تونس: أنجازات وتحديات وطموحات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في سياق البحث عن كيفية الدفاع عن المكاسب التي تحققت وتطويرها، كان طبيعيا أن يترشح الرئيس بن علي في السنة المقبلة لولاية جديدة وذلك في أطار أنتخابات ترتدي طابعا تنافسيا بين الأحزاب القائمة. كان ترشيح الحزب الحاكم للرئيس التونسي طبيعيا وذلك لسبب في غاية البساطة يتمثل في ان الرجل لا يزال قادرا على متابعة تنفيذ البرنامج الطموح الذي يحمله والذي يستهدف نقل تونس من مصاف الدول الصاعدة ألى مصاف الدول المتقدمة. لماذا التخلي عن قائد السفينة متى كان ناجحا، خصوصا في ظروف دقيقة تمر بها دول المنطقة والعالم؟ لماذا التخلي عن قائد السفينة في بلد تواجه تجربة التحديث والتطوير فيه عواصف عاتية في مقدمها الأرهاب المتستر بالدين الذي يهدد كل دول شمال أفريقيا؟ في النهاية لا شيء ينجح مثل النجاح. وما قد يكون أهم من النجاح ذلك الأعتراف بأن المرحلة المقبلة تحمل تحديات كبيرة لا مفر من مواجهتها. هذه التحديات ليست سرا. ولذلك ورد في البيان الختامي الصادر عن مؤتمر الحزب الذي أنهى أعماله السبت الماضي والذي يسمى في تونس "اللائحة العامة للمؤتمر": "أن المؤتمرين أذ يدركون دقة الظرف الذي ينعقد فيه المؤتمر وما يتميز به من تقلبات عالمية من أبرز سماتها الأزمة المالية العالمية وأحتدام المنافسة في ضوء عولمة الأقتصاد وتحرير التجارة الدولية والأرتفاع غير المسبوق لأسعار المحروقات والمواد الأساسية في الأسواق العالمية، فأنهم يؤكدون بكل قوة وأصرار عزم المناضلين والمناضلات على بذل قصارى الجهد لرفع التحديات المطروحة".
هناك أنجازات وهناك تحديات. وهناك طموحات. هناك وعي تام لماهية التحديات المرتبطة بالظروف الأقليمية والدولية التي تستوجب بقاء تونس متأهبة في الدفاع عما تحقق بما في ذلك متابعة التنمية. ولكن من كان يصدق أن تونس ستتمكن من مضاعفة حجم الناتج المحلي ست مرات بين العامين 1986 و2007 وستحافظ على نسق نمو متواصل تجاوز الخمسة في المئة سنويا على الرغم من الموارد الطبيعية المحدودة؟
لدى الحديث عن تونس والوضع الراهن فيها، لا بدّ من العودة قليلا ألى خلف، ألى العام 1987 والأعوام القليلة التي سبقته. كانت الجمهورية في تلك المرحلة على كف عفريت. كانت السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بمثابة كارثة على البلد الذي أستقل في العام 1956. كان رجلا مريضا يمتلك تاريخا مجيدا يحكم البلد. كان الخيار واضحا بين الفوضى التي سعى المتطرفون ألى أستغلالها ألى أبعد حدود من جهة وبين أعادة الأمور ألى نصابها من جهة أخرى. أنقذ بن علي الجمهورية عندما قام بحركته وأنقذ بورقيبة من المحيطين به الذين كان يمكن أن يودوا بالبلد وبالأنجازات ذات الطابع الحضاري التي حققها بورقيبة على رأسها حقوق المرأة.
في النهاية، قاد بن علي تونس ألى شاطئ الأمان. تحولت تونس واحة سلام وأمان وأستقرار فيما الحرب الأهلية دائرة في الجزائر وفيما كانت الجماهيرية الليبية تتعرض لعقوبات دولية نتيجة حادث لوكربي الأرهابي الذي سيتبين يوما أنها غير مسؤولة عنه. كان من السهل أمتداد الحالة الجزائرية ألى تونس. كان هناك من يخطط لذلك لولا الأدراك التام لضرورة التصدي الباكر لظاهرة الأرهاب والأحزاب التي تتلطى بالدين للأنقضاض على السلطة والأطاحة بكل ما تحقق بدءا بالقوانين التي تحفظ للمرأة حقوقها وأنتهاء بالبرامج التعليمية المتطورة مرورا بعملية تطوير النظام السياسي على نحو تدريجي بما يكرس التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة بناء على الرغبة الشعبية في ذلك. والملفت هنا أن الدستور، والتعديلات التي أدخلت عليه، يؤكد مبدأ التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة. صحيح أن بن علي يترشح بناء على رغبة حزبه لولاية خامسة، لكن الصحيح أيضا أن الباب مفتوح أمام منافسيه للتقدم بترشيحاتهم من دون عوائق تذكر.
يبقى أن هناك ثغرات في تونس. من يعمل لا بدّ أن يخطئ. من بين الثغرات عدم قدرة الأعلام على أن يكون في مستوى التجربة في بعض الأحيان. ولكن لا مفر في النهاية من الأعتراف بأن تونس يمكن أن تكون قابلة على مزيد من التطور والأنفتاح بفضل نمو الطبقة المتوسطة الكبيرة فيها. صارت هذه الطبقة ذات وجود طاغ وصارت تمتلك مصلحة في المحافظة على الأنجازات التي تحققت بما في ذلك ضبط النمو السكاني وتملك المواطن لمنزله. هذا ليس مجرد كلام، الأحصاءات تظهر أن نسبة ثمانين في المئة من التونسيين ينتمون ألى الطبقة المتوسطة. لا خوف على بلد فيه طبقة متوسطة كبيرة. لم تتقدم دول أوروبا ألا بعدما صارت فيها مثل هذه الطبقة المتوسطة. الطبقة المتوسطة تعني الأعتدال والأنفتاح والليبيرالية والحرية والتطور والأستقرار على كل الصعد. كلمة الأعتدال هي التي تتردد أكثر من غيرها في الخطاب السياسي التونسي. الأعتدال بمعنى الأبتعاد عن كل ما من شأنه جرّ تونس ألى خلف. ربما كان الرقم الذي يدل على التطور الذي تشهده تونس ذلك المتعلق بأستخدام شبكة الأنترنت. في العام 1997، كان عدد مستخدمي الأنترنت لا يتجاوز العشرة آلاف شخص. عددهم الآن مليون وثمانمئة ألف مستخدم. ولذلك ليس بعيدا اليوم الذي يمكن أن تصبح فيه تونس دولة متقدمة. أنه طموح قابل للتحقيق بعدما أختارت تونس التطور في ظل التمسك بالأستقرار... والمحافظة على الأعتدال. الأعتدال في كل شيء لا أكثر ولا أقلّ.
التعليقات
عقبال الترشيح الالف
safwan -اذا كان المحافظة على المكاستب حسب شرح كاتبنا العزيز تبرر الترشيح للمرة الخامسة والضرب بكل وضوع بابسط مفاهيم الديمقراطية التي اشبعنا الكاتب بمكتاباته العادية جدا وهو يطالب دول بأن تحقق الديمقراطية وها هو يغض النظر هنا ولا ندري ما هي اهدافه وما هي غاياته ... طبعا ما عدا المكسب المادي لانه من حقه اكيد ... ولكن صار الامر مقززا نوعا ما فلماذا هذه الازدواجية او الانفصام بالشخصية اذا صح التعبير
اين الموتوريين
عمر حسين / بيروت -اين الذين يهاجمون الاستاذ خيرالله خيرالله من من يدعون المقاومة والنضال والعروبة والمؤيديين لدول الارهاب اين هم وهل هم جنود كلام دفاعا عن الظالمين والمستبدين والقاتلين في بلاد العرب والعجم ,عموما هؤلاء المأجوريين والمغشاة عيونهم والمغسوله عقولهم والمحجرة قلوبهم . فنحن بانتظار من سيفوم منهم من سباته .
هنيئا لشعب بورقيبة
كركوك أوغلوا -وبن علي !!..والى الأمام في الأزدهار والتحضر والتمدن , وحبذا لو عاش وحكم بن علي كسلفه بورقيبة لما هو في صالح تونس وشعبها للتخلص من الخرافة والشعوذة والجهل ؟؟!!..
شكرا
علي -مقال شجاع يضع النقاط على الحروف ويسمي الأشياء بأسمائها. شكرا للكاتب الذي عودنا على التحليلات الجريئة والموضوعية والعميقة.
proud to be tunisian
Yassine -Good luck TUNISIA you are in the good way
هاهو بفرض نفسه للمرة الخامسة رئيسا رغم انف التونسيين مما يؤكد عدم وجود اي تداول للسلطة او انتخابات نزيهة وهي ابجديات الديموقراطية التي ينادي بهاالعلمانيون والليبراليون في وطننا العربي وينسي الكاتب قيام بن علي مؤخرا بتعديل الدستور ليعطية الحق في أن يحكم مدد رئاسية بدون حد اقصي اي مدي الحياة واضاف للتعديل بندا في غاية الغرابة وهو الايسائل قانونيا بعد ترك منصب الرئاسة حتي يغطي علي الانتهاكات التي ارتكبها إبان حكمه ، واتسائل هل لم يقرأ خيرالله تقارير المنظمات الحقوقية التونسية والدولية حول حقوق الانسان في تونس وحجم القهر والانتهاكات ؟؟الم يسمع عن حكم المحكمة الدستورية التونسية التني اصدرت فيه احدي القاضيات حكما بعدم دستورية منع النساء التونسيات من ارتداء الحجاب ورفضت الحكومة التونسية تنفيذ الحكم ولاتزال النسوة اللاتي يرتدين الحجاب يواجهن القسوة والمعاملة غير الانسانية من جانب الامن لاجبارهن علي خلعه رغم أن من اساسيات حقوق الانسان ان ترتدي المراة ماتشاء، الم يسمع كاتب المقال عن اعتقال شاب تونسي لانه دخل علي احد مواقع المعارضة ؟؟الم يسمع عن التقارير التي تشير إلي تدهور الاوضاع المعيشية في تونس لغالبية التونسيين ؟؟فأين هي الانجازات التي تتحدث عنها المقالة؟؟واخيرا كيف نتغني بانجازات نظام جاء رئيسه من خلال الانقلاب وليس عبر صناديق الانتخابات والارادة الشعبية ؟!