كتَّاب إيلاف

صِنَاعةُ جَهنم!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لقد شبع القارئ تنديدًا بالأحداث وتصويرًا للمجازر! ربما ينتظر منا رؤية تختلف عن مواقف الشجبِ والادانة وتحميل المسؤوليات وإلقاء التُهم، وقد أتخم تحليلات سياسية وأخرى عسكرية تحمل توقعات أكثرها تفاؤلا ينذر بكارثِةٍ كبرى.
مخطئٌ ربما من يظن ان اي فردٍ منّا بوصفِه "إنسَانًا " بمنأى عمّا يحصل من آلام هنا أو هناك؛ لأننا بالدرجة الاولى وقبل كلّ شيئ شركاء في الانسانية، علاوة على ان كثيرًا من القراءات تبدي قلقًا من تفاقم الأوضاع وامتدادها بحيث تخرج عن سيطرة صانعيها وحدود توقعاتهم وامكانياتهم.
وإننا كأفرادٍ نؤمن بكونية الانسان وحقوقه ونتخذ من اللاعنف عنوانًا نتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه شركائنا في الانسانية وتجاه ما يحصل من أحداثٍ تتجاوز حدود الإبادة في بعض صورها؛ وإن طرح إشكالية الوضع الانساني وقضايا السلام في دوامة "المجازر" التي بَلغت ذروتها القصوى، يضع اللاعنف "حُلمًاً" صعبَ المنال ناهيك عن التطبيق. اللاعنف في دوامة الحرب:
مؤلمٌ إذن هو الوضع في غزّة! فصورُ أشلاء الاطفال الممزقة توقظ الانسان من رقادٍ عميق وتضعنا أمام أجيال تنظرُ إلينا بعيون غُلّفت بالدماء والدموع، فالمآسي تقود آرواح البشر جميعا من جميع أقطار الأرض ليقفوا الى جوار طفلة لاذنب لها الا انها ولدت هناك!
فعندما تنبثق أقصى أشكال العدوانية فإن مفاهيم السلام تتراجع بطبيعة الحال، واليوم أملنا معقودٌ على الانسان (مهما كان) ورجاءنا بالأفراد، وتمنياتنا على سياسات الدول كلها ودبلوماسياتها التي بمعظمها احترفت الالتواء والعنف وطغت الفلسفات المادية على كافة أشكال مصالحها ومآلاتها، ان تسعى الى وقف العنف واطلاق النار الفوري.
وبعيدًا عن السياسة وسجالات الساسة وصُنّاع الحروب وقريبًا من أرواح البشر أينما كانوا ولأي عقيدة انتموا (يهودا، مسلمين، مسيحيين،...)، ومن منطلق ان كلّ انسان منّا: أمّ وأبٌ إبن أو حفيد، واننا كأفرادٍ أسوياء نرفض الحروب،ونرغب ان نعيش وان يعيش الآخرون بسلام؛ ومن منطلق ان رؤية الأحداث ينبغي ان تكون بعينتين اثنتين، لابد من اقرار بعض النقاط:
bull; الحروبُ كلّها جائرة. فمهما كانت دوافعها ومآلاتها هي محض فعلٍ لا أخلاقي يتخذ من العنف سبيلا لاخضاع البشر بالحديد والنار، وشتى أنواع العنف مُدانة وكل استعمال للأسلحة هو من قبيل العبث والدمار.
bull; ان التنديد بويلات المجازر لا يكفي لبناء سلام، وان كانت الحرب شرًّا فإن الاستبداد شر أكبر منه. ان البدائل السلمية ينبغي ان تحقق حلولا عملية، وهنا استعير مقولة لجان ماري مولر:" يا لحماقة السلام الذي يُغطي الاستبداد ويتساهل مع العدوان!" فالسلم لا يكون إلا عبر مقاربة متكاملة للمشكلات السياسية المحرضة للحروب والنزاعات، فالغايات والاهداف العادلة هي تلك التي تسعى الى حماية المدنيين ورفع العنف عن المضطهدين وهي لا كون الا عبر وسائل عادلة اي باعتماد استراتيجية لاعنفية في المقام الأول.
bull; إننا نعوّل على انسانية الاسرائيلي كما نعول على انسانية الفلسطيني، واننا نبرأ من آلة العنف والدمار والجنون، فلليهود تراثٌ روحي يربأ بهم ان يقترفوا "المجازر " وهم الذين عانوا من ويلات الاضطهاد و"المحرقة" وأن يختزلوا لاهوت "أرض الميعاد" بجدار يعزلهم عن اخوتهم في الانسانية ويضعهم ضمن غيتوهات معزولة، فأطفال غزة والضفة ليسوا بأعداء لهم!و قوارب الاغاثة الانسانية لا تحمل صواريخًا! واننا نعول على تراث المسلمين الروحي الذي يأبى أن يتحول معه الانسان الى مجرد "آلة ردّة فعل "، فالاسلام كرسالة توصف بالسماوية موجهة لكل البشر والتي يتفق المسلمون على انها أرسلت رحمة للعالمين، لا يمكن ان تُختزل بشكلٍ واحدٍ على صورة نزاع دائمٍ مع الآخر!
bull; ان المتابع للسيرورة التاريخية يجد ان كبرى المجازر في التراث البشري سببها أحقاد "جماعية" لا ضغائن شخصية، وهنا تتبلور مسؤولية القيادات "السياسية والمجتمعية" في بلورة "عفو" يحرر التاريخ من دوامة العنف. وهي دعوة للعقلاء من جميع الأطراف في الامم المتحدة والمجتمع الدولي الى لحظة تاريخية حاسمة تتيح حل النزاعات حلا انسانيًّا وبوسائل سلمية.
أخيرًا هذا الحلم:
أعلمُ جيدًا انّ طرح مفاهيم التسامح والسلام في ظل المجازر تبدو حُلمًا غير عادل، وقد يفسرها البعض على انها من قبيل مسامحة المعتدي وخدمة له، غير إن بدا أن العنف ضروريا لرد العنف فهو لا يمكن ان يكون عملا مشروعًا بحال من الأحوال، فالسلام أصلٌ يضفي بعدًا أخلاقيا على عمل الكائنات الانسانية ويعطي لوجودها معنى.
إن ما نحتاج إليه اليوم وأكثر من أي يومٍ مضى هو إيجاد لُغة أخرى تتجاوز العنف بشتى صوره وآلامه،وايجاد منطق وفلسفة تُضفي على الوجود الانساني بُعدًا روحيًّا ومَعنًى إنْسيًّا تحتضن الكيان البشري وتتسع بعمق في نطاق كوني، وتجعل الحضارة الإنسانية عائلة تنعم في ظل حقيقة ان "جوهر الانسان واحد"، وأن كل فردٍ أخٌ لكل فرد، وان إنسيّة الكائنات البشرية واحدة، وما تعددية المظاهر والأشكال واختلاف الألسنة والألوان إلا آيات كونية متعددة في إطار وحدة وجود لا يناقض كيانه.
ومن حقنا كشعوب (عربية وعبرية وفرسا واكرادا، يهود ومسلمين ونصارى..) ان نحلم بالسلام، وان نرقى بإنسانيتنا عن عالم العنف والمادة وانفعال الذات المجتمعية، وان ننفلت من أسر تفسيرات اللاهوت المتحكم بنا وقوقعة الأنويات القومية والعرقية والدينية والطائفية، من الضفة الى الخليل، من غزة الى بيت لحم، من لبنان الى سيناء، من بغداد الى بلاد شنقيط، من القدس الى كل بقاع الارض من حق الانسان ان يحيا بسلام! ولصنّاع جهنم أجمعين نقول: سنحمل السلام وردًا... ولن ينتزعن أحد منا حرّية أرواحنا... ولن تحوّلنا المحارق الى تجمعّاتٍ وحشيّة... فغاية وجودنا الأرضي تحقيق اعلى مواهب الانسانية!
Marwa_kreidieh@yahoo.fr
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
Marwa
Salem -

Its nice to see a writer writes about humanity especially in the Arab World,In my experiance we all are humans It will be wonderful to see more People thinks that way.Palastininas suffered so much because of their language of destroying Israel, I thing its time to sit down and talk frankly for both sides,War so far just brought misery to both sides Nelson Mandela in the greatest example in our modern time to learn from

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بلسم -

حسبنا الله ونعم الوكيل

لا بد ان نفتح قلوبنا
رحيم -

كم كنت اتمنى ان يرزق العرب بعقلاء امثالك. نعم لا بد لنا ان نستيقظ من هدا التخلف الرهيب ونفتح قلوبنا و عقولنا للاخر

Heaven
Ahmad Taufiq -

Dear Marwa, are you talking about us on earth or you mean the Angles city or land, am with you with all your words, but where we can find this culture

خلقني ربكم أيزيدي
saleh baadry -

السيدة مروة الكردية إنك إنسانة تستحقين كل الأحترام والتقدير نعم كلنا بشر وإنسان يجب أن ينظرالى أخيه الأنسان بعين الرحمة والعدالة أني كأيزيدي عايش في العراق ,إن العرب العراقيين يتعاملون معناكأننا قرود بل حشرات ضارة ،علمآ إننا ناس مسالمين ويحرم علينا القتل حسب تعاليمنا الدينية ,العرب آينما يكونون مصدر العنصرية والنعرات الطائفية لقد خدمت في الجيش العراقي ولم أستطيع أن اقول للجنود اللذينكنت أشرب وأكل معاهم بأني خلقني ربكم أيزيدي صالح باعدري

صحيح
اري خليفة - زاخو -

يا اختي مروة كلامك صحيح جدا .واتمنى ان يطلع من العراب والدول الناطقة بالعربية شخصية متزامنة مع العصر ويعطي راءيه ... لا يوجد ... الشيعة اذا تتكلم معهم يجيبون سيرة حسين ... اين نحن واين حسين .. والفلسطيني اذا تتكلم معه يقول احتلال احتلال .. ملينا ..

اختراع بارع
اري خليفة - زاخو -

اخترعوا حماس وحزب الله طريقة علمية وعملية للدخول الى الجهنم بدون تاشيرة الدخول الفيزا ..

هدف جميل
خوليو -

مقالة الكاتبة هي من إحدى الأهداف السامية التي تطمح الوصول إليها البشرية، ولكن لنكن صادقين، فإن جزء كبير من البشرية وصل لما تصبو إليه مقالة الكاتبة ، الجزء الآخر لن يصل طالما يعلم مادة التربية الدينية في المدارس، ومهما حاولنا أن نقسم الدين لجوهر وقشور ونطالب بالتمسك بالجوهر، لن نفلح، لأن الوصول للجوهر يمر عبر القشرة ومن الصعب التمييز بين قشرة الدين وجوهره، فصل الدين عن التعليم هو الطريق الذي سلكه جزء كبير من العالم للوصول للهدف الجميل.

لازم اعرف
أم البرنيطة -

انتي مجحبة وبتلبسي برنيطة ولاّ موضة؟ لازم أعرف والا بموت لأن تقييم الكتابة الو دخل بشخصية الكاتب ان يكون متحرر أو محارب للتحرر أو متصالح مع نفسه أو ساع الى التصالح مع نفسه... انها جزء من التقييم

TO NO 9
linda -

I THINK THE WRITER, SHE WRITING FOR PEOPLE NOT LIKE YOU....SHE WRITING ABOUT LIVING IN PEACE AND FORGET OUR FIFERENCES SUCH AS RELIGION AND LANGUAGE ....AND YOU ARE ASKING,WHAT THE WRITER''S WEARING . WHAT A SAD PERSON YOU ARE

الشعب العبري؟؟؟
مهدي -

هذا الكلام اسمه دس السم في العسل و من ثم تطلب الكاتبة خلسة ان نقر و نعترف بشيء اسمه الشعب العبريشي جميل....

من ايلاف طلب مهم
عاقل -

منذ اندلاع ازمة غزة وانا اتابع ما يُكتب في الصحف العربية كراصد بحكم عملي بمركز للابحاث الاستراتيجية في احدى الدول الخليجية - فهو اول مقال من نوعه فيه جرأة دون ان تجرح احد - -

peace
dr becha -

حقيقة ليس لدي ما أضيفه بعد أن قرأته عن محرقة آخر أيام 2008 وبداية 2009، أو ما سميتها بـصناعة جهنم، على أيدي من تجبر وتكبر على الإنسان والإنسانية في هذه الظرفية التاريخية التي انتُهكت فيها الأديان وأرواح الأبرياء في الدول التي حكم عليها بأن تعيش خوفا مستمرا، دون سلام وأمان. ما عسى أن أعلق عليه بعد أن اتخذ الإنسان قرارات ضد إنسانيته، هذا الإنسان المتوحش الذي تنكر لقيمة ومعنى وجوده في هذا الكون. قرارات تشعل الحروب وتزيد التهاب المحرقة، فيصنع جهنم ويوهم العالم على أنها سلم وسلام. غير أننا، ورغم تلك القرارات العدائية، لن نجيب عن خطاب أبي لهب بإشعال المحرقة وزيادة لهيبها، بل سنلتزم بروح إنسانيتنا التي خُلقت فينا، وهذا ليس خوفا وتخاذلا منا، بل قوة نريد بها أن نوقظ بعض الضمائر التي قد تتسلح مجددا بالمحبة لصالح الإنسان مهما كانت انتماءاته الدينية والعرقية والتاريخية...، فالذين لا يسعون إلى تلك القيم النبيلة هم أموات حتى وإن اعتبروا أنفسهم أحياء. إن محبة الآخر هو سلاح الأقوياء، لماذا؛ لأنه يدافع به دون خوف عن غيره وعن نفسه. أما سلاح الأغبياء، هو سلاح المدافع والدبابات التي صنعوها لقتل ذاتهم، أي صناعة القوة التي ستتركهم خائفين منطفئين مكروهين...، أي في عزلة أرادوها وكراهية دبروها لأنفسهم؛ كراهية العالم لهم. فلندعو جميعا للسلام لأجلنا ولأجل من سيأتي بعدنا... أختي الكريمة مروى، كان نصك عميقا كعمق الجراح الذي يعيشه الإنسان في هذا الظرف والزمن الحالك، ورغم عمقه وبلاغته لم أتملك نفسي حتى أضيف له ما بجراحي لعلي أضمده بالمحبة والسلام والأمان... د. سمير بشة

تسطيح
راوندي -

هلو مريم هذا المقال ذو فكرة جيدة و لكنه سطحي ويتناول الامور بلا معرفة ثقافية أو تراكم معرفي.