كيف نوازن بين حقوق الصحافة وواجباتها؟ (1-2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تمثل الصحافة ووسائل الإعلام عموما احد اهم وسائل التأثير فى الرأى العام، واحدى وسائل ما تعرف ب" القوة الناعمة" للدول، وفى بعض الدول اهم أدوات قوتها الصلبة كما فى دولة قطر والتى تعد الجزيرة هى جيشها وقوتها الصلبة الضاربة و احد أهم ادوت السياسة الخارجية القطرية. ولا ينكر احد مدى تأثير وسائل الإعلام السعودية فى المنطقة بإمتلاكها لمجموعات إعلامية متقدمة مثل ال ام بى سى والعربية والشرق الأوسط والحياة وايلاف حتى أن رئيس الوزراء المصرى قال مؤخرا فى حوار مع صحيفة مصرية بأن اهم صحيفتين فى الوطن العربى هما الشرق الأوسط والحياة، وهو كلام نقوله منذ سنيين ومعروف للمتابعين لاوضاع الإعلام العربى. ولعقود طويلة كانت أهم المؤثرات المصرية فى المنطقة عبر قوتها الناعمة التى تتمثل فى الثقافة والإعلام والسينما وحتى اللهجة المصرية وقد تراجع دور مصر بشكل ملحوظ فى تأثيراته الناعمة فى المنطقة.
ويختلف الناس على دور امريكا ولكن لا ينكر احد مصداقية ونزاهة صحف مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست وغيرهما من وسائل الإعلام الامريكية المتعددة. وترتكز الصحافة المستقرة المتقدمة على ساقين يمثل احدهما الحقوق والحريات ويمثل الآخر المسئوليات والواجبات، وبناء على التوازن بينهما يمكن تقييم وضع الصحافة فى أى بلد. وهناك ركائز رئيسية تتشكل منها حقوق الصحافة وتمثل العمود الفقرى لحريتها وإذا توفرت هذه الركائز نستطيع ان نقول ان هناك حرية صحافة فى هذا البلد أو ذاك ومن أهم هذه الركائز ما يلى:
اولا: الحق فى إصدار الصحف كشركات، أى بالاخطار وليس بالترخيص.
وهذا الحق غير متوفر فى مصر ولا فى اى دولة عربية، فرغم الإنفجار فى عدد المطبوعات المصرية إلا إن إصدار صحيفة فى النهاية هو قرار سياسى يصدر عن مؤسسة رسمية هى المجلس الأعلى للصحافة،وقبل ذلك لا يتم إلا عبر ضوء اخضر من الأجهزة الامنية التى تمنع وتمنح وفقا لمعايير امنية ليس لها علاقة بحرية الصحافة أو نزاهتها، ولهذا توجد فى مصر الكثير من الصحف الخاصة والحزبية ولكن لا توجد صحف مستقلة، فالكلام عن صحف مستقلة فى مصر هو وهم لا وجود له.
الصحيفة سلعة مثل أى سلعة تصدر عن شركات تكسب وتخسر وتتوسع وتفلس، والتحكم فى إصدار الصحف هو تحكم فى البيئة الحاكمة للصحافة وهو توجيه للخطوط الرئيسية للعمل الصحفى وللصحافة وتوجهاتها والاطر التى تتحرك فيها.
ثانيا: الحق فى الحصول على المعلومات
الخبر والتحقيق والتقرير والتحليل السياسى كلها امور قائمة على توفر المعلومات الصحيحة ولهذا توجد فى الدول المتقدمة قوانيين تقنن حق الحصول على المعلومات بعيدا عن التسريب والتخمين، فبدون معلومة تصبح الصحف فقيرة إعلاميا وبدون معلومة صحيحة تفقد الصحف مصداقيتها، وميزة حق الحصول على المعلومات إنها تمنع الإنتقائية وتجعل المهنية هى معيار النشر وليست الإنتقائية الموجهة فى حالة التحكم فى المعلومات من قبل الحكومات. والتحكم فى المعلومات هو أداة من أدوات النظم المستبدة تستخدمها لتوجيه الإعلام والإنتقام من خصومها وإبراز محسوبيها وشللها... وفى النهاية هو إعتداء على حق المواطن فى المعرفة.
ثالثا:إلغاء الحبس فى قضايا النشر
وهى حقوق حصلت عليها الصحافة فى الدول المتقدمة منذ حوالى مائتى عام، فلا يجوز حبس شخص بسبب اراءه مهما إن كانت هذه الاراء، ولا يجوز حبس صحفى بسبب القذف والسب والإهانة...فقط الدعوة للعنف والقتل هى التى تعتبر جرائم تستوجب العقاب الجنائى حماية للمجتمع. وضمان عدم الحبس فى قضايا النشر لا تنطبق على الصحفيين فقط ولكن على المواطن العادى الذى ينشر رأيا فى الصحف، وقد حكمت محكمة مصرية فى 2006 على الشاب المصرى كريم عامر(22 سنة) بالحبس اربعة اعوام نتيجة نشر مقالة على الانترنت!!!، كما تم فصله من جامعة الازهر نتيجة لاراءه أيضا التى نشرت فى مدونة الكترونية فهل هذا يعقل؟، وهل يعقل أن يقدم صحفى للمحاكمة لأنه نشر خبرا حول صحة الرئيس المصرى رغم أن القاسى والدانى يعلم أن الرئيس المصرى يعانى من متاعب صحية وسقط من قبل وهو يتحدث أمام مجلسى الشعب والشورى على مرأى من ملايين المشاهدين؟.
ولا يعنى عدم حبس الصحفيين إنتفاء العقوبة فى حالة السب والقذف وإنما يجب تغليظ العقوبات المالية وإن أدى ذلك إلى إفلاس الصحف التى لا هم لها سوى التطاول على الناس وإبتزازهم ونشر ثقافة هدامة تطول الأديان والأشخاص وحرمة الحياة الخاصة وتنتعش على نشر الاخبار الكاذبة والتحقيقات المفبركة والتقارير المزيفة والفضائح المختلقة.
رابعا:حق الصحفى فى الاحتفاظ بسرية مصادره بدون تهديد
وهى قضايا نوقشت فى امريكا على اعلى مستوى خلال ازمة ما عرف باوراق البنتجون عام 1972 وفى عام 2005 فى قضية جوديث ميللر الصحفية السابقة فى جريدة النيويورك تايمز والباحثة حاليا بمجلس العلاقات الخارجية الامريكية بنيويورك لإصرارها على الاحتفاظ بسرية المصدر فى قضية البرنامج النووى العراقى وسجنت فى 6 يوليو 2005 لإصرارها على حقها فى حماية مصادرها السرية. وحق الاحتفاظ بالمصادر هو حق مقنن فى امريكا على مستوى الولايات ولكنه غير مقنن على مستوى القضاء الفيدرالى،ويسعى الصحفيون الامريكيون بجعل الاحتفاظ بسرية المصدر مقنن فيدراليا مثل حق المحامى مع موكله والطبيب مع مريضه.
وهناك فرق بين هوية الجريمة وهوية المصدر، فالابلاغ عن الجريمة ومحاولة منعها هو حق أساسى للمجتمع أما هوية المصدر فتخضع للسرية فى حالة الطبيب مع مريضه والمحامى مع موكله فكلاهما له الحق الفيدرالى فى التستر على عميله بدون عقوبة، ويسعى الصحفيون فى امريكا فى الحصول على هذا الحق فيدراليا.
ووقتها دار النقاش على أن الحكومة الامريكية أحيانا تسرب معلومات ضد خصومها للتشهير بهم وحماية المصدر فى هذه الحالة هو تستر على إبتزاز الحكومة لمواطنيها.. ومازال النقاش دائرا ويحتاج إلى تقنيين متوازن ، ولكن فى النهاية يشكل حماية المصدر من التهديد جزءا أساسيا من حرية الصحافة.
خامسا: الفصل بين التحرير والإدارة
يشكل الفصل بين التحرير والإدارة عاملا مهما فى حرية الصحافة، حيث تكون المهنية فقط هى معيار النشر ويتبع الإعلان الإدارة وليس التحرير. ولا تستقيم حرية الصحافة بدون هذا الفصل، فهو يحمى الصحف من تأثير المال ومن التدخلات الشخصية للمالكين ولا يتم ذلك إلا عبر أطار مؤسسى ومن خلال اتفاقيات واضحة لحدود الإدارة وحدود التحرير وإختصاصات كل منهما.
ويترتب على هذا الفصل ضعف تأثير العوامل الخارجية على توجهات الصحف، فلو اشترت دولة عربية مليون نسخة يوميا من النيويورك تايمز مثلا فلن يمنع إدارة التحرير من انتقاد هذه الدولة، عكس هذا يحدث فى مصر والدول العربية، فهناك دول عربية محددة تشترى آلاف النسخ من صحف بعينها وتحيدها تماما تجاه أخبار تنتقد أوضاع هذه الدولة ولا تنشر عنها إلا النفاق وأخبار تجميلية كاذبة.
سادسا: منع الإحتكار
لا يستقيم مفهوم حرية الصحافة مع إحتكار ملكية الصحف سواء للحكومات او لاشخاص بعينهم. ولهذا ينتفى مفهوم حرية الصحافة فى الدول التى تسيطر على ملكية الصحف أو تسيطر على النصيب الأكبر منها، ويقف ضد إحتكار الصحف حق أى شخص فى إصدار صحيفة كما قلت بمجرد الاخطار.
ولا ينطوى الاحتكار على الملكية فحسب وأنما على المعلومات وعلى حق اصدار الصحف فكلاهما احتكار، فاحتكار الملكية واضح وإحتكار المعلومات هو توجيه لحرية الصحافة وإحتكار حق الاصدار هو توجيه أيضا لحرية الصحافة ورسالتها، وكل ذلك يقف على النقيض من مفهوم حرية الصحافة.
سابعا: تعددية الصحف وتنوع إتجاهاتها
يشكل حق جميع المواطنيين على مختلف تنوعاتهم العرقية والدينية والنوعية والايدولوجية ركنا اساسيا من حرية الصحافة، فلا تستقيم حرية الصحافة ووضع عوائق امام فئة او جماعة معينة امام التعبير عن نفسها من خلال حق إصدارها لصحفها الخاصة ووسائل الإعلام المختلفة، ولا تستقيم حرية الصحافة ومحاولة التعتيم أو تهميش جماعة معينة فى الصحافة المملوكة للدولة، فبقدر تنوع وشمولية وتعدد التناول الاعلامى بقدر الثراء المجتمعى، وفى النهاية تنتفى حرية الصحافة فى حالة وجود موانع او عوائق أو بيئة مانعة لاظهار تنوع المجتمعات وإختلافاتها فى وسائل الإعلام.
وأخيرا: الحق فى التعبير عن الرأى بدون قيود أو خطوط حمراء
وهذا حق أساسى ومبدئى من حقوق الصحافة وهو حق النشر والتعبير بدون أى رقابة من أى نوع سواء كانت رقابة حكومية أو قانونية أو مجتمعية أو وجود خطوط حمراء يمنع الأقتراب منها.
وفى مصر تم كسر الكثير من المحظورات ولم يتبقى إلا ثلاثة وهى المتعلقة باخبار الجيش المصرى والاجهزة المخابراتية وتناول الأحكام القضائية بالنقد والرفض، وحق التعبير الحقيقى لا يستثنى شخص أو مؤسسة من النقد والتناول.
هذه هى الركائز الأساسية لحرية الصحافة إذا توفرت نقول إننا إزاء صحافة حرة،ومعظم هذه الركائز غير متوفر فى حالة مصر رغم الحديث والتصريحات الرنانة بأن هناك حرية صحافة فيها، ولهذ تصنف مؤسسة فريدوم هاوس مصر من الدول التى تخلو من حرية الصحافة وتضع منظمة مراسلون بلا حدود مصر فى ترتيب 101 من 139 دولة مرتبة حسب حريات الصحافة بها.
هذا عن معايير حرية الصحافة فماذا عن واجباتها ومسئولياتها هذا ما سوف نناقشه فى المقال القادم.
Magdi.khalil@yahoo.com
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
أين الجديد؟
سلمان المولى -إذ لم يأت الكاتب بالجديد فعليه أن لا يكتب. ما جاء في هذا المقال عبارة عن تعبئة فراغ، واثبات حضور فقط. كلام مكرر ومعاد ومعروف. هاتوا الجديد أو اصمتوا، فالصمت هنا افضل.
تعليق فى الحدث
بندق -الان مصر احرزت كأس افريقيا ! ولا يوجد بالمتخب لاعب قبطى للاسف بعد هانى رمزى ..فعلى الكاتب دراسه تلك الظاهره حيث ان الموهبه ليس لها علاقه بالدين ..والسر يرجع الى كثره صيام الاقباط حسب تعليمات القسس! فأكل البقوليات يؤثر على بنيان الجسم..ومطلوب من الكاتب العمل على عمل اصلاحات بالكنسيه وحتى يظهر لاعبين اقباط بالمنتخب الذى يرحب باى موهبه ..فالانديه بها لاعبين مسيحيين بالاستيراد فالاولى مصريين محلى مش كده ولا ايه ؟
بندق الحكيم
سمير الحاج -كلامك يا بندق كلام الحكماء يا ليت القس مجدي خليل يسمع كلامك. يبقى نهارنا أبيض. مبروك الكأس.
ايام سودة جاية
مدمن ايلاف القبطي -مقالة ممتازةوكل نقطة يهامرجع متميز للجميع والان ماراي حزب الارهاب والتخوين وكارهو الاقباط؟ علي اي حال للاخ بندق اذا كانت الدولة تضحك علي الاقباط وتعاملهم مثل اي مختلفين عقليا وتسرق كل حقوقهم مدارسهم ومستشفياتهم واموالهم وكل ما لهم ونحن صامتون واسيادنا مخروسون فلما لا تعاملنا الاندية علي اننا ايضا معاقين بدنيا والذنب ذنب الخونة فينا هل صعب الي اي ملياردير قبطي شراء اي نادي في اوربا قبطي مطعم بافضل لاعبي العالم ولكنها الانانية وبيع دماء الاهل لاكل كرسي في مجلس الشوري وسلم لي علي حزب يهوذا يا سيد بندق نحن الاقباط كغثاء السبيل لا قيمة لنا هل رضي اي قبطي بمقاطعة الاهرام التي تسمح لمن يسخر من ديننا بالكتابة فيها؟ كل ميزانية الاهرام من وفيات الاقباط عشان المرحوم يروح الجنة يا سيد نحن لا نتغير وسنظل عبيدا للمسلمين الي يوم الدين ما دام الاسياد يريدوا هذا
الغرض من الحرية ؟!!
رشاد القبطي -لماذا يدافع البعض من ذوي الاتجاه الشعوبي الانعزالي بشخص مثل كريم عامر ؟!! علما بان المدعو كريم حاول نشر مقالة له بالاقباط متطرفون ورفض النشر لاسباب قبطية ؟!!! هل تقبلون ان ينتقد المدعو كريم عامر المسيحية كما بنفس القوة وعدم الموضوعية والاساءة التي ينتقد بها الاسلام والمسلمين ام ستنصبون له مشنقة وتشتمونه على انه بالنهاية مسلم شكلا لا موضوعا ان الحرية المطلقة لا وجود لها الا في الخيال وانتم لاتستطيعون الصمود امام الحرية المطلقة الا اذا كنتم ستستخدمون الحرية في مشروعكم الطائفي الانعزالي فهذا شيء اخر حتما ؟!!
توضيح الموضح
سامي سعد -واضح ان الكاتب مجدي خليل بخلاف قضايا الاقباط لايجيد ..واضح جدا خطورة الكتابة بطريقة واحدة وبتفكير واحد طول العمر ..بصراحة النخبة المدنية القبطية في محنة ويرحم الله ايام غالي شكري ومراد وهبة ولويس عوض ويونان وقلادة وغيرهم من الاعلام المدنية القبطية التي كانت تنصت كثيرا وتكتب قليلا ..ولكنها كتابة بماء الحياة
حقيقة مشروعهم ؟!!!!!
رشاد القبطي -سيبك من الكلام عن الحرية وفتش في العمق عن المشروع الانفصالي الاستئصالي الطائفي الانعزالي ان الاجندة الخفية للتيار المسيحي المهجري العنصري المتطرف اخطر من الحريات و حكاية الاضطهاد والمواطنة وفتش في العمق عن ماوراء السطور ومافي الصدور احقاد دفينة لم تهذبها تعاليم السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، اعتقد ان التوجه لدى التيار المهجري العنصري المتطرف من مسحيي مصر هو عدم الاعتراف بالواقع حيث حيث ان 95% من سكان مصر هم من المسلمين اربعون مليون منهم عرب اقحاح ووفق هذه الحقيقية السكانية تغدو احلام هذا التيار المهجري المتطرف الانعزالي الاستئصالي من احلام العصافير ، البلد ممسوكه بقانون الطواريء وهذا لحسن حظهم هذه الاقلية تسيطر عليها التجربة محاكم التفتيش الاسبانية التي عملت على طرد العرب من الاندلس كما تعجبهم تجربة اليهود بطرد الفلسطينين من ديارهم ويأملون في تدخل العالم المسيحي . لكنهم لا ينتبهون الى الفارق الواقعي بين التجربتين وان مثل هذا التصور الجنوني ربما يؤدي الى استئصالهم كما حصل في العراق بسبب ديمقراطية المارينز والفوضى الهلاكه ؟!!
قبطي وقبطي ؟!!
الايلافي -امس اطل علينا القس مجدي خليل على قناة الجزيرة وردد الاكاذيب اياها وبالمقابل راينا الوجه السمح للمسيحية القبطية في وجه المحاور الثاني والذي هو قبطي بالمناسبة ولكن شتان ما بين الثرى والثريا ؟!!