ما لا يمكن منعه يجب السماح به
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يبدو أن مقولة " اسبينوزا " (1677 - 1632) الشهيرة: " ما لا يمكن منعه يجب السماح به "، لم تصل أصداؤها بعد إلي مسامع وزراء الإعلام العرب في مطلع الألفية الثالثة، رغم أنهم يمتلكون اليوم، أحدث وسائل الاتصال والمعلومات والميديا!.
ففي كتابه "البحث اللاهوتي السياسي" Tractatus Theologico-Politicus - عام 1670، أكد اسبينوزا أن للمرء الحق فى مخالفة الحاكم فى تفكيره كما يشاء. ففى مجال التفكير، وفى مجال العقل ينبغى أن تسود الحرية التامة. أما كبت حرية الفكر فلن تؤدى إلا إلى الرياء والنفاق.
ويستطرد: "هب أن الحرية قد سحقت، وأن الناس قد أذلوا حتى لم يعودوا يجرأون على الهمس إلا بأمر حكامهم. رغم ذلك كله، فمن المحال المضى فى هذا إلى حد جعل تفكيرهم مطابقاً لتفكير السلطة السائدة، فتكون النتيجة الضرورية لذلك هى أن يفكر الناس كل يوم فى شئ ويقولوا شيئاً آخر، فتفسد بذلك ضمائرهم. ويكون فى ذلك تشجيع لهم على النفاق والغش.
أما إذا كانت الوسيلة إلى كبت الحريات هى ملء السجون بالأحرار، فإن اسبينوزا يعلق على ذلك بقوله: " أيستطيع المرء تصور نكبة تحل بالدولة أعظم من أن ينفى الشرفاء وكأنهم مجرمون، لا لشئ إلا لأنهم يؤمنون بآراء مخالفة لا يستطيعون إنكارها"... وهو ما جعله من أنصار حرية الفكر على مر العصور.
هذه المقدمة ضرورية لنري بوضوح حجم الهوة وعمق الردة التي نعيشها اليوم، والعودة مجددا إلى عصر الوصاية على الجماهير، في ظل الانفجار الإعلامي. فالبنود ال 13 لوثيقة تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية، والتي أقرها الاجتماع الاستثنائي لوزراء الإعلام العرب في القاهرة مؤخرا، تحد من حرية العمل الإعلامي، تحت ستار محاربة تجاوزات أخلاقية، لا تهم النظام السياسي العربي أساسا. وتحاصر الإعلام الجاد تحت ستار "التنظيم والحماية"، كما إن لهجة التهديد وقائمة العقوبات الواردة بالوثيقة تكشف عن نية معظم الأنظمة العربية للتصدي لموجة الانتقادات المتصاعدة التي تتعرض لها.
الملفت للنظر انه قبل التصديق علي هذه الوثيقة بأيام، تم تسريب مسودة قانون ضمن أوراق مؤتمر "المعلومات حق لكل مواطن" الذي نظمه مركز معلومات رئاسة الوزراء في مصر، تفرض المزيد من القيود علي العمل الإعلامي والحقوقي عبر قانون "الإفصاح وتداول المعلومات". ويعتبر القانون حصول الصحفي علي المعلومة مجرد "استفادة فئوية"، ويمنع إطلاع المجتمع علي علاقات الحكومة بالخارج، ويحجب المعلومات الاقتصادية المهمة عن طالبها، ويتجاهل حق الباحثين الأكاديميين في تحليل الوثائق التاريخية، ولم يربط بين مسئولية حاجب المعلومات ومسئولية الصحفي القانونية بنشره معلومات اجتهد في الحصول عليها من مصدر آخر.
وبإختصار فإن قانون "حرية المعلومات" سيكون قانونا لمصادرة المعلومات وحجبها لأنه يجعل حق المواطن في الحصول علي المعلومات أمرا استثنائيا وليس حقا أصيلا.
لكن يبدو أيضا أن المقصود بذلك هو الفضائيات وليست الصحافة أو البحث العلمي، صحيح أن الصحافة الورقية ظلت لعقود طويلة من الزمن ملجأ للمواطنين في وجه تجاوزات السلطات، في المجتمعات الديموقراطية hellip; وعرفت بـ "السلطة الرابعة"، وصوت الذين لا صوت لهم في وجه السلطات الثلاث التقليدية للدولة: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.
لكن مع تسارع وتيرة العولمة، أفرغت هذه "السلطة الرابعة" من مضمونها إلي حد كبير، وفقدت شيئًا فشيئًا وظيفتها الأساسية كسلطة مضادة، ومن يدرس عن كثب آليات العولمة، يلاحظ انطلاقة نوع جديد من الرأسمالية، أقل صناعية وأكثر مالية. إذ نشهد في هذه المرحلة من العولمة مجابهة حادة بين السوق والدولة، بين القطاع الخاص والخدمات العامة، بين الفرد والمجتمع، بين الأنانية والتضامن الاجتماعي.
رافق ذلك - حسب انياسو رامونه - تحول حاسم في حقل الإعلام الجماهيري، طال بنيته الصناعية نفسها، فباتت وسائل الإعلام الواسعة الانتشار الآن من [محطات الإذاعة والصحافة المكتوبة وشبكات الإنترنت والتليفزيون والأقمار الصناعية] تتجمع أكثر فأكثر داخل مجموعات إعلامية ذات بعد عالمي لتشكل ما أسماه " السلطة الخامسة "، إذ أن "الثورة الرقمية" كسرت الحدود بين أشكال الاتصال التقليدية الثلاثة أي: الكتابة (الصحافة) والصوت (الإذاعة) والصورة (التليفزيون)، وفتحت المجال أمام ظهور "الإنترنت".
إن تداخل هذه الدوائر التي كانت مستقلة في الماضي، لتتحول شيئًا فشيئًا إلى دائرة واحدة عملاقة هي الفضائيات، يصعب التمييز داخلها بين ما هو ثقافة جماهيرية أو تواصل أو إعلام، يؤثر على السلطة السياسية القومية ويحاصرها من كل اتجاه، سواء في مجال الحريات وحقوق الإنسان أو الفساد، إذ أن العولمة هي بالأساس عولمة وسائل الإعلام الجماهيرية ووسائل الاتصال والأخبار، وهو ما جعل وسائل الإعلام تتلاعب بالحياة السياسية بقدر ما تتلاعب السياسة بها، مما يقلب مفهوم "السلطة" ويجعلها على حد تعبير "جورج بالانديه" (خاضعة لتكنولوجيا المظاهر).
لذلك يسعى اليوم كل الأطراف داخل المجتمع (من أفراد ومراكز ضغط ومؤسسات غير حكومية ورجال أعمال وسياسيين معارضين) إلى امتلاك قواعد اللعبة، والاستفادة قدر الإمكان من سلطة الإعلام بامتلاك الفضائيات، لأن المجتمع المعاصر لم يعد مجتمعًا إعلاميًا وإنما "موجهًا إعلاميًا"، وهو ما تنبه إليه مؤخرا وزراء الإعلام العرب، علي طريقتهم، لكن فاتهم أن الفضائيات، ليست النايل سات فقط أو العرب سات فحسب، وأن ما لا يمكن منعه يجب السماح به.
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
أبيض وأسود
دكتور سليمان الاتربي -صديقي المفكر الكبير الدكتور عبدالله هؤلاء وزراء إعلام أبيض وأسود لم يسمعوا بعد عن ما تحكي عنه لكن كان لابد من كشف نواياهم ومخططاتهم التي ستنتهي إلي الفشل ... أحييك من اسبانيا
علي ما تفرج
سنوحي -في الأحياء الشعبية في مصر تعبيرات رشيقة ودمها خفيف وتفيد المطلوب دون تقعر . فإذا ذهبت إلي ميكانيكي سيارات لإصلاح عطل في السيارة ، وفشل في مهمته يقال عنه : " ميكانيكي علي ما تفرج " . يعني أقضي حالك عنده علي ما يفرجها المولي بميكانيكي حقيقي شاطر يعرف كيف يصلح أي عطل أو عطب .وأتصور أن هذا ينطبق علي معظم وزراء الاعلام من المحيط الي الخليج ، فهم وزراء اعلام علي ما تفرج ، لأنهم يحاولون جاهدين سد قرص الشمس بزجاج شفاف ، وليتهم ما فعلوا !!
سوبر سايز
أحلام -كيف تفتق ذهنهم عن محاصرة الفضاء إلا إذا دمروا أسطح المنازل والبيوت العربية بما عليها من أطباق ؟ ثم كيف سيمنعون الناس من البث الإذاعي والهوائي ... فعلا وزراء سوبر سايز
كلام كبير
غطاس -كلام كبير ومهم ويحتاج تأمل لأن المسألة زادت عن حدها والعالم يضحك علينا ومش ممكن نضحك عليه ... أيه ده ؟؟؟؟
لنا الله يا دكتور
عماد العادلى -معروف ان وزارة الاعلام تعد من الوزارات السياديه عندنا هى ووزارة الداخليه فلهما من الاهميه ما يوازى اهميه باقى الوزارات مجتمه فى بلادنا فالاولى جعلت لقمع الفكر والاخرى تشاركها وتؤازرها بالروح والدم. ومعروف ايضا ان وزارات الاعلام تستمد وجودها اساسا من الانظمه الدكتاتوريه فهى وزارات غير شرعيه ولا توجد الا فى مجتمعاتنا الميمونه وبالطبع لا اقصد اى شئ بالميمونه تلك . واخيرا اود القول ان وزراء اعلامنا لا يعرفون اسبينوزا ولا حتى ام لوزه
إقتباس
محمد عبدالرحمن -"...ان ما يسمى بإهانة رموز الدولة تهمة وهمية لا وجود لها فى النظام الديمقراطى , فلا يوجد فى الديمقراطية رموز للدولة وانما يوجد مسؤلون انتخبهم الشعب لخدمته ومن حقه ان ينتقدهم ويعزلهم عن طريق الإنتخابات الحرة .ان تعبيرات ( اهانة رموز الدولة ) و ( تكدير السلم الإجتماعى ) و ( الحض على إزدراء النظام ) و( إثارة البلبلة ) الى آخر هذه التهم السخيفة هى من مخترعات الأنظمة الإستبدادية للتخلص من المعارضين وتكميم الأفواه حتى يفعل الحاكم المستبد ما يريده فى الوطن والناس فلا يجرؤ أحد على مساءلته "علاء الأسواني
رموزالدولة
مصرى -يااخ عبد الرحمن لو تعرف ان رموز الدولة تشمل فيما تشمل فيفى عبدة وامثالها ناهيك عن صفوت الشريف وامثالة فلا تتعجب!!!!!
سلاح الأمر والدبابة
إنجي -الإعلام العربي هو إعلام سياسي سلطوي!-وبما أننا فاشلون سياسياً فبالتبعية فاشلون إعلامياً-فإعلامنا وحواراتنا به ليست إلا حوارات همج وكلامهم!وعندما يرغب بالإقتراب من المُتلقي-فيشكو له الإعتداء الخارجي السافر!-وفي السنوات الأخيرة الإعلام العالمي هو إعلام سياسي حربي-فهو القائد والغول-ومحامي الشيطان-وعدوانه تخطى عدوان الدبابة!-ومع هذا التوحش الإعلامي-فهناك كتب تخترق ذاك التأثير كــكتاب(حرب الإعلام الإسرائيلية: تضليل إعلامي وتماثلات باطلة في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني)-لــجوس دراي ودونيس سيفر-وكتب أخرى لا تُعد!؟-الإعلام ليس إعلام بل علم نفس!-فأرى أن مقعد لنا خلف التلفزيون خير من أمامه-فربما نحصل على قسطاً من التفكير الحر بعيداً عن التنويم المغناطيسي-وفرصة أخيرة للحصول على جزءاً من الحقيقة-فهذا أفضل من الغوص في العدم!-ورغم أن منا من يعرف فن العوم-لكن لا عوم بمياه راكده-شكراً0
تحية لاستاذى
المرارة اتفقعت -والنبى ياعم عماد العادلى قول لاخوك حبيب العادلى واللى مشغلينه يحلو عن سمانا لحسن المرارة اتفقعت عشر مرات ورا بعض وما فاضلش الا العدة لو فرقعت نروح فى ابو نكلة--تحية لاستاذى عبد الله