ميثولوجيات (العرش) في التراث الإسلامي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تقول الرواية إن زرارة سأل الأمام الصادق عن قوله تعالى: (وسع كرسّيه السموات والأرض) فيما إذا كان السموات والأرض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع السموات والأرض ؟ فيجيبه الصادق: (... بل الكرسي وسع السموات والارض والعرش وكل شيء خلق الله في الكرسي) / البحار الجزء 55 حديث 39، 40 /
ليس واضحا معنى الوسع هنا، ولكن الأقرب لنظام اللغة هو الوسع الجغرافي، فكأنما الكرسي ظرفا للعالم والعرش ! ولكن هناك نقطة شك كبيرة في هذه الرواية، ذلك إن الآية صريحة بأن الكرسي هو الذي وسع السموات والأرض،فهل يعقل أ ن زرارة لم يع هذا الفهم البسيط ؟ ولكن في العرف الديني وبعض الروايات إن العرش يضم الكرسي كما هو ظاهر من الرواية التي تقول: (... ماالكرسي في العرش إلاّ كحلقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض) / البحار ص 18 /، حيث نستفيد إن الكرسي متضمَّن في العرش. وهناك روايات تذهب إلى أن الكرسي والعرش منفصلان، ففي كلام منسوب للصادق: (... ثم العرش في الوصل مفرد من الكرسي، لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب...) / البحار ص 20 / وفي روية في الإحتجاج عن الصادق كما يزعم: (... عن هاشم بن الحكم،قال: سأل زنديق أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن الكرسي أهو أعظم أم العرش ؟ فقال: كل شيء خلق الله في جوف الكرسي خلا عرشه فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي) / البحار ص 21 نقلا عن الاحتجاج / والإحتجاج كتاب تدور حوله مشاكل رجالية كثيرة. وفي رواية الدر المنثور عن أبي ذر ما يفيد ذلك أيضا / البحار ص 17 / وفي رواية لوهب بن منبه ينقل إن العرش و الكرسي ملتصقان (... والعرش ملتصق بالكرسي...) / البحار ص 17 /
نقرا في الروا ية (45) من البحار في الموضوع نفسه: (عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزء من نور الحجاب، والحجاب جزء من سبعين جزء من نور الستر).
الرواية الجديدة تضيف عالما جديدا إلى عالم العرش والكرسي،سمَّته بعالم (الحجاب) وعالم (الستر)، ومن لحن الرواية نفهم إن عالمي الحجاب والستر أوسع من عالم الكرسي و العرش، بل أشرف منهما، وعالم الحجاب وا لستر لا نعرف عنه شيئا ولم يرد في القرآن الكريم، وكل ما جاء فيها من روايات مشكوك فيها كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. نقرأ في الرواية رقم (50) عن الصادق: (السموات والارض وما بينهما في الكرسيّ، والعرش هو العلم الّذي لا يقدر أحد قدره)، وهناك من يرفض إن العرش هو العلم، إ ذا لا معنى أن يستوي الله عله علمه، أو يحوي علمه.
إن روايات العرش مضطربة ومتدا خلة، ولا يمكن أن يصدر مثل هذا الاضطراب والتداخل ممن يريد أن يعلم البشر كتاب الله وتعاليم العقيدة الدينية الواضحة، وربما تفيد الرواية ان الكرسي أوسع من العرش، وهو مخالف للمشهور.
كان العرش محل قلق كبير لدى المفكرين والروائيين والعلماء، ولا استبعد إن هذه الفوضى في الروايات التي تتعرض لقضية العرش هي من معالم هذا القلق، ففي وقت نقرأ إن العرش هو العلم الذي يحمله الملائكة أو بعض الاشخا ص المقدسين. نقرأ في مكان آخر إن العرش حقيقة ظرفية تحتوي الكرسي وكل العالم، ونقرأ في مكان آخر إن العرش خُلق أرباعا، أي على شكل مربع، لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أ ربع، وهي سبحان الله والحمد لله ولا أ له إلا الله وا لله اكبر، وهناك رواية تثبت له زوايا، ففي رواية نقرأ: (إن ملكا من حملة العرش يٌُقال له: إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كا هله،قدماه في الأرض السابعة السفلى ورأسه في السماء العليا...)/ البحار ص 20 /! ونقرا عن وهب بن منبه: (إن الله تعالى خلق العرش من نوره، والعرش ملتصق بالكرسي ّ، والملائكة في جوف الكرسي، وحول العرش أربعة أنهار، نهر من نور يتلألا، ونهر من نار تتلظى، ونهر من ثلج أبيض تلتمع منه الأبصار، ونهر من ماء، والملائكة قيام في تلك الأنهار يسبحون الله،وللعرش ألسنة بعدد الخلق كلهم، فهو يسبّح الله ويذكره بتلك الألسنة)، وإذا كان العرش من نور الله، فمن أين هذه الأنهار الخيالية الجميلة ؟ وهل هي خاضعة للعرش أم هي التي تحميه وتمده بسر قوته ونشاطه ؟ هل هي محاولة من منبه لتخلص من قلق البحث عن البذور الأولى للتكوين؟
التراث السني يوغل في التجسيم، ففي الدر المنثور للسيوطي الجزء الخامس صفحة 346 نقرأ: (حملة العرش ثمانية،أقدامهم مثّبتة في الارض السابعة، ورؤوسهم قد جاوزت السماء السابعة،وقرونهم مثل طولهم عليها العرش). ومثل ذلك نقرأ عن ابن عباس، فهؤلاء الملائكة رؤوسهم تحت العرش في السماء السابعة،وأقدامهم في الأرض السفلى،ولهم قرون كقرون الوعلة ما بين أصل قرن أحدهم إلى منتهاه خمسمائة عام!!
حملة العرش لهم ر ؤوس وقوائم وأرجل وعيون، رؤوسهم خرقت العرش، وأرجلهم في الأرض السفلى، فالعرش إ ذن مخترق، منخور، لأن هذا الرؤوس قد شجته وخلقت في صميمه ثقبا يعلم الله كم هو وسعه ! هكذا يروي لنا (ميسرة) كما في البحار ص 20.ولكن ميسرة يتجنب هذه الثغرة في رواية أخرى، فيكتفي أن يكون رؤوس الحملة (عند العرش) وحسب ص 21.
نقرا في تفسير القمي نقلا عن البحار ص 27: (إن حملة العرش ثمانية، لكل واحد ثمانية أعين،كل عين طبق الدنيا...)، وبالتالي، للعرش أربع وستون عينا! كل عين طبق الدنيا، أي يبصر ويراقب سعة الدنيا اربع وستين مرّة، وفي سند الرواية (القاسم بن محمّد الأصبهاني) وهو ضعيف، فقد قال عنه النجاشي (لم يكن بالمرضي / الخوئي رقم 9532)، فضلا عن إن هذا التفسير يرويه عن القمي رجل غير مذكور في كتب الرجال كما هو معروف.
إذا كانت حملة العرش مزودين برؤوس وعيون وأرجل، فإن العرش بحد ذاته يملك ألسنة خاصة به! وكل لسان يختلف عن غيره، وكل لسان عبارة عن طاقة هائلة، فلو أن كل لسان (أسمع شيئا مما تحته لهدم الجبالوالمدائن والحصون،وكشف البحار ولهلك ما دونه...) / البحار ص 25 / والرواية في تفسير القمي أيضا، وكذلك في الدر المنثور ولكنها مرسلة /!
الغريب إن الروايات لم تتحدث عن أنوف حملة العرش ولا عن آذانهم، ولا عن شفاههم،ولا عن أسنانهم، ولا عن أيديهم، وإنما فقط عن العيون والرؤوس والأرجل، فهي إذن مخلوقات مشوهة.
الملائكة وهم يحملون العرش يتخلون عن روحانيتهم كما يبدو في جوهرها الأول، فبالوقت الذي هم فيه روح صرفة، تتجسد الروح هنا في مخلوقات آدمية وحيوانية وما شابه، كل ذلك كي تتم عملية الحمل، فهل هي محاولة للموائمة بين الحامل والمحمول ؟ وهل بموجب هذا التصور يُطرح العرش حقيقة مادية فإن حملته ذوي رؤوس وقوائم وعيون ؟! يأتي هنا التأويل كي يلعب دوره الفعال، فالأرجل تعبير عن الثبات والرؤوس تعبير عن العلو وما أشبه، ولكن ما الذي يمنع استخدام تلك المعاني بألفاظها الحقيقية وهي أقدر على طرح الصورة، فإن القول بإن هؤلاء الحملة ذو عزم وقدرة وقابلية وفاعلية أجدر بالقبول من قولهم أنهم ذوو رؤوس وأرجل وأيدي وعيون!
هناك روايات كثيرة عن العرش في تفسير (علي بن إ براهيم بن هاشم القمي) ولكن نقطة الضعف في هذا التفسير إن راويه مجهول بل غير مذكور في كتب الرجال، وهو المدعو (أبو الفضل العباس...).
ينقل لنا علي بن إبراهيم في تفسيره المعروف عن الإمام علي بأن العرش مخلوق غريب الأطوار، وذلك على صعيد حملته، وهم الملائكة، فالأول منهم في صورة الآدميين، والثاني في صورة الثور وهو سيد البهائم، والثالث في صورة النسر وهو سيد الطير، ورابعها في صورة الأسد، وهو سيد السباع، وهنا تغيب صورة السوائل و المعادن والنباتات!
التعليقات
مااشبه اليوم بالبارح
اميرة الصاوي -لاادري ماذا يستفيد القارئ من ترديد هذه الابحاث سواء اكان العرش قد وسع السموات والارض ام ان الكرسي وسع كل شئ خلقه البارئ.... العراق فى فوضى وفلسطين مدمرة وباقي بلاد المسلمين منهوبة مسلوبة والاخ الشابندر لاه في العرش والسفسطة التي لم يصل الفلاسفة الى نتيجة منها... يقال ان الجيش الانكشاري اراد استطلاع ماتخوض به الامة العربية قبل الانقضاض عليها فارسل من يستطلع فوجد علماؤها يتبارون ويتحاججون عن عدد الملائكة الذي يمكن ان يحملهم راس الدبوس او الابرة !!! مااشبه اليوم بالبارحة
قصد الكاتب
سامي نصير -من الواضح ان قصد الكاتب تسفيه هذه المعتقدات لانه ملا بحثه بعلامات ال تعجب والا ستغراب ، والكاتب عودنا على هذه الطريقة ، فهو قاصدذكي وليس كما يتصور بعض القراء للاسف الشديد
كفاك
عباس غريب حي -كفاك لعبا بعقولنا ،فد وضح انك تريد ان تصرف عقول شبابنا عن أصول مسلم بها وهذه ليست في صالح الامة يا ايها الكاتب ، فثق انك تهز ا سسنا وليس ذلك في صالح امتك يا أيها الرجل
إلى جهنم
عبد الله المالكي -إلى أميرة هذه ليست سفسطة بل هذا هو العلم الحقيقي الذي بسبب الإبتعاد عنه دمرت البلدان التي ذكرتها شكراً للأستاذ غالب والإخوة في إيلاف وأرجو النشر ليأخذ كل ذي حق حقه.
إلى عبد الله المالكي
مغترب -الغريب أن شعوب اليابان وفرنسا وألمانيا وكندا لم تضيع وقتاً في هذا العلم الحقيقي ومع ذلك فإن بلدانها في ازدهار وعمار وتصدر لكم جميع أنواع المعارف، هل تتفضل وتشرح لي السبب؟
إلى مغترب
عبد الله المالكي -ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون* ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتكئون* وزخرفاً وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين.. الزخرف 33-35. الآن فهمت يا مغترب أما إذا تتمسك بمعتقد آخر فكلامي ليس موجه لك وتحية للجميع.
حين يتحدث الامام علي
عبدالحسين -قيل للإمام علي ـ (عليه السلام) ـ كم بين السماء والأرض؟ قال: دعوة مستجابة ؟؟!!سلام الله عليك يابالحسن
الحق
هان -نعم المؤمنون مبتلون في دنياهم قدر إيمانهم لاكن العلم علم والعلم الحق هوا إثبات وجود الله فيما خلق وهذا اسمى علم على الاطلاق لاكن هذا لايعني أننا نترك العلوم الاخرى أما أسمى علوم الدنيا هي الكمياء وعلوم المادة
دعوة للأنحلال الفكري
د. أحمد العلي -لقد دأب الكاتب غالب الشابندر على تسفيه ونفي والتشكيك في كلّ قضيّة تمسّ الدين والعقيدة الإسلاميّة بصلّة ، ما لم يصل له عقله وفهمه البسيط لمقاصدها وكنهها. فمرّة عن العصمة والمعصومين ، وأخرى عن تفاصيل دقيقة تتعلّق بعلم النبي أو الوصيّ من بعده ، ومرة ومرة ما لا تعدّ ولا تُحصى ، كلها ناظرة إلى ظاهرة جامحة نحو التخليّ والتعرّي الفكري من العقيدة الإسلاميّة. فهل يفصح الكاتب يوماً عن الحرمات لديه ؟ والثوابت والمبدأ له ؟ لكن ، مالعمل ، إن كانت هناك دوافع لا يمكن الأفصاح عنها من على شبكة الأنترنت! شكراً لأيلاف لنشره هذا.
الكاتب أنما يشير
المؤرخ -الى مصادر موثوقة لاغبار عليها !!.أحسنت وهل لك أن تكتب عن الجن بالآف الرؤس وكل رأس يتكلم بلآف اللغات وكل لغة بالآف اللهجات ؟؟.