كتَّاب إيلاف

اتّفاق الدوحة وما غاب عن الأذهان!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ربما لم تكن الشيخه "موزه " حاضرة بينهم بقامتها الميّاس التي ترشح أناقة وأنوثة، ولم ترتق عدسات المصورين لالتقاط تفاصيل ملامحها المكتظّة بالجاذبية والسحر، ليتفاقم من حولها عدد المأخوذين بها إعجابا وانبهارا ودهشة، عندما الْتَأمََ مؤخرا شمل الأخوة الألدّاء في {الدوحة - قطر }، لتوليد الاتّفاق "الحل " بعد تعثّرٍ موجع ومخاضٍ عسير دام أكثر من 144 يوما من الفراغ الدستوري والمناورات الطائشة التي بدأت بالتراشق الإعلامي واختتمت الجولة الحاسمة بالذخيرة الحيّة اشتملت على لفيف من الجرحى وكوكبة من الشهداء وَزّعت حزنها بالتساوي على معظم الأحياء البيروتيّة، وسائر المناطق التي تتسم ب"الإسلام " وتنتكس ب"المذهبية "، إلى أن جاءت اللهفة القطرية رافدا قويّا وربّما خصما ذكيّا للمبادرة العربية، وكان دور المرأة في عموم المشهد مغيّبا نوعا ما، تغيّبا شبه تام في زحمة الأضداد والذكورة الضارية و"المتشارسة " على تكبير الرأس، وتفخيم الأنا، وقهر الآخر، أخا كان أم شريكا في الوطن، إذ أنّ الكلمة لم تعد في قلب الشاعر بل أضحت بانقلاب السلاح على رافضِهِ، ومهما كان الثمن شهيد.. اثنان.. عشرة لا بأس.. المهم حماية الشكل، وليذهب المضمون إلى الجحيم بكل أبناء الوطن وأفراده ومناصريه طالما أنّ الدمّ صار بعهدة السلاح والسلاح بإمْرَةِ القيميّن عليه.
وهكذا لا يزال الشرّ على الجرار يجوب المناطق اللبنانية بافتعال مدروس وتأزّمٍ مُنَظّمٍ باسم الوطن مرّة وباسم الإصلاح أخرى وباسم الله والمتحزبين فيه، وليس الهدف تحويل لبنان إلى بؤرة مفتوحة على القتال بل إغلاق لبنان على قتال مفتوح على الامتيازات والمناصب والمغانم والحقائب السياديّة المكتسبة بالقوّة........... لا بالتراضي.

ومع أنّ الشيخه موزه آثرت عدم الظهور خلال انعقاد مؤتمر اتفاق الدوحة بشكلٍ مباشر، فهي ولاشكّ قد كانت في مكان ما.. تُمارس حضورها الكثيف بسخاء معهود وهذه المرّة لم تكن مجرد سفيرة للتغيير الإيجابي والتصالح، كما هي أيضا سفيرة للنوايا الحسنة باختيار الأمم المتحدة، عدا عن انهماكها بالإعلان عن إنشاء مؤسسة قطريّة بامتياز لتوظيف الشباب في ست دول عربيّة، إذ أنها وبالتأكيد كانت تولي أهميّة قصوى لدورها الأمثل كزوجةٍ صالحةٍ تُعزز هيبة الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني " أمام مراياه.
تُؤازر معنوياته التي وُضِعت على محكّ المسؤولية الصعبة وإرهاقها الكبير.
تُساند قراراته الحاسمة برُشْدِ المرأة وحنكتها الضارية.
تُرمّم ثغرات السياسة بكياسة الأنثى ودبلوماسيّتها الفطرية.
تُشارك في رسم الخطّة لتقديم المقترح بلمسةٍ ناعمة إن لم نقل حالمة أو حانية تجلّت في الختام.
تُساهم في صبّ "الدراهم " مفاتيح الحلّ الأمثل لفتح الأقفال المتكلّسة بين الأطراف المتنازعة، وهي الأعلم بأهميّة الدراهم ومفعولها "البلسمي " القادر ليس فقط على رتق النزاعات من أجل الوطن، بل على استئصال الوطن كليّا من ذهن النزاعات إن لزم الأمر والأمن معا في غمرة الراهن والشائع من ثقافة الالتباس.
ولا ريب أنّ موزه قد واظبت على رشّ عطر التهدئة الفاخر الذي تسرّب من مسام الأمير إلى قاعة الاجتماعات التي سرى فيها شذى المواجهة وطيْب البوح ولباقة الوئام.
ولم تنس موزه بالتأكيد أن تزكّيه ببخور المحبة، ولم يفتها قطعا ترداد تعاويذ الألفة وتكرار تمائم الوداد لتلطيف أمزجة الضيوف طوال فترة الإقامة الفاخرة، وتليين القلوب الصوان التي أنبتتها المرحلة والأطماع.
تزرع همساتها في مسامع راعي المحنة العربية - اللبنانية الداخلية - الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني " ليقطف ثمار التوصيات الناضجة في حقل ذهنٍ صافٍ وقلبٍ شاسعٍ مشعٍّ، ثمرة تلو الأخرى مخصّبة بحكمة الزوجة ومجمّلة بحنكتها بصفتها الاعتبارية كمستشارٍ أوّل ومستشارٍ أقرب لقرار الأمير ومواقفه، وهكذا أوْلَمَ الشيخ حمد على شرف الهمسات الجانبيّة الأساسيّة الدافئة مائدة عامرة بالترضية لكافة المتصالحين ب"الضرورة " لحفظ ماء الوجه، الذي تعهده الشيخ حمد قناعة وثقة ويقينا بعدما أخذ على عاتقه إنجاح الاتفاق وإخراجه إلى النور، ليصبح بالتالي رجل المرحلة بلا منازع على الرغم من تنازع الأطراف العديدة لتسيّد المناسبة- الفرصة في المنطقة العربية، ريثما تحلّ كارثة خلافية على مستوى قطر من الأقطار الأخرى، وتفتح حتما بابا لزعامة عربيّة بديلة أو زعامة قَطَريّة مستمّرة...
هكذا طيّب الشيخ حمد الخواطر المأزومة، وحاول بسخاء إشباع النفوس النهمة للامتيازات والمناصب.
كان الرجل هادئا رغم كل المهاترات، ومتّزنا في مهبّ كلّ اختلال ساد، مسالماً في غمرة شهوة النوايا وشهيّة بعض الأطراف المفرطة للحرب المفتوحة على كافة الجهات، كان باختصارٍ شديدٍ هو نفسه وهو وحده الذي بمستطاعه أن يُصافح المقاومة بيدّ....... وتسيفي ليفني، وإيهودا باراك بالأخرى .. دون أن يثير استياء أحد أو سخط أحد أو انتقاد أحد على الإطلاق، بل كل ما يصدر عنه هو دائما على الرحب والسعة.
كان رجلا في زحمة المتناقضين وسلسلة المشاحنات المعجّلة منها والمؤجلة إلى أجل معلوم وأسباب قد تُسمّى، وليس من اليسير اعتبار الرجل رجلا في زمننا هذا بعدما شاع تزاحم الأشباه، والرجل الرجل كما هو معلوم لا يُمكن أن تواكبه إلا المرأة "العشتاريّة" البريق، ومن سوى موزه استطاعت أن تُحقق معادلة الاختلاف، الاختلاف عن معشر النساء وسطحيّته، وسذاجة العقل ومحتواه، ورتابة المنهج وخوائه، ربّما ليس لأنّ المرأة في عالمنا العربي أقلّ كفاءة، بل لأنّ الآخر في حياتها أكثر غوغاء.
وموزه امرأة تمايزت بجدارة، حين تربّعت فوق نون النسوة كدرّة فريدة، ربما لطائل الحظّ.. كونها جمعت المجد من ضفتيه، كابنةِ شيخ وزوجةِ شيخ.. استحقّت في الحالين عزّها، من العناية الإلهية الفائقة التي لا يختلف عليها اثنان.
وكل ذلك لم يُغْنِها من فرط الإرادة والعزيمة والتصميم في صنع مجدٍ محايدٍ عندما لم تكتف موزه بإرثِ المجدين، بل لطالما أوجدت لشخصها هامشا جديدا لانبثاق الضوء وسيرتها تشهد، وهذه المرّة كان ضوءا مبهرا تسلّط عربيا ودوليا ولبنانيّا خاصّة بحقِّ قطر وأميرها حمد بن خليفة آل ثاني، الرجل الذي يجدُر القول عنه أنّ رحابة صدره كانت تتصدّرها موزه ضمنا كامرأة حصرية، وربما كسرٍّ مكنونٍ غاب عن الأذهان من أسرار الحلّ وأسبابه، تماما كما هي تتوّج حبّا في رحابِ البلاد دائما كعنوان عريضٍ للمُباهاة.

تمّ اتفاق التسوية إذا في خمسة أيام فقط، اتفاق عجزت عن إيجاده كل المساعي ولأشهر طويلة مضت، لتسفر فيما بعد عن مُباركة سعودية مصرية سورية... وإيرانية بلا شكّ.
ويبقى السؤال هل أنجز الشيخ حمد دوره كاملا ورضيَ الاتفاق الذي أعاد المتنازعين إلى نصابهم الموضوعي ونصيبهم العقلاني؟ ليعود بالتالي إلى شؤون بلاده وشجون الزوجة مكتفيا بما كان؟ أم أنّ المُستجدات التي تتلاحق على الساحة الأمنية اللبنانيّة تردّيا وتقهقرا واشتباكاتٍ، تُرتّب على الرجل أن يتكفّل المزيد من الجهد والحوار والمقترحات وربما الفواتير المُستحقة الدفع كضريبة للتسوية، مما يُحتّم بالتالي على الزوجة موزه أن تتكبّد المزيد من الأناة والصبر والمؤازرة؟...

ويحضرني سؤال أوجهه لنفسي كامرأة أولا.. ولكل قارئة استفتيها هنا لتتأمّل قليلا: هل حقّا كما نظنّ أو نعتقد أنّ الشيخه موزه أكثرنا وأكثر بنات جنسها سعادة؟ وهناءتها الذاتيّة وسعادتها الزوجية مرهونة لجداول المواعيد وأجندة الالتزامات وقوائم المراسم ولوائح البروتوكولات؟
هل هي امرأة جَلَود تُعالج صبرها بنجاحات ظاهرة، وفي قرارة نفسها دويّ نبضٍ حائر خفي يفتقر ويفتقد بصمت لا يعرف التذمّر أو الشكوى، إلى صدق اللحظة وحميميّة الخصوصية بين المولّهين؟.

www.geocities.com/ghada_samman
gaidoushka@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اميرة العرب
ابو عبدالله خليل -

فيا غادة فؤاد السمان..والى الامس القريب كنت لي منتحلة صفة الابنة التي توقعت لها الانبهار العربي لشعلة ارتفعت بيد عميد جامعة دمشق الدكتور احمد السمانالقصة تعود الى اوائل الستينات والى مكاتب صحيفة الجمهوريةاللبنانية التي ربضت على انقاض مكاتب صحيفة النضال الدشقية في عهدة الانقلاب الاسلامي مع الاخوة آل الجندي ووقتها كانت الشاعرة غادة سلهب عميدة ادارةصحيفتنا في تلك الاثناء وكان اسم الكاتبة الشابة المبدعة غادة احمد السمان اخذ يتلالى على الصفحات الادبية وبدافع انثوي من مديرة مكتبنا على ضرورة تشجيع المرأة العربية للقيام بدورها الانساني العربي الى جانب الامومة اقترحت على رئيس التحرير الاستاذ هنري سجيع الاسمر ان نقوم بزيارة تعارف الى منزل الدكتور احمد السمان لنكتب عن جوهرته المتلآلئة في عتمة الستائر لحجب النصف المضئ في الحضارة الانسانيةواضاءت غادة..وماتزالوبالامس غير البعيد لحظت غادة غير شكل تطل على الاعلام وهي الآن ملء الـ ;فؤاد; في ايلافلتشد الانتباه الى: ان وراء كل رجل عظيم إمرأة وكان هذا تحريض لي لأن اتذكر الاميرة موزة ملهمة الامير الشاب الذي اراد ان يرفع مشعال التطور المعارفي على دولة قطر وهنا شدتني الذاكرة الى اني كنت لسنوات عشر بشرت بهذه الاميرة في كثير من رسائلي الى ثانوية ابن تيمية اول ثانوية عربية رائدة في سباق العلوم الحديثة بفضل رعاية الاميرة لها وكانت رسائلي الفكسية توزع على الطلاب للاطلاع عليها بتكريم من الدكتور غلوم خريج جامعة بيروت العربية ومدير الثانوية المتفوقةواذا كنت اعتز بذكر السيدة جيهان السادات زوجة اول قائد اسلامي عربي يعبر قناة ابي جهل ليصرعه احد احفاد ابي جهل باسم المسلمين الجدد فأني لا انسى ان الانفتاح العالمي المتبادل بين العالم الفسيح واصغر اقطاره سوى تزكية كافية لتفوق الاميرين على ديناصورات الاسلاميين الجدد

اميرة الاجيال
ابو محمد -

ياغادا فؤاد السمان ، عقدك المطرز بكلمات لؤلؤية تستحقه اميرة الاجيال الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم امير قطر الشيخ حمد بن خليفة ، فهي سيدة استطاعت بمثابرتها وجهدها وبتشجيع من اميرها ، ان تضع دولة قطر على خارطة الدول العلمية والبحثية ، واعتقد سيدتي ان ما قدمته وتقدمه الاميرة في مجال التعليم والصحة والانسانية محليا وعربيا ودوليا سيجعل من دولة قطر منارة تهتدي بها الشعوب نحو الرقي

أميرة التعليم في قطر
غلوم عبدالله -

من محاسن الصدف أن أجد الأستاذ الفاضل ابوعبدالله خليل في تعقيبه على مقالة الأديبة الكبيرة غادا السمان وأجدها فرصة سانحة أن أتوجه بالشكر الجزيل للأديبة المتميزة فيما كتبت عن امرأة شامخة من وطني ترفد من نبع اهتمامها كل ساحات قطر حبا ورعاية ، وتمد يدها لتغرس أشجار النخيل في كل زوايا الوطن لترفع من هامات المواطنين القطريين رجالا ونساء في جميع ميادين الحياة ، وأجد نفسي اليوم أتذكر الرسائل الإلكترونية المتبادلة معكم أستاذي الفاضل ابوعبدالله خليل لما كنت أعمل مديرا لمدرسة ابن تيمية الثانوية في الفترة من عام 1982 ولمدة عشرين سنة من عمر التعليم في قطر ، وكنت أتبادل الحديث معكم فيما يخص التعليم في قطر وكنت أنقل إعجابكم لتلاميذي في مدرسة ابن تيمية الثانوية مشجعا لهم ودافعا بهم لمزيد من التحصيل والتفوق خدمة لبلدهم ولأمتهم ، وكنا نتسامر في الرسائل عما وصلنا إليه من اهتمام بالتعليم تحت قيادتنا السياسية الرشيدة خاصة بعد زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر المفدى لمدرسة ابن تيمية الثانوية في تاريخ 21/5/1997 حين صافح سموه طلاب المدرسة ومدرسيها بكل حب وأبوة ، هذا ما حدث من اهتمام منذ أكثر من 11 عاما أستاذي الفاضل ابوعبدالله خليل ، ولكنني أزف لشخصكم العزيز بشرى جديدة بشرى دخول التعليم لمرحلة جديدة في قطر ، قطر القريبة لقلبك أخي الأستاذ خليل ، دخلت قطر القرن الواحد والعشرين بزخم غير مسبوق واهتمام بالتعليم غير اعتيادي فقد أنشئ " المجلس الأعلى للتعليم " بقرار من سمو الأمير المفدى كجهة ترعى مدارس الوطن برئاسة سمو الشيخ تميم بن حمد ال ثاني ولي العهد الأمين، ورعاية الأيادي البيضاء من سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم سمو الأمير المفدى نائبة رئيس المجلس، وعضوية أعضاء من رجالات ونساء قطر والعالم ، بدأت هذه المرحلة بعنوان " مبادرة التعليم لمرحلة جديدة " وسميت المدارس "بالمدارس المستقلة" وبدأت شخصيا في الانخراط في المبادرة مديرا لمدرسة الدوحة الثانوية المستقلة للبنين ، وفي فترة قصيرة من عمر الزمن وعمر الشعوب وفي خلال أربع سنوات تم افتتاح 85 مدرسة مستقلة بمختلف المراحل تقدم التعليم المتميز لطلاب وطالبات قطر باستقلالية وبمعايير وطنية للمناهج وبطرائق تدريس شائقة وفي مبان لن أبالغ إن وصفتها بمدارس ذات النجوم الخمس، وتعدت موازنات تلك المد