كتَّاب إيلاف

مشروع قانون لتكميم الافواه

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أن تصدر الحكومة المصرية قانون لتنظيم البث التليفزيوني والفضائي، لكي يواكب التطوارت التقنية والفنية في هذا المجال الذي يتطور كل يوم، بل كل ساعة أمر مرجو ومقبول، لكن الحقيقة تأتي على النقيض من ذلك تماماً، فالكل في مصر يعرف جيداً أن هناك تربص بحرية الرأي والتعبير سواء في مجال الصحافة أو الإعلام وحتى المدونين على الانترنت.
و الدليل على ذلك كم القضايا التي رفعت على رؤساء تحرير الصحف المستقلة في مصر والتي انتهت في بعض منها بعقوبة الحبس لكل من عادل حمودة رئيس تحرير جريدة الفجر، وإبراهيم عيسي رئيس تحرير جريدة الدستور، ووائل الابراشي رئيس تحرير جريدة صوت الأمة سابقاً.وعبد الحليم قنديل رئيس تحرير الكرامة، كما ان احتفاظ الحكومة بنصوص قانون العقوبات التى تعاقب بالحبس فى جرائم النشر ورفض مطالبات الصحفيين بالغائها دليل اضافى على سوء النية تجاه الصحافة والصحفيين. اذا فان هذا المشروع بقانون المقترح من الحكومة ياتى فى سياق لايطمئن ويجعلنا نشعر بقلق بالغ. -اهم الاسباب للخوف من هذا القانون انه يتضمن العديد من القيود على حرية الرأي والتعبير من خلال فرض سلطة رقابة على البث السمعي أو المرئي. وهو ما يمثل انتهاكاً جسيماً لحرية الرأي والتعبير، هذا الحق الذي يعد دون أدني شك أحدي الضمانات الأساسية لأي نظام ديمقراطي، وقد كفلته المواثيق الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في متن مادته التاسعة عشر والتي أكدت على حق كل شخص "... في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود." والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. والذي أكد في مادته التاسعة عشر على أنه " لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. ولكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب أو في أية وسيلة أخرى يختارها. ونجد أن المبادىء سالفة الذكر قد تضمنتها المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي صادقت عليها الحكومة المصرية وأضحت جزأ لا يتجزأ من قانونها الداخلي.ومن خلال الاطلاع على هذا المقترح بقانون يمكن تلخيص الملاحظات فى الاتى : أولاً: نص مشروع القانون في صدد مادته الأولي على إنشاء جهاز للرقابة على مضمون ومحتوي جميع وسائل البث والمحطات التليفزيونية والإذاعات ومواقع الإنترنت بما فيها الفيس بوك، على أن يضم هذا الجهاز وزير الإعلام، وعضوية ممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية والاتصالات والثقافة والمالية، وهيئة الأمن القومي، كما ينص على التحكم التام في منح التراخيص والتصاريح بالبث وإعادة البث المسموع والمرئي في مصر لكل أنشطة البث في النطاق الجغرافي المصري، بما في ذلك "المناطق المنظمة بتشريعات خاصة"، وهو ما يعني دخول الفضائيات المرخص لها ضمن "المنطقة الحرة" في نطاق عمل الجهاز. وبالتالي سيطرة الدولة على البث المسموع والمرئي من خلال هذا التشكيل.وكان من المتوقع وجريا على ما اتبع فى الدول المتقدمة ديمقراطيا، ان يكون مثل هذا الجهاز ينتمى الى جهة غير حكومية واعضائه يكونوا مستقلين عن الحكومة. ثانيا ً: ما تضمنته المادة الثانية، التى نصت على ان يلتزم مقدمو خدمات البث المسموع والمرئي بمراعاة القواعد الآتية:
1.علانية وشفافية المعلومات وحماية حق الجمهور في الحصول على المعلومة السليمة.
2.حماية المنافسة الحرة بين المتنافسين في مجال خدمات البث المسموع والمرئي. حماية حقوق ومصالح متلقي خدمات البث المسموع والمرئي.
3.توفير الخدمة الشاملة للجمهور بما يتفق مع التطور الديمقراطي، وضمان إتاحة البرامج الثقافية والتعليمية.
4. عدم التأثير سلباً على السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية ومبدأ المواطنة والنظام العام والآداب العامة.
حيث استخدمت عبارات من قبيل السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام والآداب وهي عبارات مطاطة يتم استخدامها في مناحي عديدة للعصف والمصادرة لحرية الرأي والتعبير. ثالثاً: نص القانون على الرقابة على المحتوي والمضمون الذي يعرض في الفضائيات، ويعاقب بالحبس كل من يدلي ببيانات أو معلومات تتعلق بنشاط الجهاز وذلك وفقاً للمادة 32، الأمر الذي يعني أنه سيمنع وسائل الإعلام من نشر أي أخبار أو مقالات حول نشاطه. رابعا: التحكم في منح التراخيص والتصاريح بالبث وإعادة البث في النطاق الجغرافي المصري بما في ذلك المناطق المنظمة بتشريعات خاصة وهو ما يعني دخول الفضائيات المرخص لها ضمن المنطقة الحرة في نطاق الجهاز (م 1 فقرة 9 ومادة 20). خامسا: تعسف مشروع القانون المزمع في فرض القيود على الفضائيات حتى وصل الأمر في بعض الأحيان إلى غلق المحطة الفضائية، كما جاء في المادة 38 "جميع الأحوال تقضي المحكمة بمصادرة النسخ محل الجريمة أو المتحصلة منها وكذلك الأجهزة والأدوات التي استخدمت في ارتكاب الجريمة. وينشر الحكم الصادر بالإدانة في جريدة يومية واحدة أو أكثر علي نفقة المحكوم عليه. ويجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تقضي بغلق المنشأة التي استغلها المحكوم عليه في ارتكاب الجريمة مدة لا تزيد على ستة أشهر، ويكون الغلق وجوبياً في حالة العود في الجرائم المنصوص عليها في المادة السابقة. و من هنا يمكن القول أن هذا القانون ما هو إلا خطوة في مسلسل تقييد حرية الرأي والتعبير، فالأمس كان مشروع قانون حماية البيانات والمعلومات ومكافحة الجريمة الالكترونية، واليوم مشروع جديد لتنظيم البث المسموع والمرئي.. وإنشاء جهاز للرقابة على وسائل البث بما فيها الإنترنت، الأمر الذي يتنافى جملة وتفصيلاً المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والدستور المصري. انا ارى ان الامر خطير ويتطلب ان تتضامن مؤسسات المجتمع المدنى مع الاعلاميين والصحفيين لمواجهة هذه الخطة التى تستهدف تكميم الافواه. المحامى امين عام المنظمة المصرية لحقوق الانسان

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا فض فوك
أرسطو -

صدقت ، أخي الكريم ، ولكننا لسنا بحاجة لقانون يكمم أفواهنا ، فهناك ألف جبهة تعمل على ذلك بلا رقيب وبالمخالفة للقانون بدءاً من هيئة ( = جبهة ) كبار العلماء وانتهاء بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية حيث تمت مصادرة عشرات الكتب لسعيد العشماوي والقمني وعبد الكريم. والأدهى مصادرة كتب تراثية مثل تفسير مقاتل ، وكل هذه الكتب تم الحصول عليها بطريق الإنترنت فأي قوم نحن؟؟؟

لا فض فوك
أرسطو -

صدقت ، أخي الكريم ، ولكننا لسنا بحاجة لقانون يكمم أفواهنا ، فهناك ألف جبهة تعمل على ذلك بلا رقيب وبالمخالفة للقانون بدءاً من هيئة ( = جبهة ) كبار العلماء وانتهاء بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية حيث تمت مصادرة عشرات الكتب لسعيد العشماوي والقمني وعبد الكريم. والأدهى مصادرة كتب تراثية مثل تفسير مقاتل ، وكل هذه الكتب تم الحصول عليها بطريق الإنترنت فأي قوم نحن؟؟؟