المدفع يفتح ثغرة في قلعة أرسطو الفكرية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وفي هذا العام 1543م أصدر (كوبرنيكوس) كتابه عن دوران الأرض والشمس؛ فزلزلت الكنيسة وارتاعت، ويصف المؤرخ (ديورانت) هذا العام بأنه عام العجائب، لأنه تم خرق (التابو) في الفلك والجغرافيا والجسم الإنساني، ففي نفس هذه الفترة مسحت جغرافيا الأرض على نحو جديد، بعد إبحار ماجلان عام 1519 ودورانه حول الأرض.
وبعد (كوبرنيكوس) تحولت الأرض إلى ذرة تافهة في المحيط الكوني.
وقام (سرفتيوس) بخرق حرمة الجسم فبدأ في تشريحه، حتى طاردته الكنيسة، فهرب إلى أسبانيا، وهناك قام بضربته العبقرية في إنقاذ ولي العهد (كارلوس) من نزف في الدماغ، حين ثقب الجمجمة، فاتهمته الكنيسة من جديد، بأنه حليف للشيطان، فهرب مرة أخرى من أسبانيا.
والعبقريات لا تولد هكذا..
ولعل سرها كما رواه (جيمس بيرك) صاحب كتاب (عندما تغير العالم) أن نوياته الأولى كانت من نشاط علماء متبتلين، جازفوا بحياتهم ضد البابوية، ومحارق محاكم التفتيش، مثل و(مارين ميرسين) الذي قام بنشاط خطير عام 1630م، حين بدأ يعقد جلسات سرية مرتين أسبوعيا، لاستقطاب الأدمغة في أوربا، وفي مجلسه ذاك وصل (ديكارت) إلى منهجه في الهندسة التحليلية مع طنين ذبابة.
وكما يقول (مالك بن نبي) أن تفاحة نيوتن عند (جده) لم تزد عن قضمات من فاكهة ممتعة، كما كان يفعل الملك (هنري الثامن) وهو يقتل ستة من زوجاته بقطع الرأس بالساطور والبلطة؛ أما نيوتن فعاش في ظروف متخمرة، قدحها نشاط حميم في أوربا، وتيار متدفق من العبقريات، بدأت تأخذ التأثير العكسي المتبادل، وهكذا ولدت العبقريات، وعلى نحو متدفق متسلسل؛ ففي عام 1615 م يكتشف كبلر قانونه الثالث في الفلك، أن الكواكب تتهادى في الفلك الأعلى في مواقع تتراوح بين (مربع) السرعة، ومكعب بعدها، من تأمله كيف كان تجار الخمور يقيسون حجم البراميل بعصا مائلة.
وفي عام 1628م يكتشف (وليم هارفي) الدورة الدموية.
وفي عام 1632م يضع (جاليلو) كتابه المزلزل عن دوران الأرض والشمس، ومعها تسقط ورقة التوت عن عورة الكنيسة، بعد أن دخلت القرن السابع عشر بمشاعل مخيفة من محرقة (جيوردانو برونو)، الذي خالف الكنيسة بوجود عوالم لانهائية، فهي من آيات الله في السموات والأرض، وما بث فيهما من دابة، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير.
وفي عام 1637 م يضع (رينيه ديكارت) (المقال على المنهج)، وبهذا يعتبر من البناة النظريين للحضارة الحالية العقلانية.
وفي عام 1648م يقوم (توريشللي) بقياس الضغط الجوي.
وفي عام 1661م يشق (بويل) طريقه إلى الكيمياء الحديثة، وبذلك ينتهي العصر اليوناني ونظرية القرون الوسطى، في فهم الكون على أساس من العناصر الأربعة: (التراب والماء والهواء والنار)؛ لينتهي الموضوع مع (ديمتري مندلييف) الروسي في وضع تصنيفه (الدوري) الرائع عن العناصر المعدنية.
أما (أوجست كيكول) فقد جاءته تلك اللحظة من وميض العبقرية في فهم الكيمياء العضوية وترابط ذرات الفحم على شكل أفعى تلتقم ذيلها، وكان مناما صادقا فتح الطريق لتأسيس علم جديد.
ويقول الفيلسوف البريطاني (برتراند راسل) في كتابه (النظرة العلمية) أن خلاصة النهضة الأوربية وعصر النهضة يدين لمائة دماغ لا يزيد، ولو تم اغتيالهم واصطيادهم على أيد مخابرات الكنيسة، لما كان هناك نهضة، ونحن في العالم العربي اليوم نعيش هذا العصر من ظلمات ومخابرات العصور الوسطى، بما تحمل من تعصب واضطهاد وتثبيط لكل نشاط عقلي إبداعي..
وهذا يذكر بكتاب الاعترافات الخطير الذي وضعه الكاهن (جان مسلييه) الذي يستحق مقالة خاصة به، وحين قرأ أهالي الأبرشية وصيته؛ نبشوا قبره، ولعنوه، ونشروا عظامه، وتبرئوا منه، بعد أن خدم الكنيسة ثلاثين عاماً، بكل صدق وإخلاص، كما ذكر في وصيته، معترفا بأنه كفر بالبابا والكنيسة، ولم يتجرأ حتى (فولتير) المعروف بسلاطة لسانه، وسخريته من رجال الكنيسة ودينها، على نشر كامل الوصية، بل اقتطف مقاطع من وصيته، فيها من الوهج والطاقة ما تتحمله عقول القراء دون أن تحترق...
وهكذا فأوربا الحالية لم تولد هكذا ولم تتخلص من قبضة مارد الفاتيكان بسهولة..
وقام (دين كيث سايمنتن) في كتابه (العبقرية والإبداع والقيادة) بدراسة جدية معمقة لكل العناصر المتعلقة بظروف ولادة العبقريات، وهو يذكر بكتاب (المسائل) للكاهن الفرنسي (مارين ميرسين) الذي وضعه حول البحث العلمي وانه يقوم على ثلاث قواعد: رفض كل ما يتعلق بسلطة سابقة. اعتماد الملاحظة المباشرة والتجربة. وصياغة النتائج على شكل رياضي.
قام سايمنتن بدراسته على نمط منفرد مثل: الدراسة العلمية لعباقرة التاريخ عموما، والأسلاف والمورثات والأجيال، والشخصية والطابع، والتعليم، والإنتاجية والنفوذ، والعمر والإنجاز،والجماليات والكاريزما، وروح العصر، والعنف السياسي وتثبيط البحث العلمي، وقوانين القياس التاريخية.
والرجل وصل إلى نتائج مثيرة حقا وينصح بالإطلاع عليه، وأنا قرأته أكثر من مرة، على قاعدة قراءة الكتاب الجيد أكثر من مرة، على قراءة أبحاث تافهة، تأتي مع بحر الانترنت في زبد يضر بالعقل, أو محطات فضائية تعتمد التهويش والمراء في النقاش، وقد نهينا عنه.
التعليقات
ملل من التكرار
الجديد -إن مقالات خالص الجلبي هي قذائف عشوائية أوفشة خلق يمكن أن يشوبها بعض الجمال لكن المشكلة لا تقدم طرحاً متكاملا ولا فكرا متكماسكا وللأسف هنالك فقط ثلاثة محاور دائما تتركز عليها كل كتاباته ونقاشاته، هذا التمحور الذي هو أشبه ما يكون بالهوس فنجد أن خالص مثل القطار الذي يتحرك ضمن ثلاثة مسارات أو سكك فقط يمكن أن يجتاز مسافات أحيانا لكن بشكل خطي، هذه فشات الخلق التي هي اشبه ما تكون بالزبد الذي يحذر منه دائما فهو لا يتناول العمق بصورة هادئة ويحاول دائما إبهارنا ببعض المعلومات بشكل استعراضي مكشوف يمكن أن يؤثر بضعيفي الثقافة. لقد بات خالص الجلبي متوقعا جدا ومعروفا ومكشوفا و انا لا أقصد بهذا أي ذم بل من باب النصيحة له بأن ينوع كتاباته وأن يراجع أفكاره مثلما يطلب منا ذلك. الشحص المبدع هو الشخص الدائم النقد لذاته، الذي يفاجئ نفسه قبل الآخرين بما هو جديد، وهذا غائب عن كتاباتك يا أخي خالصـ
مقال رائع
سيف الاسلام ايفنطرس -دائما تبقى مقالاتك رائعة ومفيدة.
المدارس
خوليو -مايهمنا الآن أن نستفيد من دروس التاريخ لننطلق للمستقبل في منطقتنا، ودرس التاريخ بفيد جداً في هذه الانطلاقة، فإذا كانت النهضة الأوروبية قد اعتمدت على 100 دماغ وفي معظمها أدمغة حرة متمردة تستند على العلم الحقيقي، فهذا يدل على أنّ طريق التقدم يمر عبر الفكر الحر الناقد الذي يتجاوز الخطوط الحمر التي وضعتها الأديان، فمتى سنتجاوز خطوطنا الحمراء لننطلق نحو المستقبل،؟ في هذا العرض الجيد من السيد الكاتب درساً للقارئ ومدرسة لمن يريد أن يصعد في عربة التقدم. من هذه الناحية، هي مقالة تذكيرية ترسم معالم طريق النهضة: العلم والفكر الحر،ولامكان للثوابت فيه.
ggg
العلم -العلم لايرتكز على نقد وجود الله والخطوط الحمراء لأن ذالك ليس بعلم بل لذهاب من ماهوا واضح جلي إلى خرافات فكرية لاتصلح بشيء
المدارس
خوليو -مايهمنا الآن أن نستفيد من دروس التاريخ لننطلق للمستقبل في منطقتنا، ودرس التاريخ بفيد جداً في هذه الانطلاقة، فإذا كانت النهضة الأوروبية قد اعتمدت على 100 دماغ وفي معظمها أدمغة حرة متمردة تستند على العلم الحقيقي، فهذا يدل على أنّ طريق التقدم يمر عبر الفكر الحر الناقد الذي يتجاوز الخطوط الحمر التي وضعتها الأديان، فمتى سنتجاوز خطوطنا الحمراء لننطلق نحو المستقبل،؟ في هذا العرض الجيد من السيد الكاتب درساً للقارئ ومدرسة لمن يريد أن يصعد في عربة التقدم. من هذه الناحية، هي مقالة تذكيرية ترسم معالم طريق النهضة: العلم والفكر الحر،ولامكان للثوابت فيه.