الأمارات تضيئ شمعة في الظلمة العراقية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل كل شيء، لا مفرّ من الأعتراف بأن تحسنا طرأ على الوضع الأمني في هذا البلد العربي المهم الذي يُعتبر ركيزة من ركائز التوازن الأقليمي القائم منذ العشرينات من القرن الماضي بعد أنهيار الدولة العثمانية أثر الحرب العالمية الأولى ونشوء الكيانات السياسية القائمة حاليا ومن بينها العراق نفسه بحدوده الراهنة. ما يشير ألى تحسن الوضع الأمني في العراق توقف عمليات التطهير ذات الطابع المذهبي في مختلف مناطق العراق بما في ذلك بغداد. ثمة من يقول أنه لم تعد أحياء مختلطة في بغداد وأن التطهير حصل ولم يعد مجال لأخراج السنة من الأحياء ذات الأكثرية الشيعية أو الشيعة من الأحياء ذات الأكثرية السنية، نظرا ألى أنه لم يعد هناك شيعة في الأحياء السنية ولا سنة في الأحياء الشيعية. هذا صحيح ألى حد كبير ولكن ما لا بد من الأعتراف به في الوقت ذاته، وما قد يكون صحيحا أكثر، أن الجو العام تحسن بعدما أظهرت حكومة نوري المالكي أنها تعبّر ألى حدّ كبير عن رغبة في أن يكون العراق بلدا لجميع العراقيين أوّلا وأن يكون شيعة العراق مختلفين عن شيعة أيران، أي أن يكونوا عربا غير تابعين لنظرية "ولاية الفقيه" التي تحاول أيران غزو العالم العربي من خلالها.
حصل تحسن في الوضع الأمني في العراق عموما. لا يمكن تجاهل هذا الواقع. ما لا يمكن تجاهله أيضا أن الأيرانيين لم يكونوا مرتاحين ألى نتائج معركة البصرة الأخيرة ثم معركة السيطرة على مدينة الصدر في بغداد. لم ينتصر الجيش العراقي في تلك البصرة بشكل حاسم، أنما أضطر نوري المالكي الى التوصل ألى أتفاق لوقف النار مع "جيش المهدي" الأيراني الذي يقوده مقتدى الصدر في مدينة قم الأيرانية بأشراف قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الأيراني". لكن ذلك لا يمنع من الأقرار بأن معركة البصرة كانت أشارة ألى رغبة المالكي في الحدّ من النفوذ الأيراني الذي يمارس عليه بشكل مباشر. أنه تحد كبير لرجل مثل رئيس الوزراء العراقي الحالي المحاط برجال تابعين للنظام الأيراني من كل حدب وصوب والذي يحاول القول أنه عراقي أولا... وأنه غير مذهبي ألى حدّ ما.
لم يكن ممكنا ترك العراق فريسة لأيران. كان لا بد من مساعدة العراق والعمل في الوقت نفسه على أيجاد توازن معين في العراق يصبّ في مصلحة وحدة البلد أوّلا من دون المس بالتنوع العرقي الذي يتميّز به والمحافظة على أستقلاله النسبي عن أيران ثانيا وأخيرا. بأختصار شديد، كان على العرب القيام بدور ما. زار وزير الخارجية الأماراتي الشيخ عبدااله بن زايد بغداد قبل نحو شهر، ثم عيّن الأردن سفيرا في بغداد مع أستقبال الملك عبدالله الثاني لرئيس الوزراء العراقي في عمان. ترافق ذلك مع أنفتاح كويتي وبحريني على العراق. لكن نقطة التحول ستظل تلك الزيارة التي قام بها المالكي لأبوظبي يومي الأحد وألأثنين في السادس والسابع من يوليو- تموز الجاري ومحادثاته مع كبار المسؤولين في الأمارات على رأسهم الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة وكبار المسؤولين في الدولة. لم تكتف ألأمارات بتقديم الدعم السياسي للمالكي وحكومته وللعراق كعراق، بل شطبت في الوقت نفسه الديون العراقية والتي تبلغ نحو سبعة مليارات دولار. والمبلغ يشمل الدين الأصلي المترتب على العراق والفوائد على الدين. أنه رهان حقيقي على الأستقرار في المنطقة وفي العراق نفسه من أجل تأمين توازن يقوم أولا وأخيرا على عراق متصالح مع نفسه قادر على أحتواء مشاكله الداخلية ومعالجتها بعيدا عن التأثير الأيراني وغير الأيراني... بما في ذلك التأثير الأميركي بحدود معيّنة طبعا. لا يستطيع العراق في نهاية المطاف التعاطي مع الولايات المتحدة والتوصل ألى معاهدة أمنية معقولة معها في غياب حدّ أدنى من التوازن في العلاقة بين الجهتين. هذا التوازن لا يؤمّنه سوى حد أدنى من الدعم العربي للحكومة العراقية بغض النظر عن مساوئها وشخصية المالكي نفسه والمخاوف من ميوله المذهبية. هذا الحدّ الأدنى من الدعم وفّره للعراق العرب الواعون لخطورة ما يجري في أرض الرافدين في الوقت الراهن وللتحديات التي تواجه البلد. وفّر الدعم أولئك العرب الذين يراهنون على أن مصلحتهم تكمن في عراق مستقر متفاهم مع أيران ولكنه ليس تحت سيطرتها.
كان التغيير في الأسلوب العربي في التعاطي مع شيعة العراق واجبا. ما يحصل حاليا على الصعيد العربي يمثل التغيير بحدّ ذاته. لم يكن طبيعيا بقاء العرب بعيدين عن العراق. كان مطلوبا الأقدام على خطوة ما. يبدو أن بين العرب من هو على أستعداد للأقدام على مثل هذه الخطوة التي تؤكد أن العرب ليسوا مذهبيين بمقدار ما أنهم يبحثون عن توازن أقليمي يضمن الأستقراروالأمن لكل دول المنطقة وشعوبها. كان لا بدّ من أمتلاك ما يكفي من الشجاعة لخوض رهان من هذا النوع. أنه رهان على العراق وعلى عروبة العراق بمعناها المنفتح، أي على العروبة البعيدة عن أي نوع من أنواع التزمت، العروبة التي تتسع للعراقي الكردي والعراقي العربي والعراقي التركماني مثل أتساعها للعراقي الشيعي والعراقي السني والعراقي الأشوري والكلداني واليهودي وكل مكونات المجتمع من الطوائف والمذاهب الأخرى التي يمكن أن تخطر أو لا تخطر على بال... كان لا بدّ من خطوة عربية شجاعة على غرار تلك التي أقدمت عليها الأمارات. كان لا بدّ من اعطاء معنى لزيارة رئيس الوزراء العراقي للأمارات، معنى حضاري للزيارة، وهو ما حصل بالفعل. كان لا بدّ من أضاءة شمعة في الظلمة العراقية.
التعليقات
ملاحظة واحدة
كمال الأنصاري -المقال رائع ولا ملاحظة على الموضوع، فقط توضيح على العنوان أنا أراه بالأحرى (الامارات توقد شمعة في الظلمة العربية) أي في ظلمة التفكير العربي عن العراق، وستوقد المزيد من الشموع قريباً كا هو الحال في الأردن ومصر وبلدان عربية أخرى. المقال ذو أهمية كبيرة لنظرته الواقعية عن تعقد الوضع العراقي وتشخيصه لما يجب عمله لتقليص النفوذ الايراني، فشكراً لكاتبه ولايلاف.
h]uhx
احمد محمد على -ان الادعاء بان الوضع تحسن باطل فقط الشيعة رجعو الى المناطق السنيه لان الحكومه تدافع عنهم وتحميهم وكثير من السنه جبناء اما السنه لايستطيعون العودة لانهم غير محميين ثم ان السنه دورهم نهبت واثاثهم اخذ ولم يعوضوا وانما عوضهم على الله والسنى لايذهب الى منطقه شيعيه لانه سيذهب ذليل والشيعي يذهب لان الحكومه معه وعادت كل حقوقه
امارات الخير
ابن العراق -لن استغرب ابدا اقدام الامارات على مثل هذه الخطوة النبيلة تجاه العراقيين , فالامارات بلد خير و اهله ابناء خير و اصول رزقهم الله بقيادة حكيمة تحسدهم عليها ليس فقط الدول العربية بل كثير من دول العالم , فاين تجد بلد بكل هذا العمران و الازدهار الاقتصادي و عمره لم يتجاوز بضع عشرات من السنين , و الله انه لفخر ان نرى في الصحافة و التلفزيون و الانترنت مدن الامارات بهذا الازدهار و العمران الذي جعلنا نتباها بها امام الغربيين في بلاد المهجر .....اللهم احفظ الامارات وشعبها و زد عليها فهي بلاد تستحق النعمة لانها تقدرها وتحسن استخدامها .
آه لو ما الهمزات
صديق -موضوعك جيد يا صديق، ولو كان من دون همزات لكان أكثر اقناعاً
صح النوم خير الله
ماجد -ما هذه الفلسفة التي اتيت بها شمعة في الظلمة العراقية ولانترك العراق فريسة للايرانيين لماذا لاتقل ان نعال كوندليزا رايس الذي رفعته على رؤوس العرب جعلهم يتراكضون للعراق
مستعجل يا خير الله
safwan -يعني لسى الاتفاق بادوب وقعوه وبده ايم وشهور ليتنفذ ويمكن يستخدم وقة ضغط على الحكومة العراقية لحتى يتنفذ بيجي كاتبنا وببلش مدح لحتى ايلحق القليل من الدراهم الي ستصرف لمادحين الاتفاقيةفي العجلة الندامة والفضيحة يا سيادة الكاتب
ليت الكويت
Salem Mohamed -بارك الله بجود الإمارات، وأتمنى أن تحذو الكويت حذوها كعربون لفتح صفحة جديدة تنهي كل الشوائب. فعندما يحصل التفاهم على المستوى الرسمي يمكن تخفيف الاحتقان الإعلامي وتبادل الاتهامات عسى الله يهدينا وننهي الشقاق بين الطوائف وبين الشيعة والسنة، فهذا الشقاق مهزلة يجب أن يوضع حد لها سريعا. فإن كنا عاجزين عن التفاهم فيما بيننا فلا أمل لنا كأمة.
الطلب
علي أمزيغ -لماذا لا يتحدث الكاتب، وهو ;خير; العارفين، عن وقوع العراق، ولأمد طويل، في القبضة الأميركية أيضا، وليس الإيرانية فقط؟ إن الكاتب يعرف جديدا أن لا الإمارات، ولا غيرها من العرب، يستطيعون أن يفعلوا شيئا في العراق من دون ضوء أخضر من حاميتهم جميعا، الولايات المتحدة. قد تكون حالة العرب أفضل، .
أتفق مع سالم محمد
كركوك أوغلوا -ولقد قام بزيارة الكويت جميع رؤساء العراق وسياسييها ولكن بدون بادرة حسن نية , كما فعلت الأمارات !!..أستمرار تلك الشوائب ليس في مصلحة الكويت , لأن العراقيين لاينسون المظالم ؟؟!!..
الان صرنا عرب ؟!!
الايلافي -الان صار العرب حلوين من يقرأ المقالات التي دبجت في هذا الموقع وغيره عن مسئولية العر ب عماحصل للعراقيين ابان حكم الطاغوت حتى ان اقلاما متطرفة طالبت بالتبرؤ لازال بعضها ينادي بالتبرؤ من العرب والمسلمين رأي الخاص يجب ان يمتنع العرب قاطبة عن القاء طوق نجاة الى حكومة الاحتلال الرابعة المدعومة من ايران
كلنا نحب العراق
عبدالله أبو هاشم -كلنا نحب العراق و لكننا لا نحب الولاء المطلق لإيران الذي يتصف به حكام العراق الحاليون.
سبحان مغير الاحوال
ziad tariq aziz -سبحان مغير الاحوال يا ايها السيد خير من الله وشكرا لك وللذين يوقدون الشموع في ليل بغداد المظلم الذي يحتاج لجميع شموع العالم تنار على محرابه الابدي ....