خطوات متواضعة على طريق التفكير الصحيح (1-3)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أولا: إننا نرتكب كثيرا من الاخطاء في الحكم على الاشياء والحوادث لاننا لم نبذل المزيد من الانتباه للواقع الذي نعيشه (حب، غضب، ربح، خسارة).
ثانيا: وذلك طالما يحدث أو يحصل في الحالات المتشابهة (الملتبسة)، فإن الأشياء وا لظواهر والاحداث المتشابهة تجعلنا غير دقيقين وتروطنا باحكام اعتباطية.
ثالثا: نحن ضحية الفهم الخاطئ عندما نعتقد إن هناك حالات متطابقة،أو متشابهة، بل نفترض أن الحالات سوف تقع، ولكن الفكر الصلب لا يؤيد ذلك، ويرى أن كل حالة هي فريدة، ويبغي أن نكون واعين لقرا ءتها.
كن منتبها!
إن هذه العبارة إ نشائية، أمرية... والانتباه يكلفنا الكثير، فهو يريد منّا أن نكون يقظين، متابعين، ولا يجتمع مع السلبية والسكون!
نعم...
1: لا يكفي ان ننظر، بل يجب أن (نرى).
2: لا يكفي أن نسمع، بل يجب أن (ننصت).
3: لا ينبغي أن نتوجع من التفاصيل، بل يجب الركض ورائها.
4: إن إ همال الامور التافهة والصغيرة هو بداية الجريمة المعرفية، هي التي تقودنا إلى الكبيرة.
ولكي نحصل على الحقائق ينبغي أن نعرف أن (الحقيقة) شي مصنوع أ و مُمارسة، الجوهر هنا هو إمتلاك وجود موضوعي، الحقيقة تملك وجودا موضوعيا، وهي وجود شرس، ملح، مؤذي فيما لو لم ننتبه أو نتعرف عليها.
ولكن هل الموجودات الموضوعية على نسق واحد؟
يوجد نموذجان من الحقائق الموضوعية: ــ
الاولى: الاشياء (بغداد).
الثانية: الحوادث (سقوط نظام صدام حسين).
إن النموذج ا لا ول من الوجود الموضوعي اهم من الثاني، بل لا وجود للثاني من دون وجود موضوعي للاشياء، لا (إشراق شمس) من دون وجود شمس فعلا.
يمكن التأكد من وجود بغداد مباشرة، بالعيش فيها، رؤيتها، ولكن يمكن إ ثبات وجودها بصورة غير مباشرة، فإن هناك الكثير من ا لعرب والمسلمين والاوربيين زاروا بغداد، وفيهم ثقاة، نقل الثقة هنا برهان.
ولكن!
ماذا بالنسبة لحادث سقوط نظام صدام حسين؟ بل ماذا بالنسبة إلى مقتل محمد باقر الصدر مثلا؟ لا يمكن لنا البرهنة المباشرة على ذلك، لان حادث الموت قد مضى، وليس هناك شاهد عيان على قتل محمد باقر الصدر ينقل لنا الحدث، هنا يتعين علينا أن نلجا الى أشياء متنوعة من أجل البرهان، وثائق محكمة محفوظة، تقارير شرطة، الصحافة، وما إلى هنالك من شواهد يمكن بعد تجميعها نصل إلى ا لبرهنة على مقتل محمد باقر الصدر، وهذا هو الطريق غير المباشر.
ترى هل هناك تقسيم للحقائق؟
نعم، يرى علماء المنطق أن هناك أكثر من تقسيم للحقائق، وهذه التقسيمات تنفع كثير في تنظيم فكرنا،وفي جعله أكثر فاعلية وإنتاجا، ومن هذه التقسيمات، أن تنقسم الحقائق إلى: ــ
الأولى: الذاتية، مثل شعوري بوجع راسي،وهو ما يسميه علماء المنطق الاسلاميين بالعلم الحضوري.
الثانية:الموضوعية، مثل معرفتي ببغداد، فإن هذه العاصمة لها وجودان، وجود خارجي (موضوعي) ووجود في داخل ذهني (ذاتي). وهو ما يسمى عند المناطق المسلمين بـ ( العلم الحصولي).
إن أي فكرة موجودة في الذهن لابد أن يكون لها مصدر في الخارج ــ هناك حوار فلسفي طويل حول إطلاقية هذه المعادلة لا أتطرق إليها الان، لان الغرض من هذه المقالات الثلاث طرح تصورات بعض علماء التفكير ــ
إن أي فكرة ذاتية هي إ نعكاس لخارج ما، وهنا يسجل بعض علماء التفكير ملاحظة دقيقة، إ ن الفكرة الذاتية لشييء أو حدث خارجي إذا كانت مضطربة أو مشوشة، فهو دليل على إ ضطراب وتشوش مصدرها الخارجي بشكل من الأشكال.
تتشكل تصوراتنا عن العالم منذ الطفولة، وندين بهذه التصورات إلى الواقع وعقلنا معا، وإن أفكا رنا تكون واضحة وقوية ومشعة فيما إذا كانت علا قتنا بمصدرها قوية،أي بالواقع ا لخارجي، فإن الأفكار الموجودة في ذهننا هي أفكار ذاتية، وهذه منشأها أساسا، وبعد التحليل الدقيق هي الحقائق الموضوعية، وذلك مهما كانت تلك الأفكار الذاتية موغلة بالغيب والغموض والإبهام، ومهما كانت و اضحة مشرقة.
ثلاثة عناصر في عملية التفكير
عملية التفكير تتقوم بثلاثة عناصر،هي: ـ
أولا: الحقيقة الموضوعية الخارجية / كتاب /.
ثانيا: الفكرة الذهنية لهذا الكتاب.
ثالثا: الكلمة التي نتوسل بها إلى الفكرة اتي تتيح لنا إيصال الفكرة بغيرها.
فإذا لم يكن هناك كتاب، لما كانت هناك صورة للكتاب في الذهن، ومن ثم لا توجد هناك كلمة نشير بها إ لى هذا الكتاب الذهني الذي هو إنعكاس للكتاب الخارجي.
العلاقة بين المعرفة الذهنية والواقع الخارجي ليست دائما سهلة، فإن الصورة الذهنية للكتاب يمكن أن نرجع بها إلى الكتاب الخارجي، ولكن ماذا لا وتعاملنا مع كلمة مثل (الديمقراطية)؟ أي صورة ذهنية للديمقراطية؟ ثم أين هو الواقع الذي يمكن تسميته بـ (الديمقراطية)؟
هل من السهولة أن نجد تلك السهولة في المطابقة بين الصورة الذهنية للديمقراطية والواقع الخارجي لها؟
إن الديمقراطية تراث ضخم، يتصل بكمية هائلة من المفردات والمقتربات والأفكار (فلاسفة، سياسيين، حوادث، أنظمة حكم...)، وبالتالي، هناك كمية كبيرة من المصادر التي يعود إليها هذا التصور أو هذه الفكرة، فإذا أردت أن تشير أو تتحدث عن تصورك للديمقراطية يجب أ ن تتحدث عن الجذور الواقعية / الموضوعية الخارجية التي تشكّل المصادر المنشئة لهذا التصور. ومن أجل الحيلولة دون أن تكون أ فكارنا بعيدة عن المثالية الصرفة علينا أن نرجع دائما إلى الأصول الواقعية لهذه الأفكار، وبمقدار ما تكون الأفاكار واضحة في علاقتها بمناشئها الواقعية / الخارجية يكون من السهل إختيار الكلمة التي تشير إليها.
إن وضع كلمة أو علامة أ و إشارة إلى فكرة ليست عملية ميكانيكية، وربما تشكل أحيانا تحديا كبيرا للفكر والمفكرين والعلم وا لعلماء.
إننا نستطيع أن نعي ما نريد،ولكن ليس با لضرورة نستيطع أن نبتكر أو نستخدم الكلمات التي تعيننا على إيصال ما نريد أو ما نفكر به للأخرين، ومن هنا يجب الرجوع إلى الأصول الواقعية للفكرة علّ وضوحها يساعد على تكوين فكرة أكثر وضوحا، ثم كلمة أكثر وفاء لما نريد إيصاله. وفي بعض الأحيان يكون التطابق بين الكلمة والفكرة واضحا لان العلاقة بين الفكرة وأصولها الواقعية شديدة التطابق.
اللغة والمنطق
يؤكد علماء المنطق الحديث وبعد تطورات مذهلة طرأت على قراءات (فن أو التفكير) إن العلاقة بين اللغة والمنطق مصيرية، أو شبه مصيرية، أو لنقل إنها علاقة وثيقة. ومن المهم جدا أن تسترجع الفكرة الذهنية علاقة المنطق باللغة، وهناك حديث أو نزاع فيما هل من السهل أن نحمل في أذهاننا فكرة دونما كلمة دقيقة تعبر عنها بطريقة وأخرى؟
وفي كل لحالات: ـ
[إذا نحن حاولنا ربط فكرة بأخرى يلزمنا إستخدام الكلمات].
وهنا يسجل بعض علماء هذا الفن ملاحظتين مهمتين: ـ
الأولى: إن الكلمات الواضحة المعبِّرة عن الأفكار هي الخطوة الاولى لبناء علاقات صحيحية بين الأفكار.
الثانية: أن نضع الأفكار معا لنشكل الجمل المفهومة.
إن الكلمات هي بمثابة أحجار بناء اللغة، ولكن ا لجملة، والجملة الخبرية بطبيعة الحال هي التي يبدا بها بناء المنطق، لانها الوحيدة التي تستطيع أن نتحدث من خلالها عن الحقيقة وغير الحقيقة، والمنطق يُبنى على أساس ما هو الصحيح وما هو الزائف / هناك نقاش طويل حول هذه النقطة بالذات /
الجملة با لنسبة للمنطق الأكثر إعتبارا وهي يجب أ ن تكون صريحة كاملة، إن الجمل الواضحة بالنسبة للفكر المنطقي هي نفس مقام الحالات الواضحة.
أربع قواعد مهمة يجب أن تضعها في الاعتبار، وهي:ـ
1:لا تفترض إن المخاطب يفهم فكرتك إذا لم تجعلها واضحة.
2: تكلم بجمل كاملة.
3: لا تتعامل مع قيم الجمل وكأنها جمل الحقائق الموضوعية.
4: تجنب لغة (نفي النفي) من أجل الاثبات.
ملاحظة مهمة:
لقد إستفدت في بعض معالم العرض المنهجي للموضوع من كتاب (ا لوجود المنطقي) لأحد اساتذة المنطق الامريكيين (دي، كيو، مكلنري) المطبوع في واشنطن كدليل للتفكير الصحيح للمدارس الامريكية.
يتبع
التعليقات
لاتلغي الآخر وأعترف
كركوك أوغلوا -بوجوده كما أنت موجود !!.. لكل حقيقته وأن لايوجد أصلا حقيقة واحدة مطلقة على الأطلاق ؟؟!!..الأختلاف والتنوع جوهر الحياة والطبيعة ؟؟!!..بدون الألوان الزاهية (وهو الضوء)هنالك الظلام ؟؟!!..
حقيقة كركوك أوغلو
ناصر -عزيزي كركوك هنالك حقائق مطلقة لابمكنك انكارها ابدا وان قصدت الكاتب بها المفكر الشاهبندر فمثلا الكاتب هو حقيقة وانت ابضا حقيقه .الانسان والحيوان والارض والشجر والهواء والماء والاوطان والموت والحياة ووووووو الخ كلها حقائق . فكيف بك ان تنفي هذه الحقائق ونقول لايوجد اصلا حقيقة واحدة مطلقة. فهل تستطيع ان تنقي حقيقة وجود امك او ابوك مثلا.
من حقي ان اسال
عادل -من فال ثاني اثنين في الغار اذ يقول لصاحبهي لا تحزن ان الله معنا المقصود ابا بكر لماذا لم يذكر اسم ابا بكر في القران قد يكون عمر او احد من البدو
الأخ ناصر لست غبيا!!
كركوك أوغلوا -قصدي أيمان بعقيدة أو دين هو الحقيقة المطلقة ؟؟!!..راجيا أن تؤمن بذلك الأختلاف !!..كل عقيدة ودين (وحتى السياسة), تعتبر بأنها وحدها لها الطابو الألهي للحقيقة المطلقة ؟؟!!..وشكرا
الحقيقة والفكرة
خوليو -وجود الأشياء المادية حقيقة دون شك مثل وجود الكائنات الحية والجمادات المحيطة بنا والتي نشاهدها، ولكن أي معتى لهذا الوجود من دون الأفكار؟. أي أنّ الفكرة الباحثة عن الحقيقة هي موضوع بحث الكاتب, وهنا تنشأ الحوارات والاختلافات الضرورية لتنوير الطريق بحثاً عن الحقيقة العلمية أو النظرية، فمثلاً فكرة التوحيد التي ظهرت في زمن ما من تاريخ البشرية كانت فكرة تراجعية على سلم الحضارة أدت لخلق طبقة من الديكتاتوريين الذين مثلوا الإله الواحد ، نتجت عنها حروب وإبادات واحتلالات لاتزال بعض مناطق من العالم تعاني منها، ومن انتبه لهذه الفكرة التوحيدية الديكتاتورية وفصلها عن شؤون البشر وأعاد الاعتراف بفكرة الاختلاف بالرأي والتنوع والتعدد ووجد القاسم المشترك للتعايش وهو المجتمع المدني ونظام صيانة الحقوق للجميع ، انتقل بالبشرية لدرجات أعلى في سلم الحضارة، وأحّل السلم الاجتماعي مكان الإقصاء والتفضيل والتمييز ، وهذا مانشاهده الآن في كثير من المناطق الحضارية في العالم.
يا ريت
salman salman -يا ريت با ابو عمار تكتب دائما هذه المواضيع ، ادري بيك محلل سياسي سابق ، ناضج ،ولكن صدقني هاي ا لموضوعات تفيد الناس احسن ، يا ريت يا ريت يا ا بو عمار ، خلصنا من الكتابة ا لسياسية ، اتركهم يا خي ، اكتب لنا بالتاريخ والفكر والفلسفة ، والله اعرف مظلوميتك ( حنا ولد الكرية واحد يعرف اخية ) بس انت تريد ثواب ، هاي المواضيع ا حسن وا رقى ، شكرا لك
كل ما تكتبه جميل
لمياء -عزيزي الاستاذ الشاهبندركل ما تكتبه جميل! تحليلك السياسي رائع مقالاتك الفكرية متميزة!! وفبل كل شيئ اسلوبك الهادئ الرصين! مرة اخرى ارجو ان لاتتأخر علينا!
نصائح مفيدة
رعد الحافظ -كلام جميل في المنطق الذي يهتم بربط وتماسك الكلام وتقديم الاسلوب الافضل في التفكير والنقاشوطريقة الحياة بصورة عامة..اريد ان اقول ان في مجتمعاتنا الشرقية الكثير من الامثال والعبارات والحكم التي كانت وليدة لحظتها او وليدة حالة خاصة بذاتها لكنها مثلا لجمال العبارة او غرابتها احيانا يبدء الناس باستعمالها والاستشهاد بها وكانها حقيقة مطلقةتسري على جميع الظروف والحالات..مع تسليمنا بنسبية الاشياء مثل الجمال والقوة والحب والصبر والذكاء...الخ .ومن تلك العبارات مثلا القناعةكنز..والتي يعتبرها البعض دعوة للتكاسل والرضا بالقليل !!او مثلا عبارة ما محبة الا بعد عداوة او عبارة انصر اخاك ظالما او مظلوماالتي عدل مفهومها الاسلامي بتعريف الاخ ظلمه ..وغير ذلك كثير لا مجال للاطالة فيها..