كتَّاب إيلاف

النَظَارة في السفارة: من عنجر إلى بيروت

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
-1-
'النَظَارة' في لغة أهل بلاد الشام، هي السجن الاحتياطي للموقوفين، على غرار ما كان في عنجر لبنان، وفي مراكز المخابرات السورية في شتورا، والرملة البيضاء، وفندق البوريفاج في بيروت. وهي تقابل 'التخشيبة' في مصر. وأعتقد أن أصلها تركي. وهي في اللغة من نظر، ينظرُ، وتحت الأنظار. أي أن الموقوف في هذا المكان، يكون تحت نظر البوليس المباشر، ورجال الأمن.
-2-
مبروك لكل لبنان قرار سوريا، تبادل التمثيل الدبلوماسي مع لبنان، والذي لم يتم منذ عام الاستقلال 1943 إلى الآن لأن سوريا كانت تريد ثمناً لهذا الخطوة الدبلوماسية. ولم تتم هذه الخطوة، إلا بعد طلب ورجاء وتوسل من قبل العرب والأوربيين والأمريكيين، وفرصة مواتية لسوريا لإعادة إطباق قبضتها على لبنان، (لاحظ أن هذه الخطوة الدبلوماسية جاءت بالتزامن مع تواجد 10 آلاف جندي على الحدود السورية اللبنانية) بعد أن أطبقت قبضتها بواسطة وجود وتسليح حزب الله، وبواسطة وجود وتسليح الموالين لها من الأحزاب والطوائف، وهم كثر، وبواسطة مرابطة عشرة آلاف جندي على الحدود السورية - اللبنانية، وبواسطة مجموعات من المليشيات الدينية الإرهابية الموالية لسوريا، والتي تنتشر في الشمال اللبناني، والتي دمرت مخيم نهر البارد، والآن تحاول تدمير مخيمات أخرى، ومناطق في الشمال.
-3-
لقد بلغ الجهل والعمى وسوء التفكير السياسي ببعض اللبنانيين والعرب والأوربيين والأمريكيين حداً لا يُصدق، بشأن الخطوة السورية لتبادل التمثيل الدبلوماسي مع لبنان.
فهل فكر الجميع في مخاطر هذه الخطوة على لبنان، والفائدة الكبرى لسوريا من هذه الخطوة؟
فمن الطبيعي أن تقوم علاقات دبلوماسية بين الدول المتخاصمة والمتصادقة على السواء.
ومن الطبيعي أن تقوم علاقات دبلوماسية بين دول الاستعمار والوصايات السابقة وبين الدول المستعمَرة والموصي عليها، كما تمَّ بين فرنسا وبريطانيا وإيطاليا من جانب وبين سوريا والعراق ومصر والأردن ودول المغرب العربي والخليج العربي من جهة.
ومن الطبيعي أن تقوم علاقات دبلوماسية بين الدول المتخاصمة، التي اشتركت في الحرب العالمية الأولى والثانية، وفي الحرب الباردة.
ولكن كيف يمكن أن تُقام علاقات دبلوماسية بين الحملان والثعالب المتربصة بها على حدود الغابة؟

-4-
دعونا نستعرض بعض أضرار لبنان وفوائد سوريا من هذه الخطوة الدبلوماسية. ونتيجة هذا الاستعراض ستكون على الفور ضد مباديء الوحدة العربية والأخوة والمصالحة العربية، كما أنها لا تصب في المصلحة القومية، بل في مصلحة إسرائيل والصهيونية العالمية والاستعمار الجديد (العولمة) وعملاء البيت الأبيض. وتدعو هذه النتيجة إلى الفرقة والتحارب والبغضاء بين الإخوة. ولكن رغم هذا علينا أن نقولها بشجاعة وصراحة، ولو كره الكارهون، وغضب الغاضبون، وشتم الشاتمون.

-5-
لا فائدة للبنان من هذه الخطوة الدبلوماسية. بل للبنان أضرار كثيرة من هذه الخطوة الدبلوماسية منها:
1- أن المخابرات السورية التي خرجت من لبنان عام 2005 من مراكز الجاسوسية السورية والتعذيب في عنجر، وشتورا، والرملة البيضاء، وفندق البوريفاج، ستعود ثانية من خلال السفارة السورية في بيروت، التي ستتحول إلى 'نظارة' لتعذيب معارضي سوريا من اللبنانيين المخطوفين.
2- أن لبنان لن يستفيد من هذه الخطوة غير المزيد من التكاليف المالية المترتبة على فتح سفارة في دمشق لا جدوى منها للبنان، كما هو الحال من فتح سفارة سورية في بغداد. فالخطط الإرهابية السورية تجاه العراق ولبنان لن تتوقف، بل إنها ستزداد في مقتبل الأيام، وحسب ما ستفسر عنه الانتخابات الأمريكية القادمة.
3- سوف ترضي سوريا الرأي العام الأوروبي والأمريكي بهذه الخطوة الدبلوماسية، لكي يتوقفوا عن الحديث المهم عن ترسيم الحدود. وكان الأولى بلبنان أن يطالب ويصرّ أولاً بترسيم الحدود، قبل هذه الخطوة الدبلوماسية. فكيف يُعقل أن يكون هناك تبادل ديبلوماسي بين دولتين لا تعترف الأقوى والأكبر منهما (سوريا) بحدود الدولة الأخرى (لبنان)؟ فما معنى الاعتراف الديبلوماسي هنا؟ إنه ضحك سوري ذكي على الذقون اللبنانية البلهاء والخائفة من بطش سوريا الإرهابي.
4- وأخيراً، فمن المحتمل أن تؤخر هذه الخطوة قيام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري. وهو البعبع الذي تخشاه سوريا والتي تستعد لكل احتمالاته على ما أظن.
-6-
أما فوائد سوريا من هذه الخطوة التي زغرتت لها نساء الجبل والسهل في لبنان في مضارب بدو 8 آذار، فهي كثيرة منها:
1- أن سوريا بهذه الخطوة الدبلوماسية المفيدة لها والمضرة بلبنان، قد كسرت حلقة أخرى من حلقات عزلتها الدولية والعربية، فأرضت الاتحاد الأوروبي وعلى رأسه فرنسا، وأرضت أمريكا، والدول العربية، وعلى رأسها مصر والسعودية.
2- أن سوريا بهذه الخطوة الدبلوماسية، قد عززت من موقف ووضع حزب الله في لبنان كقوة ميليشية مسلحة تسليحاً قوياً ووحيدة، لا يستطيع أحد في الحاضر والمستقبل أن ينزع سلاحه، حتى ولو عقد لبنان معاهدة سلام مع إسرائيل، وهو ما لا يقدر عليه لبنان، إلا بعد توقيع معاهدة سلام بين سوريا وإسرائيل، وسماح سوريا وحزب الله بذلك.
3- أن سوريا التي خرجت من الباب اللبناني عام 2005، تعود من الشباك مرة أخرى، وبرضا الشرعية الدولية، التي صدّقت البيان السوري عن العشرة آلاف جندي على الحدود السورية - اللبنانية (حيث لا حدود لبنانية معترف بها من قبل سوريا) والتي قالت سوريا بأن هذا الحشد العسكري لمنع التهريب، وهو في حقيقته للترهيب وليس للتهريب، لترهيب مضارب بدو 14 آذار الذين يوشكوا على التصالح مع مضارب بدو 8 آذار، وتبويس اللحى، والعفو عما مضى، لتعود أجران الكبَّة تدقُّ في مضارب الجميع.
4- أن سوريا بهذه الخطوة الدبلوماسية، قد عززت كثيراً من مواقع مضارب بدو 8 آذار، فأصبحت مكانياً أقرب لهذه المضارب مما كانت عليه بعد 2005. وأصبح الاتصال مع زعماء القبائل اللبنانية الموالية لسوريا أكثر يسراً، وأسرع خطوات من الماضي. فلا ضرورة لمشاوير بيروت إلى دمشق، ولا ضرورة لتلقي التعليمات من دمشق سيما وأن خطوط التليفونات مراقبة من كلا الطرفين. فالقيادة السورية للبنان انتقلت من دمشق، ومن حي المهاجرين إلى بيروت.
5- وأخيراً، فإن سوريا بهذه الخطوة الدبلوماسية، قد ضمنت الأغلبية النيابية في الانتخابات القادمة 2009 لبدو 8 آذار. وهذه الأغلبية تعززها وتسندها سوريا دمشق، وسوريا بيروت، وسوريا عشرة آلاف جندي على ما يُطلق عليه بالحدود السورية - اللبنانية، وسوريا حزب الله بصواريخه وأسلحته التي استطاع بها أن يحتل بيروت في سويعات، وسوريا الأحزاب والقبائل اللبنانية الموالية لها، وسوريا بعض الصحف اللبنانية ووسائل الإعلام الأخرى الموالية لها، وسوريا المال الإيراني.
فماذا تريد قبائل 8 آذار أكثر من هذا لكي تفوز بالأغلبية النيابية في الانتخابات القادمة؟
***
وهكذا، عادت سوريا للإمساك برقبة لبنان بقبضة أكثر قوة مما مضى، وبرضا الاتحاد الأوروبي - وربما - بمباركة أمريكية، وعربية أيضاً. وما زلنا نقول ونردد، بأن مخرج لبنان وفكاكه من القبضة السورية، لن يتم إلا بمعاهدة سلام مع إسرائيل، لكي يستغني لبنان عن مخارجه البرية إلى العالم، ويضمن لزراعته ومنتجاته واقتصاده منفذاً برياً. فقد كان لبنان بحاجة إلى هذا السلام أكثر من حاجة مصر والأردن، حيث لا قبضة سورية خانقة على رقبة هذين البلدين.
السلام عليكم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
قبل اتفاقية السلام
غيفارا -

اولا عن اي دولة لبنانية نتحدث,,هل نسيت دويلة حزب الله, اولا ولكي تفتح الطرق البرية بوجه الدولة اللبنانية يجب ان يتم توقيع اتفاقية سلام بين الدولة اللبنانية ودويلة حزب الله حتى تسمح للبضاعة اللبنانية بالوصول الى الجنوب .وبعد ذلك يتم توقيع معاهدة سلام مع دولة قتلة الاطفال اسرائيل. لذلك من الصعب الوصول الى هكذا اتفاقيات لان دويلة حزب الله لا تعترف اصلا بالكيان اللبناني ولذلك ستظل المنافس البرية رهينة لسوريا وحليفها دويلة حزب الله.لذلك معهم حق اللبنانيين حين فرحو بالسفارة السورية لان عدو سوري تعرفه افضل من خائن داخلي (حزب الله ) تعرف نواياه.

الاصل والفرع
حدوقه -

مرجوع الفرع للاصل يابا ؟!!

الإناء ينضح
يعرب -

الفقرة الأخيرة للكاتب المرموق تختصر كل شيء

صورة وهمية
صلاح الدين/الجزائر -

كنت انتظر تحليلا علميا يمكن ان يضيف شيئاالينا نحن البسطاء لكن مع الاسف اعتقدان الاخ الكاتب له موقف شخصى من سوريابدى لى متحيز جدا

دويلات داخل لبنان
حقانى -

ينبغى ان تخذو دولة حزب الله الايرانية داخل لبنان حذو دولة حزب البعث السورية فتقيم علاقات دبلوماسية بين الليطانى نصر الله وبيروت سليمان و يا حبذا لو قامت علاقات بين دولة المخيمات الفلسطينية و بيروت سليمان ايضا لتكمل الصورة الفكاهية للبنان الجريح والممزق

مصلحة سوريا
حكيم الزمان -

لم يكن لسوريا في الماضي أية مصلحة في فتح سفارة لها في بيروت، فقد كان كل ما تريده يأتي اليها على أطباق من الذهب والفضة. أما اليوم فهي بحاجة الى هذه السفارة لكي تكون في قلب لبنان ولترضي بعض أصدقائها وأعدائها.

لبنان فيدرالي
فادي -

الحل الامثل ل لبنان هو الفيدرالية ......بصراحة خلي كل واحد يعيش علا كيفو بقا

وجنسية
يحمد بن ابوكبشه -

تماماًمثل دولة الهاشميين في الاردن,عبارة عن وطن بديل مقنع

germaniy
ibrahim jaber -

اخي الاستاذ شاكر اشهد بلله العظيم انك على حقان اقامة علاقات دبلوماسيه بهذا الشكل بين نظامدمشق ولبنان ماهي الى اشارة لعودة مخابراتهاذا النظام الى لبنان وبشكل اقوى من قبل وبمعاونة حلفائه اسمحوا لي ايها القرآ الاعزآانها مركز مخابرات وليس سفارة فارجو انلايفرحة الفرحون وان لايهلل المهليلون

الى ابراهيم رقم 9
غابي سركسيان -

اقسم بالله العظيم أنك على حق ومن القراء الواعين الذين لا تنطلي عليهم الاعيب الايادي المتربصة بلبنان هذا العصفور الأخضر

حلّوا عنّا
لبنانية -

ليتهم يتركون بلدنا بسلام... سوريا وغيرها من البلدان العربية التي لا تضمر الا السوء لنا ولبلدنا . أنا اويّد الكاتب ولا افرح بتبادل السفارات لانّ المر سيشرعن التدخّل السوري في القرار اللبناني وسنعود لتحكمنا الدولة السورية البغيضة التي لا تعرف الا الجهل والعنف والأذية والتحجّر ... الله يكون مع لبنان وشعبه.

فهمان
المهاجر -

جميع اللبنانيين و العرب و الغربيين يطالبون سوريا من سنين بفتح سفارة في لبنان و الان بعد ان تم ذلك و الجميع سعيد تأتي حضرتك ايها الكاتب ا لتحلل على كيفك و تضع فرضيات من خيالك و الله احترنا معاكم بدكم سفارة ام لا كيف بنرضيكم

فروع أمنية
جمال -

كافة السفارات السورية في جميع أنحاء العالم ماهي إلا فروع أمنية و(نظارات) وامتداد للأخطبوط المخابراتي السوري، وهي عبء على خزينة الدولة، لأنها لاتقدم أي إسهامات مدنية أو اقتصادية أو دبلوماسية تذكر للشعب. فهنيئاً لنا بكم.