سوريا وروسيا... والولايات المتحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا يزال من المبكر القول أن العالم عاد ألى أيام الحرب الباردة وأن هناك قطبين يتنافسان على النفوذ فيه. لا تزال الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في العالم ولا تزال روسيا تحاول أستعادة مكانة معينة أفتقدتها منذ ما قبل عقدين وتعتقد أن الظروف مواتية لتحقيق بعض من طموحاتها.
يفترض في من يفكر حاليا في أن روسيا باتت قادرة على منافسة الولايات المتحدة أو على قاب قوسين من ذلك، أن يتذكر أمرين. الأول أن الأتحاد السوفياتي أنهار لأسباب أقتصادية أولا وأخيرا. سقط الأتحاد السوفياتي لأنه كان عملاقا عسكريا يقف على ساقين ضعيفتين. من كشف الضعف السوفياتي كان رونالد ريغان الذي أمتدت رئاسته بين العامين 1981 و1988 من القرن الماضي. تحدث ريغان بعيد توليه الرئاسة عن "أمبراطورية الشر" ثم أدخل الأتحاد السوفياتي في لعبة سباق التسلح عندما أعلن عن مشروع "حرب النجوم" الذي يستهدف من الناحية النظرية بناء شبكة دفاعية في الجو تحمي الأراضي الأميركية من الصواريخ العابرة للقارات. فشل الأتحاد السوفياتي في مجاراة الولايات في سباق التسلح لأسباب أقتصادية أولا. لم يستطع ميخائيل غورباتشوف الذي خلف العجوز قسطنطين تشيرننكو في العام 1985 وصار الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي سوى الوقوف موقف المتفرج من عملية تفتت النظام من داخل. أدرك متأخرا أن الخلل اقتصادي وأن اصلاح النظام صعب للغاية، بل مستحيل. أطلق شعاري "غلاسنوست" و"بريسترويكا" وترجمتهما التقريبية "الشفافية" و"أعادة بناء الأسس التي يقوم عليها النظام"، لكنه أكتشف أن الخلل بنيوي وأن العلة أعمق بكثير مما يعتقد خصوصا بعد أنهيار جدار برلين في تشرين الثاني- نوفمبر 1989. قبل ذلك، وقع حدث في غاية الأهمية تمثل في سقوط النظام الماركسي في ما كان يسمّى اليمن الجنوبية نتيجة فقدان الأتحاد السوفياتي القدرة على التحكم باللعبة السياسية والتجاذبات داخل البلد. حصل ذلك في الثالث عشر من كانون الثاني- يناير 1986. لم تجد موسكو بدّا من اللجوء ألى البحرية البريطانية لأخراج رعاياها من عدن. وتولى يخت الملكة، وكان أسمه "بريتانيا" نقل المواطنين السوفيات ألى شاطئ الأمان. تبين في حينه أن عبارة الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ عن أن "الأمبريالية نمر من ورق" تنطبق على الأتحاد السوفياتي وليس على الدول الرأسمالية على رأسها الولايات المتحدة.
أما الأمر الثاني الذي يفترض في أن يتذكره أولئك الذين يعتقدون أن روسيا أستعادت قدرتها على منافسة الولايات المتحدة، فهو أن حجم الأقتصاد الأميركي، على الرغم من أرتفاع أسعار النفط الذي يصب في مصلحة روسيا، يفوق حجم الأقتصاد الروسي بست عشرة مرة تقريبا. أستنادا الى مجلة "ايكونوميست" الجدية يبلغ حجم الأقتصاد الأميركي 12 ألف مليار (بليون) و417 مليون دولار في حين أن حجم الأقتصاد الروسي في السنة 2008 هو 764 مليار (بليون) دولار! وتأتي روسيا خلف كل من اليابان وألمانيا والصين وبريطانيا وفرنسا وأيطاليا وأسبانيا وكندا والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية والمكسيك. وتتقدم روسيا في حجم أقتصادها على اوستراليا وهولندا وسويسرا وتركيا... نعم حجم الأقتصاد للبلد الصغير الذي أسمه سويسرا أكبر من حجم الأقتصاد التركي.
ماذا يعني ذلك كله؟ يعني أن روسيا قادرة على المناورة في مناطق قريبة منها مثل جورجيا معتمدة على الأخطاء التي ترتكبها أدارة أميركية في آخر أيامها ورئيس جورجيا ميخائيل سكاشفيلي الذي أساء التصرف، بل تصرف برعونة، عندما أعتقد أن العالم "الحر" سيهب لنجدته بمجرد أن تقدم روسيا على تحرك عسكري في أتجاه الأراضي الجورجية. حتى الآن، لا يزال كبار المسؤولين الأميركيين يؤكدون أن لا مجال لأي عمل ذي طابع عسكري للرد على التصرف الروسي. واكتفت الأدارة الأميركية بتصعيد لهجتها وبتوقيع أتفاق مع بولندا في شأن "الدرع الصاروخية" التي يعترض الروس عليها.
ليست روسيا وحدها التي تحاول الأستفادة من الضعف الأميركي في الأشهر الأخيرة من أدارة بوش الأبن. أيران تحاول ذلك ومعها النظام السوري. لم تكن "غزوة بيروت" الأخيرة التي نفذها "حزب الله" في أيار- الماضي سوى جانب من المحاولات الهادفة ألى أستغلال هذا الضعف وفرض واقع سياسي جديد في لبنان مبني على تغيير في التوازنات الداخلية. لم ينجح المحور الأيراني- السوري في ذلك كليا بعدما تبين أن لبنان يفاوم وأن اللبنانيين الشرفاء على أستعداد للمقاومة وأنهم لم يراهنوا يوما على الأدارة الأميركية ولا على غيرها في معركة الحرية والسيادة والأستقلال التي لا تزال مستمرة. وأذا كانت زيارة الرئيس بشار الأخيرة لروسيا تعني شيئا، فأنها تعني أن المقارنة بين روسيا وجورجيا من جهة وبين سوريا ولبنان من جهة أخرى ليست في محلها وهي مبينية على حسابات خاطئة ليست في مصلحة سوريا والسوريين ولا لبنان واللبنانيين، خصوصا متى نظرنا عن قرب ألى المشاكل الداخلية التي تعاني منها سوريا وفي مقدمها المشاكل الأقتصادية والأجتماعية، فضلا بالطبع عن مشكلة النظام في حد ذاته والعائدة الى طبيعة تكوينه. انها مشاكل لا يمكن حلها عن طريق أخذ لبنان رهينة، تارة عن طريق الأستفادة من الحرب الباردة وطورا عن طريق صفقة مع الأميركيين بعد أنهيار الأتحاد السوفياتي ودائما عبر التلويح لأسرائيل بأن أي نظام آخر في دمشق سيكون أسوأ من النظام الحالي بالنسبة أليها. على العكس من ذلك، أن التعاطي مع الأرقام والواقع، يمكن أن يعفي النظام السوري من متابعة لعبة الأبتزاز التي سترتد عليه عاجلا أم آجلا.
لا تزال الولايات المتحدة، على الرغم من غرقها في الوحول العراقية وعلى الرغم مما تواجهه في أفغانستان وما ستواجهه من مشاكل ضخمة في باكستان قريبا، القوة العظمى الوحيدة في العالم. ولا تزال قادرة على ممارسة ضغوط على دولة مثل روسيا، لا بد أنها تدرك أن ثمة حدودا معينة لا تستطيع تجاوزها. من لديه أدنى شك في ذلك، يستطيع أن يطرح على نفسه السؤال الآتي: مع من تريد روسيا عقد صفقة في شأن مناطق نفوذها في البلقان والقوقاز؟ مع من يريد النظامان الأيراني والسوري التفاهم في شأن ضمان مستقبلهما والنفوذ الأقليمي الذي يحلمان به؟ أليس مع الولايات المتحدة وليس مع غيرها؟ أليس مع "الشيطان الأكبر" الذي لا يتوقف عن أرتكاب الأخطاء... من منطلق أنه قادر دائما على أستيعاب نتائجها. من قال أنه ستقوم قيامة لأميركا بعد هزيمة فيتنام في نيسان- أبريل من العام 1975؟ هل روسيا أقوى من الأتحاد السوفياتي كي تنتصر على الولايات المتحدة؟ أم يعتقد النظام السوري أنه قادر على صنع الفارق وأن يقدم لروسيا ما تحتاجه كي تستعيد وضع القوة العظمى؟ هناك مثل فرنسي يقول: أن المزحات القصيرة هي أفضل المزحات. الأمل أن تكون المزحة الأخيرة قصيرة ألى أبعد حدود وذلك من باب الحرص على سوريا العربية والشعب السوري الشقيق لا أكثر.
التعليقات
قارىء جيد
سوري -لم تكن مرة أيها الخيرالله حريصا على سوريا في مقالاتك التهكمية على سوريا و قيادتها فأنت واضح المعالم و الإنتماء و لكنك لست في السياسة قارئا جيدا!!!!
ياللذكاء الفارط
جمال -هرع الصغير الى تأييد موقف روسيا وصب اللوم على دولة جورجياً مقحماً نفسه في شأن لايعنيه الكثير ظناً منه أنه يستطيع أن يحتل موقعا بين كبار اللاعبين، متناسياً أن تأييده أو عدمه لايقدم أو يؤخر في الأمر ولاحتى بمقدار رأسه الصغير، وعارضاً (ثم ناكراً) على روسيا نشر صواريخ دفاعية على الأراضي السورية (ظناً منه أنه يقدم لها صفقة لن تتردد روسيا اطلاقاً في قبولها) ثم مبدياً رغبة نهمة في شراء الأسلحة من روسياً وكأن الخزينة السورية (الخاوية) ملك يديه، وليس الاقتصاد السوري المتهالك في حالة من العجز تستدعي حشد كل دولار لسده والنهوض من حالة الركود القائمة منذ عقود.
سوريا أصل من غيرها..
فلسطيني -على الأقل سوريا تتحرك و تحاول فعل شيئ, و كسب رفيق جديد ممكن أن يساعد الأمة ,أفضل من القعدة و تبادل الإتهامات و تخوين بعضنا البعض و كسب العداوات فيما بيننا , "عدو عدوك هو صديقك", و هذا أضعف الإيمان. شو بدكم سوريا تتفرج على على حالها عم بتضيع زي ما ضاعت كل قضايانا من قبل !,هاد إللي شاطرين في إحنا العرب اللوم و الرفض و بس, و فوق هيك أدخل الأمريكي ليعمل ليشتغل محقق كونان بأراضيي العربية و عشان يتهم أخوي العربي . روسيا هي الدولة إللي رح تقف معنا في الحرب العالمية الثالثة و لا إنتو و لا غيركم رح يكونلهم أي موقف مشرف.
سخافات كالعادة
لبناني عاشق لسورية -كيف نثق بكتاباتك وانت تقول ان الاقتصاد الامريكي اكبر ب 16 مرة من الاقتصاد الروسي وأهملت او تناسيت عن قصد ان العجز في الميزان التجاري الامريكي اكثر بكثير من العجز في الميزان التجاري الروسي, ثم ان ماقامت به سورية يدل على حكمة وبراغماتية هائلة فاذا حصلت سورية على السلاح الذي تريد من روسيا فلايهم بعدها اذا تصالح الغرب مع روسيا ام لا, المهم ان السلاح المتطور أصبح بيد السوريين وحزب الله بالتبعية وهذا هو المهم لذا نرجوا أن تكف عن كتاباتك ضد سورية
تحية
خالد الاحوازي -متى نسمع او تقراء منك يا سعادة الاستاذ خيرالله خيرالله عن اهل الاحواز المحتلة. ايران التي تحتل الاحواز العربية و تقوم بأبشع الجرائم هناك كيف نصدق كلامها عن القضية الفلسطينية؟ اليست الاحواز عربية كما فلسطين عربية؟ الظلم الايراني على اهل الاحواز يفوق كل التصورات. عليكم معرفة الاحواز حتى تعرفوا واقع ايران البشع
الخلود لرسالتنا
عادل -في هذا المنعطف الحاسم والبحر المتلاطم من تاريخ أمتنا المجيدة، قام الرئيس المفدى المناضل، مظهر الحق ومسقط الباطل، قام بزيارة الى شريكه الاستراتيجي (الاتحاد السوفييتي سابقا) التقى خلالها نظيره الروسي (الدب النائم) حيث ناقش الزعيمان القضايا المشتركة فيما بينهما وبدت وجهات النظر فيما بينهما (فوتوكوبي)، وفي مؤتمر صحافي تلا الاجتماع، أكد القائد المناضل، رمز هذه الأمة وعنوان خلودها وسؤددها، أكد أن سوريا سبتقى صخرة الصمود والتصدي التي سوف تتحطم عليها أطماع الامبريالية والصهيونية العالمية، برغم كل المؤامرات والمكائد التي تحاك ضدها ليل نهار، واكد أن الاقتصاد السوري يسير بخطى حثيثة نحو الانهيار التام بعد نجاح الخطة الخمسية الخامسة عشر بعد الخمسمائة ووصولها الى الأمال المرجوة بصب المليارات في جيوب مخلوف وشاليش وملك الغابة، وبهذه المناسبة، تطرق الزعيم القائد، باني هذه الأمة ورمز نهضتها، تطرق الى أعداء الداخل، الخونة المجرمين، رياض سيف وميشيل كيلو وفداء حوراني، أدوات الامبريالية العالمية، مصمما على الوقوف بوجه كل المؤامرات وعملاء الداخل، مشدداً على أن المرحلة الراهنة وهذه اللحظة المصيرية من تاريخ أمتنا تستدعي حشد كافة الطاقات والامكانات، عاقداً العزم على الوقوف سداً منيعاً في وجه كافة التحديات والأخطار المحدقة، ومؤكداً على وجوب حرق المراحل واجتياز كافة الموانع جنباً الى جنب مع شريكنا الاستراتيجي، الاتحاد السوفييتي اللاحق، وانتهى الاجتماع بباقة من الأناشيد والهتافات تأكيد على وقوف جماهيرنا المناضلة صفا وراء صف خلف قيادته الحكيمة الجسورة والجسورة الحكيمة، حيا بختامها القائد الجماهير المحتشدة من الصحافيين وأعضاء الوفد المرافق، مودعاً نظيره بمثل مااستقبل به من حفاوة وتكريم، والخلود لرسالتنا.
الاسد
محمد الهاشمي -هل وصول بشار الاسد الى الحكم جاء عبر انتخابات و من هو منافسه في الانتخابات؟ و لماذا لاتفتح سوريا جبهة الجولان ؟ لماذا لانسمع لاهل الجولان اي صوت ؟ هل هم يفضلون البقاء مع اسرائيل على النظام السوري؟
احکم في سورياوراثي
محمد حسن -بشار لم يأتي بالأنتخابات الحرة من قبل الشعب السوري بل هو قد فرض نفسه فرضا کحال أبيه قبل 40 عام مضی، فالحکم في سوريا وراثي وکما هو واقع الحال الآن والافضل ان نسمي هذه الدولة مملکة سورية الاسدية الابدية، ولکن حتی ان فرعون ايضا قد زال وهذا لابد ان يزول وما وعلی ايدي الشعب السوري بکافة