الإنسان بين سياسة الحقوق وأخلاق الواجبات
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بيد انه إذا ما رمنا في الفلسفة إنقاذ الإنسان من الضياع في العالم وانتشاله من النسيان فانه لابد من تخطى هذه التعقيدات النظرية والعودة إلى الإنسان ذاته كما يحيى في الواقع وتجاوز كل الأحكام المسبقة، لابد من دراسته في وضعه الذي سبب مثل هذا النسيان والذي شكلته الأحكام المسبقة الأخلاقية والواقعية السياسية الذرائعية، فهل السياسة والأخلاق هما سببا اغتراب الإنسان وابتعاده عن ذاته؟ ماذا يحتاج الإنسان اليوم لكي يحيا حياة كريمة؟ أ هو محتاج لتدبيرات السياسة أم لتوجيهات الأخلاق؟
لقد اخترنا الحلين معا مع بعض التعديل طبعا أو لنقل التهذيب والقلب لذلك كان عنوان هذه الندوة الإنسان بين سياسة الحقوق وأخلاق الواجبات فماهي ضمنيات هذا القول ومبررات طرحه على هذا الشكل؟
ما هو بديهي أننا سندرس العلاقة بين السياسة والأخلاق وإذا تعمقنا أكثر سنهتم بمنزلة الإنسان في كل من السياسة والأخلاق ومدى حاجته إليهما غير أن ماهو إشكالي هو أن طرح الموضوع على هذا النحو يثير عدة مفارقات ويضعنا أمام عدة صعوبات واحراجات:
- الإنسان موضوع وقع استنفاذه واستهلك من كثرة المقاربات وتعدد الدراسات والشروع في استنطاقه مجددا يبدو وكأنه نوع من التكرار فماهي الطرافة التي نعد بالوصول إليها حتى نشرع إعادة طرح سؤال من هو الإنسان؟
- السياسة قبل أن تكون مجال حقوق هي مجال واجبات تتصف بالقوة والسلطة والتأديب والإرغام.
- الأخلاق قبل أن تكون مجال واجبات هي مجال حقوق تتصف بالسلم والتسامح والحكمة والحذر والرصانة واللين.
فهل هذا يعني أن الموضوع مطروح بشكل سيء وكان لزاما علينا أن نتحدث عن الإنسان بين سياسة الواجبات وأخلاق الحقوق. كلا ليس ذلك المقصود بل ما نراهن عليه هو إصلاح الأخلاق بالسياسة وإصلاح السياسة بالأخلاق إذا ما كان غرضي بالفعل هو صحة الإنسان بدل خلاصه، وتحرره بدل انعتاقه. فكيف سيتسنى لي ذلك؟
لا مناص لنا من سلوك المضيقات ولا سبيل آخر غير إثارة البعض من تلك الإشكاليات المتناثرة في الحياة الإنسانية من خلال التفكير في العلاقة القائمة والممكنة بين الثنائيات التالية: الحرب /السلم والقوة / الحق والنظام/الفوضى والخضوع /الطاعة والوسائل/ الغايات والملكية / الإيثار والسلطة /الضمير والمصلحة /المعرفة والنظرية /الممارسة والنجاعة /العدالة والسعادة/الحرية.
توجد عدة تناقضات بين هذه الثنائيات فالحرب والقوة والنجاعة والسعادة كلها أدوات ووعود تستعملها وتبشر بها الدولة الليبرالية التي نحياها أما السلم والحق والعدالة والحرية فكلها قيم إنسانية فقدت بريقها ووقع تدنيسها من طرف السياسة اليوم لذلك تبذل الأخلاق قصارى جهدها من أجل ترسيخها وصيانتها من كل تحريف.
اللافت للنظر أن ما تعاني منه السياسة تعانى منه الأخلاق أيضا فإذا كانت السياسة تنحرف إلى الاستبداد والعنف فان الأخلاق تطفح بالنفاق وسوء النية والشكلانية الفارغة.
كما أن الإنسان المعاصر مثلما هو محتاج إلى السياسة محتاج أيضا إلى الأخلاق، فالسياسة تنقذه من الفوضى وتحميه من أي اعتداء خارجي وتكفل له حقوقه، أما الأخلاق فترتقي به فوق مرتبة الحيوان وتحقق له إنسانيته عندما تصون كرامته من كل انحدار وتشحذ له إرادته.
على هذا النحو يبدو من الضروري البحث عن سياسة أخلاقية حكيمة وأخلاق سياسية إبداعية. فكيف يكون ذلك ممكنا؟
إن أطروحة المطلوبة هي التي تدور حول سياسة الحقوق في المجال الأول وأخلاق الواجبات في المجال الثاني.
- سياسة الحقوق نقصد بها أنسنة الممارسة السياسية لتكون فضاء أرحب تتجسد فيه حقوق الإنسان وتضمن.
- أخلاق الواجبات نقصد بها تفعيل دور القيم في الممارسة لتكون الدائرة المشروعة التي يتحرك ضمنها كل فعل إنساني.
بعبارة أخرى ندخل العناصر الايجابية في الأخلاق -الحق/ العدالة/الحرية- إلى السياسة والعناصر الايجابية في السياسة - القوة/ النجاعة / الحذر- إلى الأخلاق. الي أي مدى تكون هذه الأطروحة قابلة لتحقق على أرض الواقع؟ أليست مهمة العلم المدني عند الفارابي وعلم العمران البشري عند ابن خلدون والأحكام السلطانية عند الماوردي هو التأليف بين السياسة والأخلاق؟ * كاتب فلسفي أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف