كتَّاب إيلاف

المرأة النارية الساحرة: قرة عين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا أدري ما الذي يجعلني أكرر ذكرى هذه المرأة المدهشة، وصديق فكر مرموق تزوج من أمريكية فسماها قرة عين، والزواج بالنساء الجميلات القويات هبة ونعمة للنادرين من الرجال. وقرة عين الفارسية كانت فلتة في الزمن الكوني اللامتناهي بين نساء العالمين. كتب عنها الوردي أكثر من ثلاثين صفحة في موسوعته يمكن الرجوع إليها للتمتع بذكراها..
ويحكى أن رجلاً من عقلاء العرب عاصر النبي (ص) عندما أراد الحج وكان هذا قائماً قبل الإسلام جاءه قومه فقالوا له نريد أن ننفرد بك لتحذيرك من أمر خطير.
اعتدل الرجل في جلسته ثم فتح أذنيه فأصغى باهتمام ما هو؟ قالوا هناك رجل اسمه محمد أحذر أن تسمع منه؟ قال لهم ولماذا؟ قالوا له إنه مرتد عن دين قومه وهو يدعو إلى دين جديد. قال لهم وأين الخطر بالنسبة لي؟ قالوا له: إنه ساحر ولا يسمع له أحد إلا سحره فاتبعه وضل سواء السبيل.
ارتعب الرجل فعلاً وخوفاً من كلام هذا الساحر قام ووضع (الكرسف) أي القطن في أذنيه، ثم قام بشعائره في مكة حتى انقضى الموسم.
وقبل الانصراف سمع بحديث الناس عن هذا الرجل الكارزمائي الساحر ثم خاطب نفسه فقال: يا فلان والله إنك رجل مرموق في قومك وإنك رجل عاقل لا يمكن أن يضحك عليك أحد، والأمر ببساطة أن اذهب للرجل واسمع منه، ولسوف تعرف إن كان صادقاً أو محتالاًً.
إنك يا فلان رجل عاقل راشد وبإمكانك أن تفرق بين الأمور فإن سمعت كلاماً صحيحاً أخذت به وإن كان خلاف ذلك رميته ولا تبالي.
تقول الرواية إن الرجل نزع القطن من أذنيه ثم ذهب فاجتمع بهذا الصابيء. فلما سمع خشع قلبه وقال يا محمد امدد يدك أبايعك. وعندما رجع إلى قومه قالوا كنا في مصيبة فأصبحت اثنتين لأن الرجل بدأ يبشر بدين محمد. ولكنهم لم يأخذوه إلى محاكم الأفغان أنه يبشر بدين جديد.
هذا الصحابي نزع الكرسف من أذنيه وسمح لمنافذ الفهم أن تستقبل موجات الفكر فتغير.
ويروى عن حسن البنا أن الملك فاروق كان يتجنب الاجتماع به لأن من حوله كان يحذره منه: إنك إن اجتمعت به سحرك فآمنت بما يدعو إليه. وعندما يصف (مالك بن نبي) الرجل في كتابه (وجهة العالم الإسلامي) يروي طرفاً من سحر الرجل: (فلكي يتم تغيير الفرد لم يستخدم ذلك الزعيم سوى الآية القرآنية، ولكنه كان يستخدمها في نفس الظروف النفسية التي كان يستخدمها النبي ص وصحابته من بعده..وهذا هو السر كله: أن تستخدم الآية كأنها فكرة موحاة لا فكرة محررة مكتوبةhellip; وإذا كان قد أتيح لذلك الزعيم أن يؤثر تأثيرا عميقا في سامعيه فما ذلك إلا لأنه لم يكن يفسر القرآن بل كان يوحيه إلى الضمائر التي يزلزل كيانها فالقرآن لم يكن على شفتيه وثيقة باردة أو قانونا محررا بل كان يتفجر كلاما حيا وضوء آخذا يتنزل من السماء فيضيء ويهدي ومنبعا للطاقة يكهرب إرادة الجموع. ولم يكن الرجل يتحدث عن ذات الله كما صورها علم الكلام أي عن الله العقلي بل كان يتحدث عن الله الفعال لما يريد.. فالحقيقة القرآنية تتجلى بأثرها المباشر على الضمير وبتأثيرها في الناسي والأشياء..).
ويروى (الوردي) عن المرأة المذهلة (قرة العين) فيقول إنها عاشت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وأصلها من (قزوين) جمعت بين أربع صفات: الجمال الفاتن والذكاء المفرط والشخصية القوية واللسان الفصيح، وهي صفات لا ينال المرء واحدة منها.
ويصفها أخوها:(أننا جميعاً ما كنا نقدر أن نتكلم في حضرتها لأن علمها كان يرعبنا وإذا تصادف وتكلمنا في مسألة فإنها كانت تتكلم بكل وضوح وإتقان على البداهة حتى نعلم أننا أخطأنا السبيل ونتركها ونحن متحيرون) هذه المرأة النارية الساحرة أصبحت حديث أهل طهران؛ فاجتمع الرجال والنساء على حديثها الساحر، ولم يكن يسمعها أحد إلا زلزل وارتج وبكى من التأثر، وكان مصيرها أن قتلت بوضعها: (في فوهة مدفع وأطلق عليها قنبلة مزقتها إربا إربا)؟؟
ويقال أنها: (خنقت بمنديل من الحرير قدمته بنفسها إلى جلادها ثم أنزلت في بئر وهيل عليها التراب) وليس لها قبر.
ووصف (الكونت دي غوبينو) في كتابه (الأديان والفلسفات في آسيا الوسطى) بقوله:
(كان الكثير من الذين عرفوها وسمعوها في أوقات مختلفة من حياتها يذكرون لي دائماً أنها فضلاً عما اشتهرت به من العلم والغزارة في الخطب فإن إلقاءها كان من السهل الممتنع، وكان الناس أثناء تكلمها يشعرون باهتزاز وتأثير إلى أعماق قلوبهم مفعمين بالإعجاب، وتنهمر دموعهم من الآماق).
ويعلق على هذه الشخصية النادرة عالم الاجتماع العراقي (الوردي) فيقول: (إنها عبقرية جاءت في غير زمانها، أو هي سبقت زمانها بمائة سنة على أقل تقدير؛ فهي لو كانت قد نشأت في عصرنا هذا وفي مجتمع متقدم حضاريا لكان لها شأن آخر، وربما كانت أعظم امرأة في القرن العشرين). وبغض النظر عن توجهاتها الفكرية فهي كانت امرأة تجدد بدون توقف، ولو امتد بها العمر لربما غيرت أكثر في آرائها ـ كما فعل مالكولم إكس الأسود، فأناس من هذا الطراز من العبقرية لا يقفون عند خرافة وشخص، بل يحرقون في طريقهم كل الخرافات، ويتجاوزون الأشخاص والمدارس، ليقنصوا طرفا من الحقيقة بعد حين، ويشقوا الطريق إلى منهج جديد ومدرسة مستحدثة. عليها رحمة الله في ذكراها وجعلها نبراسا لكل النساء الثائرات المميزات في التاريخ مثل روزا باركس وجان دارك والعدوية وسكينة بنت الحسين والزباء وحتشبسوت..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
............
الأوراسية -

تابعت فصول حلقات المسلسل السوري (( زانوبيا )) منذ سنوات وأعجبتني كثيرا شخصيتها وحتى طريقة انتحارها الكبريائي الشامخ شموخ حضارة تدمر العريقة وزنوبيا وأخواتها ممن دخلن التاريخ من بابه الواسع يستحقن تماثيل تنصب في ساحات عقول نساء اليوم اللواتي لا عزاء لهن .

الدليل قبل الحكم
عبد الله -

حبذا لو أشار لنا الكاتب الى مصدر حادثة الذي أراد الحج وكيفية الحصول على قطعة البردي او الحجر اوالعسف او التي كتب عليها هذا الحاج مخاطبته لنفسه لان ذلك أوثق للبحث او المقالة ..... ولن نطالبه بكيفية تحليل الخط وما هي نوعيته وكيف قام بتنقيطه

تعرف على قرة العين 1
مرتاد ايلاف -

يحفل التاريخ بالعديد من الشخصيات التي تشدنا للتوقف أكثر من مرة أمامها ، وفي كل مرة تفاجئنا الشخصية ونكتشف بعض الجوانب التي لم يلتفت إليها بعد ، وهذا ربما بسبب غموض الشخصية أو ثراء سيرتها أو ضعف الأخبار التي وصلتنا عنها أو لخطورة الدور التي لعبته في زمنها ، وربما لأسباب أخرى عديدة نحن لسنا في مجال لذكرها ، قرة العين أو الطاهرة أو زرين واحدة من هذه الشخصيات ، التي نحتار كثيرا أثناء الإطلاع على تاريخها ، فسيرتها الحافلة تفرض نفسها فرضا علينا لكي نتوقف ونتأمل في محاولة للفهم ، وأهمية وخطورة شخصية قرة العين تكمن بظني في النتائج التي ترتبت على فكرها ، حيث تشير المصادر البابية والبهائية ، إلى أنها هي التي أدخلت فكرة تعطيل عبادات الديانة الإسلامية في البابية والبهائية ، وكانت خلف تحول البابية من طريقة صوفية محدودة داخل بعض المدن الإيرانية ، إلى نحلة أو ديانة بشرية تنتشر في العديد من البلدان العربية والأوروبية ، خطورتها تعود أيضا إلى إنها هي التي دفعت الباب أوعلي محمد مؤسس الدعوة البابية إلى إدعاء الإلوهية ، كما أنها كذلك كانت خلف ظهور البهائية ، فقد شربت مؤسسها بهاء الله أو الميرزا ( البرنس ) حسين على نورى أفكارها عن تعطيل الحدود الإسلامية ، وفكرة استمرارية نزول الوحي وعدم انقطاعه ، وشجعته على تأسيس حدود خاصة بديانته البشرية ، وأيضا كانت ملهمته في ادعائه الإلوهية ، أضف إلى هذا أنها كانت أول امرأة في البلدان العربية والإسلامية تخلع الحجاب والنقاب وتقود حملة لتحرير النساء منه ، وتدعوا إلى مساواة المرأة بالرجل ، وإنها المرأة الوحيدة كذلك التي طالبت بأن تتزوج المرأة من تسعة رجال في وقت واحد ، شخصية بهذا الحجم وتلك القوة والقدرة وهذه الخطورة ، أظن انه من الضروري أن نقدم على قراءتها ، وتوضيح الدافع الحقيقي لتبنيها هذه الأفكار ، ومحاولة تحديد الصفات الشخصية والفكرية التي جعلتها تؤثر على الباب والبهاء ، وجعلتهما يستسلما لأفكارها المتمردة على السائد والمتسيد ، خاصة إذا كان هذا السائد والمتسيد هو العقيدة ذاتها .

تعرف على قرة العين 2
مرتاد ايلاف -

هذه المرأة ولدت بين سنتي 1814 و 1819م في قزوين بإيران ، سميت زرين تاج ، وهو اسم فارسي معناه بالعربية ذات التاج الذهبي ، وقيل إن اسمها الأصلي سلمى هانم ، لقبها البابيون ببدر الدجى وشمس الضحى ، ولقبها الباب بعد ذلك بقرة العين ، ويقال إن الذي أطلق عليها هذا اللقب أستاذها في كربلاء سيد كاظم الرشتي ، كانت أسرتها من الأسر الدينية المعروفة في قزوين ، تدعى بـ آل البرغانى ، اسم والدها الحاج الملا صالح القزوينى البرقانى كان من فقهاء عصره ، شقيق الملا تقي إمام الجمعة في قزوين ، قيل إن والدها عين لها معلّما منذ طفولتها ، فجدّت في تحصيل العلوم والفنون ، وبدأ نبوغها بالظهور منذ صباها الباكر ، فكانت تحضر دروس أبيها وعمها التي كانا يلقيانها على الطلبة ، وكان يضع لها ستار لتستمع إلى الدروس من ورائه ، وسرعان ما أخذت تشارك في المجادلات الكلامية والفقهية التي تثار بين رجال أسرتها ، عندما بلغت الرابعة عشر من عمرها ، اقترنت (الطاهرة) بابن عمها الملا محمد بن الحاج ملا تقي ، ورزقت منه بثلاثة أولاد ، ذكران وبنت واحدة ، وفى رواية أخرى رزقت بثلاثة ذكور ، رزقت بإبراهيم وإسماعيل في مدينة كربلاء العراقية ، عندما ارتحل إليها زوجها لطلب العلم ، ورزقت بإسحاق بعد عودتها إلى قزوين . في تلك الفترة كانت المنطقة الفارسية منشغلة بانتظار ظهور المهدي المرتقب ، وازدحمت الحياة الفكرية بالعديد من الطرق الصوفية ، كان على قمتها الطريقة الشيخية للشيخ أحمد الإحسائى ، وكان يترأسها آنذاك السيد كاظم الرشتى ، وكانت هي تميل إليه بينما زوجها كان من خصومه فكريا وفقهيا ، وقد انعكس هذا الخلاف على حياتها الأسرية ، وزاد من حدة الشقاق بينهما ، وهو ما دفعها إلى هجرتها لبيت الزوجية ، وترك زوجها وأولادها والعودة إلى كربلاء للتعلم من كاظم الرشتى ، فسافرت إلى كربلاء عام 1843م ، وبمحرد وصولها _ حسب رواية الدكتور على الوردي في لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث _ علمت إن الأستاذ الذي جاءت من أجله كاظم الرشتى قد توفى ، فمكثت تدرس مؤلفاته وفكره ، وجلست تنتظر الموعود الذي بشرت به الشيخية ، وقد حكي صاحب الكواكب الدورية ، وهو من أهم مؤرخي البابية والبهائية ، أنه بعد وفاة رئيس الطائفة الشيخية ، ادعى الباب على حسين الشيرازي أنه خليفته ، ونصب نفسه رئيسا للشيخيين ،

تعرف على 3
مرتاد ايلاف -

وتروى المصادر إن قرة العين بعد فترى انتقلت من كربلاء إلى الكاظمية ، وكانت تلقى دروسها مرتدية الحجاب فقط دون النقاب ، وهو ما أثار حفيظة الناس ، واشتد الجدال بسبب تصرفها هذا ، لهذا أثرت السلامة وعادت مرة أخرى إلى كربلاء سنة 1847م ، وبدأت دعوتها إلى البابية بشكل علني .تعطيل الحدود:قرة العين _ حسب اتفاق جميع المصادر البهائية والبابية _ لم تكن حتى تاريخه قد قابلت على حسن أو الباب مؤسس البابية ، كما لم تكن تعلمت بعد أفكاره ، وكل ما عرفته عن الباب والبابية ما تواتر من إيران انه قد نصب نفسه رئيسا لطائفة الشيخية الصوفية ، وما كتبه هو عن شرح سورة الكوثر ، حيث إن الباب في ذلك الوقت كان في بداية دعوته لمذهبه الجديد ، وقد قدم نفسه للذين ينتظرون ظهور الموعود بما كتبه في سورة يوسف ، وتتفق مصادر البهائية والبابية على أن فكره لم يكن قد تبلور بعد ، وانه قدم نفسه كبديل لرئيس الطريقة الشيخية الذي سبق وتوفى ، حتى كتاب البيان العربي والفارسي لم يكن قد فكر في تأليفهما ، والثابت أنه ادعى نزولهما عليه في السجن قبل إعدامه ، والغريب في الأمر أن قرة العين بمجرد علمها بظهور الموعود في إيران من البشروئى ، وعلمت إن اسمه على حسن الشيرازى ، وبعد تلقيها رسالة من الباب بقبولها في الجماعة الجديدة ، أعلنت بين أهالي العراق عن الموعود الذي تتمناه ، الموعود الذي رسمته في خيالها ، الذي سيحررها من قيود السائد والمتسيد ، الموعود الذي سيعطل الحدود الإسلامية ، ويحرر المرأة من النقاب والحجاب ، ومن سطوة المجتمع الذكرى ، وكان هذا الموعود الذى تحلم به يمتلك القدرات الإلهية ، فنادت بين الخاص والعام : " قد ظهر الموعود ونزل الرب الودود "، وهو ما دفع بعض العلماء إلى شكوتها ، فأبعدتها الحكومة إلى بغداد ، وأمرت بإقامتها جبريا في بيت الشيخ محمد الألوسى ، مع هذا لم تستسلم وظلت تناقش وتحاور وتجادل وتدعو لهذا الموعود ، ويروى لنا آقا محمد مصطفى البغدادي ( في رسالة أمرية ) وهو من محبيها ومن الذين عاصروها ، يروى لنا عن إحدى هذه المناظرات ، وكانت في منزل والده ببغداد ، مؤكدا قيامها بالدعوة لمن كانت تحلم به كما سبق واشرنا ، وليس للذي ظهر في إيران ، فقد أشار إلى قيامها بالحديث عن الحدود وجميع ما تمنته في تلك الجلسة ، مع إن الباب لم يكن قد فكر بعد فيما تقوله ،

تعرف على 4
مرتاد ايلاف -

فقد قال آقا محمد البغدادي: إن قرة العين ناظرت العلماء والعرفاء ، وهى تبين وتبرهن ... في حضور المفتى ، فأظهرت سر الظهور ، وأعلنت نسخ التقليد المهجور ، وبينت تجديد الشريعة الإلهية بشريعة البيان ( الباب _ البابية _ والبيان هو اسم الكتاب المقدس للبابية ، نزل كما يدعون باللغة العربية واللغة الفارسية ) ، وكانت في مجلس الأحباء مكشوفة الوجه ... وقد تزلزل البعض .. وقالوا إن حضرته ( الباب ) لم ينسخ الشرع العتيق ، ولم يجدد أمرا ، بل زاد في الأحكام ، وأكد في الصلاة والصيام ، وحرم الدخان ، وان السيدة قرة العين تجاوزت الحد ونسخت الشريعة التي ورثتها عن الأب والجد بدون أمر من حضرة الأعلى ( الباب ) " ، ولخطورة ما تدعوا له قرة العين ، قام احد الحضور ويدعى على بشر ، وكان من أتباع الطريقة الجديدة ، بكتابة رسالة إلى الباب ، تضمنت جميع الأفكار الخطيرة التي تنسبها قرة العين له ، ويشير صاحب الرسالة الأمرية إلى إن الباب استحسن دعوتها وتبنى أفكارها ، حيث رد على صاحب الرسالة على بشر بقوله : وأما ما سألت عن المرأة التي زكت نفسها ، وآثرت فيها الكلمة التي انقادت الأمور لها ، فإنها امرأة صديقة عالمة عاملة طاهرة ، ولا ترد الطهارة في حكمها لأنها أدرى بمواقع الأمر من غيرها ، وليس لك إلا إتباعها لأنك لن تقدر أن تطلع بحقيقة شأنها " ، وهذه الحكاية كما رواها آقا مصطفى ، تؤكد إجازة الباب لما نسبته إليه ، وتأكيده على علمها وطهارتها وفضلها وقدرتها الخارقة ، رغم أنه لم يكن قد رآها أو تحدث معها بعد ، كما أنه من الثابت تاريخيا إن قرة العين لم تقابل مؤسس البابية قط ، وهو قد اعدم في سجن ماء كوه سنة 1850م ، وهى أعدمت بعده بسنتين عام 1852م ، ويلاحظ من النص إن الرجل الذي انزعج من كلامها أرسل رسالته على سجن ماء كوه الذي حبس واعدم فيه الباب فيما بعد ، مع انه لم يكن قد سجن به خلال هذه الفترة ، خلاصة القول أن هذه الرواية تؤكد لنا أن قرة العين هي أول من تحدث في تعطيل وتغيير الحدود ، وان الباب وبهاء الله فيما بعد تعلما منها هذه الأفكار .

تعرف على 5
مرتاد ايلاف -

لا صوم ولا صلاة في عام 1884م اتجه البابيون إلى مدينة بدشت التي تقع بالقرب من خراسان الإيرانية ، وذلك للاجتماع وبحث كيفية تخليص الباب من محبسه في سجن ماء كوه ، حيث ألقت السلطات الإيرانية القبض عليه لتجديفه في الشريعة ، كان على رأس الحضور قرة العين ، ومحمد على البارفروشى الملقب في البابية بالقدوس ، وبهاء الله أو الميرزا ( البرنس ) حسين على نورى المازندانى ، مؤسس البهائية فيما بعد ، في هذا الاجتماع طرحت قرة العين فكرتها عن تعطيل الحدود ، وإلغاء التكليف ، وتغيير الشريعة الإسلامية ، أو على حد قولهم نسخها ، وأكدت للحضور _ حسب رواية مؤلف الكواكب الدرية _ بأن للقائم مقام المشرع وحق التشريع وعليه فعلا إجراء بعض التغييرات كإفطار رمضان ونحوه ، وفى رواية لصاحب مفتاح باب الأبواب قال : " إن قرت العين فاجأت الحضور وظهرت بدون برقع ولا نقاب ، ولا قناع ولا حجاب ، وعلت المنبر وجلست عليه هنيهة ، ثم قامت وخطيبة وقالت ما نصه ( نقلا عن ناسخ التواريخ ) : اعلموا إن أحكام الشريعة المحمدية قد نسخت الآن بظهور الباب ، وأن أحكام البابية لم تصل إلينا ، وأن اشتغالكم الآن بالصوم والصلاة والزكاة وسائر ما أتى به محمد كله لغو وفعل باطل ، ولا يعمل بها بعد الآن إلا كل غافل وجاهل ، إن مولانا الباب سيفتح البلاد ، ويسخر العباد وستخضع له الأقاليم السبع المسكونة ، وسيوحد الأديان الموجودة على وجه البسيطة ، حتى لا يبقى إلا دين واحد ، وذلك الدين الحق هو دينه الجديد ، وشرعه الحديث الذي لم يصل إلينا الآن منه إلا نزر يسير ، وبناء على ذلك أقول لكم وقولي هو الحق : لا أمر اليوم ولا تكليف ، ولا نهى ولا تعنيف ،. " ، بهذه الكلمات فجرت قرة العين ثورة بين الحضور ، خاصة وإنها تدعوا إلى تعطيل الحدود والتكليف ، والتأكيد على اغتنام اللحظة حتى تصلهم شرائع البابية ، وبالطبع لم يعجب هذا الكلام أغلب الحضور ، واعترض بشدة القدوس أحد المقربين للباب ، وفى يوم أخر وقفت قرة العين تدافع عن رأيها ، وساندها في ذلك بهاء الله .

تعرف على 6
مرتاد ايلاف -

تبادل النساء لماذا نادت قرة العين بتعطيل الشريعة ، ودعت إلى التمتع باللحظة ؟ ، هل لأنها كانت ترغب في مساواة المرأة بالرجل ؟ ، هل لأنها كانت تهوى التمرد على الوضع السائد ؟ ، هل فعلت هذا لكي تنتقم من زوجها ؟ ، هل كانت قرة العين امرأة سيئة السمعة وانحلالها هو الذي دفعها إلى المناداة بشرعية جديدة تستند عليها ؟ أغلب ما وصلنا عن قرة العين التي لقبت فيما بعد بالطاهرة ، يوضح سوء سلوكها ، رفعها الحجاب والنقاب ، ودعوتها الرجال إلى تحرير النساء من الحجاب ، وتأكيدها في خطبة بدشت أن النساء مثل الزهور خلقن للشم واللمس والضم ، ومطالبتها الرجال بتبادل النساء ، أو كما قالت : وإنا نحن اليوم في زمن الفترة ، فاخرجوا من الوحدة إلى الكثرة ، ومزقوا هذا الحجاب الحاجز بينكم وبين نسائكم بأن تشاركوهن بالأعمال ، وتقاسموهن بالأفعال ، واصلوهن بعد السلوى ، وأخرجوهن من الخلوة إلى الجلوة ، فما هن إلا زهرة الحياة الدنيا ، وإن الزهرة لابد من قطفها وشمها ، لأنها خلقت للضم والشم ، ولا ينبغي أن يعد أو يحد شاموها بالكيف والكم ، فالزهرة تجنى وتقطف ، وللأحباب تهدى وتتحف ... ساووا فقيركم بغنيكم ، ولا تحجبوا حلائلكم عن أحبائكم ، إذ لا ردع الآن ولا حد ، ولا منع ولا تكليف ولا صد ، فخذوا حظكم من هذه الحياة ، فلا شيء بعد الممات ".وذكر أنه بعد أن تركت بغداد إلى طهران ، توقفت في الطريق ببلدة كرمان شاه ، وهناك أصرت أن تنزل في منزل واحد هي وبعض النساء مع بعض العلماء ، وهو ما أثار حفيظة أهل البلدة ، ودفع رجال الدين للمطالبة بخروجها هي ومن معها خارج البلدة ، وبعد مؤتمر بدشت ، قيل أنهم أثناء سفرهم إلى مازندران ، حاول بعض البابيين الذي كانوا معهم اغتصابها تطبيقا لما نادت به ، وما شجعهم على ذلك انه كانت تسافر في هودج واحد مع القدوس ، فذكر صاحب مطلع الأنوار الوقعة بقوله : أراد بعض الأتباع أن يسيئوا استعمال الحرية التي نتجت عن نسخ الشرائع القديمة ، وظنوا إن في طرح الطاهرة للحجاب إشارة منها للتجاوز عن حدود الآداب وإشباع الأغراض النفسية ، وسبّب هذا التعدي الواقع من هؤلاء البعض غضب المولى وأوجب تفريقهم وتشتيتهم " ، وذكر أنهم عندما وصلوا إلى قرية نيالا لم يعجب أهل البلدة بسلوكها ، ومبيتها فى خيمة واحدة مع القدوس ، فثاروا عليهم وقذفوهم بالحجارة حتى ولوا هاربين ، وربما كل هذا ما دفع صاحب الحراب في صدر البهاء والباب

في النار
ابوش عكر -

انها حقا امرأة نارية كما قال الكاتب ؟!!

ما شاء الله
محب للغة العربية -

تناسق هذا المقال و انسيابيته و بلاغته في الحقيقة غنية عن التعليق. يخزي العين ما شاء الله!