كتَّاب إيلاف

آفاق الحوار.. بين الصراع المرير والسجال البليد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"لقد حدثت فجوة بين رسالة عيسى المسيح التي نادى بها، ومفهومها لدى الإنسان العربي، بسبب غربته. وما أعني بغربته هو تبني الغرب للمسيحية. هذا التبني شكل لدى الإنسان العربي ردّة فعل عنيفة ضدّ المسيحية أنستْه أن عيسى المسيح هو ابن تراثنا، ابن شرقنا، رسالته رسالتنا " مظهر الملوحي شهدت علاقة الانسان العربي بالاخر مراحل عدّة اتسمت بالتوترات حينًا وبالتحاور حينًا آخر، وفي زمن سيطرةِ المادة وتسلط العنف واستحكام الجهل الروحي، أمست الصراعات بكل أشكالها ومستوياتها ووجوهها هي السمة العلائقية الأبرز التي تتحكم بالأحداث الاجتماعية و المتغيرات السياسية.لقد أراد البعض جعل "صراع الحضارات " عنوانًا لعصرنا بهدف تكريس العنف وإضفاء المشروعية المصلحية عليه، ف"أسلموا" الارهاب ثم أدانوه، وأدلجوا الصراعات ثم ادانوا العقائد، والبسوا النزاع أثوابًا دينية شتى، ثم نادوا علينا بضرورة "الحوار" منطلقين من العقلية "الدوغمائية" نفسها التي أدانوها سابقًا، وعقدوا لأجل ذلك المؤتمرات الفارهة بميزانيات ضخمة، وخرجوا بتوصيات "كبيرة" خالية من الرشاقة، لم يجدوا لها حتى الآن مصرفًا. وبلمحة تاريخية سريعة حول نظرة المسلمين الى لاهوت الآخرين، نجد انها مرّت بتطورات عدة، بدأت مع انتشار الاسلام بمرحلته الأولى حيث سيطرت النزعة الانتصارية التغيرية، وهي حقبة تاريخية عنيفة، أحدثت هزّة في جغرافيَّة الحضارات؛ لتعود الأمورالى الاستقرار في مرحلةٍ تالية وتكتسب شيئًا من التوازن حيث نجد المسلمين فيها شغوفين بالتعرف على الآخر، بل مضوا الى الاستفادة من خبراته كلها بما فيها السياسية، وازدهرت حركة التواصل الاجتماعي والثقافي، وانتشر التسامح.
ومع الحروب "الصليبية" اختلَّت العلاقة مجددًا، لتليها مرحلة من الركود الفكري واللامبالاة خلال الحقبة العثمانية ؛ ثم شهدت مرحلة القرن التاسع عشر تَفَجُرًّا عنيفًا بمواجهة ما سمي ب"المستعمر الغازي " الذي كان يكتسي هوية مسيحية غربية، فيما بقيت المسيحية الشرقية العربية متفرجة؛ لنصل الى القرن العشرين، حيث بلغ العنف مداه ووصل التباعد بين اتباع "الأديان" الى حدّه الأقصى، بل وأخذ منحى دراماتيكيا أصبح كلّ "مسيحيٍّ" فيه بنظر المسلمين "غربيّ"، وهو تحريف وتزييف خطير، وكأن المسيح خرج علينا من" البيت الأبيض" في واشنطن، او بَشّر برسالته من قصر "الإليزيه"...!! آفاق الحوار، الى اين؟
اولا: على صعيد العلاقات الخارجية:
ان "أسلمة" الارهاب و"شيطنة" الاسلام و أدلجته وربطه ب"دوغما معينة " ليس إلا تفسيرًا سطحيًّا لأمور أكثر تعقيدًا وأكبر، ولا يمكن ان نحمّل بحال من الاحوال اناس هذا العصر تبعات كلّ العصور الفائتة التي ورثوها عن اجدادهم دون اختيار منهم او ذنب، سوى انهم وجودوا أنفسهم أبناء حضارة معينة؛ فالتاريخ ليس من صنع إله طرف يواجه طرفًا آخرًا، ولا يوجد"محور خير للصالحين الاخيار" او "محور شر للشياطين الأشرار" والأرض ليست حكرًا لأحد.... وينبغي ان يكون نبذ العنف و السلام والمساواة في الحقوق هو المحور الاساس في العلاقات الدولية كي يتحقق الحوار بمعناه المتكامل. ثانيًا:على الصعيد الداخلي:
ان صورة علاقة الاديان داخل الشعب الواحد في الدول العربية لا تبشر بالخير أبدًا، وسبب ذلك يعود إلى ان الأنظمة تختزل كافة انواع المشاركة ب "الحزب الحاكم " او "العشيرة المسيطرة " او "ابناء الاسر المالكة "...فكيف لنا ان نتوقع من الأنظمة تلك، ان تعترف ب"الأقليات" وتشركها في القرارات والخيارات، وهي لا تشرك "الاكثرية " التي تشاطرها نفس الدين والمذهب والعرق؛ فالعقلية السلطوية المتفردة في الامساك بجميع الامور، هي إحدى أهم معوقات الحوار الحقيقي، واحد أهم معوّقات تطورالانسان، لانها تكرس العنف وتشرعه وتستخدمه.
وما المؤتمرات التي يسعى لها "الزعماء العرب" ويعقدونها هنا وهناك رافعين فيها شعارات "الحوار"، إلا "بروباغندا" يائسة لاخراج بعض الانظمة من صورة قوقعتها الفكرية، وهي محاولات لا ننكرها وبالامكان توظيفها بأبعاد مختلفة غير انها ستبقى بليدة وغير مجدية، ما لم تتفعّل بنية النظام السياسي الداخلي بما يتلائم مع الحكم التعددي، ويعد ذلك من سابع المستحيلات في ظل الانظمة العربية الحالية القائمة. ثالثُا: على الصعيد الفردي:
إننا اليوم نواجه تحدّيا فعليًّا وخطرًا حقيقيًا يطال كينونتنا الإنسانية كأفراد، فالعنف والتهافت على المادة والسلطة يدمر فينا الانسان، والحوار الحقيقي لا يمكن ان يؤتي أكله مالم يعود الانسان الى جوهره الوجودي وحقيقته الروحية، ويُعْمِل في العقلِ قلبه.
ويشكل الوجدان مدخلا جيدا لكافة أشكال الحوار حيث يرتقي الابداع الفردي الانساني ليحاكي كل شيئ في الوجود، مستخدمًا لأجل ذلك كل الفنون والشعر والأدب والرسم والنحت... متناغما عبر الروح والقلب منطلقًا نحن الوجود. أخيرا،،
يحضرني نموذج حواري حيّ في تاريخ الحضارة الانسانية عمومًا والتاريخ الاسلامي خصوصًا، جدير بنا أن نقف عنده طويلا، ونعيد قراءة طروحاته "الانسانية الوجودية " مجددا، إنه الطرح "الأكبري" لكبير المتحاورين محيي الدين ابن عربي الاندلسي، وهو طرح "تجاوزي" ينتقل بالفرد من سفسطائية المبنى الى اعماق الكينونية الانسانية، ويرتقي بالكائن من ضيق شريعته الى الحقائق الوجودية، انه طرح يتجاوز حتى حوار الافراد العاقلة الى ما بعد الكائنات الحية، حتى يصل في حواره الى المكون نفسه، وهو القائل في أبياته المشهورة:لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن دينه إلى ديني داني لقد صار قلبي قابلاً كل صورة
فمرعى لغزلان ودير لرهبان وبيت لأوثان وكعبة طائِفٍ
وألواح توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحبّ أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني هوامش: [1] في تقديم اكتاب "قراءة شرقية لإنجيل لوقا " ، الصادر 1997

كاتبة لبنانية Marwa_kreidieh@yahoo.fr
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سطحية
نـــ النهري ــزار -

تقول الكاتبة (ان "أسلمة" الارهاب و"شيطنة" الاسلام و أدلجته وربطه ب"دوغما معينة " ليس إلا تفسيرًا سطحيًّا لأمور ....) اكتبي انت بتعمق اذا كنت تريدين عكس ذلك ولكن المشكلة لسيت سطحية كما تتصورين فهناك نصوص لا يمكن لمسلم وانت منهم ان ينكرها او يتبرا منها وهذه النصوص تتعارض تماما مع التسامح وحرية الاديان ونحن لسنا بصددها الان

لكم دينكم ولي دين
اوس العربي -

لا يقبل الاسلام هذا التصور الذي جاء به ابن عربي والزم به نفسه ، ولا يقبل صاحب اي دين ان يتماهى في الاخر ويذوب بهذا الشكل هذا نفاق وتنازل فج لا مقبول . لكننا على المستوى الانساني ممكن ان نتعاون ونتشارك ونتبادل المنافع ، الاسلام وان نسخ ما سبقه من اديان وماعاد مقبولا ممن وصلته دعاية الاسلام ولا يسعه الا ان يقبله يؤمن به هذا قول الله ومن لم يقبل ذنبه على جنبه الا انه اوضح على المستوى الانساني وتعامل الناس مع بعضهم البعض الا ان يرسخ ، لكم دينكم ولي دين ، وقال لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي وقال تعالوا الى كلمة سواء وقال افانت تكره الناس ، وقال لست عليهم بمسيطر والواقع المعاش يقول ان المسيحيين يرتعون في رحاب الاسلام والمسلمين انهم لم يروا حرية كالحرية التي اوجدها وضمنها لهم الاسلام الاسلام لم يكره احدا على اعتناقه لانه يريد قلوبا لا قوالب وانظري الى دساتير الدول العربية في مصر والشام والعراق وهي لا تفرق بين مواطنيها بسبب الدين وانظري الى الدول المسيحية الديمقراطية تقمع المتدين المسلم وتمنعه من التحاكم الى شريعته والحياة وفقها وترغمه على الاندماج قسرا وقهرا ؟!! وانظري الى حالتهم المادية والمعنوية التي هي افضل من كثير من الاغلبية المسلمة وانظري الى احوال المسيحيين مثلا تحت السيطرة الصهيونية في فلسطين المحتلة حيث اضطراغلبهم الى الهجرة حتى صاروا 2% بعد ان كانوا 22% فقط ادعو المسيحين العرب الى استلهام الوصايا العشر والى تجسيدها في واقع الدنيا والناس وانهم اي اهل الكتاب اقرب الينا مودة ولاينسوا انهم مشارقه وان المسيح عليه السلام شرقي وشقيق لمحمد صلى الله عليه وسلم وان ما جاء به الانبياء والرسل لينسل من مشكاة واحدة ان اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا .

كلام
محمد المشاكس -

المقال عبارة عن كتلة من الكلام

مافيش فايده ؟!!
الايلافي -

جاءك الرد السريع من النهري ، وتوقعي ردود افضع ؟!! عزيزتي المسلمة مهما قدمتي من تنازلات من دينك وصرتي كونية الاعتقاد اختي الكاتبة لن يرضوا عنك ؟!!

الإسلام
عائدة -

هذا العصر هو عصر اللادين ، يعني أنه عصر تشويه الدين الإسلامي واستخدامه للنيل من الغرب &;الكافر&; والإنتقام للحروب " الصليبية; وما إلى ذلك . لفتني -ضمن مفاهيم هذا العصر- أن صورتك لسابقة صورة عادية لإنسانة عربية مسلمة ولكن الصورة الحالية (الجديدة) لك تبدين &;محجبة&; ؟

السلطوية الدينية
Amir Baky -

الدين جوهره إعتقاد إيمانى شخصى تحولت هذه الفكرة إلى أن الدين إعتقاد قبيلة أو جماعة و يجب أن تؤمن بما يؤمن به من حولك لتقوية هذة الجماعة و إن فكرت بطريقة مختلفة عن الجماعة تكون خائن و مستوجب القتل. فمنطق الغرب و نظرته للدين مختلفة عن منطق شرقنا. فأى حوار للتواصل بين الثقافات يكون شكلى لأن مبادئ التفكير من بدايتها مختلفة. و الغريب أن كل فريق يعتقد أن الفريق الآخر يفكر بطريقته. فالتسامح الدينى فى البلاد الغربية ليس حبا فى الإسلام بل يقين فى حق الجميع فى العبادة بالطريقة التى تروق لهم فالغرب يسمح للمعابد البوذية و اللادينيين بل حتى عبدة الشيطان أن يمارسوا ما يعتقدونه فى إطار القانون. أما فى شرقنا التعييس فنرفض بناء دور العبادة حتى وإن كنا نحترم عقائد الآخرين خوفا على القبيلة أو البلد أو المجتمع من أى صوت يشذ عن النغمة الواحدة.

الغرب صورة مغشوشه ؟
اوس العربي -

الغرب علماني وعلى هذا يعطي بصورة نسبيه حق اقامة دور عباده ، وهذا ليس على الاطلاق فهناك اعاقة وعدم موافقه على بناء مساجد جامعة للمسلمين في اروربا التي تتجه نحو الفاشية القومية والتعصب الديني وهناك مساجد تحرق ومقابر تتعرض للتدنيس ومصاحف تتعرض للتدنيس ونبي كريم يتعرض للازدراء ومسلمون صورتهم على الجملة ارهابيون حتى الرضيع فيهم ؟!!، كما ان الغرب يمنع المسلم المتدين من التحاكم الى شريعته وهذا لا يحدث مع اليهود مثلا ، ولهذا يقمع المسلم ويقهر ويراد له ان يندمج كرها او طوعا في الحضارة الغربية كما تسمى والتي ارى انها اقرب الى المادية والوحشية وسقوط الاخلاق لم يعرف الاسلام ارغاما لاحد على الدين لكن المسيحية زاولت هذا الامر وارغمت الاخرين بالسيف على اعتناق المسيحية بل ان المسيحيين العرب مدينين للاسلام بحرية العقيدة وفق ما يراه في مذهبه ولكن قبل الاسلام كان المسيحي يرغم على اتباع مذهب بعينه مثل ماحدث ابان الاحتلال الروماني للشرق اذن الاسلام كان طوق نجاة بالنسبة للمسيحيين في الشرق منع الفتنة والارغام والتكفير والاحراق على اساس المعتقد كما كان يحدث في مصر مثلا . الصورة الوردية التي يصورها الاخ بكاي للغرب غير وردية تماما فقد قال الانجيلي بوش من ليس معنا فهو ضدنا وقال سنرغمكم على الديمقراطية بصواريخ التوماهوك والكروز والقنابل الفراغية وقبله قال جنرال امريكي لزعيم الشيروكي كبرى القبائل الهنديه اما ان تدخلوا في الحضارة المسيحية او نبيدكم وقد كان وعندما رفض سكان الجزر الفلبينية الاحتلال الامريكي تم ابادة مائتين وخمسين الف انسان في ايام معدودة ؟!! ان الاسلام لايقبل من كائن من كان الا الاسلام في صورته الحقيقية والنقية اما الاعتقاد الكوني فتزويق وتلفيق لن يقبل به الغرب ولن يرضى عنه مهما حاولناان نكون متحضرين وانسانيين وشفافين مرهفين ؟!!! اما ان نقبل بالحضارة الغربية او نباد ومن لطف الله ان هذه الامة عصية على الابادة واسألوا الشعب الفلسطيني ؟!!!

عفوا اصحح
اوس العربي -

ان ( الله ) لايقبل من كائن من كان الا الاسلام في صورته الحقيقية والنقية اما الاعتقاد الكوني كما هي وصفة ابن عربي فتزويق وتلفيق وتزوير .