كتَّاب إيلاف

العفيف الأخضر: الولاء للأفكار لا للأشخاص

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
-1-
يتهم كثير من الكتّاب الأخضر، بأنه مفكر محرّض في العالم العربي، في حين يعترف العفيف الأخضر، بأن دوره كمثقف ليس التحريض، ولكن التحليل. وأن علامة نضج أي أمة،

اقرأ أيضا:

العفيف الأخضر: رسالة مفتوحة إلى بشار: صافح الموت وقل له شالوم

هو الانتقال من التمجيد النرجسي للذات، إلى نقد الذات، كما قال في مقاله: "الاحتلال الإسرائيلي ينبوع العنف الفلسطيني"، (جريدة "الحياة"، 9/12/2001). من مميزات العفيف الأخضر كمفكر، الشجاعة الفكرية المتناهية التي تصل في بعض الأحيان إلى التهور كما يصفها معارضوه، والتي أدَّت في بعض الأحيان إلى إيذائه والتضييق عليه في معاشه وحياته.
-2-
لعل أبرز مثال على شجاعة الأخضر، هو موقفه السياسي الايجابي المبكر مع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، ضد المناضل التونسي اليساري صالح بن يوسف. فكان من الطبيعي في ذلك الوقت - والأخضر مفكر يساري - أن يقف إلى جانب ابن يوسف في معارضته لبورقيبه. ولكن الأخضر اختار الطريق الآخر، الذي يبرره تبريراً سياسياً شجاعاً، يدلُّ على مدى شجاعته الفكرية والسياسية.
فهو يقول، إن انتصار ابن يوسف في تونس على بورقيبه، كان يعني "كارثة على تحديث تونس"، لأن ابن يوسف كان محافظاً، وقاعدته الاجتماعية أكثر منه محافظةً. ولم يكن ممكناً في ظل حكم ابن يوسف، تصفية أملاك "الأحباس" (الأوقاف)، التي مثلت أحد عوائق التنمية، ولا الحد من الانفجار السكاني الكارثي على التنمية والبيئة، حيث يعتبر العفيف الأخضر، أن الحداثة وحدها، هي القادرة على نزع فتيل الانفجار السكاني، وهو المسؤول الأساسي عن الأمية، والفقر، والبطالة، والتهميش، وانهيار البنية التحتية، وتدمير البيئة، والجنوح نحو الإرهاب، كما قال الأخضر في مقاله : " كيف نجفف ينابيع الإرهاب الأصولي؟ " (مجلة "الملاحظ"، تونس، 26/12/2001).
كذلك لم يكن ممكناً في ظل حكم ابن يوسف، توحيد وتحديث القضاء والتعليم، أو صدور قوانين الأحوال الشخصية التي أخرجت المرأة التونسية من سن القصور البدني الذي فرضه عليها فقه القرون الوسطى ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات.
إلا أن هذا الموقف من ابن يوسف، لم يمنع الأخضر من التفكير بالسفر إلى القاهرة، لإبلاغ ابن يوسف، بأن هناك مؤامرة تُحاك لاغتياله. ولكن، ما أن علم الأخضر، بأن وزير داخلية صالح بن يوسف، هو الموظف السامي في الاستخبارات الفرنسية، حتى تراجع عن موقفه من تأييد ابن يوسف، وزادت قناعته بالوقوف إلى جانب بورقيبه.
-3-
ومن مميزات الأخضر كمفكر، أن لا ولاء لديه للأشخاص بقدر ما أن ولاءه للأفكار والمواقف. فلا شيء كتاريخ الأفكار، لتأكيد أن الإنسانية لا تراوح مكانها سياسياً، واخلاقياً، كما قال في مقاله: "حقوق الإنسان قيمة أم شعار؟" (جريدة "الحياة"، لندن، 10/9/2000).
فالحبيب بورقيبه، الذي كان الأخضر يقف إلى جانبه بالأمس، أصبح الأخضر اليوم من معارضيه. فمنذ العام 1958 أصبح الأخضر، من معارضي بورقيبه، لأسباب يصفها بأنها "معقدة اختلط فيها الذاتي وبالموضوعي". وعندما سألته جريدة "القدس العربي"، في 7/1/2000 عن الشخصيات الجديرة باهتمامه، ربط اهتمامه بهذه الشخصيات من خلال مواقفها من الفكر، والسياسة، والحياة، بشكل عام.
-4-
اهتم العفيف الأخضر في بحوثه، بعدد كبير من المفكرين والمصلحين العرب، من خلال مواقفهم، وليس من خلال شخصياتهم.
فكان اهتمام العفيف الأخضر بعبد الرحمن الكواكبي، من خلال مواقفه من الخلافة العثمانية المتخلفة.
وكان اهتمامه بشبلي الشميّل، من خلال وعيه المبكر، بأن لا مخرج لشعوب الشرق من خمول القرون الوسطى إلا بالانخراط في ديناميكية الحداثة الأوروبية.
وكان اهتمامه بلطفي السيد، وطه حسين، وقاسم أمين، من خلال موقفهم من ضرورة تحديث التعليم، وإعطاء المرأة حريتها.
وكان اهتمامه بالطاهر حداد وبورقيبه من خلال موقفهما من التحديث، وتطبيق الفقه الحديث على الواقع.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
!!!!!!
؟؟؟ -

بعد إهتمام العفيف بعبدالرحمن الكواكبي وشبلي شميل ولطفي السيد وطه حسين والطاهر حداد..إلخ نراه قد بدأ إهتماما جديدا

الحكمة
افكار -

الحكمة ضالة المؤمن

المعيارية الغربية
اوس العربي -

تعرف الحداثة على انها القطيعة مع الماضي من دين واعراف وتقاليد ومثل وهويه واخلاقيات جيدة واستبدالها بالقيم الغربية ، يخطيء المثقف العربي عندما يستلهم المعيارية الغربية في كل شيء علينا ان نلاحظ ان الغرب العقلاني قام بنقد الحداثه والتي كما قلنا القطيعة مع الماضي الى التصالح مع الماضي بما يحتويه من عقائد وتراثيات واخلاقيات اعتقد ان مثقفونا المبهورون بالغرب وماعاد الغرب مبهرا يدعوننا الى اعتناق المعيارية الغربية في كل امورنا هكذا بدون تمحيص ولا غربلة ولا انتقاء ولا مناقشه اذا كان لخضر اعتقد في الافكار لا الاشخاص فلم ترك القضية الفلسطينية ؟!! وسقط في غرام جورج بوش ؟!!

الى افكار
حدوقه الحدق -

الحكمة ضالة المؤمن صحيح ان كان مؤمنا حقا اليس كذلك ؟!!

مفكر كبير
تونسية -

ان كان مؤمنا ام غير مؤمن فهدا شأنه وخالقه ما يهمنا افكاره هل تساهم في تقدم البشرية أم لا .العفيف الاخضر من أكبرالمفكرين العرب وله عقل عبقري.ليت امثاله يحكمون البلاد العربية

سحق الذات ؟!!
صلاح الدين المصري -

للاسف الشديد ان المثقفين العرب لم يمارسوا نقد الذات ولكن سحق الذات والغاءها والحاقها بالاخر ، اعتقد ان مكونات النهضة كامنة في مكوننا الثقافي وعلينا فقط ازاحة الغبار وربما التراب عن هذا المكون الذي اثقله الجمود وليس استنساخ التجربة الغربية واستسزراعها في الارض العربية لم اجد مثل المكون الديني والقيمي محركا للنهوض والتقدم فهو في ثقافتنا عبادة وقربى الى الله محركات التقدم في مكوننا الثقافي فلم نهرع الى جلب مكونات الاخرين ؟!

أتفق مع (التونسية)!!
كركوك أوغلوا -

حبذا لو تم تكريمه بما يليق بنضاله وأنجازاته الفكرية والدفاع عن حرية الأنسان وكرامته وخاصة تحرير المرأة من عبودية الرجل ؟؟!!..

صدقت في هذا
سليم المعلوف -

العفيف الأخضر، رمز كبير من رموز الحداثة والعقلانية في العالم العربي. وكارهوه هم كارهو الحداثة والعلمانية. لقد أدى الكاتب بعض الحق الى العفيف بهذه المقالة المركزة والمختصرة، وأدى للعفيف بعض ما يستحق. شكراً جزيلاً للكاتب وشكراً لإيلاف.

انفصام في الشخصية
مراد -

على الاخضر ان يحدد موقعه بشكل واضح اما هذا التضارب في الافكار والمواقف من التيارات الفكرية التي تتقاسم العالم العربي فانه يعبر عن سكيزوفرنيا فكرية حادة يعاني منها العفيف

التضارب والتغير
أم سفيان -

العفيف الأخضر ليس متضارباً بقدر ما هو متغير. والحجر هو الذي لا يتغير. ومادامت الحياة تقدم لنا في كل يوم جديداً ومتغيراً، فالأفكار هي نتاج الأيام ومتغيراتها. العفيف لا يتردد في مراجعة كل جزء من تفكيره حتى لا يبقى جامداً متصلباً. أما السكيزوفرانيا التي يتحدث عنها سي مراد فهي من أمراض المؤدلجين بقوالب من الحديد والأسمنت.

Al Akhdar is great
Hala -

Number 5 is the winner. Number 4, I am glad you are not the one who can judge people. This is Allah''s job, not yours....