كتَّاب إيلاف

العولمة والرفض المقدس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
منذ اختفاء المعسكر الاشتراكي مع بدايات تسعينات القرن الماضي، ما بدا وكأنه احتفالية تدشين لعصر العولمة، وانفتاح العالم كما لو ساحة واحدة، تلتقي فيها جميع الشعوب، تتبادل وتتذوق ليس فقط البضائع والمنتجات، وإنما أيضاً المعرفة والثقافات والعادات والتقاليد، كأن جميع النوافذ قد انفتحت، والجدران تساقطت، ليبدو ما بداخلها لكل أحد، افتضحت سرية غرف النوم، الملابس الداخلية لكل من النظم الحاكمة والشعوب على حد سواء، ليقارن كل ما يرتديه بما يراه على أجساد الآخرين، هو إذن افتضاح كامل لكل المكنونات، وجدل داخلي أو مسموع حول كل المسكوت عنه طوال دهور، قد يترتب عليه حيناً ما يمكن أن يسمى "حوار حضارات" وتلاقحها، كما قد يتخذ في أحيان أخرى شكل "صدام حضارات".
قد يبدو للوهلة الأولى أن التضاد تاماً بين "الحوار" و"الصدام"، رغم أن الأمر في حقيقته وإن كان في بعض الحالات يمكن أن يكون كذلك فعلاً، إلا أنه في أحيان أخرى يمكن ألا يكون، ذلك أن "الصدام" هو درجة أو نوعية من "الحوار" يتخذ أشكالاً أكثر حدة، قد تصل إلى حد "الصراع" المسلح، لكن برغم هذا، أو بسبب هذا "الصراع" يبقى الحوار دائراً، وربما يعطيه الصراع الساخن دفعة تجعل "الحوار" أكثر إلحاحاً، وبل ونزعم أن ما يتمخض عنه "الحوار" يسود في النهاية على ما تسفر عنه نتيجة "الصراع" المسلح في ميادين القتال، فقد يستوعب المهزوم الغازي المنتصر عسكرياً، إذا ما كان الأخير أدنى أو أضعف تحضراً، فالحضارة تكاد تكون هي المنتصر الدائم، إن لم يكن على المدى القصير فعلى البعيد، بعبارة أخرى نستطيع الادعاء أن "حوار" الأفكار والإمكانيات الحضارية هو الأقدر على حسم شكل المستقبل من "حوار" المدافع وراجمات الصواريخ.
قد كان هذا هو ما حدث فعلاً في قصة سقوط أو بالأصح تساقط المعسكر الاشتراكي، فلم يسقط سور برلين نتيجة "حوار" تقليدي، انتهى إلى اتفاق الطرفين على إزالة السور الرمز والحقيقة الواقعية، كما لم يسقط نتيجة صراع الحرب الباردة، أي وفق ميزان القوى بين ترسانات الأسلحة المكدسة لدى الطرفين، وإنما جاء السقوط نتيجة "حوار" من نوع آخر، ولنقل "غير مباشر"، بين حجم ونوعية الإنجازات الحضارية المتحققة لدى طرفي الحرب الباردة، ويمكننا بقليل من التجاوز تسمية هذا النوع من "الحوار" "الحوار المادي" في مقابل "الحوار الثقافي" التقليدي، مع التحفظ بالطبع على مدى دقة هذه التصنيفات، وعلى حقيقة وجود حدود حادة فاصلة بين ما هو ثقافي أو فكري وبين وما هو مادي.
نخلص من هذا أن العالم يتجه نحو مصير (لاقدري) مقصود ومحدد، نحو نوع من التوحد، يمكن توصيفه بالتوحد على "الحد الأدنى"، وفيه تتوحد كل الشعوب باختلاف جذورها وحضاراتها على عدد من المفاهيم والقيم والعلاقات، تمثل الحد الأدنى اللازم لانخراطها في منظومة العولمة، بما يكفل الفاعلية لخطوط انتقال البشر والسلع ورؤوس الأموال والمعرفة بحرية عبر الحدود السياسية، وما يزيد عن هذا "الحد الأدنى" يكون مساحة للتنوع والخصوصية لمختلف مكونات المجتمع العالمي الواحد، وذلك بنفس الكيفية التي تتوحد بها التكوينات الوطنية، حيث يتوحد جميع المواطنين على أساس مجموعة من المفاهيم والخطوط العريضة، ليكون بعد ذلك للأفراد والجماعات الفرعية حرية وحق الخصوصية، بالطبع فيما لا يتعارض مع أساسيات التوحد الضرورية لتماسك وفاعلية المجتمع الوطني العام.
ما نزعمه إذن هو أم كل من "الحوار" و"الصدام" وحتى "الصراع" يقوم على ويستند إلى الرغبة في التوافق النهائي، ولا يعدو الفرق بين الطريقين أو المنهجين أن يكون نتيجة لطبيعة الفروق بين الحضارات المتحاورة أو المتصادمة، وما يقتضيه حل إشكالياتها من خطوات ومراحل، قد تتصف بالنعومة بين الحضارات التي تحمل قدراً معتبراً من التشابه، وتتصف بمرونة وقابلية للحراك والتطور، وقد تتصف بالخشونة أو السخونة إذا ما كانت الأطراف أكثر تباعداً وأعمق تبايناً.
الآن، هل علاقة شعوب الشرق الكبير -من أفغانستان وحتى مراكش - مع العالم ينطبق عليها ما أشرنا إليه عاليه، من تبادل لنهجي "الحوار" و"الصدام"، المؤدي لنفس مصير الاندماج والتوافق مع العولمة والعالم، مهما طال الزمن؟
الإجابة فيما نعتقد هي نعم، لكنها نعم جزئية، فهناك في هذه المنطقة بالتحديد حالة ثقافية، قد تمت أيضاً إلى عوامل بشرية أو أنثروبولوجية، تخرج بأصحابها إلى توصيف آخر لنوعية استجابتها لانفتاح العولمة وحواراتها وصداماتها، تجعل هذه الحالة أصحابها أشبه بصخر ناري غير قابل للتفاعل سلباً أو إيجاباً، ويأتي توصيف تلك الحالة على ألسنة بعض أصحابها، حين يتحدثون عن "الممانعة"، فإذا كان "الحوار" و"الصدام" هما نوعين من الاستجابة للمتغيرات، ويهدفان إلى الوصول في النهاية إلى نتيجة أو محطة ما، فإن "الممانعة" هي موقف رفض مطلق، رفض لا يحمل مجرد الأمل في صد ما يسمونه مثلاً بالغزو الثقافي أو الهيمنة السياسية والاقتصادية، فتعبير "مقاومة" الشائع أيضاً في منطقتنا، يبدو وكأن ما يقصد به في معظم الوقت هو مفهومه السلبي المرادف لمفهوم "ممانعة"، فالمفهوم الإيجابي للمقاومة يهدف للتغلب على الواقع المفروض والمكروه، لصالح واقع بديل قائم أو مستهدف، أما المفهوم السلبي للمقاومة، والذي يبدو من واقع الحال لمعظم تشكيلات المقاومة، ومنها ما يسمى بالمقاومة الفلسطينية، كأنه لا يستهدف أكثر من خلق حالة ممانعة أو تخندق، منبتة الصلة بأي تصورات أو رؤى أو حتى أمل في واقع بديل تستهدفه.
هؤلاء الممانعون يدركون -ربما بدرجة مبالغ فيها- أن التغيير الجاري والقادم أشبه بطوفان يكتسح كل ما يعترضه، ولأسباب تخصهم في وعيهم أو لاوعيهم قرروا اتخاذ موقف "الممانعة" أو الاستعصاء على التغيير والتوافق والاندماج مع الآخر، محاولين استقطاب أكبر كتلة من الجماهير لاتخاذ نفس الموقف.. يعرف الفلاح المصري نوعية من الحمير غير قابلة للتعلم والتدريب، يطلق عليها تسمية "الحمار الحصاوي"، والقياس بالطبع مع الفارق، ومع حفظ المقامات وحدود الأدب!!
فزعماء جبهات الممانعة في إيران وسوريا والجنوب اللبناني وغزة، كذا أذيالهم ومشايعيهم في كافة أنحاء ما يعرف بالعالم العربي، هؤلاء لا يأملون أو يتوقعون حقيقة الانتصار أو فرض إرادتهم على الواقع العالمي، ولا يعدو ما يأتي أحياناً في خطابهم العنتري من أوهام من هذا القبيل، إلا أن يكون مجرد لعبة لحشو الفضاء الكلامي بمعسول الشعارات، التي أقصى ما تجلب العزاء التخديري أو التنويمي، بل ونزعم أنهم موقنون بأن تيار الزمن والتغيير سيجرفهم من مواقعهم التي يتحصنون بها عاجلاً أو آجلاً، لكن جل ما ينشدونه، وقد نجحوا فيه فعلاً حتى الآن، هو أن يبقوا كما هم "ممانعون" غير قابلين للتفاعل سلباً أو إيجاباً.
فقد نجح هؤلاء الرافضون أو الممانعون في مصر في وقف تفاعل الشعب المصري مع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، دون أن يمتلكوا رؤية بديلة، كالحرب مع إسرائيل مثلاً لتحرير فلسطين، وهم من يدركون بلا ريب أن الفلسطينيين يمكن أن يدركوا من المكاسب عن طريق السلام، ما لا يمكن تحصيله بأي طريق آخر، لكنهم كما قلنا ليسوا أهل أهداف أو مكاسب محددة، وإنما هم قد تبرمجوا على موقف الممانعة والرفض، الذي صار في حد ذاته غايتهم، أن يظلوا على موقفهم الشريف المقدس، وليكن بعد ذلك على أرض الواقع ما يكون!!
هي حالة "رفض مقدس" للآخر الكافر والصهيوني والإمبريالي، أو لعالم لا يستطيعون توصيفه بغير الكفر والصهيونية والإمبريالية.
لكن لماذا توجد في منطقة الشرق الكبير -دوناً عن جميع أركان الكرة الأرضية باختلاف شعوبها- مثل تلك النوعية من الكائنات "الحصاوية"؟
هذا ما يحتاج إلى بحث أو مباحث خاصة، قد يتاح لنا فيما بعد مقاربة خطوطها العريضة.
kghobrial@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كائنات حصاوية
خوليو -

تشبيه بليغ لمن بيدهم القرار في مناطق الممانعة السخيفة التي تنتهي دائماً بالرضوخ للعدو الصهيوني ، فبدلاً من أن تكون ممانعة مؤسسة على مشاريع للتطور العلمي التكنلوجي والاجتماعي لمقارعة حضارة علمية إلكترونية لم تعرف لها البشرية مثيلا، تجد ممانعتهم العنيدة التنحة فقط للحصول على أكياس الشعير، فممناعتهم مصدر رزق من الدول المقدسة وملايين القديسين الذين ينشدون بتبرعاتهم الحصول على موطأ قدم في الجنة، تلك الكائنات تلّبط(تعبير أهل بلاد الشام) على الهواء بدون فائدة، وتلبيطها هذا يحدث ردات فعل مدمرة من قبل العدو المغتصب الذي تهرب منه وتختبئ عندما يحمى الوطيس، وتعود للتلبيط مجدداً عندما تنفذ أكياس الشعير الحلال، وبين تلبيطة وتلبيطة يضيع جزء آخر من الوطن، ويزيد التخلف، وأمام اليأس تتعلق الجماهير بالمقدس الخيالي طلباً للنجاة، لايتقنون سوى هذا العمل، فهم لايهمهم بناء الأوطان والمجتمع، ولايجيدون ذلك.

كائنات حصاوية
خوليو -

تشبيه بليغ لمن بيدهم القرار في مناطق الممانعة السخيفة التي تنتهي دائماً بالرضوخ للعدو الصهيوني ، فبدلاً من أن تكون ممانعة مؤسسة على مشاريع للتطور العلمي التكنلوجي والاجتماعي لمقارعة حضارة علمية إلكترونية لم تعرف لها البشرية مثيلا، تجد ممانعتهم العنيدة التنحة فقط للحصول على أكياس الشعير، فممناعتهم مصدر رزق من الدول المقدسة وملايين القديسين الذين ينشدون بتبرعاتهم الحصول على موطأ قدم في الجنة، تلك الكائنات تلّبط(تعبير أهل بلاد الشام) على الهواء بدون فائدة، وتلبيطها هذا يحدث ردات فعل مدمرة من قبل العدو المغتصب الذي تهرب منه وتختبئ عندما يحمى الوطيس، وتعود للتلبيط مجدداً عندما تنفذ أكياس الشعير الحلال، وبين تلبيطة وتلبيطة يضيع جزء آخر من الوطن، ويزيد التخلف، وأمام اليأس تتعلق الجماهير بالمقدس الخيالي طلباً للنجاة، لايتقنون سوى هذا العمل، فهم لايهمهم بناء الأوطان والمجتمع، ولايجيدون ذلك.

كونوا لهم بالمرصاد 1
مرتاد ايلاف -

الحرب على ثقافة المقاومة والممانعة يتعرض العرب والمسلمون إلى حرب نفسية عاتية تستهدف قلوبهم وعقولهم، ويزداد خطر هذه الحرب الشرسة مع استمرار حصار غزة وقمع الضفة، حيث راجت تجارة الوجدان والأذهان وازداد عدد السماسرة الذين يتاجرون بالإنسان الفلسطيني وقيمه وحقوقه، وأصبحت ثقافة المقاومة والممانعة لدى العرب معرضة للخطر الشديد. وتهدف الحرب النفسية إلى تغيير قناعات فيما يتعلق بطريقة استعادة حقوقهم وتحرير أرضهم، وإجبارهم على الخنوع للمحتل الغاصب، ودفعهم إلى التخلي عن حقهم في الدفاع عن أنفسهم ضد الاحتلال المجرم، وصرف اهتمامهم عن قضيتهم المصيرية إلى أمورهم المعيشية، واختزال أهداف بعض الفئات والأفراد في مكاسب حزبية وشخصية... ويُعد الخداع والتضليل من أخطر أساليب تلك الحرب النفسية وأكثرها فعالية، وحتى يبلغ الخداع والتضليل مداه النفسي في تشويه معايير التفكير والسيطرة على المشاعر والعواطف وزعزعة ثقتهم بجدوى المقاومة في تحقيق طموحاتهم وأهدافهم، يعمل العدو الصهيوني والأمريكي ويرصد الأموال الطائلة لسماسرة الأذهان والوجدان، الذين يقومون باستغلال المعاناة والظروف القاسية التي يعشها المسلمون والعرب لخداعهم وتضليلهم وسلبهم إرادتهم وحرفهم قيمهم. ولا تقتصر وظيفة هؤلاء السماسرة على خداع العرب والمسلمين وتخديرهم وشل قدرتهم على التفكير، بل إنهم يسعون جاهدين لتكريس عناصر الفوضى الهدامة في المجتمع العربي المسلم ، ليتمكنوا وإحباط مقاومته، والنيل من قدرته على الصمود في وجه الاحتلال وأعوانه وحلفائه. وهذا يستدعي الخشية الحقيقية على الثقافة العربية الاسلامية المقاومة للاحتلال والرافضة للذل والاستسلام، فعقول الجماهير العربية والمسلمة في غزة والضفة ولبنان وفي كل مكان أصبحت الآن معرضة للسرقة على أيدي السماسرة الذين يبيعونها للعدو الأمريكي والصهيوني، ليتمكن هذا العدو من حشوها بثقافة الهزيمة والاستسلام فيها، فيصبح أصحابها وبالاً على القضية الفلسطينية مثلا وعدواً للمقاومة والجهاد. ويعتمد هؤلاء السماسرة في الإيقاع بضحيتهم على توظيف معاناتها والتلاعب بعواطفها، ليتسنى لهم حقن ذهنها بجرعة كبيرة من الإشاعات والأكاذيب والتفسيرات السيئة للأحداث والمفاهيم الخاطئة، وذلك لحرف معايير تفكير الضحايا واتجاهاتهم وقيمهم، فتضطرب الرؤية لديهم وتنحرف وجهتهم، فلا يستطيعوا التمييز بين الغث والسمين، والضار والنافع

كونوا لهم بالمرصاد 1
مرتاد ايلاف -

الحرب على ثقافة المقاومة والممانعة يتعرض العرب والمسلمون إلى حرب نفسية عاتية تستهدف قلوبهم وعقولهم، ويزداد خطر هذه الحرب الشرسة مع استمرار حصار غزة وقمع الضفة، حيث راجت تجارة الوجدان والأذهان وازداد عدد السماسرة الذين يتاجرون بالإنسان الفلسطيني وقيمه وحقوقه، وأصبحت ثقافة المقاومة والممانعة لدى العرب معرضة للخطر الشديد. وتهدف الحرب النفسية إلى تغيير قناعات فيما يتعلق بطريقة استعادة حقوقهم وتحرير أرضهم، وإجبارهم على الخنوع للمحتل الغاصب، ودفعهم إلى التخلي عن حقهم في الدفاع عن أنفسهم ضد الاحتلال المجرم، وصرف اهتمامهم عن قضيتهم المصيرية إلى أمورهم المعيشية، واختزال أهداف بعض الفئات والأفراد في مكاسب حزبية وشخصية... ويُعد الخداع والتضليل من أخطر أساليب تلك الحرب النفسية وأكثرها فعالية، وحتى يبلغ الخداع والتضليل مداه النفسي في تشويه معايير التفكير والسيطرة على المشاعر والعواطف وزعزعة ثقتهم بجدوى المقاومة في تحقيق طموحاتهم وأهدافهم، يعمل العدو الصهيوني والأمريكي ويرصد الأموال الطائلة لسماسرة الأذهان والوجدان، الذين يقومون باستغلال المعاناة والظروف القاسية التي يعشها المسلمون والعرب لخداعهم وتضليلهم وسلبهم إرادتهم وحرفهم قيمهم. ولا تقتصر وظيفة هؤلاء السماسرة على خداع العرب والمسلمين وتخديرهم وشل قدرتهم على التفكير، بل إنهم يسعون جاهدين لتكريس عناصر الفوضى الهدامة في المجتمع العربي المسلم ، ليتمكنوا وإحباط مقاومته، والنيل من قدرته على الصمود في وجه الاحتلال وأعوانه وحلفائه. وهذا يستدعي الخشية الحقيقية على الثقافة العربية الاسلامية المقاومة للاحتلال والرافضة للذل والاستسلام، فعقول الجماهير العربية والمسلمة في غزة والضفة ولبنان وفي كل مكان أصبحت الآن معرضة للسرقة على أيدي السماسرة الذين يبيعونها للعدو الأمريكي والصهيوني، ليتمكن هذا العدو من حشوها بثقافة الهزيمة والاستسلام فيها، فيصبح أصحابها وبالاً على القضية الفلسطينية مثلا وعدواً للمقاومة والجهاد. ويعتمد هؤلاء السماسرة في الإيقاع بضحيتهم على توظيف معاناتها والتلاعب بعواطفها، ليتسنى لهم حقن ذهنها بجرعة كبيرة من الإشاعات والأكاذيب والتفسيرات السيئة للأحداث والمفاهيم الخاطئة، وذلك لحرف معايير تفكير الضحايا واتجاهاتهم وقيمهم، فتضطرب الرؤية لديهم وتنحرف وجهتهم، فلا يستطيعوا التمييز بين الغث والسمين، والضار والنافع

كونوا لهم بالمرصاد 2
مرتاد ايلاف -

... فأصبح المجتمع العربي والمسلم يعاني من طابور خامس مسلح بوسائل تكنولوجية وأساليب الحرب النفسية والأموال الطائلة، ليروج ثقافة الخضوع والخنوع، وينشر ثقافة العنف والكراهية والتدمير الذاتي، ويعمل على تبرئة العدو من ممارساته القمعية والحصار التجويعي الظالم الذي يفرضه على غزة ويؤجج النزاع الداخلي ويمهد لحرب أهلية. وعلاوة على كل ذلك، يسعى ذلك الطابور الخامس للقول بأن مصلحة الشعب الفلسطيني تكمن في التخلي عن مقاومة الاحتلال والاستسلام له!! كما يسعى هؤلاء السماسرة إلى أقناع ضحاياهم بأن عدوهم ليس من يحتل أرضهم وينكل بهم، وليس من يدعم الاحتلال المجرم، وإنما عدوهم هو من يقاوم هذا الاحتلال ويرفض الخضوع والخنوع له ويتمسك بالحقوق والثوابت!! ولقد تمكن هؤلاء السماسرة من زرع رموز جديدة في وجدان الجماهير المضللة لا تمت للوطنية بصلة، وذلك لتغييب الرموز الوطنية الحقيقية، التي قدمت التضحيات الجسيمة من أجل القضية الفلسطينية، عن الثقافة الشعبية، ولتشويه الطموحات الوطنية، ولحرف أبناء الشعب الفلسطيني عن جادة الصواب والسلوك السوي. وأخشى إن استمر هؤلاء السماسرة في العمل بحرية في المجتمع الفلسطيني والعربي والاسلامي لتفريغه ثقافياً، وحشو عقول الجماهير بثقافة انهزامية مستسلمة، أن يصاب الفلسطينيون باليأس والإحباط، فتنكسر إرادتهم، ويستطيع العدو الصهيوني والأمريكي من تصفية قضيتهم وإضاعة حقوقهم وتمرير الحلول الاستسلامية على أبناء شعبنا. وهنا يحق لنا أن نتساءل عن دور الإعلام العربي الرسمي وغير الرسمي في نصرة الشعب الفلسطيني وحمايته من السماسرة الذين ينشرون الإشاعات المغرضة والأكاذيب والافتراءات!!نحن الآن نعيش فصول معركة حامية الوطيس بين ثقافة المقاومة وثقافة الاستسلام، فما هو موقع مئات الفضائيات العربية من هذه المعركة؟!!

كونوا لهم بالمرصاد 2
مرتاد ايلاف -

... فأصبح المجتمع العربي والمسلم يعاني من طابور خامس مسلح بوسائل تكنولوجية وأساليب الحرب النفسية والأموال الطائلة، ليروج ثقافة الخضوع والخنوع، وينشر ثقافة العنف والكراهية والتدمير الذاتي، ويعمل على تبرئة العدو من ممارساته القمعية والحصار التجويعي الظالم الذي يفرضه على غزة ويؤجج النزاع الداخلي ويمهد لحرب أهلية. وعلاوة على كل ذلك، يسعى ذلك الطابور الخامس للقول بأن مصلحة الشعب الفلسطيني تكمن في التخلي عن مقاومة الاحتلال والاستسلام له!! كما يسعى هؤلاء السماسرة إلى أقناع ضحاياهم بأن عدوهم ليس من يحتل أرضهم وينكل بهم، وليس من يدعم الاحتلال المجرم، وإنما عدوهم هو من يقاوم هذا الاحتلال ويرفض الخضوع والخنوع له ويتمسك بالحقوق والثوابت!! ولقد تمكن هؤلاء السماسرة من زرع رموز جديدة في وجدان الجماهير المضللة لا تمت للوطنية بصلة، وذلك لتغييب الرموز الوطنية الحقيقية، التي قدمت التضحيات الجسيمة من أجل القضية الفلسطينية، عن الثقافة الشعبية، ولتشويه الطموحات الوطنية، ولحرف أبناء الشعب الفلسطيني عن جادة الصواب والسلوك السوي. وأخشى إن استمر هؤلاء السماسرة في العمل بحرية في المجتمع الفلسطيني والعربي والاسلامي لتفريغه ثقافياً، وحشو عقول الجماهير بثقافة انهزامية مستسلمة، أن يصاب الفلسطينيون باليأس والإحباط، فتنكسر إرادتهم، ويستطيع العدو الصهيوني والأمريكي من تصفية قضيتهم وإضاعة حقوقهم وتمرير الحلول الاستسلامية على أبناء شعبنا. وهنا يحق لنا أن نتساءل عن دور الإعلام العربي الرسمي وغير الرسمي في نصرة الشعب الفلسطيني وحمايته من السماسرة الذين ينشرون الإشاعات المغرضة والأكاذيب والافتراءات!!نحن الآن نعيش فصول معركة حامية الوطيس بين ثقافة المقاومة وثقافة الاستسلام، فما هو موقع مئات الفضائيات العربية من هذه المعركة؟!!

سقوط الحضارة2
قاريء ايلاف -

في داهومي كان أحد قوانين الدولة ينص على أن كل فرد يولد في هذه المملكة هو انسان حر لا يجوز استرقاقه و كانت تلك المملكة مكتفية ذاتيا لغناها بالمحاصيل الزراعية و المعادن الثمينة : هذه المملكة تحولت بعد أن غزاها البرتغاليون في القرن الخامس عشر الى أضخم مركز لتصدير الرقيق في العالم ! شعب داهومي هذا الذي عرف المساواة بين المرأة و الرجل و عرف الفرق النسائية المقاتلة التي أنهكت المستعمرين فيما بعد ؛ و عرف الاحصاء و الدراسات الاحصائية و استخدامها في التخطيط باسلوب فذ لم يعرفه التاريخ من قبل ، هذا الشعب حولته حضارة الغرب الى شعب من صيادي البشر ، نشر كوارثه الانسانية في غرب و وسط أفريقيا لحساب تجار الرقيق الأوربيين. ان رعاية الأذكياء ظاهرة حضارية يعول عليها عندما تخطط الدولة لتقدم شعبها ؛ هذه الظاهرة تبنتها الصين قبل أي بلد أوربي بألفي سنة على الأقل ، و قد بلغ مبدأ تكافؤ الفرص مستوى التقديس مما سمح بالحراك الاجتماعي عبر الطبقات ؛ هذا المبدأ الذي لم تتمكن كثير من الشعوب الأوربية من استيعابه الا في وقت متأخر جدا ، كان من سمات الحضارة الصينية العظيمة حيث كان المثقفون المتفوقون يهيمنون على المؤسسات الادارية تحت حماية جيش قوي عددا و عددا ؛ فكان من المستحيل على الحضارة الغربية ابتلاع هذا الشعب بالوسائل المألوفة فلجأ الأوربيون انطلاقا من مراكزهم التجارية التي أقاموها على السواحل الصينية ، لجؤوا الى نشر المخدرات التي انتشرت تجارتها انتشار النار بالهشيم ، و اذ صحا الحكام الصينيون لهذه الآفة و ابتدؤوا في كفاحها أشعل الأوربيون الحرب المعروفة في التاريخ بحرب الأفيون . في جنوب أمريكا برر الاسبان غزوهم لامبراطوريتي الأزتك و الأنكا و نهب ثروات شعوبهما بمقولة دينية هي القضاء على أمة وثنية تقدم ضحايا آدمية قرابين لآلهتهم ؛ و نسي هؤلاء مظالم و عذابات محاكم التفتيش و احراق الساحرات و الفتك بالمصلحين الدينيين ، هذا مع العلم أن أهل الأنكا مثلا كانوا يقدمون قرابينهم من المجرمين و حسب ، و لم يعرفوا أساليب التعذيب قط . الا أن السبب الحقيقي لاغتيال حضارات أمريكا الجنوبية كان الذهب و لا شيء غير الذهب و في سبيل الذهب ارتكبوا أبشع الفظائع . فعندما بلغ ( بيزارو ) أرض الانكا كانت الامبراطورية تعاني من فتنة داخلية و سرعان ما انحاز بيزارو الى آخر أباطرة الانكا ( أنا هواليا ) و اذ استتب الأمر له أصبح بيزا

سقوط الحضارة2
قاريء ايلاف -

في داهومي كان أحد قوانين الدولة ينص على أن كل فرد يولد في هذه المملكة هو انسان حر لا يجوز استرقاقه و كانت تلك المملكة مكتفية ذاتيا لغناها بالمحاصيل الزراعية و المعادن الثمينة : هذه المملكة تحولت بعد أن غزاها البرتغاليون في القرن الخامس عشر الى أضخم مركز لتصدير الرقيق في العالم ! شعب داهومي هذا الذي عرف المساواة بين المرأة و الرجل و عرف الفرق النسائية المقاتلة التي أنهكت المستعمرين فيما بعد ؛ و عرف الاحصاء و الدراسات الاحصائية و استخدامها في التخطيط باسلوب فذ لم يعرفه التاريخ من قبل ، هذا الشعب حولته حضارة الغرب الى شعب من صيادي البشر ، نشر كوارثه الانسانية في غرب و وسط أفريقيا لحساب تجار الرقيق الأوربيين. ان رعاية الأذكياء ظاهرة حضارية يعول عليها عندما تخطط الدولة لتقدم شعبها ؛ هذه الظاهرة تبنتها الصين قبل أي بلد أوربي بألفي سنة على الأقل ، و قد بلغ مبدأ تكافؤ الفرص مستوى التقديس مما سمح بالحراك الاجتماعي عبر الطبقات ؛ هذا المبدأ الذي لم تتمكن كثير من الشعوب الأوربية من استيعابه الا في وقت متأخر جدا ، كان من سمات الحضارة الصينية العظيمة حيث كان المثقفون المتفوقون يهيمنون على المؤسسات الادارية تحت حماية جيش قوي عددا و عددا ؛ فكان من المستحيل على الحضارة الغربية ابتلاع هذا الشعب بالوسائل المألوفة فلجأ الأوربيون انطلاقا من مراكزهم التجارية التي أقاموها على السواحل الصينية ، لجؤوا الى نشر المخدرات التي انتشرت تجارتها انتشار النار بالهشيم ، و اذ صحا الحكام الصينيون لهذه الآفة و ابتدؤوا في كفاحها أشعل الأوربيون الحرب المعروفة في التاريخ بحرب الأفيون . في جنوب أمريكا برر الاسبان غزوهم لامبراطوريتي الأزتك و الأنكا و نهب ثروات شعوبهما بمقولة دينية هي القضاء على أمة وثنية تقدم ضحايا آدمية قرابين لآلهتهم ؛ و نسي هؤلاء مظالم و عذابات محاكم التفتيش و احراق الساحرات و الفتك بالمصلحين الدينيين ، هذا مع العلم أن أهل الأنكا مثلا كانوا يقدمون قرابينهم من المجرمين و حسب ، و لم يعرفوا أساليب التعذيب قط . الا أن السبب الحقيقي لاغتيال حضارات أمريكا الجنوبية كان الذهب و لا شيء غير الذهب و في سبيل الذهب ارتكبوا أبشع الفظائع . فعندما بلغ ( بيزارو ) أرض الانكا كانت الامبراطورية تعاني من فتنة داخلية و سرعان ما انحاز بيزارو الى آخر أباطرة الانكا ( أنا هواليا ) و اذ استتب الأمر له أصبح بيزا

سقوط حضارة 3
قاريء ايلاف -

و في سوريا كان من أولى الأوامر التي أصدرها الجنرال غورو الى الشعب السوري في صدر الانتداب أمر يقضي بتسليم ما يملكه الناس من نقود ذهبية الى بنك ( سوريا و لبنان ) لاستبدالها بالعملة الورقية التي فرضوها ،و ما تمكن الفرنسيون من جمعه من الذهب بهذه الوسيلة حول فورا الى الخزينة الفرنسية مع زعم أنها لتغطية الليرات التي ابتدعوها . و اليوم و بعد أن انتهى تقريبا عصر الاستعمار و حيث تعيش الحضارة الغربية فوق قمة العلوم و التكنولوجيا هل تغيرت سمتها الطفيلية رغم كل تقدمها ؟نظرة الى المسافة الشاسعة بين سعر الخامة من مصدرها و بينها بعد تصنيعها .نظرة الى ابتداع الحروب و الفتن حيثما تتواجد الخامة ، لهدف استمرار السيطرة عليها .و نظرة الى العولمة و ما تهدف اليه من اخلاء الساحة الاقتصادية لصالح بضع دول صناعية غربية .تجعلنا ندرك أن الحضارة الغربية لا زالت حضارة طفيلية رغم كل تقنياتها ، لا زالت غير قادرة على الاكتفاء الاقتصادي الذاتي و ستظل بحاجة الى الخامة لاستمرار صناعتها و هي الخامة الرخيصة بالضرورة ؛ حاجتها الى أسواق متحكم بها . فهي لهذا و ذاك ستبقى حضارة طفيلية و سيبقى العالمان الثالث و الرابع أسمن ضحاياها .

سقوط حضارة 3
قاريء ايلاف -

و في سوريا كان من أولى الأوامر التي أصدرها الجنرال غورو الى الشعب السوري في صدر الانتداب أمر يقضي بتسليم ما يملكه الناس من نقود ذهبية الى بنك ( سوريا و لبنان ) لاستبدالها بالعملة الورقية التي فرضوها ،و ما تمكن الفرنسيون من جمعه من الذهب بهذه الوسيلة حول فورا الى الخزينة الفرنسية مع زعم أنها لتغطية الليرات التي ابتدعوها . و اليوم و بعد أن انتهى تقريبا عصر الاستعمار و حيث تعيش الحضارة الغربية فوق قمة العلوم و التكنولوجيا هل تغيرت سمتها الطفيلية رغم كل تقدمها ؟نظرة الى المسافة الشاسعة بين سعر الخامة من مصدرها و بينها بعد تصنيعها .نظرة الى ابتداع الحروب و الفتن حيثما تتواجد الخامة ، لهدف استمرار السيطرة عليها .و نظرة الى العولمة و ما تهدف اليه من اخلاء الساحة الاقتصادية لصالح بضع دول صناعية غربية .تجعلنا ندرك أن الحضارة الغربية لا زالت حضارة طفيلية رغم كل تقنياتها ، لا زالت غير قادرة على الاكتفاء الاقتصادي الذاتي و ستظل بحاجة الى الخامة لاستمرار صناعتها و هي الخامة الرخيصة بالضرورة ؛ حاجتها الى أسواق متحكم بها . فهي لهذا و ذاك ستبقى حضارة طفيلية و سيبقى العالمان الثالث و الرابع أسمن ضحاياها .

المقاومة يافرساهم ؟؟
مقاوم -

ما علاقة العولمة بالمقاومة والممانعة ؟!!

المقاومة يافرساهم ؟؟
مقاوم -

ما علاقة العولمة بالمقاومة والممانعة ؟!!