لماذا ولدت الدولة وما معناها وما هي وظيفتها؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وأمام هذه المتحارجة التي لم يجد الفقهاء لها مخرجا قالوا بأنه لا يجوز الخروج على الإمام الفاسق لما في ذلك "من إثارة الفتنة ووقع الهرج وسفك الدماء الحرام ونهب الأموال وفعل الفواحش مع النساء"؟
ولم يخطر في بالهم إلا حلين لا يتقدمان في طريق الحل إلا بإلغاء كل حل بين العبودية والانقلاب الدموي.
وغاب عن بال الجميع كيفية صناعة المجتمع وفق المنهج النبوي بالمقاومة السلمية. ومازلنا حتى اليوم محتجزين في قبضة السيف الأموي. وإذا كان الأمويون أنجبوا عمر بن عبد العزيز العادل ثم اغتالوه فإن العباسيين ذبحوا الأطفال وأكلوا على سجادةٍ يحشرج تحتها بني أمية، ونبشوا قبورهم ثم صلبوا بقايا جثة أحدهم.
وفي الصراع على السلطة احتز المأمون رأس أخيه الأمين.
وأما سلاطين بني عثمان فكانوا يستفتحون العهد الأميري بقتل جميع أخوتهم بفتوى من شيخ الإسلام أن الفتنة أشد من القتل.
وفي كتاب (القوة) لـ (روبرت غرين) عن "القواعد الثماني وأربعين للإمساك بمفاتيح السلطة" يذكر قصة عجيبة عن (إيفان الرهيب) أن سكان العاصمة فوجئوا في 3 ديسمبر من عام 1564 م بمغادرة الملك موسكو إلى قرية صغيرة وتركها لمصيرها بدون حاكم. وخلال شهر ذاق الناس الأمرين من الفوضى والقتل وفي 3 يناير 1565م أرسل إيفان إلى أهل موسكو رسالة يقول فيها أنه تنازل عن العرش.
هرع رجال الكنيسة وأعيان البلد إلى قرية الملك إيفان يستعطفونه الليالي ذوات العدد أن يعدل عن رأيه ويعود إلى العرش وينقذ البلد من الفوضى. قال لهم في النهاية إذا كانت هذه رغبتكم فسوف أعود ولكن بشرط واحد هو:
"السلطة المطلقة" وليس غيرها أو دونها؟.
وعندما عاد إيفان الرهيب إلى موسكو هتف الناس طويلاً بحياة العاهل العظيم واعتبروا ذلك اليوم عيداً للحرية والشكر وهم يضعون أغلال العبودية في أعناقهم فهي إلى الأذقان فهم مقمحون.
ويذهب الفيلسوف البريطاني (برتراند راسل) في كتابه (السلطان Power) إلى أن أعظم مشكلة اجتماعية تواجه البشر هي التوفيق بين الرغبات الفردية والذوبان الاجتماعي " إنه من المجدي للمخلوقات البشرية أن تعيش في جماعات ولكن رغباتها تظل فردية إلى حد كبير، خلافا لرغبات النحل التي تعيش في خلاياها، ومن هنا تنشأ المتاعب الاجتماعية والحاجة الماسة إلى قيام حكومة".
ولكن المشكلة هي أنه بقدر الحاجة إلى ولادة الدولة بقدر مخاطر نشوئها من احتكار السلطة بيد طاغية أو رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
ويقرر (راسل) أن الحل صعب بين (فوضى الغابة" و"طغيان الدولة" وأن "الفوضى والطغيان يتشابهان في نتائجهما المدمرة ومن الضروري التوصل إلى حل وسط إذا أريد للمخلوقات البشرية أن تنعم بالسعادة".
ويذهب (ابن خلدون) في مقدمته إلى أن "الاجتماع الإنساني ضروري وأن الإنسان مدني بالطبع" وينطلق في نظريته هذا من ضرورة الاجتماع الإنساني بأمرين: "الحماية" و"الغذاء" فلا يمكن للفرد الواحد أن يطعم نفسه كسرة خبز بدون اجتماع الأيادي والعديد من الصناعات.
جاء في المقدمة أنه حتى : "قوت يوم من الحنطة لا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن والعجن والطبخ وكل واحد من هذه الأعمال يحتاج إلى مواعين وآلات لا تتم إلا بصناعات متعددة". ولكن هذا الاجتماع لا يعني بالضرورة ولادة "الدولة"
ولذا اعتبر (هوبز) أن الإنسان ليس حيوانا سياسيا ولا هو مدنيا بالطبع ولكن تطور الدولة كان عملاً ثقافياً أكثر من كونه أمرا غريزياً وهو بهذا ينقض نظرية (أرسطو) عن الإنسان. أما في (علم النفس) فيرسم (أبراهام ماسلو) الحاجيات الإنسانية في هرم من مكون من خمس طبقات، يأتي في القاعدة منه طبقة مكونة بدورها من خمس حاجيات فيزيولوجية هي "الطعام والشراب واللباس والسكن والجنس".
ويأتي فوقها مباشرة طابق (الأمن الاجتماعي).
وجمعت الآية بين الأمرين (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).
وفي قمة الهرم يأتي "تحقيق الذات" وهو حصر على 5% من الناس وما بينهما يأتي "روح الانتماء" و"تقدير الذات. ولكن ما معنى هذا كله؟
يبدو بشكل واضح أن الدولة نظام سياسي ولد على القوة واحتكار العنف من كل المجتمع مثل "شفاطة" قوية سحبت كل العنف من يد كل الأفراد واستأثرت بكل العنف في يدها مقابل "توفير الأمن" للأفراد الذين يعيشون في كنفها وهو ثمن باهظ للتخلي عن الفردية مقابل الاندماج في الحياة الاجتماعية، ولكن بنفس الوقت لم تنشأ الحضارة لولا هذه الغلالة الواقية من الأمن التي تحسم النزاعات بين الأفراد. أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
جميل
steev -جميل هذا وعام ولاتعليق لكن عندي لك سؤال اين انت منذ شهر هل كنت تفكر بلمحرقه ولم تجد شئ تكتبه
القبيلة
عادل -مقالة تنويرية بكل ماتعنيه الكلمة من معنى. إنها تضع الأمور في نصابها، لابد من الجهد الجماعي للوصول الى نتائج مقبولة، فمهما بلغت الجهود الفردية من التفاني والرقي لايمكن أن تحقق هذا الذي وصلت اليه الحضارة في هذا العالم. لكن هل كانت هذه الحضارة بفضل نظم حاكمة كالتي تشيع في أوطاننا،، لاأعتقد. إنها النظم التي تطورت في الغرب عبر خمسة قرون من الزمن على الأقل لتصل الى الامساك "بالعصا من الوسط" فقد أمنت الرفاه الاجتماعي وحققت تقدما يجهود جماعية جبارة لكنها في نفس الوقت اكتفت بتقييد الفرد بالحد الذي يحفظ سلامة المجتمع وحماية انجازاته ليس الا. للأسف الانسان العربي مهووس بالسلطة وهي كبيرة جدا بالنسبة لمقاسه أياً كان، هاجسه الوحيد الامساك بها حتى لوكان ذلك على حساب الملايين. ورغم أن القبلبة نظام لايتواءم مع اصول الحكم الحديثة والعصرية الا أنها - اي القبلية - نظام أقرب الى طبيعتنا نحن العرب وهي في صميم وجودنا، فالقبيلة تحفظ حق الفرد حيث الدولة لاتحفظ حقة، والقبيلة تحمي الفرد، حيث الدولة لاتوفر له الحماية، والقبيلة تؤمن للفرد سبل الحياة والعيش الكريم في حين أن الدولة نكصت من كل مسؤولياتها في هذا الخصوص،، بريك ياأستاذ خالص، أليست القبلية أرحم بآلاف المرات هذه النظم التي تسود وطننا العربي، وخصوصا في البلد الذي نشأنا به أنا وأنت، آه ما أحلى العودة الى القبلية.
الفوضى في العراق
كركوك أوغلوا -لاتزال بعد خمسة سنوات وليس خمسة أيام !!00والجميع يطالب بأستمرار وجود القوات الأمريكية (بالرغم من خلقهم تلك الفوضى والنهب والسلب ), خوفا من الأسوأ ؟؟!!00وهل هنالك أسوأ من هذه المذابح اليومية والفساد والسرقات بمليارات ؟؟!!00
تعليق
ن ف -مقالة جميلة جداً. أنظر قدماً لقراءة الجزء الثاني. تحياتي.
إلى جميل الحاج ستيف
ن ف -أفصح بحق السماء. ماذا تريد أن تقول؟
انتبه لمصنع الاكاذيب
اوس العربي -يبدو يادكتور ان مقالك سيتيح لكل شعوبي حاقد ان يطعن في عروبتنا و ديننا منذ ايام كشف الاعلام الامريكي على ان الساسة الامريكان وتحديدا بوش كذب ثلاثمائة مرة على شعبه ؟!! وان لاعلاقة لصدام بالقاعدة اضافة الى الاكاذيب المشهورة عن اسلحة الدمارالشامل والمقابر اجماعيه ؟!! وتاريخنا يا دكتور هناك فرق بين رواية خبر وتحقيق الخبر ان المؤرخون العرب نقلوا لنا ركاما من الاخبار والروايات من غير تمحيص ربما هذه ليست مهمتهم ولكن مهمة المحققين في تتبع الرواية من حيث الراوي والمناسبه الخ معلوم ان تشنيعا شديدا اصاب بني اميه من قبل المتعاطفين مع العباسيين والشعوبيين فيما بعد التي لا تحب العرب ولا تحب العباسيين ولكن نكاية في الاسلام وا لعروبه ويبدو ان هناك كانت دائرة اعلاميه تتولى على طريقة غوبلز الالماني والصهاينة والامريكان صناعة دعاية معادية للامويين بغرض تبغيض الناس فيهم ورميهم بكل نقيصه مثل ما كان يحدث على زمن اعتناق الشيوعية فيقال ان الشيوعيين لا يتورعون عن إتيان امهاتهم واخواتهم وبناتهم بسبب حكاية مشاعية النساء في الاشتراكية او الشيوعية ؟!! اذن كان هناك مصنع للاكاذيب كالموجود اليوم في البنتاغون والسي اي ايه والبيت الابيض لصناعة اخبار وروايات من مثل القول ان العراقيين ابان احتلالهم للكويت رموا اطفال الحاضانات في المزابل او ان اطفال غزة وزعوا الحلويات نكاية في الامريكان اثر احداث اا سبتمبر دكتور انتبه لمصنع الاكاذيب فانه لم يغلق ابوابه بعد ؟!! تقبل تحياتي