كتَّاب إيلاف

هل بقي مكان للاعتدال في الشرق الأوسط؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هل لا يزال مكان للأعتدال في الشرق الأوسط.عندما نشاهد ما يدور في غزة حيث الوحشية الإسرائيلية والصواريخ العبثية، وعندما تحصل عملية مثل عملية القدس الأخيرة التي أستهدفت معهدا دينيا يهوديا في المدينة المقدسة، يتبين كم أن الشرق الأوسط في حاجة ألى صوت معتدل وألى كسر حلقة العنف. أنها الحلقة التي يعاني منها الشرق الأوسط منذ ما يزيد على ستة عقود. أنها الحلقة التي يحاول ملك شاب هو عبدالله الثاني الأنتهاء منها داعيا الولايات المتحدة ألى لعب الدور الذي يفترض بها أن تلعبه. هناك بكل بساطة في المنطقة من يجد مصلحته في التصعيد من جهة وهناك من يحض على الأنتقال ألى مرحلة جديدة أنطلاقا من تسوية تعتمد أساسا على "حل للنزاع" الفلسطيني - الإسرائيلي من جهة أخرى. المواجهة مستمرة بين الخير والشر، بين ثقافة الحياة وثقافة الموت بكل بساطة!
في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة التي تخللها لقاء مع الرئيس بوش الأبن، سعى العاهل الأردني مرة أخرى ألى أنقاذ ما يمكن أنقاذه. شدد غير مرة في خطاب ألقاه في كلية وودرو ولسون للشؤون العامة والدولية (جامعة برنستون) على أهمية البحث عن تسوية أذ قال:" قبل عام وأمام الكونغرس الأميركي، حضّيت أميركا على أن تأخذ على نفسها ألتزاما كاملا بقيادة المسيرة ألى أمام. وقلت يومها ما أكرره اليوم هنا... أن مصدر الأنقسام العالمي والأستياء والأحباط في منطقتنا وما وراءها هو أنكار العدالة والسلام في فلسطين. أن بداية الشراكة الأستراتيجية الطويلة المدى بين العالم العربي والولايات المتحدة الأميركية يجب أن تنطلق من حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني". وشدد أيضا على أن الوقت"ينفد". وجاءت أحداث الأيام ألأخيرة لتؤكد أن الوقت ينفد وأن الحاجة كبيرة ألى تحرك سريع لمواجهة المتطرفين من عرب وغير عرب وإسرائيليين. كان تحذير عبدالله الثاني في غاية الوضوح. كان كمن يقرأ من كتاب مفتوح لا أسرار فيه، بل يحوي كل أنواع المخاطر التي تبدو محدقة بالمنطقة. ولذلك لم يتردد في القول:" أن الفرقة والشقاق والكراهية جرفت معها التفاهم والوفاق. وقد غدت سلاحا في يد أعداء الأنسانية الذين هاجموا مركز التجارة العالمي (في نيويورك) والذين يعملون على شق أوروبا المتعددة الثقافات والذين يسعون ألى تمزيق منطقتي أربا". نعم هناك مخاوف من حلف المتطرفين الذي يسعى ألى تمزيق الشرق الأوسط. ولذلك لا بد من البحث عن نقطة أنطلاق لمواجهة التطرف. نقطة الأنطلاق هذه هي بكل بساطة القضية الفلسطينية نظرا ألى أنه "من الصعب أن نبالغ في الحديث عن مقدار المخاطر، سواء بالنسبة ألى ألأميركيين أو العرب أو الإسرائيليين أو حتى العالم كله" في حال بقاء القضية من دون حل أو تسوية معقولة.
هل فات أوان الكلام المعتدل الذي ينم عن رغبة في تفادي "كارثة كبيرة" تتسبب بها منطقة "يترعرع فيها كل يوم طفل والأحباط والكراهية في عينيه"... على حد تعبير العاهل الأردني.
ما يبدو مخيفا في أيامنا هذه أن ليس هناك من على أستعداد لسماع كلمة الأعتدال والسعي ألى أنقاذ ما يمكن أنقاذه سوى قلة لا تزال تؤمن بأن في الأمكان عمل شيء. هذه القلة تنادي بأنهاء ستين عاما من النزاع والعنف والأحتلال وبوطن للفلسطينيين يوفر لهم الأمل والأحترام ويؤمن لهم مستقبلا أفضل. كذلك تنادي هذه القلة بالأمن لإسرائيل والقبول بها متى تخلت عن الرغبة في تكريس الأحتلال. وتنادي أيضا بقيام منطقة تدخل في شراكة أستراتيجية بين الولايات المتحدة والشعوب العربية والأسلامية وتعمل على تغيير المشهد الأستراتيجي وخلق آفاق جديدة للتقدم والسلام.
تأخرت الأدارة الأميركية في التدخل بفعالية لأخراج الشرق الأوسط من النفق المظلم الذي دخله والمتمثل في لعبة التصعيد المتبادلة التي أنتقلت من غزة ألى القدس والمرشحة للأنتقال ألى مناطق أخرى في فلسطين وخارجها.
قام عبدالله الثاني قبل سنة بمحاولة أولى عبر خطابه أمام الكونغرس للتنبيه ألى مخاطر أستمرار النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي داعيا ألى الأنطلاق من حل للنزاع كمقدّمة لمواجهة المشاكل الأخرى التي يعاني منها الشرق الأوسط. لم تكن الأستجابة الأميركية كافية. أنعقد مؤتمر أنابوليس في نوفمبر - تشرين الثاني الماضي. جاء متأخرا ودون الطموحات. الآن يكرر العاهل الأردني نداءه. الوقت يمر بسرعة والأحداث تتسارع. كان النداء الجديد واجبا عليه. كان عليه أن يفعل ذلك كي لا يُقال أن احدا لم ينبه العالم عموما والأميركيين تحديدا ألى أن المنطقة على كف عفريت وأن ليس معروفا أين هي نقطة البداية. نقطة البداية واضحة عندما يكون هناك من يريد أن يسمع... هل من يريد أن يسمع في الشرق الأوسط وخارجه، خصوصا في واشنطن؟ هل من يريد التجاوب مع صوت الأعتدال والتصدي للتطرف بالسياسة وليس بمزيد من العنف من منطلق أن العنف لا يولد سوى العنف وأنه آن أوان كسر الحلقة المغلقة... وأنقاذ ما يمكن أنقاذه؟ أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مقال رائع
علي -

مقال رائع وواقعي.شكرا للكاتب ولوفائه للمبادئ العربية الأصيلة.

هل حياة لمن تنادي
سناء قاسم -

هناك دول اقليمية تريد التصعيد والتقسيم والحروب لأن السلام والاستقرار سيسحب الأوراق من ايدي تلك الدول ناهيك عن الادوات التي تنفذ الأجندة التخريبية مثل حماس وحزب الله.

عاشت يدك
طارق -

عاشت يدك يا أستاذ خيرالله. انت الذي تعرف أن المزايدات لا تخدم سوى العدو الأسرائيلي. المقال قمة الوطنيةولكن هل من يريد سماع كلمة حق في هذا الزمن المنحط حيث لا مكان سوى للمزايدات؟

الاقلية حينما تحكم
مجدي ابوالكوم -

لايخفى عليك ايها الكاتب من يقف وراء تأجيج كل هذا العنف في المنطقة ,تصور لو ان سورية محكومة برجل عاقل يستمد قوته من مشروعية وجوده على رأس الدولة من الشعب ومن دعمه ومحبته كالملك الاردني, في سورية تحاول الأقلية الطائفية الحاكمة والتى تعرف انها تحكم بالارهاب والاجرام شعبها السوري بسبب عدم مشروعية تسلطها على مقاليد الحكم والقرار تحاول زرع الفتن ونشر الفوضى في الدول المجاورة لخدمة استمرارية هيمنتها المريضة المقززة في سورية, تصور ان كانت سورية محكومة من رجل مرتاح لمشروعية حكمه لكانت سورية آنذاك دولة سلام وحضارة وبناء ولكانت مثالا لكل دول المنطقة بسبب امكاناتها وطموح ابناءها ولتفادت شعوب المنطقة كل ذلك الموت والالم والمعاناة والدماء والدموع في لبنان والعراق وفلسطين وسورية وعلى مدى الخمس وثلاثين عاما الماضية وحتى اليوم

أيها المعتدلون
عربي حر -

لماذا لا نسمع أحاديث البكاء على الإعتدال إلا عندما يكون القتلى من المغتصبين , أما أسر النواب و وأد إختيار الشعب و الحصار الظالم لغزة و الإعتقالات اليومية في الضفة المستسلمة ثم بعد ذلك المذابح في غزة, إنه ببساطة حق مشروع لإسرائيل للدفاع عن نفسها. ماذا فعل المعتدلون المستوطنات مازالت (تسمن) لا سلطة لهم لا على أرض و لا مياه و لا جو, سلطتهم محصوره فقط بكل ما له علاقة بحفظ أمن إسرائيل, ولتنفيذ ما عجزت إسرائيل عن تنفيذه, و عليهم دائما إظهار حسن الولاء و الطاعة ليكونوا جديرين بدولة لايهم ما شكلها, بالطبع سيكون لها علم و نشيد و ستفتح معابر ساكة بين مدنها , طبعا مدى سلوكيتها سيعتمد على مدى الرضى عن المعتدلين. أما عن اللاجئين أو القدس فهي خطوط حمراء لا يجب لمعتدل أن يذكرها, فإنها تهدد و جود جارتهم المسالمة المعتدلة إسرائيل و تجلب غضبها و ما أدراك ما غضبها, إنه يجلب حقها بالدفاع عن النفس. يا معتدلون هنيئا لكم إعتدالكم.

من المستفيد
عيسى -

انا معك في هذا المقال واريد السلام والدولة الفلسطينية ولكن اسرلئيل لا تريد ذالك وهذه الاعمال التي تحدث في غزة وفي القدس لن تخدم سوى اسرائيل حتى اني اشك ان اسرائيل وراء هذه الاعمال لتشويه صورتنا امام العالم فعندما تقتل الاطفال في غزة ونريد ان نستفيد من هذه المجزرة يقوم احدهم ويقتل طلاب في مدرسة دينية ليتها كانت ضد الجيش من المستفيد؟

تبرير ما لا يبرر
بهاء -

بداية أنا مع العقلانية التي تعني الاعتدال، وضد عملية القدس فالقتل مدان بكل الشرائع! لكن يا سيد خير الله لم تكمل الخبر وهو أن هذه المدارس الدينية المتهودة هي توأم المدارس الدينية المتأسلمة وكلاهما تخرجان متطرفين مستعدين لقتل الآخر، فالساسة الغربيون وبعض حلفائهم من كتاب عرب يهاجمون المدارس المتأسلمة فقط دون إبداء حتى عتب على مثيلتها المتهودة، وبالنتيجة لا يمكن مقارنة دموية حكام إسرائيل ببعض التفجيرات التي ينفذها الفلسطينيون هنا وهناك ، لكن قارن ردة الفعل على تفجير القدس والصمت العالمي والعربي الرسمي المشين على جرائم إسرائيل بغزة! ولا أرى بهذا المقال سوى محاولة للإدانة الغير المباشرة كما فعل نفس الكاتب بمقاله السابق، وإعادة الإشادة بجرأة الملك عبدالله مجرد تبرير ساذج للصمت العربي الرسمي على نازية أولمرت من قبل أصدقائه. فما هو الإعجاز وأين الشجاعة بقول ما قيل في أمريكا؟ كل الساسة الأمريكيون يوقنون أن حل مشكلة الفلسطينيين هو حل لنصف الكوارث التي يواجهها العالم اليوم، لكنهم ببساطة لا يريدون لأن الحروب هي سوق وللسوق قوانينه اللاأخلاقية، فلا تخفي الشمس بغربال يا حضرة الكاتب المفكر!