كتَّاب إيلاف

سؤال وجواب حول محاكمة البشير

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما قيمة المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما أو غيره إذا تجاهلت مأساة دارفور، وما قيمة العدالة الدولية اصلا إذا تجاهلت هذه المأساة الإنسانية الأفظع فى العالم حاليا، بل وما قيمة منظومة حقوق الإنسان الدولية من الأساس إذا تجاهلت هذه الجرائم المتعددة ضد الإنسانية والمستمرة منذ حوالى خمس سنوات فى السودان المنكوب.
لقد تنفس كل من لديه أدنى شعور بقيمة الإنسان الصعداء بعد طلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية من قضاة المحكمة إصدار امر بتوقيف البشير لتورطه فى جرائم متعددة ضد الإنسانية.
فى عام 2003 قرأت لاول مرة عن جرائم الإبادة فى دارفور فى صحيفة النيويورك تايمز، والتى كانت اول الصحف العالمية التى كشفت هذه المأساة على لسان مسئول من الأمم المتحدة.
وجاءتنى الفرصة لزيارة السودان للتعرف على أبعاد شهذه الكارثة المرعبة، وبالفعل سافرت يوم 27 يوليو 2004 واجريت مقابلتين تليفزيونيتين مع الصادق المهدى واحمد هارون، الذى كان وقتها وزيرا للشئون الداخلية،وهو المتورط بشكل شخصى ومباشر فى اعمال القتل والإبادة والتطهير العرقى فى دارفور ومن قبلها فى جنوب السودان، والمطلوب منذ ابريل 2007 للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية. ومن بجاحة البشير إنه لم يكتف فقط بالقسم على الملأ بأنه لن يسلم هارون ومعه على قشيب شريكه فى جرائم الإبادة للمحكمة وقال صراحة "لن أسلم هارون لأن هارون يقوم بتنفيذ اوامرى"،ورفض حتى محاكمتهما أمام القضاء السودانى، بل واصل تحديه للعدالة الدولية بتعيينه وزيرا للشئون الإنسانية فى السودان لتكملة مهمته القذرة فى مخيمات اللاجئين حتى يتمم ما بدأه فى قرى دارفور، كما عين قادة الجنجويد فى وظائف حكومية وضم الكثير منهم لقوات الجيش النظامية. هل سمعتم عن صفاقة اكثر من هذا... مجرم متهم بجرائم ضد الإنسانية يعين وزيرا للشئون الإنسانية!!!.
نعود إلى قضية البشير والتى أثارت العديد من الاسئلة التى ساحاول الإجابة عنها فى هذا البحث:
1-هل إدعاءات لويس مورينو أوكامبو متعسفة ضد البشير؟.
قبل أن يوجه المدعى العام اتهاماته إلى البشير ونظامه وجهت عشرات المنظمات الحقوقية المحترمة حول العالم نفس الإتهامات إلى الرئيس السودانى ونظامه ورفاقه وجنجويده.فى ابريل 2004 أصدرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان تقريرا بعنوان " النار تلتهم دارفور:انتهاكات فى غرب السودان" وجاء فى التقرير " أن القوات الحكومية السودانية تقوم بقتل المدنيين واغتصابهم وطردهم من منازلهم وتعاونها مليشيات عربية تمولها الحكومة السودانية....وأن الحكومة السودانية تتحمل المسئولية الكاملة عن هذه الممارسات التى أدت إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".وفى سبتمبر 2007 أصدرت نفس المنظمة تقريرا آخر من 76 صفحة يوثق الجرائم التى ارتكبتها الحكومة السودانية ليس فقط فى قرى دارفور ولكن فى مخيمات اللاجئين أيضا. وفى سبتمبر 2007 أيضا انطلقت اكثر من 30 مسيرة حول العالم بمناسبة يوم دارفور ولتنبيه العالم إلى هذه الكارثة الإنسانية.فى 19 مارس 2004 وصف منسق الأمم المتحدة فى السودان موكيش كابيلا " أن هجمات المليشيات العربية ضد المدنيين فى غرب السودان يقترب من مفهوم التطهير العرقى".فى سبتمبر 2004 تحدث وزير الخارجية الأمريكى السابق كولن باول للجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس بقوله " لقد خلصنا إلى نتيجة أن ابادة جماعية ارتكبت فى دارفور وأن حكومة السودان ومليشيات الجنجاويد تتحملان مسئولية ذلك وان عمليات إبادة جماعية ما زالت جارية". وتحدث وزير الخارجية عن نمط منتظم وواسع النطاق من الفظائع يشمل القتل والإغتصاب وإحراق القرى وترويع المدنيين.وتقدر الأمم المتحدة الذين قتلوا فى التطهير العرقى بدارفور منذ عام 2003 بحوالى 200 الف شخص وتشريد أكثر من مليونى شخص.وفى اكتوبر 2006 صدر تقرير عن " مجموعة الازمات الدولية واصفا حكومة البشير بأنها " تتصرف كما تشاء بدون حسيب أو رقيب"، ووصف مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ما يحدث فى دارفور بانه إبادة جماعية ونفس التوصيف أقرته منظمة العفو الدولية وعشرات المنظمات الأخرى، وقد أصدرت منظمة العفو الدولية وحدها أكثر من 50 تقريرا وبيانا عن دارفور منذ عام 2003 ليس آخرها تقريرها فى يناير 2008 تحت عنوان "نازحون فى دارفور"،حيث " اتهم تقرير المنظمة الحكومة السودانية بمواصلة هجماتها على اللأجئين وتزويد مقاتلى الجنجويد بأسلحة جديدة، رغم التعهد بنزع سلاح الجماعات هناك"، ولهذا رحبت منظمة العفو الدولية بطلب المدعى العام بتوقيف البشير وقالت فى بيان عاجل لها " إن الإعلان يمثل خطوة مهمة نحو ضمان المساءلة عن أنتهاكات حقوق الإنسان فى السودان"، وقدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان القتلى فى دارفور ب 300 الف شخص ارتكبها الجيش السودانى بوحشية علاوة على تشريد 3 مليون مواطن وأغتصاب آلاف النساء والأطفال وحرق مئات القرى.
أما تقرير المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية فقد اشتمل على الكثير من أدلة الإتهام جاءت فى عشرة صفحات مركزة والتى جمعها على مدى ثلاث سنوات خلال قيامه ب 105 بعثة اضطلع بها فى 18 دولة وبمساعدة العديد من المنظمات الحقوقية حول العالم، ووصف تقرير المدعى العام ما حدث بالإبادة وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وشملت القتل والإغتصاب والتعذيب والتهجير القسرى وتدمير مقومات الحياة.ويذكر التقرير إنه تم قتل 35 الف من سكان دارفور دفعة واحدة وأكثر من 100 الف قتلوا ببطء خلال الاحداث،كما استأصلت خطة البشير الإجرامية بعنف ما لا يقل عن مليونى وسبعمائة الف مدنى، معظمهم من الجماعات المستهدفة، من الأراضى التى كانوا يقطنونها والتى كان يقطنها من قبل أسلافهم لقرون، وكثيرون ممن نجوا من القتل يعانون من ضرر عقلى أو نفسى خطير.ويقول التقرير أن البشير خطط لذلك وعمل على تعبئة أجهزة الدولة، من بينها القوات المسلحة والأجهزة الاستخباراتية والبيروقراطية والدبلوماسية والإعلام والجهاز القضائى..فالاستراتيجية ترمى إلى التدمير الكامل للفئات المستهدفة عن طريق الإهلاك المادى المقترن بإستراتيجية التضليل الإعلامى المدروس.
أما عمر البشير فقد نفى كل هذه التقارير وقال فى مؤتمر صحفى بالخرطوم فى 27 نوفمبر 2007 " الحديث عن أزمة إنسانية فى السودان ليس صحيحا"!!!،وواصل قائلا " أن عدد القتلى فى الاقليم اقل من 9 آلاف وليسوا عشرات الآلاف".
فهل كل هذه المنظمات المنتشرة فى جميع بقاع الارض تكذب وتختلق الروايات فى حين ان عمر البشير وعمرو موسى واحمد ابو الغيط هم الصادقون؟؟. 2-هل من سلطة مجلس الأمن الدولى إحالة قضية إلى المحكمة الجنائية الدولية؟ ولماذا؟.
وفقا للمادة 13 من نظام روما يحق لمجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق أن يحيل القضايا التى يراها تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وبعد تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن انتهاكات القانون الإنسانى الدولى وحقوق الإنسان فى دارفوررقم 60 لعام 2005، اصدر مجلس الأمن الدولى قراره رقم 1593 لعام 2005 بإحالة الوضع القائم فى دارفور منذ يوليه 2002 إلى المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية. وتأكيدا لتلك الإحالة صدر بيان رئيس مجلس الأمن بتاريخ 16 يونيه 2008 بحث جميع الأطراف فى قضية دارفور بالتعاون التام مع المحكمة من آجل وضع حد للإفلات من العقاب عما ارتكب من جرائم فى دارفور كما جاء فى الييان. وفى قرار مجلس الأمن رقم 1812 الصادر فى 30 ابريل عام 2008 أعاد مجلس الأمن التأكيد على أن الوضع فى السودان ما زال يشكل خطرا يهدد الامن والسلم الدوليين.
الجدير بالذكر أن هناك العديد من القرارات التى صدرت من مجلس الأمن بشأن السودان منذ عام 2003 حتى عام 2008 وهى القرارات ارقام 1556،1564، 1574، 1588، 1590، 1593، 1627، 1651، 1679، 1709، 1713، 1714، 1755، 1769، 1779، 1784، 1812.
فإن لم تكن جرائم الإبادة والتطهير العرقى وجرائم الحرب والإغتصاب الجماعى وقتل مائتى الف شخص وتشريد الملايين وتدمير مقومات الحياة تمثل خطرا على السلم الدولى وعلى الإنسانية فبماذا يمكن وصفها؟. 3-هل من سلطة مجلس الأمن التدخل فى القضية بعد إحالتها للمحكمة الجنائية الدولية؟.
لا سلطة لمجلس الأمن على سير العدالة فى المحكمة ولا على إجراءات التقاضى فيها ولا تساهم الأمم المتحدة بأية مصروفات أو تكاليف فى القضايا التى تحيلها للمحكمة كما جاء فى القرار 1593، فالمحكمة مستقلة تماما وتم اختيار قضاتها 18 بإلاضافة إلى المدعى العام عن طريق الجمعية العمومية للدول التى صدقت على نظام روما، وجميع القضاة كفاءات عالية ولهم سمعتهم الدولية وينتمون إلى 18 دولة علاوة على المدعى العام الارجنتينى والذى عمل أستاذا للقانون الجنائى من قبل فى جامعتى هارفارد واستنفورد المرموقتين.
وهذا ما أكدته ميشيل مونتاس المتحدثة بأسم الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا حيث أكدت على موقف الأمين العام تجاه قضية محاكمة البشير، وبأن الأمم المتحدة ستتعاون مع المحكمة بتقديم ما لديها من مستندات وتقارير عن دارفور وحثت الدول الأخرى على التعاون التام مع المحكمة فى تسهيل إجراءات العدالة، وأكدت أن المحكمة مستقلة ولا احد يستطيع التأثير على عمل المحكمة ولا التدخل فى نتائج التحقيق أو سير القضية، فالقضاة مستقلون تماما عن الأمم المتحدة.
وفى تصريح للواشنطن بوست يوم 11 يوليو 2008 وقبل طلب المدعى العام بثلاثة أيام،وكان الأمين العام للأمم المتحدة محاط علما به،حيث قال " السلام بدون عدالة لا يمكن أن يصمد... سيتعين على أن أجرى تقييما للوضع فى السودان من جميع جوانبه عندما يصدر إعلان المحكمة الجنائية الدولية".
كان لمجلس الأمن سلطة على المحاكم الخاصة التى إنشئت بقرار منه ويعين قضاتها بقرار منه ويتلقى تقاريرها ويناقشها بشكل دورى مثل محكمة يوغسلافيا ورواندا ومحكمة الحريرى.نعم هذه المحاكم رغم عدالتها إلا إنها تعتبر من الناحية التوصيفية غير مستقلة، لأن السلطة العليا عليها لمجلس الأمن، أما المحكمة الجنائية الدولية لا سلطة لمجلس الأمن عليها ودوره فقط يقتصر على التبليغ عن الجرائم التى يراها تهدد السلم الدولى، كما أن هذا الدور ليس مقصورا عليه فقط وإنما هو حق لكل الإعضاء فى نظام روما ضد الأعضاء الآخرين وحق لكل الدول بتبليغ المدعى العام للمحكمة عن الجرائم، كما إنه حق للمدعى العام بعد أخذ رأى الهيئة التمهيدية للمحكمة.. ونتمنى أن يأتى اليوم ويعدل نظام المحكمة ليتلقى الشكاوى من الأفراد ويوسع سقف التحقيقات لتطول العديد من المسئوليين المجرمين حول العالم. 4-ماذا يحدث عندما ترفض دولة التعاون مع المحكمة بخصوص محاكمة مسئوليين أو مواطنيين فيها؟.
فور إعلان المدعى العام للمحكمة الجنائية يوم 14 يوليو2008 طلبه بشأن البشير، قال وزير الإعلام السودانى غازى صلاح الدين سنعمل كل ما بوسعنا لعرقلة وإعاقة عمل المحكمة الجنائية الدولية، وفى يوم 15 يوليو أصدرت الخارجية السودانية بيانا قالت فيه" إنها لا تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية وإن كل قراراتها كأنها غير موجودة"،ونفس الكلام كرره البشير نفسه فى زيارته لدارفور يوم 23 يوليو 2008 قائلا نحن لا نعترف بالمحكمة الجنائية وحديث اوكامبو لا يهمنا، نحن نعلم من يقف خلفه ومن يدفعه.... هم اولياء الشيطان ونحن اولياء الله".
وهذا سلوك عدوانى مبكر يقف ضد العدالة الدولية، فالمسألة ما زالت فى بدايتها وقرار الإتهام بيد القضاة، والبشير غير متهم حتى الآن، لأن الإتهامات تصدر فقط أثناء المحاكمة.وإذا رفض السودان تسليمه يعود الامر كله مرة أخرى لمجلس الأمن المسئول الأول عن السلم والأمن الدوليين، وستدخل السودان وقتها فى متاهة جديدة من العقوبات المتدرجة حتى يستجيب للقرارات الدولية.. واعتقد أن شكل السودان كله جغرافيا وسياسيا سوف يتغير قبل اسدال الستار عن هذه القضية. 5- هل يستطيع مجلس الأمن تأجيل أو تعليق المحاكمة؟.
وفقا للمادة 16 من نظام روما والتى جاءت فى ديباجية قرار مجلس الأمن والتى تنص على " لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية البدء أو المضى فى تحقيق أو مقاضاة لمدة اثنى عشر شهرا بعد أن يتقدم مجلس الأمن بطلب بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها".
من المعروف أن قرار مجلس الأمن صدر فى 31 مارس 2005 ومن وقتها والمدعى العام يجمع الأدلة من آجل صدورإعلان التوقيف،وإذا وافق قضأة المحكمة على طلب المدعى العام فلا اعتقد أن مجلس الأمن سيطلب وقف المحاكمة وخاصة وأن مجلس الأمن لم يطلب وقف المحاكمات فى المحاكم الخاصة التى تخضع لإشرافه وآخرها محاكمة يوغسلافيا.. فكيف يطلب ذلك من محكمة دولية مستقلة ويضع قيودا على العدالة الدولية....من المستبعد جدا أن يفعل مجلس الأمن ذلك. 6-هل هناك حصانة لرؤساء الدول؟.
وفقا للمادة 27 من نظام روما لا توجد حصانة لمجرم، فاجراءات المحكمة تنطبق على الجميع بشكل متساو وبدون أى تمييز يستند إلى الصفة الرسمية وخصوصا صفة رئيس الدولة أو الحكومة،أو عضوا فى حكومة أو برلمان أو ممثلا منتخبا أو موظفا حكوميا. وهو الوضع المطبق فعليا فى الديموقراطيات الغربية العريقة المستقرة، فكيف تكون محكمة دولية مرموقة أدنى من النظام القضائى فى بعض الدول.
بالإضافة إلى ذلك تتسع المسئولية لمجرد علم الرئيس أو القائد العسكرى بهذه الجرائم وعدم إتخاذه من التدابير اللازمة والمعقولة لمنع او قمع ارتكاب هذه الجرائم او لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة(المادة 28). 7-هل المحكمة مسيسة؟.
بالقطع لا. فلا توجد أى مصلحة لقضاة من 18 دولة ممثلة جغرافيا للعالم كما جاء فى نظام روما ولديهم سلطات مستقلة أن يجتمعوا على تدليس العدالة وتسييسها وخاصة وأن من صلاحياتهم ودورهم الحقيقى بإبعاد العدالة الدولية عن التسييس والتزييف، ولهذا السبب كان إنشاء نظام روما، ولهذا السبب تهربت دول كبرى من الإشتراك فيها وعلى رأسها الولايات المتحدة.
بمجرد إعلان المدعى العام بشأن البشير خرجت أصوات المسئولين العرب تتهم المحكمة بالتسييس وقال وزير الخارجية المصرى احمد ابو الغيط " إن اجراء المدعى العام يفتقر إلى المسئولية بقدر افتقاره إلى الموضوعية والتوازن...وأن هناك العديد من الاصابع الخارجية التى تعبث فى هذه المنطقة"، وواصل ابو الغيط قوله" ندعو القضاء السودانى، بما هو معروف عنه من استقلالية ونزاهة إلى استكمال التحقيقات"!!!
واعلن وزراء الخارجية العرب " رفضهم أى محاولة لتسييس مبادئ العدالة الدولية واستخدامها فى الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها واستقرارها ورموزها الوطنية".
هذا هو المنطق العربى: القضاء السودانى نزيه ومستقل، والمحكمة الجنائية مسيسة وتفتقر للموضوعية والتوازن!!!.... هل مثل هذا الكلام يحتاج إلى تعليق. 8-هل لأمريكا أو إسرائيل سلطة على المحكمة؟.
الولايات المتحدة ليست عضوا فى المحكمة وقد انسحبت من نظام روما، وقد وقعت العديد من الإتفاقيات الثنائية مع دول عديدة لتفادى مثول مواطنيها امام المحكمة الجنائية، كما أن إسرائيل ليست عضوا فيها أيضا، وكلاهما يخشيان المحكمة، وكلاهما غير سعيد بوجود المحكمة، ومن ثم التذرع بوجود دور أمريكى أو اسرائيلى فى موضوع البشير هو إدعاء غير صحيح.وفور صدور الإعلان قال الرئيس بوش " نحن لسنا أعضاء فى محكمة الجنايات الدولية، لذلك سنرى كيف سينتهى الأمر"، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة يجب أن تتعامل مع الحكومة الحالية من آجل نشر قوات حفظ السلام لإنقاذ ارواح الناس. ونفى البرتو فرنانديزالقائم باعمال الولايات المتحدة فى السودان اى دور للولايات المتحدة فى هذا القرار ورافق البشير فى رحلته لدارفور.
صحيح أن القرار احيل إلى المحكمة من مجلس الأمن، ولكن الصحيح أيضا ان الدول دائمة العضوية الخمسة بما فيهم روسيا والصين قد وافقتا على هذه الإحالة، وصحيح أيضا أن قضية دارفور ومسئولية نظام البشير عنها عليها شبه إجماع عالمى... ومن ثم التذرع بامريكا وإسرائيل هو من قبيل محاولة التستر على الجرائم والإفلات من العقاب.. وهى سياسة عربية ذرائعية بامتياز. 9-هل القضاء فى الدول العربية مستقل، ويكفى بديلا للقضاء الدولى؟.
الاجابة قطعا بالنفى،فمع احترامنا للكثير من القضاة الأفاضل فى الدول العربية إلا أن عملية تقييم القضاء ككل تتعلق بكل أدوات العدالة وما يشوبها من قصور وبناء عليه فتقييم القضاء العربى سلبيا فى مجمله، فهو قضاء غير مستقل ويقع تحت تأثير وضغوط وإبتزاز السلطة التنفيذية، ويستثنى المسئولين الكبار من المحاكمات الجنائية إلا فى حالة الإنقلابات على الآنظمة، ومصداقيته ضعيفة عالميا، كما انه مؤدلج دينيا ويشوبه التحيز فى مواضع كثيرة، وتتسم بعض اركان العدالة بالفساد الإدارى، ولا يتمتع بالكفاءة العالية، كما إنه يخضع للتدخلات بشكل كبير فى معظم القضايا السياسية، وأركان العدالة من القوانيين إلى تحقيقات الشرطة إلى تنفيذ الأحكام هى نفسها تفتقر إلى العدالة... ومن ثم يصعب الإعتماد على القضاء المحلى كبديلا للعدالة الدولية. 10-ما هو المنطق السائد عند المسئولين العرب وكثير من النخب العربية تجاه العدالة الدولية؟.
من متابعة سلوك الكثير من الحكام والمسئولين العرب والنخب العربية المؤدلجة يمكن ملاحظة واستنباط سلوكهم الذى تترجمه العبارات التالية:
● شعبى رهينة وساستخدمه كدروع بشرية أمام المجتمع الدولى.
● انا المسئول الأوحد عن شعبى حتى ولو ابيد عن آخره.
● طالما أن اسرائيل موجودة على ظهر الكرة الارضية فلا توجد عدالة، ولن نستجيب للعدالة إلا بعد محو دولة إسرائيل من الوجود، وفى نفس الوقت لا مانع من التعامل معها سريا وقبض ثمن ذلك كما فعل من قبل امير المؤمنيين جعفر نميرى فى نقل يهود الفلاشا إلى اسرائيل.
● نحن نرحب بالعدالة الدولية إذا اقتصت من أعداء أرض الإسلام فى البوسنة والهرسك وكوسوفو والشيشان أما بخلاف ذلك فالعدالة الدولية لا تعنيينا وهى تتأمر علينا.
●هناك مؤامرة كونية مستمرة على المسلمين من الحروب الصليبية إلى العولمة، ووجود الغرب فى حد ذاته مؤامرة على المسلمين ولن نرتاح حتى يسقط الغرب. ولا يختلف منطق النخب العربية المؤدلجة عن منطق حكامهم، فهناك التشكيك والتبرير والتهوين والإسقاط والتأمر الدولى وكلها تتغطى بإدعاء طلب العدالة الكاملة المثالية وبدواعى العقلانية المزيفة... وفى النهاية تصب بالتأكيد فى مساندة الفاشيين والبحث عن مخرج لهم للإفلات من العقاب.
وحسنا قال نزار قبانى على لسان الحاكم العربى أيّها الناسُ:
أنا الحجّاجُ، إن أنزعْ قناعي،
تعرفوني وأنا جنكيزُخانٍ جئتُكمْ..
بحرابي..
وكلابي..
وسجوني.. لا تضيقوا - أيّها الناسُ - ببطشي
فأنا أقتلُ كي لا تقتلوني..
وأنا أشنقُ كي لا تشنقوني.. وأنا أدفنكم في ذلك القبرِ
الجماعيِّ
لكيلا تدفنوني 11 -هل ستسارع محاكمةالبشير بتقسيم السودان؟.
السودان مثله مثل يوغسلافيا السابقة والاتحاد السوفيتى السابق فشل فى إدماج تركيبته المتنوعة على أرضية ديموقراطية وتحت عنوان المواطنة للجميع ولكنه سلك مثلهم طريق إخضاع تللك التركيبة للإندماج القهرى غير العادل، وهناك تنافر حاد بين مكوناته، وهناك إستعلاء عربى على الأفارقة وإسلامى على غير المسلمين، وشمالى على الجنوب والغرب.كما أن مساحته الواسعة خلقت فواصل طبيعية بين مكوناته ولم يتبقى سوى إعلان الجنوب عن الإنفصال فى أستفتاء 2011، وأيضا هناك مصلحة للقبائل الدارفورية فى الإنفصال هى الآخرى حتى تستقيم الأمور وتنتهى الحروب والمأسى الإنسانية هناك.
السودان مرشح أن يقسم لثلاثة دول على الأقل ونتمنى أن يحدث ذلك فى أسرع وقت وبأقل قدر من الخسائر الإنسانية. وأخيرا: البشير سلك نفس طريق الطغاة.
والعرب وجامعتهم العربية يسلكون نفس الطريق ويشجعون عليه،واستراتيجية الطغاة واضحة فى كلمتين: سياسة حافة الهاوية، حيث لا يتحرك الطاغية إلا عندما تقترب النار من رأسه. وسياسة الأرض المحروقة،أى خيار شمشون:انا وبعدى الطوفان.
ومما يؤسف له أن النخب العربية المؤدلجة هى شريك أساسى فى صنع هؤلاء الطغاة، فلم نسمع لهم صوتا ضد هذه المذابح الجماعية الوحشية فى دارفور ولم نسمع لهم صوتا ضد جرائم صدام ولكن نسمع عويلهم وصراخهم وندبهم وقبحهم وفحيحههم عندما تقترب العدالة الدولية من منطقتنا.
مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات
Magdi.khalil@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اضطهاد المسلمين
صلاح الدين المصري -

اشجع تدخل المحكمة الدولية ومجلس الامن وحلف الناتو لانقاذ المسلمين المصريين من اضطهاد نظام اللي بالي بالك ؟!! على ان لايكون التدخل شبيه بالتدخل في العراق بالطريقة والنتائج التي انتهى اليها العراق ، وربنا يحفظ مصر من الالوب المليانه بالكراهية والاحقاد التاريخية وعجبي ؟!!

ليس دفاعا عن الطغاة
الايلافي -

الطغاة والمجرمون في الغرب كثر فلماذا لم يصدر قاضي محكمة الجنايات الانتقائية مذكرة ضبط وتوقيف وجلب لقتلة وسفاحين من نوعية شارون واولمرت وبقية السفاحين الصهاينة وعلى نفس المنوال ضد بوش الاب والابن وكلينتون واركان حربهم ؟!! هذه انتقائية فجة وتسيس ، الرعاة والفلاحين في دارفور يتقاتلون على الماء والكلاء ويتصالحون منذ عقود فلماذا انتبه الغرب لهذه القضية الان ؟!! انا اقول لك لانه ثبت ان هناك خزان للنفط واليورانيوم في المنطقه الغرب هو المخاتل والمنافق والانتهازي

خلفية ضغائنية ؟؟
مرتاد ايلاف -

الكتابة على خلفية ضغائنية لاتفيد عزيزي الكاتب فلنترك للعقل مجال فالتدخل الاجنبي لن يفيد فقد جرب في العراق وافغانستان فكان وبالا علي الشعبين وكذا تهديد اي طاغية مستبد ولنا في صدام حسين فقد كان ثمن تغييره باهضا لا يتناسب والنتيجة المرجوة ولكن لنعد الى تقرير الامم المتحدة : تقول الامم المتحدة إن السودان يعاني من اكبر مشكلة لجوء في العالم جاء في تقرير للامم المتحدة ان الامل ضعيف جدا في احلال السلام في اقليم دارفور ما لم تعالج الحكومة السودانية الآثار المترتبة عن التغير المناخي والاضرار التي لحقت بالبيئة في الاقليم. ويقول التقرير إن الصراع في دارفور يتسبب في انتشار التصحر مما يزيد من الحساسيات الاثنية. ولكن التقرير يقول ايضا إن الجفاف من الاسباب الرئيسية لاندلاع الصراع بالاساس، حيث دفع سكان دارفور من مزارعين ورعاة رجل الى التقاتل من اجل الموارد المائية القليلة. يذكر ان الصراع في دارفور قد اودى خلال السنوات الاربع الماضية بحياة 200 الف شخص على الاقل واجبر الكثر من مليونين و400 الف على النزوح. وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قد قال في الاسبوع الماضي في مقال نشرته صحيفة الواشنطن بوست إن التغير المناخي يتحمل جزءا من المسؤولية لتفجر الصراع في دارفور. "صراع من اجل الموارد" وجاء في التقرير الاممي الذي اعده برنامج البيئة التابع للمنظمة الدولية ان التنافس على موارد النفط والغاز والماء والخشب والارض هو المسؤول عن إذكاء واستمرار القتال ليس في دارفور وحدها بل في اقليم اخرى من السودان. ويقول التقرير إن التدهور البيئي الناتج عن نضوب هذه الموارد يعتبر واحدا من الاسباب الاساسية للصراعات التي شهدها ويشهدها السودان، اضافة الى العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وتقول الامم المتحدة إن السودان يعاني اكثر من اي بلد آخر في العام من مشكلة اللاجئين، حيث يبلغ تعداد اللاجئين والمرحلين السودانيين اكثر من خمسة ملايين نسمة. وتشير المنظمة الدولية الى ان التصحر في السودان ينتشر بمعدل مئة كيلومتر سنويا في السنوات الاربعين الاخيرة، كما خسرت البلاد زهاء 12 في المئة من مجموع غاباتها في الـ 15 سنة الاخيرة. وجاء في التقرير الاممي: "سيكون من شأن تجاهل هذه العوامل البيئية ابقاء العديد من المشاكل السياسية والاجتماعية دون حل، وبل وزيادتها سوءا، حيث سيزداد التدهور ال

ياواش ياواش خبيبي !
اوس العربي -

مهلا مهلا المحكمة لم تصدر قرارها بتوقيف البشير المدعي العام الانتقائي قدم اقتراحا بذلك وينتظر رأي المحكمة ، دوائر الضغط العالمي من كنسية ورأسمالية ومصلحية تمارس ضغوطها على البشير اذا نخ فستسحب الدعوى وسيجد له ما يسمى بالمجتمع الدولي والشرعية الدولية ؟!! تخريجه هذا درس للمعتدلين العرب او المتنازلين العرب مهما تنازلتم فلن يرضوا عنكم البشير قدم خدمات استخباراتيه ممتازه في حمئة مايسمى الحرب على الارهاب ومع ذلك لم يعفيه الغرب ولم يحصل على صك براءة ، الغرب بارع في ترتيب وتجهيز وتزييف الدعاوى وعندما يريد الفتك بشخص او هيئة فانه لن يغلب في تزوير الاكاذيب اللازمه هل شاهدتم كولن باول في الامم المتحدة وعرضه المسرحي ...... ويدعي انها مادة مبيدة للبشر تنتجها مصانع صدام حسين ؟!! لابادة اليهود المساكين في فلسطين المحتلة ؟!!! الغرب محترف الابادة لن يعدم وسيلة والوسيلة الوحيدة لصده ان نجعل تدخله في امورنا وفي اراضينا مكلفا وعلى جثثنااذا لزم الامر ؟!!

تعصب العرب عار
قرفان -

الشعوب العربية تستحق ما هى فيه, من فقر و تخلف و جهل , كل من يتجاهل جريمه الحكام العرب و ينظر الى الغرب فهو جاهلى و عصر الجاهلية يطول وأهله مغدقين فى موت لا يشعرون به.خليكم كدة, فالموت أدرككم و لا تعلمون

جامد
صعيدى مصرى -

ما هذا المقال الكبير و الذى ينم عن عقليه واعيه متفتحة مدركة بابعاد المشاكل العربيةو انا ارى ان هذا البشير قليل جدا عليه الاعدام بالرصاص على ما فعله فى دارفور و ترك قواته تهتك و تنشر الفساد و كذلك يجب على المحكمة الدولية ان تصدر نفس حكمها على الرئيس المصرى نظير ما يفعله بالاقباط و من الاخر كل الروساء العرب على ما اقترفوه من (صفاقه) على حسب وصف الكاتب الكبير فى حق كل قبطى او اسرائيلى او امريكى او بريطانى و على كل فلسطينى ان يعرف ان ما تفعله القوات الفلسطينية فى حق العزل الاسرائليين لن يجدى و ان المحكمة الدوليه فى انتظاره و كذلك العراقيين الاوغاد فان شكوى المارينز الامريكان منهم قد وصلت المحكمة و كل رئيس عربى عليه ان ينتظر دوره فى المقصله عرفتو ليه ان المقال جامد.... سمحونى

......
فؤاد شباكا النوبى -

تحليك وقلمك الصريح اكثر من رائع ... وعلى أسلوبك فى وضع النقاط فوق الحروف ، وعن حجم المأزق الخطير الذي وقع فيه البشير .. عداء العرب للغرب وأمريكا تحول الى عداء لأفارقة دارفور .. والخطوة الاولى نحو الحل هي مساعدة الجامعة العربية على الاعتراف بوجود ذلك المأزق، بدل انكار وجوده أو طرحه جانبا ... تتعرض القبائل الأفريقية فى أقاليم دارفور من عملية ابتزاز من بعض الدول العربية وصحافتها، خلال اختلاق معلومات كاذبة عن أهم الجرائم البشعة التي اقترفها نظام بشير بحق شهداء وضحايا أهالى دارفور ، وأيضا ضحايا أبناء بجة فى الشرق ، ونوبيى السودان فى أقصى شمال السودان وغيرهم ـ

مع ثورة الانقاذ
ابو وش عكر -

السودان ونظام الانقاذ الاسلامي البشير قلعة العروبة والاسلام ضد الاستكبار العالمي والموساد الصهيوني نحن مع السودان ومع ثورة الانقاذ

سؤال أستاذ مجدى
نانا -

لا افهم لماذا تتبع يا مجدى خليل مع القارىء نظام كتابه الدرس بمعنى أنك تضع أسئلة وإجابات بطريقة المعلم وتلاميذه نحن قراءك وليس تلاميذ في مدرسة تديرهاأنت

تعليق
amedi -

سمعت احد المطبلين لنظام البشير وهو المقيم في عاصمة غربية ويسمي نفسه خبيرا قانونيا خلال مقابلة تلفزيونية ان الرئيس البشير لا يمكن ان يكون مجرما فهو حسب ادعائه يحفظ سبع اجزاء من القرأن الكريم !! اما زميله الاخر فقال ان المشكلة ليست مع ما حدث في دارفور وانما المشكلة حسبما قال هي مع مدعي عام المحكمة الجنائية لويس اوكامبو لان هدَا برأيه كان من المفروض ان يوجه الاتهام الى شارون وبوش قبل ان يوجهه الى (الرئيس المؤمن) البشير!! تصوروا حجم الاستهتار بالكرامة الانسانية المهدورة في دارفور من قبل الانصار والمرتزقة الموالين للنظام السوداني .

أزفت ساعة الطغاة
عبد الاله بسكمار -

مقاربة قانونية موضوعية لمسألة محكمة الجنايات الدولية شكرا للأستاذ الكريم مجدي خليل، الذي قرأت له غير مامرة ،ان الغشاوة على القوم خطيرة ولا توقظهم في العادة الا الجزمات والدبابات والصواريخ أو العقوبات في أحسن الأحوال أما أن ينتبهوا الى ماصنعت أيديهم وأيدي الطغاة منهم فهذا غير وارد في الحساب العربي وعند عموم الجمهور العربي المخدر المطحون بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمظالم المختلفة التي تعود عليها وتعودت عليه ، و هو الجمهور البائس الباحث عن المهدي المنتظر ولو من عمق السراب ، أما أغلب الحكومات والسلطات مع القائمين على الشأن العام من العرب فسادرون في نهب ثروات الشعوب و الفسادوالاستئثار بالقرار السياسي وقمع الحريات العامة والخاصة وعلى رأسها حرية التعبير فمن أين يمكن أن تأتي البشائر؟ سوى اذا رأف بنا المنتظم الدولي وتدخل بحزم لملاحقة الفاسدين والطغاة والظالمين ،التجمعات العربية والكيانات المسماة دولا لا تربطها بشعار دولة الحق والقانون الا الخير والاحسان في غالبها، اننا نلتمس من محكمة الجزاء الدولية ونناشدها باسم الانسانية المعذبةأن تفتح صدرها للمظالم الخاصة بالأشخاص والجمعيات وهي متعددة الوجوه غرائبية في أشكال الظلم الذي تلحقه بالمواطنين ومن لهم غيرة على بلدانهم و وتستهدف كل الأصوات الشريفة وعلى رأسها الصحافة التي باتت تعاني من الملاحقات المستمرة والمضايقات الرهيبة بحيث أصبح الحديث عن الحريات وهما مضحكا لا يقنع حتى المطبلين له على سبيل المثال لا الحصر ، ملف البشير يجب أن يكون بداية لملفات أخرى لا تهم الزعماء فقط بل أيضا كل الطغاة والجلادين بمختلف مستوياتهم و" مسؤولياتهم"

خلفية ضغائنية 2
مرتاد ايلاف -

الكتابة على خلفية ضغائنية لا تفيد ولايمكن اغفال التوجهات الفكرية للكاتب التي تحركه وهي عوامل نفسية واعتقاديه ولذا نقول بهدوء :تجاهلت مذكرة أوكامبو مسألة بديهية وهي أن لصراع دارفور، مثله مثل أي صراع على مر التاريخ، أكثر من طرف واحد. ولا يمكن منطقياً أن يكون صراع دارفور بحكم طابعه معركة من جانب واحد. كما أننا لسنا إزاء مجرد أعمال قمع من جانب سلطة دولة ضد مدنيين عزل. فالصراع في دارفور متعدد الأطراف. فهو صراع بين قبائل من ناحية، وصراع بين حكومة السودان وحركات متمردة رفعت السلاح ضدها من ناحية أخرى. وأدى التدخل الشديد بين الصراعين، أو بالأحرى ما بين هذين البعدين من أبعاد الصراع، إلى تعاظم الخسائر البشرية قتلاً وجرحاً واغتصاباً وتهجيراً. ولا يمكن، بالتالي، إعفاء الحركات المتمردة، التي شنت إحداها هجمات خارج منطقة الصراع ووصلت قواتها إلى أم درمان، من المسؤولية المباشرة عن مذابح دارفور، وبصفة خاصة 171;حركة تحرير السودان187; و171;حركة العدل والمساواة187;. كما أن الميليشيا التابعة لها تسيطر تماما على بعض مناطق دارفور، في ظل توازن قوى يجعل الوضع أبعد ما يكون عن الصورة التي يتخيلها من يقرأ مذكرة أوكامبو، وهي صورة ميزان قوى مختل بشدة لمصلحة القوات الحكومية والميليشيا التابعة لها، بل ربما صورة الهيمنة الكاملة لقوات البشير إلى الحد الذي يسمح لها بإبادة قبائل معينة. ولذلك يعتبر قادة حركات التمرد فى دارفور والميليشيا التابعة لكل منها، شركاء أصليين في المسؤولية، على نحو يجعل تركيز هذه المسؤولية في الدولة واستهداف رئيسها خطأ يسلب مذكرة أوكامبو بعضا من قيمتها القانونية. هذا فضلاً عن أن إدانة طرف واحد من أطراف صراع أهلي لابد أن يشجع الطرف الآخر، أو الأطراف الأخرى، على مزيد من التصلب، وربما على توسيع نطاق العنف، وبالتالي سقوط المزيد من الضحايا. ولو كان المدعي العام انتظر انتهاء التحقيق الذي يجريه بشأن هجوم شنته ميلشيا تابعة لإحدى الحركات المتمردة على معسكر لجنود حفظ السلام في جنوب دارفور في سبتمبر الماضي، ووضع نتائج هذا التحقيق في مذكرته طالبا إلقاء القبض على أحد أو بعض قادة التمرد، لكان موقفه اليوم أقوى نسبياً.

خلفية ضغائنية 3
مرتاد ايلاف -

وبالرغم من أن هذا الخطأ يكفي لإضعاف مذكرته التي قدمها ضد البشير، فثمة خطأ آخر لا يقل أهمية وهو أنها -المذكرة- تضع العدالة المفترضة في مواجهة الواقع الذي تشتد الحاجة فيه إلى تسوية للصراع تحقق سلاماً واستقراراً وتحفظ حياة الناس. فليست عدالة حقا تلك التي يكون القصاص فيها من الجناة مؤدياً إلى مذابح جديدة وعائقاً أمام التوصل إلى تسوية لصراع ينطوي استمراره وتصاعده مجدداً، على أخطار هائلة. فالعدالة التي ينشدها أوكامبو، بافتراض أن إغفاله مسؤولية حركات التمرد يحققها، تصبح ظلماً إذا أدت إلى ازدياد احتمالات القتل والتدمير، ودفعت الأمم المتحدة إلى سحب موظفيها، وأرغمت منظمات الإغاثة الدولية على تقليص أنشطتها في دارفور، وقادت إلى وقف الجهود السلمية المبذولة من أجل تسوية الصراع، أو وضعتها في مهب الريح. وعندئذ، يصبح الاستمرار في العملية التي بدأها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أشبه بعرض مسرحي تتردد فيه صيحات العدالة بقوة على الخشبة، ويتفاعل معها مشاهدون وينفعل آخرون. ولكن النتيجة على أرض دارفور هي مزيد من عدم العدالة. وهكذا يبدو الخلل في مذكرة الادعاء الدولي في قضية دارفور عميقاً إلى الحد الذي يجعل احتمال قبولها من جانب هيئة المحكمة، ومن ثم إصدار قرار بإلقاء القبض على الرئيس السوداني، منذراً بخطر داهم بدت نذره واضحة في الأيام الماضية منذ إعلان تلك المذكرة. غير أن الخطر لا يطول الرئيس السوداني ونظام حكمه. فهو من نظم الحكم القادرة على الاستمرار في كل الظروف. وقد أثبت هذا النوع من النظم السياسية في العالم العربي قدرة هائلة على البقاء في مواجهة تحديات مميتة بدءاً من العقوبات والحصار، ووصولاً إلى الهزائم العسكرية. فالخطر المباشر ينصب على أهل دارفور المساكين، الذين لا يملك أوكامبو، ولا غيره، سبيلاً لحمايتهم إذا رد النظام السوداني على مذكرته عبر إجراءات قد تزيد معاناتهم، أو اضطر إلى ذلك رداً على تصعيد قد تلجأ إليه حركات التمرد، إحداها أو بعضها، بعد أن شجعتها مذكرة الادعاء الدولي على ذلك. غير أن خطراً من صنف آخر يطول النظام الدولي الذي يمكن أن يدخله سوء استخدام المحكمة الجنائية الدولية في حالة فوضى يصعب التنبؤ الآن بما يمكن أن تبلغه، فالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (اتفاقية روما لعام 1998) يمنحها صلاحيات واسعة للغاية لم يكن أحد يتخيلها قبل سنوات قليلة من إنشاء هذه الم

امريكا رافضه
مرتاد ايلاف -

وقد بدا واضعو النظام الأساسي للمحكمة مثل171;من على رأسهم بطحة187; عندما أشاروا في سطوره الأولى إلى أن المحكمة الجنائية لن تسلب من الدول الموقعة عليه سيادتها، وإنما تشجعها على التصدي للجرائم وفقاً لقوانينها الوطنية. فهذا النظام، في مبناه ومعناه على حد سواء، يسلب الدولة - أي دولة - سيادتها فور تدخل المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في مشكلة أو أزمة أو صراع يحدث في داخل هذه الدولة. ولا سبيل أمام هذه الدولة، والحال هكذا، إلا أن يسرع قضاؤها الوطني في النظر في الأزمات والصراعات الداخلية. وقد يحدث ذلك فعلاً، ولكن ليس بالطريقة التي ترضي المنظمات الحقوقية الغربية، والشرقية أيضاً، التي أصبحت قادرة على خلق زخم شديد حول بعض القضايا، بما يفرض اهتماماً دوليا شديداً بها كما حدث بالنسبة إلى قضية دارفور. فكان دور هذه المنظمات هو الذي دفع بها إلى مجلس الأمن، الذي أحالها إلى المحكمة الجنائية الدولية في مارس 2005 بالرغم من عدم ترحيب الولايات المتحدة بذلك. فقد امتنعت واشنطن عن التصويت على ذلك القرار، امتداداً لرفضها نظام المحكمة الجنائية الدولية. وأعاد مندوبها تأكيد هذا الرفض، خلال إعلانه الامتناع عن التصويت على قضية دارفور، قائلاً إن بلاده ترفض تمكين هذه المحكمة من محاكمة رعايا دول غير أعضاء فيها. وفسر عدم لجوء بلاده إلى ;الفيتو; بأنها لا تريد أن يُحسب عليها أنها تدخلت لحماية من أسماهم المذنبين من العقاب. وهذه إحدى الحالات القليلة التي اتخذت إدارتا بوش فيها موقفاً صائباً على مدى أكثر من سبع سنوات. فثمة خطر حقيقي على النظام الدولي إذا أصبحت الطريقة التي يعالج بها المدعي العام أوكامبو قضية دارفور نمطاً ثابتا ومستقرا.

ماذا لو قرأنا
الشوكاني -

ماذا لو قرأنا المقال كالتالي : ما قيمة المحكمة الجنائية الدولية ونظام أمريكا أو غيره إذا تجاهلت مأساة فلسطين و غزة بالخصوص ، وما قيمة العدالة الدولية اصلا إذا تجاهلت هذه المأساة الإنسانية الأفظع فى العالم حاليا، بل وما قيمة منظومة حقوق الإنسان الدولية من الأساس إذا تجاهلت هذه الجرائم المتعددة ضد الإنسانية من قِبل العصابات الصهيونية والمستمرة منذ حوالى خمسين سنة فى الوطن الفلسطيني المنكوب.ولا يختلف منطق النخب العربية المؤدلجة من لبراليين و علمانيين وعلماء الشياطين عن منطق حكامهم، فهناك التشكيك والتبرير والتهوين والإسقاط والتأمر الدولى و العربي وكلها تتغطى بإدعاء طلب العدالة الكاملة المثالية وبدواعى العقلانية و المساوة و الديمقراطية و المحبة المزيفة... وفى النهاية تصب بالتأكيد فى مساندة الفاشيين و الدكتاتوريين والبحث عن مخرج لهم للإفلات من العقاب و الإستمرار في الحكم الى يوم الدين..محتمين بنصرة أمريكا الصهيونية و إسرائيل!!

البشير و الدين
Amir Baky -

الإنسان الدكتاتور و القاتل و المغتصب هل يمكنه أن يستخدم الدين و إهانته من أجل مصالحة الشخصية؟ هذا أهم سؤال يجب أن يوجه للعقل بالوطن العربى. فالمنطق السائد الآن هو أى إنسان إستخدم الشعارات الدينية حتى ولو كان قاتل و فاجر و مغتصب يكون على حق لأنه يعادى الغرب و يستخدم هذه الشعارات. فما فعله البشير و تركه لقوات الجنجاويد تغتصب النساء المسلمات و الأفريقيات و يرفض التدخل لحل الأزمة يكون مستوجب العقاب. و أى ساذج يتصور أن صدام أو القذافى أو البشير هم قلعة الإسلام فهو واهم كبير لأنهم أسباب تدمير الإسلام

رب ضارة نافعة
قاريء -

يسابق البشير الزمن وهاهو يعد اهالي دارفور بالكثير من تلبية مطالبهم رب ضارة نافعة لكن هل يرضي هذا المتمردين اصحاب الاجندة المرتبطة اساسا بالاجنبي ، الايام بيننا

هو الاجرام فقط
ايلافي مغربي -

لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم ،وفلسطين أصبحت منذ مدة شماعة تعلق عليها الأنظمة الديكتاتوريةو فضائيات الموت والحركات الظلامية كل كوارث الأمة والمجرم مجرم سواء كان في فلسطين أو البوسنة أو السودان أو ايران حيث المرأة والمثلي يرجمان حتى الموت أو كوسوفو أو صربياأو اليمن حيث يتربع شيخ العشيرة على رأس نظام متهالك منذ أزيد من ثلاثة عقود بالتمام والكمال أو سوريا التي يقبع في سجونها خيرة المناضلين ، والضالع نظامها وأجهزة مخابراتهافي اغتيال زعماء لبنان ومواطني لبنان وشرفاء لبنان ، والمجرم مجرم سواء ارتكب الفظائع في حق شعبه كالنظام العراقي السابق أو أجرم باسم أي دين أو نحلة أو عقيدة كنظام الملالي الذي يقوده المسمى أحمدي نجاد ومرشد الثروة لا الثورة ، والمجرم أيضا من يغتصب أو يأمر ويصمت على الجريمة من موقع المسؤولية، والمجرم من يطارد ويضطهد الناس في حرياتها وقوتها اليومي وحقوقها الأساسية وهي فضيلة مختلف الأنظمة العربية ولله الحمد ، هؤلاء وأمثالهم يستحقون المتابعات أمام محكمة الجنايات الدولية ،ونحن نتحدث عن مسؤولين ودول مثلما يصدق الأمر على حركات المعارضة المسلحة وغيرها ، غير أن الجريمة في الحالة الأولى أفظع لاعتبارات كثيرة أهمها أن الدول والأنظمة بالأساس وجدت لحماية البشر وضمان الأمن والاستقرار لمواطنيها لا ممارسة الاجرام و أعمال القتل والاغتصاب والتدمير واضطهاد الناس واسكات أصواتهم كما تفعل أغلب أنظمة العربان

امة مريضة
عباس -

اغلب التعليقات تدل كما قال احد الفلاسفة الدنماركيين انهم امة مريض

كله هراء
الايلافي -

غير صحيح ان الصراع في دار فور عربي افريقي والصحيح انه صراع عربي عربي فكلها قبائل عربية وهو صراع ازلي قديم على منابت العشب ومساقط المياه والجماعة يتقاتلون ويتصالحون منذ امد بعيد دوائر استعمارية قديمه تحاول صناعة هولوكوست او جونوسايد في دار فور وهذا كله هراء

A dream
Halim Meawad -

Thank you so much Mr. Khalil for another excellent article. As usual, you stated solid facts (1-6) and then your logical conclusions based only on analyses of the facts. I learned a lot from this article and your other articles. One of my dreams is to have an “International Supreme Court” to review the constitutions and laws of all countries for compliance with internationally recognized principles, treaties, human rights declarations, etc. The violations are plentiful and I cite here only two obvious examples: 1) The 2nd article of the Egyptian Constitution which states that Egypt is a Moslem country and Islamic Shariaa is the main source of legislation. Of course, and based on this article, the legal codes of Egypt are packed with discriminatory items. 2) The constitutions of all Gulf States , with the exception of Bahrain , state that citizenship shall not/not be granted to non-Moslems. Every now and then we hear an outcry about a particular discriminatory act or practice in these countries, but these practices are legal and in accord with the codes of the state. I don’t believe that expunging prejudiced articles is the only needed remedy but it is a giant step towards establishing justice and equality.

المحكمة
مأساوي المأة -

حقا يا مجدي ما قيمة المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما أو غيره إذا تجاهلت مأساة عمرها ستون عاما اسمها فلسطين؟؟

شي لايعقل
محمد عمر عليش -

لايمكن ان يدين ازيال امريكا هذا القرار او تصمت فالتربي والمهووسون امثاله يريدون قتل الشعب السوداني باي طلريقة لانه كرههم وهم اكثر كره له