إسلام النقمة ولغو الصيف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يُخيّل إلي، أن هذا الصيف سيكون أهدأ صيف يشهده الشرق الأوسط منذ سنوات. فلا غزو لدولة عربية من قبل دولة عربية أخرى كما جرى للكويت، في صيف 1990، ولا حرب عربية - إسرائيلية، كما جرى عام 1967، و 2006، ولا اجتياح لبلد عربي من قبل قوات أجنبية. كما أن وتيرة الإرهاب في المنطقة، وخاصة في العراق، قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2003، بحيث أصبح العراقيون قادرين على النوم فوق أسطح منازلهم، وإقامة حفلات العرس التقليدية، دون خوف من تفجير انتحاري، أو تفخيخ سيارة.
-2-
كان بودي في هذا الصيف، أن أبعدكم عن السياسة وهمومها، كما اقترح عليّ الصديق عبد القادر الجنابي، والكتابة عن تجاربي الشخصية في الصيف، ولكن الهمَّ السياسي يغلب دائماً. فبينما الناس في الصيف ينتشرون في الجبال والمصائف، وعلى سواحل البحار والمحيطات، مستمتعين بشمس الصيف ومناظره الجميلة، نكمن نحن ككمون الثعالب أمام شبكة الانترنت، نتابع الأخبار كلٌ ببارومتره المختلف، ونتلقى الشتائم والسباب في معظم ردود القراء على ما نكتب، من مواضيع مزعجة ومكدرة لهم، وهم في هذا الصيف الشديد الحرارة والغبار. ذلك أن غاية وهدف الكتابة الليبرالية، ليست تنويم القارئ وجلب النعاس له، ولكن إحداث الصدمة مع القارئ وزحزحة كثير من الثوابت الخالدة عن أماكنها، وإيقاظ القارئ من نومه مفزوعاً مرتبكاً، لا يملك غير السباب واللعنات على رأس الآخرين، الذين أيقظوه من النوم في العسل. وفي واقع الأمر، فنحن أولاد كلب، ونستحق مثل هذه الشتائم والسباب على ما نكتب، بل نستحق الضرب بالجزم والشباشب، إن لم يكن بعضنا قد ضُرب بعد. ولكن الحمد لله أننا نكتب كلاماً يستحق السباب والشتيمة. فما يشتم ويسب في العالم العربي هو المهم وهو المؤثر. والدليل على ذلك أن الأنبياء والأديان وصاحب الأديان، يُشتمون في الأسواق والحارات العربية والمدارس والمكاتب، كل يوم مئات المرات. فلا تسمع إلا لعنة "يلعن دينك" و"يلعن ربك" (استغفر الله العظيم). كذلك فإن الحارات العربية، تلعن كل يوم أهم وأقدس جزء في جسم المرأة، وهو عضوها الأنثوي، فتسمع لعنة "ك... أمك" أو "ك.. أختك". وبذا يشتم العربي أعز وأهم ما في الوجود، وما يُقبّله الملوك والأمراء والخفراء. فليس فقط الكتّاب المقلقون هم الذين يُشتمون ويُلعنون، لأنهم يكتبون ما لا يُرضى القراء. وهذا عزاء كبير للكاتب المشتوم والملعون. فإذا كان الأنبياء والأديان ورب العزة، يُشتم هكذا (ونستغفر الله مرة أخرى) مئات المرات كل يوم، فلماذا يتضايق الكتّاب من شتائم ولعنات القراء الغاضبين؟
والقراء معذورون في شتائمهم ولعناتهم المنصبّة على الكتّاب. فالكتّاب هم (الحيط الواطي) للقاريء. فالقاريء لا يستطيع أن يشتم، أو يلعن الدولة، أو الحكومة، أو الزعماء السياسيين، أو حتى شرطي المرور، ويفرغ كل حقده وكراهيته في الكتّاب الذين لا يحاسبون، ولا يُعاقبون، ولا يسجنون، أو يعدمون، كما يفعل أهل السلطة والصولجان، في العالم العربي.
-3-
ولكنا لاحظنا، أن عدد القراء الذين يشتمون ويلعنون الكتّاب في الصيف أقل منهم في الشتاء أو الخريف أو الربيع. ولا أدري ما هو سبب ذلك. وعندما دققت في الأمر، توصلت إلى أن السبب في ذلك، هو أن عدد القراء في الصيف أقل منهم في الفصول الأخرى. فغالبية القراء في الصيف مشغولون في كيفية معالجة شح المياه، وانقطاع الكهرباء، وعدم توفر الخبز، وارتفاع أسعار البطيخ في هذه الأيام، نتيجة لتعاطيه بدلاً عن الفياغرا، وأكبر فعالية منها، كما أعلنت بعض المصادر الطبية. كما أن جزءاً منهم منتشر على شواطيء البحار والمحيطات وضفاف الأنهر، ومشغول بصيد السمك، والتفرج على أجساد الحسناوات، أو السباحة، أو (التشمّس) لاكتساب اللون البرونزي. -4-
والصيف ليس للقراء فقط، ولكنه أيضاً لرجال السياسة. فأعضاء مجالس الأمة من النواب والساسة من الحكام والمسئولين، يأخذون أجازتهم السنوية في الصيف، ويقصدون أوروبا غالباً، للتمتع بما سرقوه من المال العام، نتيجة للفساد المستشري في العالم العربي. ولا تجد الصحافة من مواد دسمة تسدُّ بها أفواه الصحف ووسائل الإعلام الأخرى الفاغرة غير أخبار الفن والفنانين، وأخبار المغنين والمغنيات، ومن لهم علاقة بفن الغناء خاصة، والهابط في هذه الأيام هبوطاً شديداً، نتيجة لهبوط الفضاء الثقافي العربي ككل.
لقد كنت أنوي في هذا المقال أن أحدثكم في هذا المقال عن "إسلام النقمة"، كما تحدث عنه ابن رشد العصر الحديث (المفكر السوري المهاجر إلى باريس هاشم صالح) الشارح لفكر محمد أركون كشرح ابن رشد لأرسطو، ولكن تفاهة الصيف على ما يبدو، أخذتنا عن جدية "إسلام النقمة"، فأرحناكم وأرحنا أنفسنا، من هذا اللغو، لغو الصيف، كما قال طه حسين من قبل.
السلام عليكم.
التعليقات
رائع
نجم -والله يا استاذ النابلسي انت من الكتاب الرائغين في طروحاتكاتمنى لك الموفقيه
شتم الانبياء
مستهجن -على ذكر شتم الانبياء , هل تعلم يا د نابلسي ماذا حصل في مدينة اربد قبل اسبوع حيث قيل ان طفلا صغيرا عمره 12 عاما شتم الرسول فقام اثنان من رجال بائعي البسطات وهم من المخيمات الفلسطينيه بضرب الطفل بكل وحشيه وبتكسير محلات والده والاعتداء عليه وقامت القيامه وانتشر العنف والشغب في شارع السينما وكادت ان تقوم حرب دينيه ... مع انه كما ذكرت حضرتك فان شتم الاديان والانبياء منتشر في الدول العربيه وبمناسبه وبدون مناسبه ويقدم عليه المسلمين بكل بساطه ولاتفه الامور لكن عندما صدف ان حدث هذا الكلام من طفل قامت القيامه لمجرد انه مسيحي , مع انني متأكد ان هذا الطفل اذا شتم لرسول الاسلام فهو لا شك قلد المسلمين انفسهم اللذين يسبون الرسول ويسبون الله والانبياء كلهم كما قلت بما فيهم طبعا الدين المسيحي واصحاب الدين المسيحي وصليبهم ولا احد يحاسبهم او حتى يستهجن ذلك . انها المعايير الزدوجه كالعاده وما هو حلال لهم حرام على غيرهم !! وليتها بقيت عند حد الشتم بالنسبه للمسيحيين انهما هي تتجاوز ذلك بكثير الى حد التحريض على قتلهم وتكفيرهم واستحلال مالهم واعراضهم وذلك في الشوارع وفي المدارس وفي الجوامع ومن رجال دين ومسؤوليين ورجال دوله , وانا هنا لا اتحدث عن دوله معينه لكن اتحدث عن الدول العربيه والاسلاميه كافه بدون استثناء ... .
book
habib -Sir, i know you have published few books in the past but i am unable to put my hand at any of them, Can you please lead me to how to buy them? i love your thought process and point of view.thanks
احسنت ايها الكاتب
صهيب -كلام جميل وكلام معقول مأدرش أأول حاجة عنه
حسنا تفعل
رعد الحافظ -حسنا تفعل يا د.شاكر ان تنفس قليلا عن همومك من القراء وجهل بعضهم الذي يعقد افضل كاتب ويجعله ينعل ابو الكتابه وجدها ومن اخترعها..نعم ياسيدي ..نحن قوم نائمون ونحتاج الى رجات كهربائية وليس فقط الى مقالات جريئة وصريحة..رحم الله نزار القباني عندما خاطب الاطفال قائلا..لاتقرؤا تاريخنا فنحن جيل القيء والزهري والسعال..نحن جيل الدجل والرقص على الحبال..
الصارم المسلول
مرتاد ايلاف -من آذى الرسول فقد آذى الله قال الله تعالى ( إن الذين يؤذون الله ورسُولهُ لعنهمُ اللهُ في الدنيا والآخرةِ ، وأعدَّ لهم عذابا مهينا، والذين يؤذونَ المؤمنينَ والمؤمناتِ بغير ما كتسبوا فقدَ احتملوا بهتاناً وإثما مبينا) أنه قرَنَ أذاه بأذاه كما قرنَ طاعته بطاعته فمن آذاه فقد آذى الله تعالى ، وقد جاء ذلك منصوصا عنه ، ومن آذى الله فهو كافر حلالُ الدم يبين ذلك أن الله تعالى جعل محبة الله ورسوله وإرضاء الله ورسوله وطاعة الله ورسوله شيئا واحدا فقال تعالى ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجوكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله) الآية سورة التوبة وقال (وأطيعوا الله والرسول )في مواضع متعددة وقال تعالى ( والله ورسوله أحق أن يرضوه) فوحّدَ الضمير وفي هذا وغيره بيان لتلازم الحقين وأن جهة حرمة الله تعالى ورسوله جهة واحدة فمن آذى الرسول فقد آذى الله ومن أطاعه فقد أطاع الله والثاني: أنه فرق بين أذى الله ورسوله وبين أذى المؤمنين والمؤمنات فجعل على هذا أنه((قد احتمل بهتانا وإثما مبينا )) وجعل اللعنة على من آذى الرسول في الدنيا والآخرة واللعن الإبعاد عن الرحمة ومن طرده عن رحمته في الدنيا والآخرة لايكون إلا كافرا كذلك أن سائر الذين لعنهم الله في كتابه مثل الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ، ومثل الظالمين الذين يصدون عن سبيل لله ويبغونها عوجا ومثل من يقتل مؤمنا متعمدا _ إما كافر أو مباح الدم.من موجبات الإيمان التسليم للرسولالدليل قوله سبحانه وتعالى (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ))أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يحكموه في الخوصومات التي بينهم ، ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقا من حكمه بل يسلموا لحكمه ظاهرا وباطنا .كل من لمز النبي أو آذاه فهو منافق والدليل ( ومنهم من يلمزك في الصدقات )) واللمز العيب والطعن قال مجاهد يتهمك وقال عطاء يغتابك وقال تعالى (( ومنهم الذين يؤذون النبي)) وذلك يدل على كل من لمزه أو آذاه كان منهم لأن ( الذين) و ( من) من اسمان موصولان وهما من صيغ العموم وإن كانت نزلت بسبب لمز قوم آخرين فحكمها عام كسائر الآيات . و تعميما للفائدة انصح بمطالعة كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول ، المؤلف شيخ الإسلام ابن تيمية نبذه عن الكتاب كتاب في علم ا
منين ليبراليين ؟!!
الايلافي -لا اعتقد انكم ليبراليون حقيقيون اعتقد انكم فلول اليسار المهزوم وفي الواقع انتم ادعياء يساريه اليساريون الحقيقيون اما انهم ثبتوا على ما يعتقدون او تحولوا الى الاسلام وحسن اسلامهم واصطفوا مع الامة في مشروعها المقاوم ، اعتقد انكم فلول الانتهازيه التي تعلقت باليسارية ثم بعد ذلك تحولت في الزمن الامريكي الصهيوني الى ليبرالية مدعاه ليبرالية المارينز ؟؟ ؟!!!!
الرحمة, الرحمة
فاضل الشيخ -بقدر إستهجاني بكل من يركب الموجة الامريكية ولا يعي انهم على حافة الانهيار بقدر ما استهجن تعليقات الايلافي ومرتاد وقاريء والاغرب ان جميعهم يدعون انهم من والى إيلاف, الا نستحق الرحمة من الطرفين ام إننا سنكون مرغمين على قراة مروجي افكار الموجة الامريكية و تعليقات اناس همهم ترويج افكارهم المتطرفة؟ إرحمونا رجاءا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟