كتَّاب إيلاف

ماذا يجري في العراق؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يظهر أنه مكتوب على العراق أن لا يرى فترة مريحة من الاستقرار، حتى لو كان نسبيا، ولا يبدو في الأفق أن القيادات العراقية الحاكمة قد تعلمت دروس الماضي، والحاضر، واقتربت من إدراك أن مصلحة البلاد فوق الجميع.
بعد كركوك وخانفقين، ثمة اليوم صراع سياسي حاد حول الصلاحيات، وهو صراع ليس بالجديد، وهناك أيضا معضلة فجرها السيد المالكي بتأسيس ما يدعى ب"مجالس إسناد العشائر"، والجدال حول قراره. أما الاتفاقية الأمنية، فلاتزال بين أخذ ورد، فيما الوقت يمضي، وحتى مدير عام العمليات في وزارة الداخلية يصرح بأن "برامجنا الأمنية سوف تتوقف بدون الاتفاقية"، ولكن! المالكي يريد هذه المرة وضع الجامعة في الصورة بعد أن كانت إيران أول من وضعت في الصورة فطلبت عدم التوقيع.
إن السيد رئيس الوزراء يطالب بتعديل الدستور لإعطاء صلاحيات أكبر للمركز، وإلى هنا وهو محق تماما، فالدستور الدائم يطبق الفيدرالية في بنوده تطبيقا لا نجده في أية دولة فيدرالية نعرفها، من سويسرا والولايات المتحدة وألمانيا وإلى الهند. هذا موضوع كتبنا فيه عشرات المرات، ونشر العديد من كتابنا مقالات بالاتجاه نفسه.
إن انتفاخ صلاحيات المحافظات على حساب المركز هو تشويه لمعنى الفيدرالية، علما بأن لإقليم كردستان وضعا خاصا معترفا به منذ التسعينات. محافظ البصرة السيد الوائلي ينتقد المطالبة ويفسرها بالعودة للمركزية المفرطة، وهذا غير صحيح ففي كل الدول الاتحادية اليوم نجد لحكومة المركز الاتحادية صلاحيات تنحصر بها وحدها، كشؤون السياسة الخارجية، وإدارة الموارد الطبيعية، وشؤون الدفاع. في الولايات المتحدة مثلا ثمة صلاحيات كبرى للولايات، ولكن الحكومة الفيدرالية هي التي تقرر في كبرى المسائل الخاصة بأمن البلاد، وعلاقاته الخارجية.
أجل، إن طلب المالكي صحيح، ولكن لهذا الحد فقط، فالقضية مع الدستور ليست هذه النقطة وحدها، بل نصوص البنود، ومبادئها، وهو، كما كتبنا عشرات المرات، دستور متناقض، وشبه إسلامي، وذلك بالعكس من الدستور المؤقت الذي كان، وبرغم ثغرات فيه، دستورا متوازنا، وعلمانيا. ليس هذا وحسب، بل المطلوب قبل هذا إعادة النظر في مبدأ المحاصصة، وتركيبة الحكومة، وأسس الانتخابات، فمن سيقبل؟!
إن المجلس الإسلامي الأعلى للحكيم، والقريب من إيران، يعارض هو الآخر تعديل الدستور ولكن ليس من منطلق الديمقراطية، والحرص على تطبيق فيدرالية سليمة، بل من الإصرار على دعوته لتشكيل إقليم الجنوب والوسط، لتكون له صلاحيات كبرى ، خصوصا والجنوب منطقة النفط التي يمكن أن تتصرف بها الأحزاب الإسلامية الحاكمة كما تشاء، وليستمر تهريب النفط بكثافة أكثر، وليستطيع الإقليم الجديد عقد ما يريد من اتفاقات مع إيران، ونحن نعيد تذكير القيادات الكردستانية بذلك لكيلا تقع في فخ هذه المناورات لأسباب تكتيكية آنية، حيث أن فيدرالية كردستان تقوم منذ التسعينات، وفي إقليم له مقومات التمتع بالفيدرالية، لا إقليم قائم على الانتماء الطائفي...
أما "مجالس إسناد العشائر"، فلا نفهم كيف يمكن مجرد التفكير في تأسيسها. إن التفسير الوحيد في نظرنا هو أن المالكي يريد تحويلها إلى مليشيا مرتبطة به شخصيا لمواجهة الخصوم، والمعرقلين لسياساته.
نعم، للعشائر دور اجتماعي، وأحيانا سياسي، ولكن بحدود، وضمن ظرف بعينه، وبمواصفات صارمة. إن ثورة 14 تموز قد ضربت هيمنة العلاقات العشائرية، لكن صدام عمل على إحيائها لإسناد حكمه الدموي. إن حكما مدنيا، ديمقراطيا، لا يقوم على العشائر والعشائرية، ولا على هيمنة رجال الدين واجتهاداتهم السياسية.
لقد قامت "مجالس الصحوة" في ظرف دقيق، وخاص جدا، وبدعم وتمويل الجانب الأميركي، وبمبادرة طوعية لا حكومية، ولعبت دورا كبيرا جدا في محاربة القاعدة، وتطهير المناطق الغربية منها، وحتى بعض أحياء العاصمة. هذه كانت ظاهرة صحية، ولكنها ظاهرة ما كان يمكن أن تستمر مع تقدم الأمن، وكان لابد من إيجاد الحلول العملية، والبناءة، وليس المتحيزة، والمتوترة، لتحويل الظاهرة جذريا بما لا يبقي على الطابع العشائري، ويضمن الاندماج العضوي، الإيجابي، بالقوات الحكومية، ولكن اليوم يقرر رئيس الوزراء "شرعنة" العشائر والعشائرية، أي جعلها قوة قانونية شرعية لممارسة المهمات الأمنية، وهذا، في رأينا، خطوة خطرة، ومجازفة، ومحاولة تثبيت الاستفراد بالقرارات.
إن هذا القرار قد أثار هو الآخر صراعا سياسيا جديدا بين المالكي والأطراف الكردستانية، ولا ندري كيف ستنتهي هذه الخلافات الكبرى بين أطراف الحكومة. والأخطر أنه يفجر صراعا بين العشائر الجنوبية نفسها كما في الديوانية عندما يعلن مجلس عشائر الديوانية عن تنظيم مظاهرة كبرى بالتزامن مع عقد المؤتمر الأول لمجلس إسناد الديوانية، الذي تتهمه العشائر المذكورة بكونه واجهة سياسية حزبية للمالكي وحزب الدعوة.
خلال هذا كله، تطالب المرجعية الدينية الشيعية بتغيير برامج التعليم بحجة أنها وضعت في عهد صدام، وهو تغيير، حسب نظرهم، مطلوب لتمكين التلاميذ من دراسة دينهم، ومذهبهم!
أجل، ماذا في عراق اليوم، داخليا، وعلى الحدود مع إيران وسوريا؟؟ ها هي إيران تجرب صاروخا جديدا على حدود العراق باسم الرد على غارة ألبو كمال، وها هي سوريا تعلن من جانبها عن معارضة الاتفاقية الأمنية.وماذا بعد؟
هذا ما سوف نعود له في مناسبة ثانية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الحكومة والمصير
د.عبد الجبار العبيدي -

مقالة تتعامل مع الحقيقة الواقعة على ارض الواقع العراقي الحزين اليوم.الكل يعلمون انهم يتعاملون مع الخطأ الذي هم فيه واقعون،والكل لا يستطيعون التنازل عن المكتسبات اللاشرعبة التي يتمتعون بهاالان.فمن اين يأتي الحل.بعد الثورة الفرنسية وتهديم سجن الباستيل استقر الوضع لصالح الشعب الفرنسي لكن الامتيازات الكبرى التي منحت للثوار ادخلتهم في صراع المصالح فتقاتلوا حتى عادوا مرة اخرى الى مربع الصغر، فخسروا انفسهم ودخلت فرنسا في فوضى المصالح الشخصية اكثر من قرن من الزمان،خسرت فيها اكثر مما ربحت من التغيير. وكذلك العراق اليوم.التغيير جاء من اجل الشعب فأنقلب وبالا عليه لان قادة التغيير حسبوه مغنما لهم قبل الشعب قتحاصصوا وتقاسموا وكتبوا دستورا استعجلوا فيه النصوص واليوم يواجهون الخطأ وجها لوجه،والرابح فيهم من اخذ ملياره وهرب ،ولكن ليس بمقدورهم تغيير الدستور،الاكراد يريدون المكاسب وغدا سيقعون في مأزق الامن المجاور والماء والبصرة يريدونها اقليما بدافع دول الجوار حتى يأمنوا ما استحوذوا عليه من ارض ضمت لهم يريدونها واقعا لا ينفصم وهم باعنقادهم واهمون .كل الامور متداخلة، اما اذا نفذ برنامج المنهج المدرسي لصالح فكر المرجعيات فتلك الطامة الكبرى التي تعلوا على كل الاخطاء.امام القيادات الحالية، حل واحد لا غير حتى يتخلصوا من محنة السقوط هو:الاتفاق بين الوزارة ومجلس الرئاسة على حل البرلمان واجراء انتخابات جديدة بعد تأجيل انتخابات مجاس المحافظات ،وعلى ضوء النتائج يعدل الدستور لصالح الفدرالية الحقيقية لا الوهمية ويعتمدون الشخص الماسب في المكان المناسب بعد التأكيد الرسمي على رفض المحاصصة الطائفية والوظيفية والالتفاف نحو الخدمات الاجتماعيةوالصحيةوالتعليمية والخروج من العزلة الشعبية لمواجهة الحقيقةالمرة والا سيواجهون ما واجهته كل الدول التي دخلت في نفق الخطأ واصرت عليه حتى السقوط ،فلا واحد فيهم اقوى من الاخر اليوم،لان الجميع وبدون استثناء لم يستوفوا الجانب الشرعي من حكم الدولة وهم يعرفون ان الانتخابات السابقة كانت خديعة كبرى لشعب العراق، والدولة او الجماعة التي لم يكن لها عماد شرعي في الحكم لن تستمر ولن تستقر والاحتلال جاثم على الرؤوس فلا معاهدة امنية تحميهم ولا انفصالية تقويهم،ولا سبيل لهم الان الا الاعتراف بالحقيقة المرة ،وسيبقى الشعب هو الاقوى..

........
كركوك أوغلوا -

نعم الرابح فيهم من هرب بملياراته !!.. والأنتخابات كانت الخديعة الكبرى ؟؟!!..الأنفصاليون هم من يعارض سلطة المركز

العراق
han -

العراق ذهبت لم تعد عربية أو حتى إسلامية نحن لنا تجربة من خلفيات الحرب أن الحرب على الدولة ليس فيه خير لنفرض أن الأمركان خرج هل تستقل العراق لا فالثعلب عندما يمر ببلاد يترك نصفه هناك فلأمركان نصب الرءيس وجعل رأسه تحت السوط يقول مايقول ويفعل مايفعل فما الفرق بين بوش والحكومة في العراق فالعراق مرأة بوش يرى نفسه فيها صباحا ومسأًء فعلى العرب أن يستخلصوا دروسا من هذا أما العراق أنتهت وإلى الأبد اليوم لن يصل إلى السلطة إلا من كان يهوديا أو نصرانيا أو شيعيا ,ما سوى ذالك ليس لهم ناقة ولاجمل فهم ينتمون إلى الغراق بأجسادهم فقط لاغير فسألوا أهل الخبرة أن كنتم لاتعلمون