التنمية لا الديمقراطية أولاً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
دولة الأمارات هي المهر العربي الذي استطاع أن يقود الجياد العربية في مضمار التنمية. قصتها مع (التنمية) كما نسميها في الخليج، ومع (النهضة) كما يسميها إخواننا عرب الشمال، لم تبدأ إلا في بداية السبعينات من العقد المنصرم. كانت آنذاك مجرد أمارة مسالمة وديعة تقع على ساحل الخليج العربي أو إن شئت الفارسي. لم تعرف الثورة، ولم تصلها رسائل عبدالناصر، وصوت العرب، وأحمد سعيد، وشعارات البعث، والوحدة (اللي ما يغلبها غلاب). ولو سألت أحداً من أهلها : أين يقع (الخليج الهادر) كما كان يصفه عبدالناصر وإذاعة صوت العرب في عقد الستينات لفغر فاه، وظن أنك تتحدث عن خليج ما في أمريكا اللاتينية زمن (غيفارا)!
قرر الدبويون بهدوء أن ينتقلوا من التخلف إلى الحضارة، وأن يستغلوا بترولهم القليل، وموقعهم الهام، لبناء بلدهم . كان أمامهم خيارين ؛ إما أن يستوردوا أبناء (يعرب) من مصر وعرب الشمال، أو يتجهوا شرقاً إلى الهند وشرق آسيا . قرر الشيخ راشد المكتوم حاكم دبي آنذاك، (وداهيتها) التاريخي المعروف، أن يدع العرب و العروبة وأيديولوجياتهم وشعاراتهم وأوبئتهم الفكرية، ويتجه شرقاً، إلى آسيا، إلى من لا يعنيهم إلا الإنتاجية والبناء لا الأيديولوجيات... ويروون - بالمناسبة - أن الأمين العام للجامعة العربية آنذاك عبدالقادر حسونه زار دبي، وهاله أن يرى الهنود لا العرب هم الجالية الأكبر في دبي. وطلب من الشيخ راشد أن يستبدل الهنود والآسيويين (بإخوانه العرب). فأجابه ذلك الداهية المحنك : لو استبدلت الآسيويين بالعرب لكنت مضطراً أن أضع مع كل (عربي) واحد رجل أمن، أما مع الهنود فلا أحتاج إلا لشرطي واحد لكل ألف هندي. ولعل اتجاهه شرقاً كان أهم قرار اتخذه، فقد حقق لدبي فيما بعد أن تنجو من وباء الأيديولوجيات : (القومية العروبية)، و (الأصولية الإسلاموية)، فاستطاعت أن تنأى بنفسها وشعبها عن أهم أسباب معوقات التنمية، الأمر الذي أعطاها المبررات لأن تحقق هذه القفزات التنموية المهولة التي هي حديث العالم اليوم.
وعلى الشمال من دبي كانت (الكويت) قد سبقت دبي زمنياً في مسيرة التنمية؛ وهي تتشابه معها في الكثير من العوامل الجغرافية والديموغرافية وكذلك العادات والتقاليد . غير أنها أخطأت التوجه في مسيرة البحث عن التنمية، اتجهت الكويت إلى مصر وعرب الشمال، واستوردت الديمقراطية قبل التنمية. وها هي الكويت بديمقراطيتها المفبركة تعتبر ، بالمقاييس التنموية، أقل دول الخليج تنمية، وأكثرها اعتماداً على البترول، فضلاً عن عدم الاستقرار سياسي، فلا تكاد تخرج من أزمة سياسية إلا دخلت في أزمة سياسية أخرى من جديد. أما السبب الأول فهي الأيديولوجيات التي أتى بها عرب الشمال وكذلك المصريون معهم، وزرعوها في الكويت، فقسموا أهلها إلى عروبيين وماركسيين في البداية، ثم اقتطعت الحركية الإسلامية المسيّسة مؤخراً جزءاً من الكعكة، فتجاذبت هذا البلد الصغير التيارات السياسية المتصارعة، ونسي الجميع التنمية.. وقلل من فرص قدرة النظام الحاكم على الضبط والربط ( النظام الديمقراطي) الذي غرسه الشيخ عبدالله السالم في بداية الستينات، والذي لا يستطيع النظام الحاكم الحالي الانفكاك منه إلا بتضحيات ربما تكون غاية في الخطورة على استقرار الكويت إذا لم تكن على وجود النظام الحاكم نفسه.
بقي أن أقول أن الفرق بين الشيخ راشد مؤسس دبي الحديثة، والشيخ عبدالله السالم مؤسس الكويت الحديثة، أن الأول عرف من أين تؤكل الكتف فكانت دبي مقر ناطحات السحاب على الخليج (الهادر) حسب عبدالناصر . والثاني سلم الكتف بلحمها وشحمها إلى الآخرين، وترك لهم طاولة الطعام ومشى، فكانت أزمات الكويت التي لا تنتهي.
التعليقات
التنمية الحقيقية
رضا -وهل التنمية ياعزيزي هي بناء عشرات فنادق الخمس نجوم ومجمعات الفلل الفاخرة، هل الحضارة هي مجرد مولات ومراكز تسوق في نظرك، واستيراد أفخر أنواع السيارات وقضاء الاجازات الصيفية في ربوع أوربا وأمريكا وغيرها من بلدان العالم. التنمية الحقيقية ياعزيزي هي انشاء أجيال تلقت تعليماً صحيحاً لاتلقيناً، أجيال متسلحة بكافة صنوف العلم والمعرفة تمكنها من بناء دولة تتفاعل مع الدول المتقدمة وتضاهيها علماً وانتاجاً ومعرفة، وليس الاقتصار على دور المتلقي، التنمية الحقيقية هي أن تعتمد في مرحلة لاحقة على تلك الأجيال اعتماداً كلياً في بناء صرح الوطن ورفعته، لاأن تبقى تستورد عمالة من الخارج (عرباً أو غير عرب)، فهل حققتم تنمية كهذه التنمية أم أن للتنمية لديكم مفهوماً آخر.
No Comment
MGQ -looks like one of your family members is from east asia thats why your mad about getting arabs to work in the gulf.
طرح فكري مرفوض
اماراتي -لا توافق النخبة الواعية المثقفة الاماراتية على مقولات صالح الراشد ولها رأي وجيه في التوجهات الحكومية يستغل النافذون عدم وجود مساءلة فحولوا الوطن ملكية خاصة بهم ؟!! نعتقد ان الديمقراطية الكويتية على علاتها نموذج مشرف لكل خليجي وعربي
دبي في المقدمة
محمد العنزي -لله درك .. نعم .. نعم . دبي هي النموذج وهي مهوى أفئدة العرب .. ليس شعوبهم فقط وإنما حكامهم أيضاً .. يقولون عندما زار بشار الاسد دبي ودار به محمد بن راشد في أنحائها.. قال بشار : الآن أثبت لي أن البعث وفكر البعث هو أس التخلف .. قال له المكتوم : هل الكلام قابل للنشر ؟ . فرد ضاحكاً : لو صرحت به لنفيته وأرسلت إليكم كوادر (حزب الله) اللبناني ليغتالوا كل الكوادر الدبوية . ضحك الإثنان وانتهى الحديث.
أوافق على التعلق3
وأيضا إماراتي -أوافق مع تعليق الأخ رقم 3، ويؤسفني أن أقول وأنا مواطن إماراتي أن نموذج التنمية لدينا لا يبني وطنا وإنما يبني مدنا اسمنتية يستوطنها الأجانب.. نموذج التنمية عندنا هو أن كل ما تقوم به الحكومة صواب، وعلينا السمع والطاعة، فهم أصحاب الأرض ونحن مجرد موظفين لا شركاء..هم أصحاب القرار والتجار في نفس الوقت، وما يعطونه للمواطن ما هو إلا ;مكرمة ; تكرم بها عليهم ولي الأمر وليس حقا لهم في هذا الوطن.خطورة كلام الراشد أنه يعدو المواطن إلا الانكفاء والسكوت على ما يجري بحق الوطن ويؤخر المطالبات بالإصلاح بمزاعم أن الوطن سيتحول إلى ساحة للصراعات بين أصحاب التوجهات، مما يؤخر من مسيرة زحف الاسمنت على رمال الصحراء!
كمبارس ؟!!
الاماراتي -حضارة الاسمنت والكونكريت ليست حضارة حقيقية ولاتنمية التنمية الحقيقية هي في الانسان .............عبدالناصر فهم حقيقة التنمية