كتَّاب إيلاف

الفساد السياسي وأزمة الرهن العقاري

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كانت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية الشرارة التي أشعلت فتيل الأزمة المالية التي طالت العالم كله. لا يعني هذا بالضرورة أن الأزمة المالية العالمية ما كانت لتحدث لولا أزمة الرهن العقاري الأمريكية. لكن فهم أسباب هذه الأخيرة هام في حد ذاته، خصوصا و إن دولا عديدة بما فيها دول عربية مرشحة لمثل هذه الأزمات. يركز هذا المقال على دور الفساد السياسي في تفاقم الأزمة الأمريكية كما ورد في مقال بعنوان "المضاربون و السياسيون و الكوارث المالية"، نشرته "الوول ستريت" بتاريخ 10 نوفمبر 2008، جاء فيه:"على اثر الانهيار الكبير (في الثلاثينات من القرن الماضي) تم تقسيم المؤسسات المالية إلى : (1) البنوك التجارية التي تعرض على عملائها خدمات الحسابات الجارية و حسابات الادخار و يتم استعمال الموارد المالية هذه لمنح القروض التجارية، (2) بنوك الادخار التي تقتصر الحسابات فيها على حسابات الادخار و تمنح مقابل ذلك القروض في مجال العقارات، و (3) جمعيات الادخار و القروض التي توفر حسابات الادخار و معظم أصولها في الرهن العقاري للسكن.و تمت مراقبة هذا النظام من طرف أجهزة مختلفة مثل مراقب الخزانة، بنك الاحتياط الفيدرالي، اللجنة الفدرالية لضمان الودائع، الهيئات البنكية التي تنشط على مستوى الولايات... و كل واحدة من هذه المؤسسات معنية بحماية مصالحها الخاصة لا سلامة القطاع المالي ككل. عوضا عن العمل على اندماج البنوك، سارعت واشنطن إلى مساعدة مؤسسات القرض العقاري و ضمان الودائع البنكية بحدود 100 ألف دولار و إلغاء السقف على أسعار الفائدة التي تمنحها مؤسسات الرهن العقاري، مما شجع على منافسة محمومة بينها بعرض سعر الفائدة الأعلى بعدما أصبحت مخاطر إفلاس مؤسسة بعينها غير ذات معنى للعملاء بحكم ضمان الحكومة للودائع. و انتهى الأمر بهذه المؤسسات إلى الإفلاس بالجملة، و انكمشت أصول هذه المؤسسات من 32 مليار دولار عام 1980 إلى 4 مليار دولار. و اتخذ الكونجرس إجراءات إضافية لدعم مؤسسات الرهن العقاري من بينها الحرية في تمويل المشاريع العقارية ( لا فقط السكن)، و دون إلزام هذه المؤسسات بتكوين رأس المال اللازم.أصبح دور الجمعية الفدرالية للرهن العقاري ( المسماة "فاني مي) شراء الرهون العقارية من بنوك الرهن العقاري و الاحتفاظ بها أو جمعها في حزمة أصول مبنية على الرهن العقاري و بيعها لمستثمرين آخرين، مما ساعدها (و نظيرتها "فريدي-ماك") على إصدار المزيد من القروض دون اعتبار لرأس المال و المخصصات الضرورية في حالة عدم الدفع، إذ تصل هذه القروض 40 مرة مبلغ رأس المال، مقابل 10 مرات فقط للبنوك. و زاد فساد واشنطن الطين بلة، حيث وجدت "فريدي-ماك" متورطة سنة 2006 في تمويلات غير قانونية لحملات انتخابية.أما البنوك فكانت تعلم علم اليقين انه سوف يكون بمقدورها بيع هذه الأصول العقارية عالية المخاطر إلى مؤسستي "فاني-مي" و "فريدي-ماك"، متى شاءت ذلك. و عملت شركات التامين بنفس المنطق, من بينها شركة " AIG " اكبر شركة تامين في العالم، التي راهنت - و بنجاح - على إنقاذ العم سام لها، و هو ما حصل فعلا خلال الفترة الأخيرة و بمبلغ 85 مليار دولار. لقد حمل العديد من المحللين و السياسيين اقتصاد السوق و عدم وجود التشريعات الملائمة المسؤولية عن الأزمة. و الحقيقة إن المسؤولية تقع على أولائك السياسيين الذين عارضوا التشريعات اللازمة لوقف التهور لدى شركات الرهن العقاري. لقد قال روبرت هوفر ذات يوم قولته الشهيرة "مشكلة الرأسمالية تكمن في جشع الرأسماليين" و يمكن القول أيضا إن "مشكلة الرأسمالية تكمن في فساد السياسيين". فهؤلاء كسائر الكائنات البشرية مثلنا يمكن إعماء بصيرتهم عن الواقع بمحاولتهم الدفاع عن مصالحهم الخاصة، على حساب الآخرين و بتكلفة بدأنا نتعرف على قيمتها الحقيقية في الفترة الأخيرة فقط. يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا
كاتب المقال محلل إيلاف الاقتصادي و خبير سابق بصندوق النقد الدولي
Abuk1010@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الطفل المدلل
عبد الباسط البيك -

عودة حميدة للدكتور منير حداد في هذا الوقت ليكتب لنا كرجل خبير عن الأزمة المالية التي تهز العالم . من الملاحظ أن الدكتور حداد ينحي باللوم على الولايات المتحدة في بداية الأزمة و ظهورها هناك ثم إنتشارها الى عدد من الدول الأخرى . المشكل أن واشنطن تختلق الأزمات ثم تصدرها الى بقية الدول ثم تطالب الأخرين بتحمل أخطائها و دفع تكاليف التصحيح . سلوك واشنطن هذا فيه الكثير من العنجهية و الغطرسة غير المبررة أو المفهومة و هي بسياستها تلك تماثل سلوك الطفل المدلل الذي يعبث بممتلكات البيت ثم يطالب السكان الأخرين بدفع تعويضات عما كسر اثناء عبث هذا الطفل. آن الآوان كي يقف قادة الدول الصناعية بأوربا و دول منتجي البترول وأن يقولوا لأمريكا كفى عبثا و كفى دلالا ..و عليك يا واشنطن أن تضبطي أمورك المالية و أن لا تحملي الآخرين مسؤولية الفساد و العجز و الإنهيار الذي يبدأ عندك من جراء سياسات مالية تؤدي الى أزمات عالمية . من الضروري البحث عن عملة دولية أخرى تعمل الى جانب الدولار في التبادل التجاري الدولي , فمنذ أن ألغى الرئيس نيكسون إرتباط قيمة الدولار بالذهب و نحن نشهد كوارث مالية و هزات إقتصادية دورية بسبب الدولار المنهك القوى. فهل تبادر دول الإتحاد الأوربي لكسر طوق الدولار الذي يحيط برقبةالإقتصاد الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كي ترتاح أمم الأرض من عسف و تسلط واشنطن ...؟

الطفل المدلل
عبد الباسط البيك -

عودة حميدة للدكتور منير حداد في هذا الوقت ليكتب لنا كرجل خبير عن الأزمة المالية التي تهز العالم . من الملاحظ أن الدكتور حداد ينحي باللوم على الولايات المتحدة في بداية الأزمة و ظهورها هناك ثم إنتشارها الى عدد من الدول الأخرى . المشكل أن واشنطن تختلق الأزمات ثم تصدرها الى بقية الدول ثم تطالب الأخرين بتحمل أخطائها و دفع تكاليف التصحيح . سلوك واشنطن هذا فيه الكثير من العنجهية و الغطرسة غير المبررة أو المفهومة و هي بسياستها تلك تماثل سلوك الطفل المدلل الذي يعبث بممتلكات البيت ثم يطالب السكان الأخرين بدفع تعويضات عما كسر اثناء عبث هذا الطفل. آن الآوان كي يقف قادة الدول الصناعية بأوربا و دول منتجي البترول وأن يقولوا لأمريكا كفى عبثا و كفى دلالا ..و عليك يا واشنطن أن تضبطي أمورك المالية و أن لا تحملي الآخرين مسؤولية الفساد و العجز و الإنهيار الذي يبدأ عندك من جراء سياسات مالية تؤدي الى أزمات عالمية . من الضروري البحث عن عملة دولية أخرى تعمل الى جانب الدولار في التبادل التجاري الدولي , فمنذ أن ألغى الرئيس نيكسون إرتباط قيمة الدولار بالذهب و نحن نشهد كوارث مالية و هزات إقتصادية دورية بسبب الدولار المنهك القوى. فهل تبادر دول الإتحاد الأوربي لكسر طوق الدولار الذي يحيط برقبةالإقتصاد الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كي ترتاح أمم الأرض من عسف و تسلط واشنطن ...؟