(4)الثوابت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ولكن الثوابت كلمة قديمة ذات دلالة بسيطة حيث تدل على ما لا يتحرك ولا يتغير. وفى المنطق والرياضيات الثابت هو ما يكون محدد القيمة فى حين أن المتغير هو ما يقبل قيماً مختلفة فمثلا عندما نقول " سقراط " فهذا ثابت لأنه يدل على شخص بعينه أما عندما نقول: س من الناس أو فلان فهذا متغير لأنه يمكن أن يشير إلى أى شخص.
ولكن كلمة ثوابت تشيع الآن فى الخطاب الثقافى العربى محملة بدلالة مختلفة إذ تعنى مجموعة من المعتقدات لا يجوز نقدها أو إنكارها أو حتى إخضاعها للمناقشة. ولكن ما هى هذه المعتقدات؟ ولماذا يتم تحصينها ضد أى نقد؟
لو قمنا بعملية تحليل للمضمون لمواقع الخطاب التى ترد فيها هذه الكلمة لاكتشفنا أنها متغير ينطبق على أفكار متنوعة ومختلفة بحسب السياق. فهذه الثوابت قد تكون دينية مثل الإسلام دين ودولة أو تعدد الزوجات أو الشريعة مصدر القوانين. وقد تكون سياسية مثل الانتماء العربى ورفض التطبيع أو اقتصادية مثل القطاع العام ودعم السلع الضرورية أو اجتماعية مثل مجانية التعليم.
ورغم تقديرنا للدور الهام الذى تلعبه هذه الأفكار فى حياتنا واحترامنا لرغبة المتحمسين لها فى تسميتها
" ثوابت " إلا أننا لا نفهم لماذا ينبغى ألا تخضع للمناقشة أبداً.
ولو نظرنا إلى تاريخ الفكر لوجدنا أن الباحثين يميلون فى العادة إلى تقسيم منظومة العقائد التى تشكل أى دين أو أى مذهب أو أيديولوجيا إلى مجموعة من المعتقدات الأساسية ومجموعة أخرى من المعتقدات الثانوية. ففى الأديان تشمل المعتقدات الأساسية وجود الله والوحى والبعث وينبغى أن تكون محل تسليم من المتدينين أما أن البعث يكون للأجساد أم للأرواح فهذا أمر يمكن لهم الاختلاف فيه. وفى الليبرالية تعد الفردية من العقائد الأساسية أما عدد الأحزاب اللازمة لإقامة نظام سياسى ليبرالى فذلك أمر يقبل الاختلاف، وبالمثل فى الماركسية يكون الصراع الطبقى من العقائد السياسية أما طبيعة التنظيم السياسى المنوط به قيادة الطبقة العاملة فيمكن أن يكون محل خلاف.
ومهما كانت قيمة هذا التصنيف وصلاحيته، فإنه لا يتضمن أى إدانة للنقد والمناقشة فى ذاتهما. إذ أنه من حق أنصار أى مذهب انتقاد معتقدات المذاهب الأخرى الأساسية منها والثانوية. بل وحتى داخل المذهب الواحد لا يكون هناك مفر من التعبير عن المعتقدات الأساسية من خلال ألفاظ اللغة، وهذه الألفاظ محملة بدلالات متنوعة ومتطورة تاريخياً، ولا يوجد أى ضامن لأن يفهم كل البشر عبارة معينة بصورة واحدة. وكل الجدال الذى يملأ تاريخ الثقافة الإسلامية حول العلاقة بين ذات الله وصفاته أو حول تلقى بعض الآيات فى القرآن بالمعنى الحقيقى أو بالمعنى المجازى، إلا دليلاً على استحالة إبعاد أى معتقد عن مجال الجدال والمناقشة.
ولكن لماذا يصر مستخدمو كلمة " الثوابت " على ضرورة إبعاد هذه الثوابت عن مجال الاختلاف والمناقشة؟ ولماذا يقيمون الدنيا ويطالبون بمعاقبة من يكسر هذا الحظر؟ ألا يعد هذا تسلطاً وقيداً على حرية الفكر والاعتقاد؟
يبرر حراس " الثوابت " موقفهم بأنهم لا يدافعون عنها باعتبارها معتقدات دينية أو سياسية ولكن لأنها
" ثوابث الأمة "، أى أنها الأعمدة التى يقام عليها البناء الاجتماعى والتى من خلالها تتماسك الأمة فى وجه الأخطار، وبالتالى يكون دفاعهم عنها هو دفاع عن الأمة. ومنع الآخرين من انتقادها بأى وسيلة هو بمثابة منعهم من العبث بمقومات الأمة ودفعها للتفكيك والانهيار.
وفى تصور هؤلاء الحراس أن هذه الرؤية تنطبق على مجتمعات الأرض قاطبة ومثالهم المفضل هو العلمانية بوصفها من الثوابت التى يقوم عليها المجتمع الفرنسى والتى يحميها القانون والإيديولوجيا السائدة.
ولكن لو تصورنا أن كل تيار فكرى فى المجتمع أضفى هه الهالة من الأهمية على أفكاره وطالب الدولة بمعاقبة كل من ينتقدها ومصادرة أفكاره، ألا نغلق بذلك الحوار الفكرى فى المجتمع ليسود النفاق واللغة العقيمة؟
ليست هذه دعوة للتفريط أو التخلى عن ما يعتقد المرء أنه حق ولكنها دعوة للتمييز بين حقنا فى الدفاع عن آرائنا، وبين رغبتنا فى التسلط على عقول الآخرين. فعندما تتحرك الجماهير للدفاع عن مجانية التعليم أو للضغط على الحكومة من أجل استمرار دعم السلع الضرورية فإن هذا يعد علامة إيجابية على حيوية المجال السياسى وعلى ارتفاع مستوى الوعى عند الجماهير. أما بأن يطالب البعض أو الأغلبية بسجن أحد المفكرين ومصادرة كتاباته لأنه رأى أن مجانية التعليم تضر بمستوى التعليم ذاته أو أن دعم السلع يعرقل حرية الاستثمار، فهذا هو الخطر الأكبر لا على حرية الفكر فحسب بل وعلى التقدم الاجتماعى نفسه.
ولو عدنا الآن إلى سياق استخدام كلمة " ثوابت الأمة " فى الخطاب العربى المعاصر لوجدنا أنها تخرج دائما حجة لمواجهة أى دعوة للتغيير والإصلاح وخصوصاً فى مجال الحقوق الديموقراطية أو حقوق المرأة أو المطالبة بالإصلاح الدستورى والتشريعى. وتكمن خطورتها فى أنها تتضمن استعداء الدولة أو الجماعات المتطرفة ضد الرأى المخالف.
وأخيراً، إذا كنا قد أجمعنا عاى تخلف الأمة، وإذا كنا ننشد لها التقدم والازدهار، ألا يكون أجدر الأشياء بالنقد والمناقشة هى تلك التى يسمونها " ثوابت الأمة "؟
التعليقات
الثوابت هي النواقص
كركوك أوغلوا -ونقاط الضعف التي تعتبر كخطوط حمراء لايجوز تجاوزها !!!00وكأنها القشة التي ستقصم ظهر البعير ؟؟!!00
من قاموس التبعية
اوس العربي -جاء في الحديث الشريف (( لا يكن أحدكم امعة يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن اساءوا أسأت ولكن وطنوا انفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تتجنبوا إساءتهم ))وردا على الكاتب الذي استشهد انا باليابان فاقول ان العلمانيين واللبراليين اليابانيين قد تصالحوا مع مكونهم الثقافي المكون من عبادة الامبراطور وارواح الاسلاف وعبادة قوى الطبيعة واعتبروها ثوابت للامة يجب احترامها حتى لو اختلفوا مع الامة بشأنها ولم يصنعوا كالذين زعموا ان سبب تخلفنا يعود الى تمسكنا بديننا وهويتنا وثوابتنا لقد اثار العلمانيون وادعياء اللبرالية كثيرا من الغبار والعفار وتسبب هذا لجدل العقيم في تقسيم الامة وتأخرها اعتقد العلمانيون ان الشطب على هوية الامة ومكوناتها وثوابتها شرط اساسي للتقدم واللحاق بركب الامة لكن النموذج الياباني يدحض مزاعمهم ان ديننا هو اول من دعا الى التفكر والنظر وعدم التمسك باعتقادات الجاهلية ومزاعم الاسلاف ؟!! على العلماانيين العرب ان يتصالحوا مع المكون الثقافي لمجتمعاتهم لايمكن لقلة لاتملاء حتى ميكروباص في عاصمة مثل القاهرة ان تسخف ثوابت الامة وتدعو الى التنصل منها هوية ووطنية لتذوب في الاخر والاخر يزدري الامعه ويحترم من يعض على ثوابته ادعو العلمانيين العرب الى التصالح مع مجتمعاتهم وليكونوا عقبةكؤود في التقدم ادعوهم الى تحديث معلوماتهم القديمة فان الغرب الذي هو امثولة لهم راجع كثيرا من معتقداته اما تركاها على قارعة الطريق للقمامين او عدلها او حذفها وجاء بشيء جديد ؟!! حدثوا معلوماتكم ايها العلمانيون العرب فنحن في زمن المعلوماتية ؟؟
تكرار
خوليو -يكرر السيد أوس العربي وفي مواضيع مختلفة نصيحته للعلمانيين الذين لايملؤن باصاً صغيراً في القاهرة حسب زعمه ، بأن ينظروا للنموذج الياباني، على مايبدو يخفي السيد أوس معرفته أو يجهل فحوى الدستور الياباني المكتوب عام 1947 أي بعد الحرب، هذا الدستور الذي يبدأ نصه: نحن الشعب الياباني ومن خلال ممثلينا المنتخبين حسب الأصول في النظام الوطني، قررنا بأننا سنضمن لأنفسنا ثمار التعاون السلمي مع كل الأمم وبركات الحرية في كافة أنحاء الأرض ، ويتص الدستور على سيادة الشعب واحترام حقوق الإنسان(لا أظن أن السيد أوس يعطي هذه الحقوق أهمية لأنها تتناقض مع ثوابته التي يرفض مناقشتها) ،في اليابان بعد 1947 أصبح الإمبراطور الذي كان بيده جميع السلطات مجرد رئيس رمزي ليس له سلطة على الحكومة، وينص الدستور الياباني في مادته العشرين على حرية اختيار المعتقد ، فهل يقبل السيد أوس أن نكتب دستوراً متشابهاً مع الدستور الياباني ؟ نحن نقبل ، التصالح العلماني يأتي عن طريق الدستور وليس بعدم مناقشة الثوابت التي غيرها اليابانيون 180 درجة، في المجال الروحي الدستور واضح: حرية المعتقد ويحق لكل ياباني أن يترشح لرئاسة الحكومة أو أي منصب كان، عندما يكفل الدستور المساواة للجميع يختفي الاستبداد وخاصة في شقه الديني، وأيضاً يزول الفساد.
من قاموس التبعية 2
اوس العربي -لا نتكلم عن الدستور الياباني نتكلم عن تصالح العلمانييين واللبراليين الياباينين مع مكون مجتمعهم الثقافي عن احترام الاقلية للاكثريةالالحاد او نفي الدين ليس شرطا من شروط التقدم بالنسبة للدستور الدستور تكتبه الامة بكل اطيافها ولا يكتب فصيل فكري بذاته تريد ان ترشح نفسك كمسيحي في اغلبية مسلمة اهلا وسهلا لاعطنا نبذة عن توجهاتك الفكرية عن برنامجك الانتخابي واذا اعجبني ساكون اول من ينتخبك بالنسبة للحرية الدينية موجودة في ديار الاسلام اكثر مما يوجد لدى الغرب الحداثي الديمقراطي عمرك سمعت ان المسلمين اغلقوا كنيسة ومنعوا مسيحيين من اداء صلاتهم في الفقه الاسلامي بناء الكنائس وصيانتها من عمران الدنيا ومن كيس بيت مال المسلمين واي مسيحية زوجها مسلم ملزم باخذها الى الكنيسة لاداء فروضها الدينية بكل اريحية العلمانية المتطرفة او الكنسية المغلفة بالعلمانية تفصح عن نفسها في كثير من الاحيان هل قرأت عن دستور عربي يقول ان عبادة الله حكر على المسلمين ؟؟