كتَّاب إيلاف

مؤتمر الدوحة إدارة أزمة أم ولادة وطن

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لقد عاش المواطن اللبناني الأسبوع الماضي، لحظاتٍ حاسمةٍ في قاعة انتظار المجهول، وهو يترقَّب بحذر مجريات المؤتمر الذي انعقد في عاصمة دولة قطر الدوحة، برعاية قطرية ومباركة عربية ودولية، وبمشاركة أمين عام الجامعة العربية والوفد العربي، وضمّ ممثلين وزعماء من معظم أطياف العمل السياسي اللبناني مما اصطلح على تسميته موالاة ومعارضة.وأثناء انعقاد المؤتمر توحدت معظم أطياف الشعب اللبناني حول شعار "إذا لم تتفقوا فلا تعودوا"، بخلاف مألوف الشعارات السابقة التي كرست الاصطفافات السياسية بين معسكرين موالٍ ومعارض، فالمواطن تابع المؤتمر لحظة بلحظة لا حبًّا بالمجتمعين الأكارم بل لأن قراراتهم في نهاية المطاف ستنصب على رأسه حربًا وسلمًا وقوانين انتخابية تُحتمّ مسار العمل السياسي الداخلي و وجهة البلد الاقليمية في سياسيته الخارجية. لا شك في أن قطر نجحت في حلّ الأزمة الآنية الملحة وإدارتها بعد أن فشلت مساعي ومبادرات عربية وإقليمية سابقة، وذلك باعتمادها التفاوض التي كطريقٍ أمثل لحل النزاعات،كما تعاملت بسعة صدرٍ بالغة مع الفرقاء الذين أدخلوها في أدق التفاصيل الانتخابية، لا سيما تقسيمات الدوائر الانتخابية، فتعرف الراعي القطري على زواريب بيروت، و دهاليز المذاهب و عدد الناخبين في كل حيّ والى أيّ طائفة كريمة ينتمون، وهو أمر بلا شك شائك جدًَا لمن يعرفه عن قرب، و يحتاج لصبر أيوب وحكمة سليمان وعصا موسى.
لقد استطاع المؤتمر ان يعيد الاطراف الى بعض الصواب، كما حقق نقلة نوعية في لملمة الانفلات الامني في الشارع و تحويل التفاوض الى مائدة الحوار، والخروج بنتيجة يمكن أن توصف بأنها " حلّ لأزمة ملّحة" أدت الى انفراج كبير أبعد شبح الانفجار الأمني. ويبقى للمراقب الواعي تساؤلات مشروعة حول نتائج المؤتمر:فهل النتائج التي تمّ التوصل إليها هي نتائج آنية تحلّ الازمة وتنزع فتيل انفجار دامٍ أم أنها طروحات جذرية تبني وطنًا؟؟؟ هل قدمت النتائج تغييرا في "عقلية الإقطاع" التي سادت طيلة الفترات السابقة منذ قيام لبنان وحتى الآن أم أنها سعت فقط لاخراج لبنان من محنته واعادت اقتسام "الجبنة الطائفية و المذهبية" من جديد؟؟؟ هل خرج لبنان من "الدولة الرعويّة" الى دولة القانون والديموقراطية؟؟؟ هل استطاع الاتفاق ان يزحزح هؤلاء الزعماء الذين يديرون مصالحهم الشخصية بشعارات وطنية ممن يجعلون من شعار "حماية مصالح الطائفة والمذهب" متراسًا منيعًا لتغطية فسادهم المالي والسياسي؟؟؟ وهل المؤتمر أعاد توزيع الحصص السلطوية بالتراضي أم وضع آليات جديدة لإنتاج سلطة جديدة؟؟؟ لا نريد من هذه التساؤلات أن نحمّل الراعي القطري مسؤولية حلِّ مشاكلنا القديمة والعميقة بحال من الأحوال، ولا نتوقع منه أن يرسم لنا مشروع دولة ديموقراطية ليبرالية حديثة في وقت تختفي فيه الديموقراطيات من كافة الدول العربية، كما لا نتوقع عصا سحرية تحول "دويلات لبنان المذهبية " الى دولة على غرار "سويسرا"، فما قام به القطري يُعدُّ إنجازًا عظيمًا، ويُشكل أرضية جيدة للانطلاق نحو حلول جذرية مستقبلية مرجوة تتعلق ببنية النسق السياسي اللبناني نفسه، إن أحسنت الأطراف اللبنانية ذلك وأرادت الاصلاح فعلا. وأمام التساؤلات الملحة حول نتائج مؤتمر الدوحة يمكن أن نسجل الآتي: bull;الغياب التمثيلي للفئة الصامتة: وهي شريحة كبيرة عريضة تمثل الكثرة الكاثرة ممن لا ينتمون لا لمعارضة ولا لموالاة، فئة شعبية تطمح للعيش بسلام وتنعم بالأمان ولا تدعي وصلا بأحد، ولا تطمح إلا لأن تكون محترمة كريمة في وطنها، علاوة على نخب فكرية واعية وشرائح علمانية ممن أصابهم القرف من التقسيمات الطائفية وممن يطمحون أن يروا دولتهم "دولة قانون " يعامل فيها الناس على أنهم "مواطنون " لا "رعايا" و"أرقام مذهبية" على لوائح الدوائر "الانتخابية". bull;تكريس مبدأ تقاسم "الجبنة": في دولة "مغارة علي بابا" المتمحورة حول مبدأ "الحتميات الطائفية"، فالعقلية السائدة عند معظم الفرقاء هي عقلية "المزرعة الإقطاعية" حيث النزاع فيها والصلح يكون قاعدة "رزمة ليَّ ورزمة لك" ، فخلافهم حول كمية اقتسام المغانم والمصالح وكيفيتها، حيث الجاه السياسي هو الموصل للسلطة الجانية للأموال، الذي أودى إلى تفاوت طبقي حاد بين ساسة أثرياء وشعب فقير، وما خرج به المؤتمر هو اعادة اقتسام لمنافع السلطة لا إنتاج جديد للها، bull;تكريس مبدأ "الزعيم" لا الدولة: فمفهوم "الدولة " يرتبط ب "التداول" وانه لا مكان لزعيم "لازق" أبدي بل أن التعاطي بالشؤون العامة ينبغي ان يكون من خلال تعاقب "حكومات جيدة "، يرعون الإصلاح ويواصلونه من خلال سيرورة حتى تنتقل الامور من الأسوأ إلى السيئ الى الجيد إلى الأفضل...وهكذا في تطور دائم مستديم، وهذه سُنَّة كونية وايقاع دوري للحياة، كما أن هذه الرؤيا تحرر السياسي من فوبيا الكرسي والشك بالآخرين وتمنح الفرد السلام، فينطلق للعمل. bull;رئيس الجمهورية منصب مدني: لعل الاتفاق على انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان يُعد نقطة إيجابية جدًّا، وجيدة من ثمرات مؤتمر الدوحة، وهي نقطة اتفق عليها معظم اللبنانيون في الآنة الحاضرة، لانه يوصف ب "المخلّص" للمرحلة، وهو الذي اجتاز امتحانات عسيرة وصعبة في حقل ألغام الزعماء ونزعاتهم، ونآى بالجيش في أدّق اللحظات الحرجة من اصطفافات السياسيين، غير أن منصب الرئاسة في الدول الديموقراطية منصب مدني سياسي بالدرجة الأولى واننا كلبنانيين نطمح في المستقبل أن نصل الى انتخاب رئيس من خارج الجسم العسكري، وعدم تكريس مبدأ تسيس العسكر أو عسكرة الساسة. كلمة أخيرة ؛ إن القضية اللبنانية كانت منذ قيام لبنان والى اللحظة هي في هويته و فلسفته الوطنية، فالنظام السياسي الديموقراطي المجتزأ القائم حاليًا، نتائجه تضر بلبنان لأكثر من سبب كونها تجسد علل المذاهب بشكل مؤسسات الامر الذي يحجّر وضعًا فاسدًا، ويؤدي الى انعدام قانون انتخاب ديموقراطي،مما لا يولد أزمات دستورية وحسب، بل يخلق فئة تصطدم باحتكار ملوك الطوائف لمرافق الحياة العامة كافة.
ومؤتمر الدوحة شكل نقطة إنطلاق جيدة، يمكن للبنانيين ان يتلقفوها ويستخرجوا منها طروحات انتقالية بهدف الوصول الى مرتكزات دولة "محترمة" كاملة، قوامها وحرية الكائن الانساني و احترام حرمته وحقوقه.
ويبقى التوصل لحل أعور مرحلي أفضل من العيش في عمى حرب أهلية! وألف مبروك للبنان اليوم عيده وانتصاره ورئيسه! وتصبحون على خير وطن!
____________________________ 1- لمزيد من التفصيل العودة الى دراسة تفصيلية حول مفهوم المواطنية في مجتمع متعدد للكاتبة.Marwa_kreidieh@yahoo.fr
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عودة الفرع للاصل
جوزيف -

انصح باعادة لبنان الى سوريا فتنتهي كل مشاكل لبنان ؟!!

ادارة أزمة وولادة
.. -

ادارة أزمة وولادة متعسرة برغبات من ايران وسوريا وليس من شطارة قطر وسليمان

نعم للمَلَكِية
يا حبيبي يا لبنان -

تقاسم الجبنة, دولة مغارة علي بابا, المزرعة الإقطاعية, رزمة ليَّ ورزمة لك, مبدأ الحتميات الطائفية, رعايا, أرقام مذهبية, احتكار ملوك الطوائف , انعدام قانون انتخاب ديموقراطي... .-. مفردات وتعابير رنانه ,مقال جميل, ما ااسف له هو وضع الملام على الطائفية والمذهبية .-. ان ما تقولينه ينطبق ايضاً على جميع الدول العلمانية الديموقراطية. يكفي للقارء استبدال كلمة الطائفية او الذهبية او الاقطاعية بكلمة "الاحزاب السياسية العلمانية" ليكون هذا المقال انتقاداً لاذعاً للاحزاب السياسية ومسؤلي هذه الاحزاب السياسية ..

سلام يا عرب
مقهور -

مقال جيد وجميل ، وهو ينطبق على كل الدول العربية ولكن الفرق ان بعض الدول العربية مثل مصر ، واحد هو اللي واكل كل الجبنة مافيش تقاسم للجبنة ! و دول ملوكها شربوا النفط وباعوا الهواء ! ودول محتلة مداسة بالارجل ! وسلام ياعرب !