كتَّاب إيلاف

هل تنتج مناهج التعليم الديني الرسمية التطرف؟!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مع استعار حمى الحرب على ما بات يعرف بـ "الإرهاب"، والموسوم بعدد من الصفات "الأصولي"، "الإسلامي"، "المتطرف"... فإن "السعار" الذي أصاب الإدارة الأمريكية ومن لفّ لفها في مواجهة التحديات والأخطار الناجمة عن "الإرهاب" لم يحسم تلك التحديات أو الأخطار، أو على الأقل لم يقلل منها أو يحد من انتشارها.
وإذا كان الغرب مؤخراً قد استوعب الدروس والخبرات "المجانية" التي قدمتها بعض الأنظمة العربية في مجال مواجهة "الإرهاب" ومكافحته، فإن تركيز الإدارة الأمريكية على الجانب الفكري في حربها المزعومة على "الإرهاب"، قد شطح بها إلى حدود رد المعروف إلى تلك الأنظمة والتدخل في مجال من أهم مجالات ما يعد من مفهوم السيادة الوطنية، وهو مجال التعليم ومناهجه.
ولما كانت المناهج التعليمية مظهراً من المظاهر المعبرة عن السيادة والشخصية القومية للبلد أو الأمة، والنسغ المعرفي المستقى من تجارب وخبرات الشعوب والأمم والذي يقدم لناشئتها، بغية الحفاظ على هويتها الحضارية والاجتماعية، فإن الاتهامات التي ساقها الغرب ومن ورائه الولايات المتحدة لمناهجنا التعليمية، وبالذات الدينية منها، ومطالبتها "بتعديل" تلك المناهج و"تطويرها" بغية القضاء على "منابع الإرهاب" وتجفيفها، إن تلك الاتهامات وما تلاها من المطالبات يكمن خطرها حال الاستجابة لها والرضوخ إليها، وهو الأمر المتحقق حتى الآن، في كونها سبيلاً إلى العبث بمقومات الشخصية المتفردة للأمة، وضرباً لأهم عناصر هويتها الحضارية، والذي يعدّ الدين الإسلامي أهم عناصره ومكوناته على الإطلاق.
لسنا ندعي في هذا السياق عصمة مناهجنا التعليمية في مؤسسات التعليم الديني وترفعها على النقد وإعادة النظر، فالدعوة إلى إصلاح مناهج التعليم كانت لصيقة بالدعوة إلى النهضة والإصلاح والتي حمل لواءها في كل بلد علم من الأعلام المعروفين من أمثال (محمد عبده) في مصر، و(محمد الطاهر بن عاشور) في تونس. ولا تزال الدعوات إلى إصلاح تلك المناهج وتعديلها وتطويرها بما لا يتعارض أو يتصادم مع ثوابتنا ومبادئنا وقيمنا قائمة ومستمرة. بيد أن الرغبة الأمريكية المحمومة في هذا الصدد والمسلطة على تلك المناهج، وممارستها لشتى أنواع الضغوط على الأنظمة العربية بغية تحقيق ذلك، وبعبارة أخرى: إن تسييس الخطوات اللازمة لإصلاح مناهجنا التعليمية، والدينية منها بالذات، لم ولن يؤثر على بنية "العنف" و"التطرف" التي يتسلح بها من تطاردهم الولايات المتحدة من أفغانستان إلى العراق إلى غيرها من البلدان الإسلامية.
فمن الطريف في هذا الصدد التباس الرؤية والموقف الأمريكيين تجاه مؤسسات التعليم الديني التقليدية، ففي الوقت الذي تعتبرها مصدراً لتفريخ الإرهابيين وتلقينهم ثقافة العنف والتطرف تجاه الآخر، فإن المطالع لأسماء من تعتبرهم الولايات المتحدة قادة الفكر الإرهابي ورموزاً له، سوف يجد ابتعاد هؤلاء عن تلقي العلوم الشرعية في أي جامعة أو مؤسسة تعليمية تقليدية أو رسمية. بل على العكس من ذلك، فلقد أدى استحكام تسييس مناهج المؤسسات التقليدية وتفريغها من أي مضمون ذي قيمة فيما يتعلق بالعلوم الشرعية الأصلية، بحجة الدعوة إلى التسامح ونبذ العنف ومقاومة التطرف، أدت تلك الإجراءات إلى انقطاع الصلة بين طلاب العلوم الشرعية ومؤسساتهم، وفقدانهم للثقة فيما تقدمه من معلومات ومعارف مسيسسة سلفاً، مما أدى بهم إلى البحث عما يروي غليلهم وظمأهم المعرفي فيما بين أيدي شيوخ الفكر المتطرف والمتشدد ممن استبعدتهم الأنظمة العربية والإسلامية أساساً عن منابر مؤسساتها وجامعاتها.
إن ما تقوم به الإدارة الأمريكية، وتعينها فيه أنظمتنا السياسية وثلة من مثقفي السلطة من طرح لضرورة تعديل المناهج الدينية أو دمجها في مقررات وعظية وأخلاقية أخرى، وحتى الدعوات الصريحة لإلغاء تلك المقررات، وإعادة قراءة آيات الجهاد ومفردات مقاومة العدوان للغازي والمحتل من منطلق تاريخي سوسيولوجي يعتمد أدوات معرفية حديثة، تخصب فهمنا للقرآن بالمناهج والأدوات الغربية، وبغض النظر عن الفوارق المعرفية والملابسات الجوهرية بين الأديان، إن هذه الممارسات التي يتغاضى عنها أولوا الأمر في مجتمعاتنا تحت ضغوط أو لمآرب شتى، لن يمنع من تسميهم أمريكا "بالإرهابيين" من التزود المعرفي بكل ما يدعو إلى إبادة "الآخر" وإفنائه؛ بذريعة عدم توافقه مع رؤاهم، وهو المنهج ذاته الذي تعتمده الإدارة الأمريكية مع خصومها، فهي لا تقل في ذلك عنهم تطرفاً وعنفاً.
ونحن إذ ندعو إلى اضطلاع مؤسسات التعليم الديني لدينا بإصلاح مناهجنا التعليمية، والتي مضى على بعضها في بعض الجامعات ما يربو على ربع قرن من الزمان، فضلاً عن خروج بعض فصولها عن حركة التاريخ بتدريسها لتاريخ شعوب إسلامية بأرقام فلكية أكل الدهر عليها وشرب. إن تلك الدعوى يجب أن تكون مبرأة عن الاستغلال السياسي الرخيص والمجير لحساب جهات أخرى لا تريد إلا المنفعة لها وحدها، في الوقت الذي يجب أن يتم التأكيد فيه على العناصر الثابتة والجوهرية في تلك المناهج، والتي يسعى الغرب حالياً لتذويبها وإقصائها ومحوها من ذاكرة وكتب ناشئتنا من قبيل آيات الجهاد ومقاومة الغازي والمحتل، وعدم جواز التعامل أو التطبيع معه، فقضية المناهج التعليمية ليست شأناً داخلياً بسيطاً يمكن التفاوض حوله أو التنازل عن بعض عناصره إرضاء لتسلط بعض الدول الكبرى، أو إرواء لشهوة الاستبداد بالحكم من قبل الأنظمة العربية، إنما هي مسألة هوية ثقافية حضارية يراد القضاء عليها وتذويبها، أو على الأقل تهميشها وإضعافها. كاتب وباحث فلسطيني
hichammunawar@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رمتني بداءها وانسلت
اوس العربي -

الحقيقة ان عشرات الالوف من الشباب العربي والمسلم من اثنين وخمسين دولة عربية واسلامية ذهبوا الى الغرب منذ الخمسينيات ودرسوا وعاشوا وربما اقاموا لم تبدر منهم بادرة عنف واحدة ولم ينظر اليهم على انهم مشاريع ارهاب ولكن دوائر في الغرب كانت تخطط من اجل ايجاد عدو يحل محل العدو الشيوعي وبمجرد سقوط الشيوعية صرحت ثاتشر ان الخطر الاخضر وتعني به الاسلام يهدد الحضارة الغربية ؟!!اذن كان لابد من صناعة عدو والغرب منذ اكثر من خمسمائة عام وهو لم يضع سلاحه ضد شعوب العالم الثالث فكانت الاحتلالات المتتابعة لقارات العالم القديم بدعوى تطويرها وتحضيرها وكانت النتيجة متقل عشرات الالوف وابادة قبائل وممالك وحضارات ذات شأن ان الارهاب الذي ضرب الغرب في جزء منه عمل مخابراتي متقن واكاديمي طوعت له ضمائر واقلام واعلام لصناعة فوبيا الاسلام ودمغ الاسلام بالارهاب والتطرف والعنف وهم الغربيون اهل الارهاب والتطرف والعنف ويصدق فيهم المثل القائل رمتني بداءها وانسلت ان العنف الذي ضرب امريكا هو من صناعتها فقد استقبلت امريكا المجاهدين في البيت الابيض ؟!! ان الفكر العنيف تولد داخل اقبية الطغاة الذين حرسهم الغرب الديمقراطي الحداثي ؟!! وبعيدا عن سلطة الطغاة التي ترسخ مناهجهم طاعة ولي الامر وان سرق مالك وجلد ظهرك ؟!!الارهاب صدر من امارة طالبان التي كانت يؤهلها الغرب لحراسة خط الغاز العملاق فلماذا انعطف الغرب وضرب بعنف العراق ؟!!

رمتني بداءها وانسلت
اوس العربي -

الحقيقة ان عشرات الالوف من الشباب العربي والمسلم من اثنين وخمسين دولة عربية واسلامية ذهبوا الى الغرب منذ الخمسينيات ودرسوا وعاشوا وربما اقاموا لم تبدر منهم بادرة عنف واحدة ولم ينظر اليهم على انهم مشاريع ارهاب ولكن دوائر في الغرب كانت تخطط من اجل ايجاد عدو يحل محل العدو الشيوعي وبمجرد سقوط الشيوعية صرحت ثاتشر ان الخطر الاخضر وتعني به الاسلام يهدد الحضارة الغربية ؟!!اذن كان لابد من صناعة عدو والغرب منذ اكثر من خمسمائة عام وهو لم يضع سلاحه ضد شعوب العالم الثالث فكانت الاحتلالات المتتابعة لقارات العالم القديم بدعوى تطويرها وتحضيرها وكانت النتيجة متقل عشرات الالوف وابادة قبائل وممالك وحضارات ذات شأن ان الارهاب الذي ضرب الغرب في جزء منه عمل مخابراتي متقن واكاديمي طوعت له ضمائر واقلام واعلام لصناعة فوبيا الاسلام ودمغ الاسلام بالارهاب والتطرف والعنف وهم الغربيون اهل الارهاب والتطرف والعنف ويصدق فيهم المثل القائل رمتني بداءها وانسلت ان العنف الذي ضرب امريكا هو من صناعتها فقد استقبلت امريكا المجاهدين في البيت الابيض ؟!! ان الفكر العنيف تولد داخل اقبية الطغاة الذين حرسهم الغرب الديمقراطي الحداثي ؟!! وبعيدا عن سلطة الطغاة التي ترسخ مناهجهم طاعة ولي الامر وان سرق مالك وجلد ظهرك ؟!!الارهاب صدر من امارة طالبان التي كانت يؤهلها الغرب لحراسة خط الغاز العملاق فلماذا انعطف الغرب وضرب بعنف العراق ؟!!

أدمنا ثقافة القطيع
Amir Baky -

المناهج التعليمية في معظم البلاد العربية لا تربى عالم أو مفكر بل هي أداة لغسل العقول. والدين بالطبع هو أول أداة لتمرير الأفكار البشرية بحجج دينية. ويعجز هذا العقل المبرمج أن يناقش أو يجادل بل كل ما تعلمه تكفير و تصفية من يخالفه الرأي. أو في أحسن الأحوال الهروب و الزئبقية في المجادلة للتهرب من جوهر الموضوع المطروح وفتح مواضيع فرعية بهدف التمويه. نحن نربى عقول تتهرب لا تواجه. عقول لا تبحث عن الحقيقة بل عقول تفرض رأيها على إنه الصواب. فالطالب لو له فكر مخالف لمن وضع المنهج الدراسي يكون طالب فاشل فى نظر معظم المدرسين. لو الطالب وجد أسلوب أفضل من أسلوب مؤلف الكتاب العلمي يكون طالب متمرد. لو سأل طالب العلم الديني شيخا سؤال محرج يكون كافرا في نظر المجتمع. لقد أدمنا أن نكون مبرمجين. أدمنا أن نكون كقطيع الغنم حتى نريح عقولنا من التفكير

أدمنا ثقافة القطيع
Amir Baky -

المناهج التعليمية في معظم البلاد العربية لا تربى عالم أو مفكر بل هي أداة لغسل العقول. والدين بالطبع هو أول أداة لتمرير الأفكار البشرية بحجج دينية. ويعجز هذا العقل المبرمج أن يناقش أو يجادل بل كل ما تعلمه تكفير و تصفية من يخالفه الرأي. أو في أحسن الأحوال الهروب و الزئبقية في المجادلة للتهرب من جوهر الموضوع المطروح وفتح مواضيع فرعية بهدف التمويه. نحن نربى عقول تتهرب لا تواجه. عقول لا تبحث عن الحقيقة بل عقول تفرض رأيها على إنه الصواب. فالطالب لو له فكر مخالف لمن وضع المنهج الدراسي يكون طالب فاشل فى نظر معظم المدرسين. لو الطالب وجد أسلوب أفضل من أسلوب مؤلف الكتاب العلمي يكون طالب متمرد. لو سأل طالب العلم الديني شيخا سؤال محرج يكون كافرا في نظر المجتمع. لقد أدمنا أن نكون مبرمجين. أدمنا أن نكون كقطيع الغنم حتى نريح عقولنا من التفكير

التربية مهمة
عبدالله عامر -

لقد خيبتَ أملي بك يا أستاذ منور، طرحك هذا خاطئ جداً، فالمثل يقول: (التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.) ففي بعض الدول العربية تجد مناهج الدراسة الإبتدائية والثانوية مليئة بالتحريض ضد أصحاب الديانات الأخرى وشحنهم بالكراهية والعداء ضدهم. وهذه المناهج بالتأكيد لها تأثير سلبي على تشكيل ذهنية وساكولوجيةالتلميذ وموقفه من الآخرين، وبالتأكيد تهئي هذا الطفل ليكون مشروعاً إرهابياً في المستقبل. وماهو رأيك في الآية:(لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). نعم الإرهاب نتاج تربية خاطئة، وثقافة الكراهية والإدعاء بامتلاك الحق المطلق وإلغاء الآخر. أرجو أن تعيد النظر في موقفك من هذه المسألة.

التربية مهمة
عبدالله عامر -

لقد خيبتَ أملي بك يا أستاذ منور، طرحك هذا خاطئ جداً، فالمثل يقول: (التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.) ففي بعض الدول العربية تجد مناهج الدراسة الإبتدائية والثانوية مليئة بالتحريض ضد أصحاب الديانات الأخرى وشحنهم بالكراهية والعداء ضدهم. وهذه المناهج بالتأكيد لها تأثير سلبي على تشكيل ذهنية وساكولوجيةالتلميذ وموقفه من الآخرين، وبالتأكيد تهئي هذا الطفل ليكون مشروعاً إرهابياً في المستقبل. وماهو رأيك في الآية:(لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). نعم الإرهاب نتاج تربية خاطئة، وثقافة الكراهية والإدعاء بامتلاك الحق المطلق وإلغاء الآخر. أرجو أن تعيد النظر في موقفك من هذه المسألة.

Amir Baky
كركوك أوغلوا -

أحسنت كالعادة !!.. والكاتب يناقض نفسه (ربما خوفا من حماس), ويعترف بأن المناهج والكثير من فصولها خارج التاريخ !!!...ويعود الى الحفاظ عليها لأن الغرب طالب بالتحديث ليس ألا ؟؟!!..

Amir Baky
كركوك أوغلوا -

أحسنت كالعادة !!.. والكاتب يناقض نفسه (ربما خوفا من حماس), ويعترف بأن المناهج والكثير من فصولها خارج التاريخ !!!...ويعود الى الحفاظ عليها لأن الغرب طالب بالتحديث ليس ألا ؟؟!!..