كتَّاب إيلاف

الحركة الإسلامية في تونس: النشأة والخطاب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الحركة الإسلامية في تونس: النشأة والخطاب وآليات العمل وعوائقهما كانت الظاهرة الإسلامية لتنال هذا الحجم من الاهتمام الاكاديمي والبحثي لولا التداعيات الحركية والحزبية التي نشأت عنها وتفرعت منها إبان ما عرف حينها بالصحوة الإسلامية في سبعينات القرن الماضي. فقد تحول البحث في أسباب هذه الظاهرة إلى سبر أغوار الحركات الإسلامية المتناسلة عن الحركة الأم، إن جاز لنا التعبير، حركة الإخوان المسلمين المصرية، وتتبع أفكار ورؤاها وآليات عملها وصولاً إلى محاولة التنبؤ بمصيرها ومستقبلها.
في هذا الإطار، يندرج كتاب (الحركات الإسلامية في الوطن العربي...تونس نموذجاً، دار وجهة نظر، الرباط، طبعة أولى 2008) لمؤلفه اعليه علاني، في سياق تلك الدراسات الهادفة إلى استكناه غور الحركات الإسلامية المغاربية التي باتت أكثر عنفاً وتشدداً من نظيرتها المشرقية بحكم عوامل سوسيولوجية وسياسية واقتصادية متنوعة، متخذاً من النموذج التونسي "المعتدل" نسبياً مادة للبحث والإجابة على الأسئلة المعرفية والسياسية التي تشغل بال كثير من الباحثين في هذا المجال.
يتميز الكتاب باحتوائه على عدد كبير من المراجع والشهادات واللقاءات التي أجراها المؤلف مع قيادات الحركة الإسلامية التونسية، في سياق محاولته للإجابة على التساؤلات المعرفية الكبرى للكتاب كظروف النشأة وتأثيرها، ونوعية الخطاب ومراحل تطوره، والعوائق التي حالت دون اندماج الحركة الإسلامية في المجتمع، والعقبات التي تواجهها.
يحاول المؤلف في مففتح كتابه استقصاء الأسباب والعوامل التي دفعت إلى ظهور الحركة الإ سلامية التونسية، فيرى أن من أهمها مآلات حركة العلمنة التي قادها الرئيس السابق الحبيب بورقيبة منذ عهد الاستقلال، ومنع التعددية الحزبية والسياسية في البلاد، زدمج مؤسسات البلاد في الحزب الحاكم وتماهيها معه، وما أفضت إليه إجراءات بورقيبة التعسفية من تقليص نفوذ خريجي الزيتونة وعدم تأقلمهم مع المناهج العلمية الحديثة التي أقحمت على دراستهم، وهو الأمر الذي يمكن أن تنازع فيه دراسات أخرى ترى عدم تأثير تقليص نفوذ مؤسسات التعليم الديني الرسمية على نشأة الحركات الإسلامية السياسية منها والقتالية.
ويرى المؤلف أن أسباب ظهور الحركة الإسلامية في تونس تتمثل في التحولات الاجتماعية العميقة التي اكتنفت المجتمع، واضطراب واختلال التوازن الطبقي، ولعل من أبرزها أزمة السكن والتضخم والبطالة، وما عاناه النظام الرسمي التونسي من أزمة سنة 1969 وصولاً إلى اختلال توازن القيم الأخلاقية في المجتمع. في الوقت الذي يرى فيه أصحاب الشأن من الإسلاميين أن السبب الحقيقي والرئيسي يعود إلى محاولة "طمس الهوية الإسلامية للمجتمع، ونقل المثال الغربي بحذافيره دون مراعاة خصوصيات البلاد وتقاليدها".
وينحو الكتاب إلى مشاكلة السبب وراء تأزم العلاقة بين الإسلاميين والسلطة في تونس كما هو الحال في كثير من البلاد العربية، والتي يردها كثير من الباحثين إلى تنازع الفهم حول طبيعة العلاقة بين الدين والدولة، ففيما نادى الإسلاميون بالدولة الدينية، اختارت السلطة منذ الاستقلال منهجاً علمانياً لم يقطع مع الحركة الإسلامية، بزعمه، بدليل وصاية الدولة على الشعائر الدينية واستفادتها من الرموز الثقافية التقليدية لتبرير الإيديولوجية الوطنية ولغايات تعبوية نضالية.
لقد استمدت الحركة الإسلامية التونسية قوتها من أخطاء نظام بورقيبة، إذ تعامل الأخير "مع المسألة الدينية بشكل اعتباطي وانتهازي، حيث أظهرت السلطة عداء مكشوفاً للقيم الدينية، مما أثار حفيظة شق كبير من الرأي العام الذي تعاطف تلقائياً مع الحركة الإسلامية". فكان من نتاج الصدام مع الزيتونيين ومحاربة اللغة العربية هجرة دارسي الزيتونة إلى المشرق العربي، وفاقم الأمر قطع العلاقات بين تونس ومصر، الأمر الذي حدا بزعيم الحركة التونسية الإسلامية (راشد الغنوشي) فيما بعد الهجرة للدراسة في دمشق.
ويرى المؤلف أن هناك أسباباً عدة لتفسير ضعف تأثير الحركة الإسلامية على المجتمع التونسي، متردداً في ذلك بين عدد منها لحسم ذلك، فمن تبعات المقاربة الأمنية التي تبنتها السلطة مع الحركة الإسلامية، والتي وصفت بـ"الاستئصالية". إلى تبني إستراتجية العنف والتصعيد من قبل الإسلاميين في أكثر من مرة (مؤتمر المنار عام 1986 على سبيل المثال)، إلى اعتماد الحركة طيلة فترة السبعينيات والثمانينيات على مبدأ ازدواجية الخطاب والقيادة (سرية وعلنية) مما أثار العديد من التساؤلات لدى الرأي العام والتيارات السياسية الأخرى. فضلاً عن اجتهاد الحركة في فرض بديلها المجتمعي من خلال الانخراط داخل النسيج المؤسساتي للمجتمع وصولاً إلى الأحزاب بما فيها الحزب الحاكم، وفشل ذلك لاحقاً بعد تبني استراتيجية المواجهة والتصعيد. مستشهداً في سياق ذلك بما صدر عن عبد الباقي الهرماسي لتبرير ذلك.
ثم يلهج المؤلف في تعداد أهم الأخطاء التي ارتكبتها الحركة الإسلامية التونسية من خلال استنطاق واحد من أهم قياداتها وهو صلاح الدين الجورشي، والذي اعتبر أن أهمها كان زرع جهاز أمني داخل التنظيم، معللاً ذلك بضعف الفكر الديمقراطي داخل الاتجاه الإسلامي، ثم عدم استيعاب القيادات للدرس الإخواني، وهيمنة عامل الخوف من أن يحصل للإسلاميين في تونس ما حصل للإخوان في مصر. وتأثير التصدعات التنظيمية لقيادة الحركة سواء في الداخل أو في المهجر وضعف تجربة قيادات الخارج، مركزة نضالاتها في فترة التسعينيات من القرن الماضي على مسألة الإفراج عن المعتقلين. أما الجورشي، فيرى أن "الإنجاز الوحيد الذي حققته مرحلة المهجر هو أن الحركة بقي لها رأس يدافع عنها، لكن السلبيات كثيرة أبرزها ضعف واضح في أداء الجهاز التنظيمي وانسحاب عدد هام من الكوادر".
يستعرض المؤلف بعد ذلك مقطعاً من تاريخ الحركة الإسلامية التونسية بعد زوال حكم بورقيبة، فقد عبّر الغنوشي صراحة عن تأييده لبيان 7 نوفمبر/تشرين الثاني الذي يحدد أبرز ملامح مرحلة ما بعد بورقيبة، والتي واكبت التحول لدى الإسلاميين أيضاً، من "حركة الاتجاه الإسلامي" إلى "حركة النهضة". وتم الإفراج عن معظم قيادات التيار الإسلامي. وشاركت حركة النهضة في المجلس الأعلى للميثاق وفي انتخابات عام 1989 والتي أنهت علاقتها بالسلطة والعديد من القوى السياسية التونسية.
واعتبرت السلطة وبقية المجتمع المدني أن خطاب حركة "النهضة" بات خطيراً وأن التزامها بالوفاق لم يعد له أساس من الوجود، ليقرر الغنوشي بعد شهر من الانتخابات مغادرة البلاد، بعد أن طلب إذناً بالخروج لأداء فريضة الحج في مايو/أيار 1989.
ويختتم الكتاب بالتأكيد على ترشيد الظاهرة الإسلامية بتونس من خلال مسارعة القيادة الإسلامية بالقيام بمراجعات فكرية، طالب بها بعض قياديي "النهضة"، ومنها تعميق التجربة والممارسة الديمقراطية في المجتمع وحماية الدولة من أي ممارسات تهز من كيانها المتداعي أصلاً. ويبدو أن الكتاب إذ يحفر في تاريخ الحركة الإسلامية في تونس، فإنه يلهج في بيان الوسائل والآليات المقترحة لتفعيل عملها ونشاطها بعد أن أصابها شلل الملاحقة وصدأ الترهل التنظيمي والايديولوجي. كاتب وباحث

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اكذوبة النهضة
هيفاء -

اهم اسباب ضعف تأثير الحركة الإسلامية على المجتمع التونسي هو عدم تماشي الأفكار التي تروج لها مع مجتمع مثقف

اصبت يا رقم1
تونسية من امريكا -

يسلم فمك يا هيفاء لقد اختصرت الجواب الصحيح

القمع للجميع
الشاوي -

النظام الدكتاتوري يقمع الجميع بغض النظر عن الايدولوجية الفكرية التي يعمل تحتها من رؤساء الاحزاب الى الصبية الذين يرتادون الانترنت ؟!! ولكي يعطي النظام الدكتاتوري لنفسه شرعية قام ببعض المظاهرات التي يفهم منها احترامه للاسلام مثل اقامة اذاعة دينية والاحتفاء بالمناسبات الاسلامية ووداع واستقبال الحجيج ؟!!

عمق الثقافة لايقبل ا
ناجح -

الشعب التونسي شعب مثقف ومسلم وليس في حاجة إلى فكر دغمائي انتهازي غرضه الوحيد الوصول الي السلطلة باسم الدين اتركوا الدين بعيدا عن اهدافكم ويمكنكم التسيس عبر حزب سياسي قد تتنجحون إن وجدتم قاعدة

C est dommage
Madame Bayoudh -

Quand est ce que nous allons arrete de parler de n importe quoi nous avons passe des siecles en parlant de l islam et la politique sans avancer un pas ,c est honteux et c est plus temps ,reveillez vous nous avons besoin des gents qui travaillent vraiment et qui boujent(la youghayirou allahou ma bi 9awmin 7ata youghayirou ma bi2anfousihim) ca suffit de prendrela Tunisie comme un mauvais exemple et essaye de pensser comment sauver L islam et sa identite perdu et viole

تونس أعتمادها السواح
كركوك أوغلوا -

لذا ستكون السياحة والأستثمارات أول ضحية للأصوليين !!..كما حدث في أمارة غزة الحمساوية ؟؟!!..أفقار الشعوب هو سلاحهم الوحيد للسيطرة !!!..

للتوانسة الحاقدين
اهداء من مصر -

بما ان التوانسة يحبون حزب الله و حماس و ايران الى هذا الحد ادعو الله تعالى من كل قلبى ان ينتبه الفقيه الايرانى الى ان له محبون و معجبون كثر فى تونس الشقيقة عشى ان يوليهم بعطفه و محبته و عسى ان يوجه عيونه و اعوانه الى تونس و يقلب لهم نظام الحكم الى امارة شيعية اسوة بما يريد ان يفعله بمصر فان شعب تونس يبدو انهم مغرومين به جدا و انشالله يقوم بالتغييرات اللازمة عندهم خاصة لانهم منفتحين جدا فى ملبسهم و يلبسون القصير و المينى جيب و علاقة الشباب بالفتيات على النظام الاوروبى و يمنعون الحجاب و يمنعون تعدد الزوجات- رجاء الى حزب الله و حماس و ايران لا تضيعوا وقت فى مصر فتونس تحبكم و تحتاج لكم ان تفرضوا عليهم نظامكم الاسلامى الشيعى المتشدد فهم خير لكم من مصر - اللهم امين يا ربا العالمين

شعب مثقف!!!!!!
علولي -

اهم اسباب ضعف تأثير الحركة الإسلامية على المجتمع التونسي هو عدم تماشي الأفكار التي تروج لها مع مجتمع مثقف :الشعب في تونس مثقف :اسخف نكته

يا توانسة
هنيئا لكم -

نتمنى من قلوبنا ان ينتبه الفقيه الايرانى الى ان له شعبية جارفة فى تونس و نرجوه ان يتوجه الى الشعب التونسى حيث انهم متحررون اكثر مما يجب و يعيشون النموذج الاوروبى و يمنعون الحجاب و تعدد الزوجات و ياريت طالما ان تونس تعشق طريقتكم الى هذا الحد ان تستبدلوا مصر و تبعدوها عن ذهنكم و ان تتوجهوا الى تونس مشكورين

oui et oui et oui
lamia -

bonne reponse de 1 et 2!!!!!!!!!!tunisienne

ila mesry 7a9ood
bayrem al toonosy -

ta7ya tyoonos bi rijaliha wa nisaeha vive la tunisie

he mr l''egyptien!!
lamia -

je vais dire a l''egyptien un peu de respect!!nos ne pouvons pas dicte vos conduite etre avec ou contre les palestiniens c''est votre choix!!mais quand il y''a une guerre on est toujours avec les arabes et les musulmans et aussi avec tout le monde qui a besoins de soutien!!vive la tunisie et vive le peuple tunisien!nous sommes les meilleurs !et allez plus haut la tunisie que dieu vous garde!tunisienne

الي فرعون افندي
عنان الدين -

هل تعلم ان تعداد الشعب التونسي 10ملاين نسمة ومساحتها 163 الف كم2 الهذا تغار منها ومن انجازاتها الكروية مثلا اتق الله ولا تتحدث عن اسيادك التوانسة و النصرالين و الايرانين