كتَّاب إيلاف

قُضاةُ السلطان يشوون سعداً على السفّود*!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
-1-
في عام 2006، أصدر المستشار القضائي المصري المعروف طارق البشري" كتابه الجديد "القضاء المصري بين الاستقلال والاحتواء". وقال البشري في هذا الكتاب، أن الأمن الاجتماعي يحتاج إلى نظام قضائي مستقيم ومقتدر. وعليه، فلا إصلاح ديمقراطيًّا ناجعًا بغير إصلاح قضائي حقيقي. وأشار البشري إلى أن وزارة العدل، التي كان يتعين أن تكون همزة الوصل بين السلطة التنفيذية وسلطة القضاء، لم تكن كذلك. وفي ظل العمل بقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، صارت وزارة العدل مرتبطة بمتانة بقيادة الدولة السياسية، ذات الوجود الدائم المسيطر، مما شكَّل خطراً على أعمال القضاء. وقال البشري، رغم أن دستور 1971 نصَّ على استقلال السلطة القضائية، وعلى أن القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، إلا أنه لم يلتزم "بالنزاهة"، كونه نصَّبَ وزير العدل -عضو السلطة التنفيذية- مديرًا على سلطة القضاء، بما يتنافى مع أحكام الدستور.
وهذا القضاء، هو القضاء الذي حكم غيابياً على سعد الدين إبراهيم بالسجن لمدة سنتين، قبل أيام.
-2-
هل سعد الدين إبراهيم هو ذلك المخلوق الأسطوري، الذي بإمكانه الإساءة لسمعة مصر الكبرى؟
إذن، مصر في هذه الحالة قرية ريفية متواضعة، يستطيع أي مخلوق أن يهددها ويسيء إليها.
لقد أساء سعد الدين إبراهيم ربما إلى سمعة الحاكم في مصر، وليس إلى مصر. فمصرية سعد الدين إبراهيم لا متاجرة ولا مزايدة فيها. وهو وطني بإيمان وعقيدة عميقة، وليس بشهادة ميلاده، أو بعواطفه، وأغانيه، وشعاراته.
مصر ليست هي الحاكم. فمئات الحكام رحلوا عن مصر خلال تاريخها الممتد آلاف السنين، وبقيت مصر. وما من مؤمن أو كافر، أبيض أو اسود، مسلم أو قبطي، يساري أو يميني، ملكي أو جمهوري، أساء إلى سمعة مصر يوماً ما. ولكن نقد الحاكم ونقد الحكم، هو الذي يعتبر إساءة إلى مصر والشعب المصري.
فحكام مصر في العصر الحديث لم يكونوا من الشعب، وإنما فوق الشعب، ولم يكونوا من مصر، ولكن فوق مصر.
-3-
لقد تحوّل سعد الدين إبراهيم بفضل "عدالة" القضاء المصري، وبفضل دفاعه عن حريات المجتمع المصري والعربي عامة (شغل فترة طويلة الأمين العام لمنتدى الفكر العربي في عمّان، وبعدها الأمين العام لمركز ابن خلدون في القاهرة) من داع للحرية والديمقراطية إلى داعٍ لعودة الاستعمار، ومن أستاذ جامعي مرموق إلى محرض للفوضى، ومن باحث في علم الاجتماع والحقوق المدنية إلى متآمر على الوطن، ومن مؤسس لمركز ابن خلدون للبحوث الاجتماعية إلى مؤسس لمركز للتجسس على مصر، ومن وجه ثقافي لامع لمصر وللعرب إلى وجه قبيح للسياسة الاستعمارية الأمريكية، ومن باحث وأكاديمي وداعية للمجتمع المدني إلى جاسوس للغرب.
فهكذا مصير المثقفين المخلصين في الزمن الرديء.
-4-
قضية سعد الدين إبراهيم يجب أن تكون قضية كل المثقفين العرب من اليسار والوسط واليمين. ويجب علينا كلنا الدفاع عن سعد الدين إبراهيم، لأن قضية سعد الدين إبراهيم قضية أزمة الثقافة والمثقفين في العالم العربي، وقضية أزمة الحرية والديمقراطية الفعلية والواقعية العربية. ومن يريد التحدث عن أزمة الحرية والديمقراطية في الوطن العربي عليه ألا يلجأ إلى الترميز والتنظير واللف والدوران والاستشهاد بكتب وكتابات الأولين والآخرين. فقضية أزمة الحرية والديمقراطية واضحة الآن أمامنا، من خلال أزمة سعد الدين إبراهيم. -5-
لسعد الدين دين كبير، في رقاب المصريين الأحرار، الذين دافع عنهم سعد طوال حياته.
لسعد دين كبير، في رقاب الأقباط الذين جعل سعد قضيتهم وحقوق مواطنيهم قضيته هو.
لسعد دين كبير، في رقاب كل المثقفين العرب الذين دافع عنهم في كتبه ومقالاته ومحاضراته وندواته ومقابلاته ونشاطه العام ضمن المجتمع المدني الذي كان تحقيقه، هدف سعد طوال حياته.
لسعد دين كبير، في رقبة المرأة العربية التي سعى سعد إلى تحقيق حريتها ومساواتها.
لسعد دين كبير، في رقبة كل عبد عربي - وما أكثر العبيد العرب في الماضي وفي الحاضر - يتوق إلى الحرية وكسر قيوده.
السلام عليكم.
* السفود: سيخ شواء اللحم. و "على السفود" كان عنوان كتاب مصطفى صادق الرافعي، في نقد أدب عباس محمود العقاد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
what do you want us
Jack Neilson -

We all know that Mr. Ibrahim is innocent and we know also that all this court decisions made and signed off by Mubarak and we are living in a very dark era the questions how we could get rid off this Dictator if America wants him and supporting him as long as he is doing all what they ask him to do. Do you think we are stupid to believe that there is even a rift between him and America?

نساند الدكتور سعد
جاك عطاللة -

احيى الدكتور النابلسى على مقاله - الدكتور سعد الدين ابراهيم ليس مفكر ومصلح اجتماعى فقط ولكنه سياسى قدير و من سوء حظ المصريين انهم لم يحكمهم يوما احدا مثل الدكتور سعد -- نعم الدكتور سعد له هنات غير مفهومةمثل موقفه ومحاولاته اقناع الغرب بان الاخوان جماعة مسالمة تصلح ان تحكم مصر مع انها من اكبر اسباب نكبة مصر الحالية لكنه بالنهاية وطنى مصرى اصيل متصالح مع نفسه ومع العصر و بصفتى كمصرى قبطى اساند الدكتور سعد بمحنته واتعاطف تماما معه واستنكر تسييس الحكومة المصرية للقضاء واستخدامه ككرباج لمطاردة الاحرار وطردهم لخارج مصر فى حين انهم هم من يجب طردهم ومحاكمتهم على تدمير مصر

يستاهل
سلمى خميس -

سعد الدين ابراهيم مثقف كبير ويستاهل هذا الدفاع عنه.

سعد الله ابراهيم
زهدي الالفي -

كنت وتبقى وستبقى كبيرا وشامخا في جميع ارائك وكتاباتك واطروحاتك النابلسي القدير. ولكن انت محظوظ جدا لانك لست مصريا وتعيش في مصر بل في بلاد الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان , لكنت من زمان قد حوكمت بعشر سنوات على الاقل لا لشى بل فقط لارائك وافكارك كما يفعلون بسعد الله اليوم.

للذكرى ليس إلا
أرسطو -

نذكّر ، فالذكرى تنفع المؤمنين ، أننا نحن المصريين جبلنا على التوحيد بين شخص الحاكم وبين مصر ؛ فناقد الحاكم كارهٌ لمصر !!! ورافض سياسة الحاكم يسعى للإساءة لمصر !!! وهكذا دواليك ، وقد ركب الموجة كتاب وفقهاء السلطان في الجرائد المسماة القومية فكالوا التهم لسعدٍ لمجرد أن الرجل يرفض سياسة مبارك ، فهل مبارك معصوم عن الخطأ وممنوع من النقد ؟؟؟ أم ترى مبارك " لا يرينا إلا ما يرى " ؟؟؟؟

منين يا حسرة!!؟؟؟
أبو العلاء. -

كم ;سعداً لدينا في سجون الملك د. بشار أسد؟ و كم ;سعداً ; سيزج لاحقاً في سجونه؟ أتمنى أن أتضامن مع د. سعد الدين ابراهيم بالشكل الملائم لكن الملك د. بشار أسد بالمرصاد. مملكة الجمهورية العربية السورية.اللاذقية.أبو العلاء.

تحية
رائد -

ألف تحية وتحية للمناضل الصلب الذي لا يلين بوجه الدكتاتورية والتسلط سعد الدين إبراهيم

موتمر عالمى
. -

لماذا لاتقوم بعقد مؤتمر عالمى مع النخبه اِياها من اجل سعد ابراهيم فى (الالب )...مع العلم ان سعد ليس فى (القلب)المصرى ! وفى انتظار دعوه لاحضر واتمتع بجبال الالب الساحره

القضاء بدون عدل
ايلافي مغربي -

أصبح القضاء فضيحة كبرى في العالم العرببي ، وباتت ضرباته العشوائيةتضرب الرقم القياسي في الشطط والتخبط وتسليط سيوفه على رقاب كل الغيورين والمخلصين من أبناء الشعب العربي ، بل ان قضاء قاراقوش (رجل مختل القوى عينه صلاح الدين الأيوبي للفصل بين الناس فأصبح الظالم لديه مظلوما والعكس صحيح)وجه ضرباته أيضا الى البسطاء المظلومين كما جسدتها مهزلة تبرئة صاحب العبارة المصرية الغارقة والتي أودت كارثتها بعشرات من المواطنين المصريين الفقراء فالقضاء في العالم العربي يقضي على الناس لا بينهم ، ولصالح الحاكم دون المحكوم وما شعار القضاء المستقل الا أكذوبة كبرى مضحكة أصبحت لا تنطلي حتى على الأطفال وقصار العقول ، ودونكم أيضا ومحاكمة الصحافة في المغرب وتونس ومصروالتي يعد فيها الصحافيون متهمين ومدانين مبدئيا حتى تثبت ادانتهم!!! دون أبسط مقتضيات القانون وشروط المحاكمة العادلة وفي هذا السياق القاتم والذي لا يبشر بالخير تأتي محاكمة المفكر سعد الدين ابراهيم ليضاف الى القائمة ، والى هذا المفكر نرفع تضامننا التام في هذه المحنة والتي تؤكد أننا كلنا في الهم شرق وانه لا جديد لدى سلطاتنا العزيزة فلا قضاء في البلد ولا عدل في البلد ولا فن في البلد ولا بلد في البلد مع الاعتذار لشاعرنا الكبير الراحل محمود درويش