستيلاد الحكام لأنفسهم، واستساخهم لانظمتهم، واستخلافهم لابنائهم واعادة انتاج نكباتهم عبر أحزابهم او قبيلتهم او عشيرتهم او طوائفهم ومذاهبهم!
ربما، سيضطرون الى مغادرة عروشهم بحكم الوفاة! وان كانوا يستولدون ممالكهم بتوريث ابنائهم، فإن وفاة أفكارهم لا شك قريبة وولادة الوعي مستمرة! وان غدًا لناظره قريب!
Marwa_kreidieh@yahoo.fr
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
bravoo
michel -

نعم متى سيقتنع القومجيين ان مشاريعهم فاشلة ؟ وان الحل في دولة علمانية ، المميز في المقال ان الكاتبة مجتهدة وجريئة ولم نتعود ان نسمع هذا الطرح من سيدة ، انها تلامس الابداع وتطالب بالخروج من الماضي خذوا الحكمة من هذه المرأة واقرؤا هذه الجملة الواردة في المقال بتمعن :فالنهوض الحقيقي يكون بمغادرة الماضي الى غير رجعة، والذات الحضارية لا تكون الا واحدة موحدة مع آنتها متجاوزة لشتى انواع التعلقات الماضوية.

amazing
roham zreik -

the author was so right in what she said, there is no such a thing as arab nationalism, this is only a lie that we beleive in for yrs and decade..what about this nation, that leaves her own poeple to their fate in palestine and irak and sudan and lebanon in the past???????????? arab nationalism is a big lie althoguh myself i sue to beleive in,,,let me tell u, are we in syria or lebanon the same as in yemen or arabis ???? no we are not, we have same lamguage and same religion, those together do not make a nation...regarding the syrian crescent, we need to start to seriously think about some kind of unity between lebanon and syria and jordan and what remains of palestine, things that are in common between "Syrians" i mean lebanese and syrians and iraki and palestinians and jordanians are a lot..we need to think about this proposal declared years ago by the syrian nationalist...may be they were right, i am not sure, but..after all what happened, dont u think there is a missing link between the northern poeple of middle east an d those in the south ???????????

الى الامام
اشور بيث شليمون -

الاخت مروة حقا كلك مروءة وشهامة - في الحقيقة نادرا ما وجدت بين الرجال من فيه الشجاعة لان يبحث هذه المواضيع التي هي ذات اهمية بالغة في الشؤون القومية بطريقة علمانية موضوعية - سيري الى الامام بثورتك الاجتماعية البيضاء هذه وافتحي عيون اولئك المستعربين الشوفينيين الذين يريدون بالقوة محو القوميات التي كانت مهد الجضارة كالحضارات الاشورية و المصرية على سبيل المثال ويزيد عمرها عن ثمانية الاف سنة لاستبدالها باخرى هجينة واقل شانا !

عجبا
بوعياد -

عجبا لا أكاد أصدق أين يعيش هؤلاء القوم ألهم صلة من قريب أو بعيد بالمجتمع كم يحتاجون من انتكاسة حتى يقتنعوا أنهم يغردون خارج السرب كيف حصلوا على شواهدهم العليا أم أنها منحت لهم ليقوموا بدورهم سجلوا و ليسجل التاريخ أننا نرفض العلمانية صحيح أننا كأمة في أزمة والحل لا في دولة علمانية ولا غيرها بل في وحدتنا ومشاريع التنمية، بعد ذالك فلنناقش ما تشاؤون أم أنكم تتصورون أن البائس الفقير الأمية في أمس الحاجة للعمانية كفى كلام ولبقبل من يحمل مشاريع تنموية .

أفي عصر التجمعات؟؟
عبدالله -

سيدتي الفاضلة ، العصر عصر تجمعات على أسس لا ترقى إلى أسس ما بين الدول العربية .هل هذا معقول ؟؟ كل دولة في العالم تسعى الآن لتجد لها قاسما مشتركا مع دول أخرى فتنظم إليها ، وأنت تهونين ، وتسخرين من محاولة التجمع العربي؟؟سيدتي الفاضلة ، نحن نحنتاج إلى عودة الوعي !!!!

شوهالحكي
محمد المشاكس -

من السهل على الكاتبة .....التقليل من موضوع الوحدة العربية. وكما قال الأخ عبد الله في التعليق رقم خمسة أننا نعيش في عصر التجمعات فأي شكل من الوحدة هو خطوة نحو المستقبل. من الواضح هو وجود الكثير من الأعراق والديانات في مايسمى بالبلدان العربية ولكن هذا لايمنع قيام وحدة تحفظ لهؤلاء تاريخهم وحقوقهم مع إقامة دولة قوية مرهوبة الجانب في عصور البلطجة الحالية والقادمة. إذا أعطينا كل أقلية وعرقية دولة فلن نتقدم أبداً ولن نصبح قوة أبداً وسيصبح هم الجميع هو البقاء وليس التقدم والمشاركة الفعالة في التاريخ الإنساني. النقاء العرقي غير موجود إلا في حالات منعزلة. ماهو الحل مع من قدموا من عرقيات بعيدة عن العالم العربي والآن يعيشوا هناك،، أو ماهو الحل تجاه من سكن تلك البلاد أولاً والآن أقلية؟ هناك موجات هجرة ولكن العروبة كثقافة كانت الرابط في معظم الأوقات وبالطبع سوف تتغير مع الوقت وستظهر روابط جديدة. عروبة أو غير عروبة نريد وحدة. المشاريع التنموية تمر من خلال جمع الشمل والتفكير نحو المستقبل كشلة وليس كأفراد وجماعات منفصلة. كلام الكاتبة .....رومانسي لايمس أرض الواقع كالكلام عن الإنسان الحر والتحليلات الإستنباطية الفورية. ........ في الحقيقة ..... نرى إن من معه بعض المال لايريد أن يتحمل فقر الأخرين وحتى لو كانوا أهله من أمه وأبوه. فلهذا فالعراق الغني بالنفط رفض الإتحاد مع سوريا الفقيرة وكذلك لن تتحد ليبيا مع مصر واضعة ثروتها تحت خدمة ملايين مصر أو السعودية واليمن..اللائحة طويلة والواضح، .........الغني لايريد فقيراً متكلاً وهذا هو بيت القصيد العلم يؤيد كلامي

نحن لسنا ضد العروبة
اشور بيث شليمون -

من المؤسف جدا ان بعض القراء يرى اننا ضد ما يسمى بالوحدة العربية - اسفا مع كل احترامي انتم بعيدون عن الواقع لاننا نحن الواقعيون لا الرومانسيون مثلكم نرى الوحدة العربية شئ يخص العرب والعرب الحقيقيين وفي هذه الحالة هم سكان الجزيرة العربية الذين لا يريدون هذه الوحدة مثل هؤلاء الذين كلفتهم في وحدة اليمنين اكثر من عشرة الاف ضحية والجزيرة العربية التي هي بيت القصيد ولا الامبراطورية العربية التي هي سحابة ربيع حيث تبعثرت اشلاءها لتكون لقمة سائغة للاخرين وكي تصبح مرضا عضالا للمنطقة باسرها ومن الطريف ان الذين يغنون بالعروبة خلال اكثر من مائة عام الماضية ما الذي جنوهوا غير التشرذم والاقتتال لبعث قومية غير موجودة اصلا الا في مخيلة العروبيين و المستعربين وليكن معلوما انه الامبراطوريات مهما كانت عظيمه لا تستطيع البقاء حيث من دون شك ستتحطم وهكذاهو مصير العروبة لا القومية بل العروبة الامبراطورية حيث عصر الامبراطوريات قد ولى وانقضى بدون رجعة وصدق الله العظيم .

الوحدة والتنمية
محمد المشاكس -

تجلب الوحدة مشاريع تنموية. تعادي الوحدة الفكر الإنعزالي الإنفصالي الطائفي. تحارب الوحدة المفاهيم العرقية لأنه لم يعد يوجد نقاء عرقي إلى في حالات قليلة والعالم في هذا العصر يتجه نحو المركزية أي الوحدة مبتغاة كهدف. العروبة في هذه الحالة هي لغة لأأكثر أو أقل، وربما ثقافة للبعض. عرقياً أهل العراق القديم وأهل الجزيرة العربية من نفس الخريطة الوراثية. الإتحاد سيخلق فرص عمل لأن الدولة القادمة بحاجة إلى بنية تحتية تناسب حجمها. الوحدة في منطقتنا ليست بخيار وإنما هي الحل للمشاكل التي نراها كل يوم. دولة مركزية ديموقراطية تؤمن بحقوق الإنسان وحرية الكلمة هي الحل بعيدة عن العرقية والطائفية. صدقوني أهدافنا في النهاية هي نفس الشئ........

أصل المشكلة الميراث
رمضان عيسى -

8- أصل المشكله هو التصومع حول الميراث الفكري العربي وطريقة النظر الى ما يواجهنا من معضلات وخاصه النظر باٍندهاش الى المكتشفات العلمية وما أسرع ما نجد شخص يقول بضاعتنا ردت الينا ، أي أن هذا الاٍكتشاف كان مكتوبا عنه منذ ألف وأربعمائة سنه . ان هذا خداع للنفس أكثر منه للغير فلماذا سميت نظرية باستير باٍسمه وداروين وأنشتاين وغيرهم ولم تسمى باٍسم من قرأوا هذه الأفكار من قبل ولم يخرجوا بنظريه علميه وأحيانا تجد ردا جاهزا : وهو أن الغرب سرقوا منا العلوم ولكنهم طوروها . ان كل هذا هروب وعدم الاٍعتراف بالمشكلةوالبقاء على الاٍعتقاد بأن ما لدينا صالح لكل زمان ومكان .