رسالة كامل شياع التي لن تصل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تحية طيبة
أكتب لك متطلعا إلى مساهمتك في ملف العدد القادم من مجلة الثقافة الجديدة (الدعوة وورقة الملف مرفقتان). اعتقد أن في الموضوع ما يثير اهتمامك ويستدعي رأيك.
ودمت بأوقات هانئة بعيدا عن صيف بغداد اللاهب وغبارها الهائج وفوضى زمنها المضطرب.
انتظر جوابك، وحتى نلتقي
مع المودة
كامل وفي اللحظة ذاتها كتبت له هذا الرد: العزيز الكامل (هكذا كنت أحب أن أناديه)
أوقاتي ليست هنية أبدا، لكن عدم امتلاكي لشجاعتك هو الذي يحيل بيني وبين صيف بغداد اللاهب، وغبارها السياسي الهائج، وفوضى زمنها الإسلاموي المضطرب، وزمننا الذي يفترض انه أكثر ثباتا. قلت، أيها الكامل "شجاعتك"، لأني أحسدك حقا وأنت تنقل، هادئا ومطمئنا (هكذا يبدو الأمر لي) خطواتك بين حرير الديمقراطية التي، لا شك عندي، أنك تؤمن بها، وبين شوك الإسلاموية....
....
أقدر فيك صبرك أيها الحلاجي، وها أنا أنثر وردة حمراء على جسدك الذي أخشى أن تتخاطفه، ليس صيف بغداد اللاهب ولا غبارها الهائج ولا فوضى زمانها المضطرب، فهذه أمور خلقت مع بغداد ولا تزول إلا إذا زالت بغداد، وإنما السيوف المشرعة....
مرة أخرى، أحسدك على شجاعتك وأتمنى لو امتلكتها.
حسين بعد يومين استلمت رده التالي: عزيزي أبا نورس
أصر على الأمنية بأن تتمتع حقا بأوقاتك بعيدا عن "خبصة" الزمن العراقي. لا أعلم إن كنت شجاعا حين اخترت العودة إلى بغداد قبل خمس سنوات.... لا أصدق أنا نفسي مرور كل هذه السنوات وأنا في هذا المختبر القاسي الذي فرض علي مرة أن أكون متفائلا، ومرة أن أكون يائسا، وثالثة قدريا، ورابعة مازوخيا، وخامسا لا أدريا. لا أعرف أين أنا ولماذا.
منذ عدة شهور اهتديت إلى العبارة القرآنية (نسيت السورة الآن) التي تقول ألم أقل لك أنك لن تستطيع معي صبرا. وبالفعل فالعيش هنا مطلوب مع قدر من الوعي الخافت والروح المختزلة. أتكلم عن نفسي بالطبع، لأنني صرت أدرك أن التاريخ، وتاريخ العراق تحديدا، يستغرق وقتا طويلا، وأن معنى المفاهيم لا يتحقق إلا بعد نهاية جولات التناقض والصراع، وأن المسألة في شكلها الملموس ذات قيمة وجودية (أي تخص الفرد) رغم أن لها أبعادا اجتماعية وسياسية وثقافية ومصلحية تتيح للساعي نحوها تحقيق مراده.. وهكذا، (فهناك من يعيشون) على المستوى السطحي لهذه الأبعاد... ويجسدون ما نعرفه عن مبدأ الواقع المأزوم وهيمنة الوعي اليومي ويمارسون السلطة كربح مادي وشرعي ووجاهة ولا شيء بعد هذا ولا قلق ولا هم.
شكرا لأنك حفزت في هذه الاستجابة السريعة التي آمل أن أواصلها معك في رسالة قادمة.
أعانقك... مع المودة
كامل ما كنت أعلم، وأنا أبعث له رسالتي المشؤومة، أن السيوف المشرعة ستتخاطفه بهذه السرعة. فالرجل، بجسده النحيل، وثغره الباسم، وسماحته التي يعرفها الجميع، ويديه اللتين لا تقويان على حمل رصاصة وليس كلاشكنكوف، لا يخيف أحدا. وأنا على يقين أن كامل شياع، بنزاهته التي لا تضاهى، وزهده بالمناصب حد التصوف، وترفعه عن الخوض في صغائر الأمور، وقناعته بكفاف العيش، لا يجد من يحسده أو يكن له ضغينة شخصية أو يتربص به الدوائر. لماذا قتلوه، إذن؟
الذين أجهزوا عليه لم يروموا كامل "الفرد"، لأنهم لو أرادوا ذلك كان يكفيهم أن يخلعوا عنه نظاراته الطبية، فلم يعد يرى شيئا، ولسددوا له بعد ذلك لكمة واحدة تكفي أن ترديه قتيلا، وما احتاجوا إلى مسدسات كاتمة للصوت، قد يرتبكون ويطلقونها في لحظة تتواجد فيها قوات للشرطة، فيتم اعتقالهم، ويفتضح أمرهم.
الذين أردوا كامل قتيلا إنما أرادوا الإجهاز على أفكاره ورؤاه ومشاريعه وطموحاته. وفعلتهم هذه لا تنم عن صبيانية أو "زعرنة"، إنما تنم عن ذكاء حاد ومعرفة عميقة ودقيقة بظروف وبأحوال العراق. كانوا يدركون جيدا، ويعرفون حق المعرفة، أنهم سيدمرون (داينمو) ثقافي ضخم، ساهم مع عراقيين كثيرين في إضاءة سماء الثقافة الديمقراطية في العراق، ونجح في إيقاد مصابيح ثقافية واعدة.
كامل شياع كان يعمل بصمت وبتواضع وبدون جلبة، لكنه كان يؤسس لما هو استراتيجي وبعيد المدى، وليس لمكاسب اللحظة العابرة. كان يضع اللبنة الواحدة بروية وبصبر، وبوعي ثاقب، ثم لا يضع فوقها لبنة جديدة إلا بعد أن يضع بين الاثنتين مادة "إسمنتية" تزيد من تماسكهما. كان يعمل للمستقبل.
ورغم انه عاد إلى بغداد "غريبا" عن الوسط الثقافي، بسبب غربته في أوربا، لكنه أستطاع، خلال السنوات الخمس الماضيات، أن ينسج حوله علاقات وصداقات ثقافية متعددة ومتشابكة. وساعدته في نجاح مهمته، خصاله وسجاياه الشخصية، وثقافته الموسوعية، التي وفرت له منزلة، خلال فترة زمنية قصيرة، نسبيا، مكانة رفيعة في الوسط الثقافي والإعلامي. وحتى نتأكد مما نقول علينا أن نطيل النظر في حجم ونوعية ردود الأفعال التي أثارها مصرعه. الضجة الواسعة التي خلقها موت كامل شياع لم تحدث لأنه كان موظفا " بارزا" في الدولة، فهو ليس سوى موظف بسيط، ربما أقل من مدير عام، وإنما حدثت لأن كامل (مثقف) بارز. الذين قتلوا كامل شياع كانوا يدركون جيدا أن هذا المثقف ليس (كمبيوتر) متجول، ممتلئ بالمعلومات والمعارف، وجاهز للاستخدام من قبل أي جهة تدفع مالا، ليحصل على عيش رغيد. والحق، كان بمقدور كامل شياع أن يفتتح له (دكان استراتيجي) في أي عاصمة عربية أو غربية، يبيع فيه بضاعته، أو يؤسس جمعية تعني بتوثيق العلاقات بين العراق والمريخ، فيحصل على "هبات" من جهات عراقية وأجنبية، ويكون واحدا من (النجوم). لكنه لم يفعل لأنه ليس سوى (درويش)، في لغة أصحاب الدكاكين الثقافية العارفين بأحوال السوق وتقلباته. لكن (دروشة) كامل شياع ما كانت غبية ولا خنوعة، وإنما واعية، مقدامة واقتحامية، وغير قابلة للاحتواء. لقد عمل كامل مع أربعة وزراء للثقافة، كل واحد منهم له موقفه السياسي وله أيديولوجيته، ولم يتصادم مع أحد منهم، ليس لخنوع عنده، ولا لانتهازية في طبعه، ولا تثبيتا لمركز وظيفي، وإنما لأنه كان يريد أن يجعل من موقعه الوظيفي في وزارة الثقافة، وسيلة لخدمة الثقافة العراقية الديمقراطية، أما الوزراء فهو يعرف أنهم يأتون ويرحلون.
يبدو لي أن كامل شياع قرأ واستوعب جيدا كتاب الفرنسي جوليان بندا (خيانة المثقفين LA TRAHISON DES CLERCS ) فقرر أن لا يرتكب هذه الخيانة، مهما كلفه الأمر. الجهة الوحيدة التي "أجر" لها كامل شياع قلمه هو، ضميره. كان يكتب بوحي هذا الضمير، وينشط ثقافيا مهتديا ببوصلته. كان يتهلل فرحا وهو يتحدث عن هولاء الفتيات والفتيان العراقيين الذين كان يشهد تفتح براعمهم في الأدب والإعلام والفنون، وكأنه يتحدث عن أبنائه، أو أولاءك الذين لم تكسر شوكتهم مسدسات صدام حسين، الصامتة والناطقة. كان، كلما التقينا، يتحدث بغبطة تصل حد الهوس، عن الشابة الفلانية التي تضع خطواتها الأولى في عالم الصحافة، وكيف أنها تحرر صفحة المرأة في الصحيفة العلانية داخل منزلها وتأتي بها إلى الصحيفة وسط ظلام بغداد، وعلى وقع التفجيرات ومشهد الجثث المرماة في الشوارع، أو عن ذاك الإعلامي الذي ترك أوربا وبعثر ما جناه هناك من عرق جبينه، لكي يؤسس إذاعة محلية في بغداد مع أفراد عائلته، أو عن هذا الأكاديمي الذي ابتلع جل ما كتب في علم الاجتماع وهو لما يزل دون الثلاثين، أو عن ذاك الشاعر الذي لم يتردد لحظة واحدة من إيصال مبلغ من المال، كلف بإيصاله، لزميل له يسكن "المناطق الملتهبة"، ليعينه على السفر خارج العراق للعلاج بعد أن أصيبت عينه بهجوم إرهابي مدبر.
كان كامل شياع كثير الثقة بالمثقفين العراقيين، ودائما ما كان يؤكد أن صدام حسين لم ينجح في إركاع الثقافة العراقية الديمقراطية رغم كل "هداياه ومنحه" ورغم "جزرته وعصاه". اللازمة التي كان كامل يرددها، هي "الثقافة العراقية بخير"، قبل أن يستدرك وابتسامته العذبة تسبقه: "لكن، يا أخي الأمور يحتاج إلها شغل." ولأن كامل شياع كان "يشتغل"، وكان يشجع الآخرين أن "يشتغلوا" مثله، لبناء عراق ديمقراطي، تعددي، منفتح، متسامح، خال من كل أنواع التطرف والتعصب والتخندق، فأنهم قتلوه. الآن، لم يعد كامل معنا، بعد أن حمل روحه على راحته وألقى بها في مهاوي الردى العراقية. لقد ذاق الموت كما سنذوقه نحن الأحياء، غدا أو بعد غد، أو بعد ساعة. فكل نفس ذائقة الموت. ولم نعرف الجهة التي تقف وراء مصرعه، وقد لا نعرفها أبدا. لكن السؤال التقليدي الخالد سيظل يكرر نفسه: هل تموت أفكار الإنسان، أي أفكار، وأي إنسان، وفي أي مكان وزمان، والمثقف على وجه التخصيص، بموته؟
هل ماتت أفكار فلان وفلان وفلان بموتهم؟
ليس غير الزمن من يتكفل بالإجابة على هذا السؤال. والزمن قال بما فيه الكفاية، قال حتى تعب: الأفكار التي لا نفع لها تذهب جفاء، إما تلك التي تنفع الناس فهي وحدها التي تمكث في الأرض. وإذا وجدت تلك الأفكار (الماكثة) في الأرض، من يسقيها فأنها لا بد أن تزهر.
التعليقات
شجاعة
عدنان محسن -عزيزي أبا نورسولأني عرفته عن طريقك وأحببته كما يحب الصديق صديقه ولأن الأصدقاء لن يغادروا الذاكرة اشدّ على يديك .
العراقي من يكون؟
صادق التميمي -ما سطره الأستاذ حسين كركوش جميل ورائع خاصة الرسائل المتبادلة مع الراحل الأستاذ والمعرفي كامل شياع والذي إغتالته ايادي عراقية وليست غربية.ولكن للمقال نهاية لم تعجبني إطلاق والمقصود هنا الأسطر الأخيرة من المقال..فالأفكار تنبت عندما تجد من يسقيها ويعتني بها ويحميها من العواصف والعثث والتآمر، فما بالك والتنظيم الذي تورط الشهيد بالإنتساب إليه إضف أن هؤلاء يبحثون عن عراق ديموقراطي وخرافي في آن واحد.. فهل تتفق معي أن العمل في مؤسسات قمعية ومتخلفة لا يقل عن العمل مع نظام ديكتاتوري سابق.. وللعلم فالحزب الشيوعي العراقي عمل مع جميع الأنطمة المتعاقبة ملكية ودكتاتورية قومجية بلطجية، ودينية عصابية متخلفة وقمعية كدليل لمشاريع النهب والقتل والسلب.إذن الكارثة في أنك وهو وهم لا يعون أين يعملون.. وفي النهاية يتم دفع الجزية.. على شكل أو هيئة ضحية.
لماذا كامل شياع؟
كريم محسن \الدانمارك -كما قال الكاتب حسين كركوش بان قتله كامل شياع لم يكونوا مغفلين او هواة قتل مجاني بل انهم على درايه ومعرفه اكيده بالدور الثقافي النزيه الذي كان يمثله كامل شياع داخل النسيج الثقافي العراقي بعد انهيار الفاشيه الصداميه.القتله كانوا يعرفون جيدا ان اغتيال كامل شياع هي سلسله مستمره من قبل ايتام الفاشيه الصداميه لايقاف المد الثقافي اليمقراطي في العراق الجديد رغم الفوضى العارمه في العراق. على كل المثقفيين العراقيين الديمقراطيين دااخل عراقنا الجريح وخارجه ان يقولوا كلمتهم الموحوده بوجه قتله رمز النزاهه الثقافيه العراقيه الديمقراطيه كامل شياع.
مقال رائع
امير امين -إنه بحق مقال رائع سلط الضوء على جريمة إغتيال الشخصية العراقية الثقافية والوطنية البارزة الشهيد الخالد كامل شياع ، نتمنى من حكومة نوري المالكي أن تهتم بملاحقة القتلة المجرمين ومن دفعهم لإرتكاب هذه الفعلة الشنيعة ومن تستر عليهم ونأسف لعدم نعي الشهيد من قبل الحكومة أو رئيسها وهو يعمل مستشار لوزارة الثقافة فيها لعدة سنوات ، بينما نعاه السيد الرئيس جلال الطالباني منذ اللحظات الأولى !!!
دعونا نطالب بتحقيق
حميد الكفائي -مقال رائع للأستاذ حسين كركوش يليق بمقام الشهيد كامل شياع الرفيع، فتحية له. أقترح إعداد رسالة يوقعها مئات المثقفين العراقيين يطالبون فيها رئيسي الوزراء بإجراء تحقيق عاجل ومفصل ومستقل حول اغتيال كامل شياع. يجب ملاحقة القتلة ومن يقف وراءهم، فؤلاء بالتأكيد ليسوا مجموعة صغيرة من المجرمين وإنما عصابة منظمة مرتبطة بجهة معينة أخافها عمل كامل شياع الدؤوب في وزارة الثقافة العراقية.
الموت المحسوب
فيصل الياسري -لم يمت المفكر النبيل كامل شياع صدفة ، لم يتواجد صددفة في مكان انفجرت فيه مفخخة او ناسفة فمات مع من يموتون ... لم يخطف من اجل المال فقتله الخاطفون ..! مقتل كامل شياع جريمة مخطط لها مبرمجة وراءها عصبة تعرف ماذا تفعل وتعرف لماذا تريد اغتيال كامل شياع .. جريمة خطيرة لها دلالات واضحة على استهداف العراق وشعبه لاغراض ابعد مما يتشدق به زعماء الكتل السياسية المنتشرين في اروقة البرلمان او خارج الحدود ..جريمة اغتيال كامل شياع جرس انذار لنا جميعا ودعوة لكل عراقي وطني ان نتكاتف لنحمي انفسنا ووطننا وقيمنا من اعداء شرسين وقحين يبدو ان الحكومة غير قادرة على حمايتنا منهم .. او انها لا تريد حماية العراق والعراقيين منهم !!يا مثقفي العراق اتحدوا ضد العدو الظاهر والخفي !!
رحمة الله عليك
ابراهيم القريشي -كل مثقف عراقي آثر العمل في العراق من أجل عراق بلا عنف ولادم بلا تطرف ولا مغالاة هو شهيد أو مشروع شهيد ولو بعد حين لأن الرصاص الغادر يأتي من كل مكان, من السماء من الباب من الشباك عن طريق الأكل من محفظة النقود من السيارة وكأن العيش من أجل التغيير له طريق واحد والموت في العراق تجلبه آلاف الطرق. رحمة ألله عليك يا كامل شياع ولتسكن روحك المثقلة بالهم العراقي الأظلم الطويل عند جنبات الرحمن الرحيم علك تتوسله وأنت شهيدا عنده أن يلطف بنا وشكرا للكاتب المبدع حسين كركوش على هدا المقال الجميلابرلهيم القريشي
الورود عمرها قصير
د. أكرم حامد ياسين -استاذ حسين تقبل خالص عزائي و مواساتي! الورود عمرها قصير! عسى ان تكون خاتمة احزان المثقفين العراقيين!لا اعتقد ان فتح تحقيق سوف يؤدي الى نتيجة اي محاسبة الجناة -مع كل تقديري للاستاذ حميد- لو كان للجناة اندى شك بان احد ما سيحاسبهم لما اقدموا على مثل هذه الجريمة! الجناة في امان و اطمئنان! اذا كان لنا ان نستخلص شيئا فهو ان لا نزرع الورود في وسط الصحراء!!
رسالة حزن
رحمن الجابري -هل يحق لمن لا يعرف سوى صمت الحزن أن يكتب في الرثاء لا أعرف كيف يبدأ المرء كتابة رثاء , أو رسالة حزن, في زمن صارت فيه الاحزان سمة حياتنا, والفرح صيدا عصيا.كنت أستغرب من أخياتي وهن لم يتخلين طول العمرعن لبس السواد, ولم أكن أعرف بأننا نغلف طول العمر قلوبنا مثلهن بسواد الحزن , ولا أدري أيهما السبب , فقدان الوطن ام سلسة وجوه الاحبة المتساقطين كاوراق الخريف من على جذع حياتنا المتعبة. كثيرا ما نحاول امتصاص الصدمة, والغربة أضفت علينا شيثا من التحجر في العواطف, للدفاع عن النفس والبقاء. فصارت ذاكرتنا مخبئا مسورا لأشلاءموتانا نزورها حين نزف اليها وجها جديدا آخر ,ثمنقرأ فيه بعد الفاتحة الاسماء, مستذكرين السير, ثم نغادره لتوطئة النفس لمصاب جديد.بالأمس كان فؤاد يلده, الفنان المترع بالعطاء والابداع يترك فينيتسيا الايطالية الجميلة , مع الطيارالشاب لطيف مطشر من فلورنسا لينظموا الى صفوف المقتلين من أجل الديموقراطية للعراق, فسقطوا ليس بسلاح زمر النظام الديكتاتوري, بل قتلهم في بشت أيشان رفاق السلاح. وأنت تعرف ذلك عزيزى كامل, وتعرف خطورة ان تحب العراق, وتترك أمان بلجيكا وصحتها كي تلقي بنفسك في أتون حرب اللاتكافؤ. ولكنك آثرت حب العراق, وان يلفك ترابه المرطب بدماء طيبيه. قبل عودتك, خيرتي أن أعود معك للوطن, كنت متحمسا مثلك للعودة ,ولكن صورالانفلات والفوضى التي تعم الوطن كانت ترعبني, وأعترف بأني لا امتلك مثلك قوة انجذابك للمجهول ومتعة معايشة تفاصيل حياة غير محسوبة بالزمن.واسيتني قبل أيام رحيلك بعضالة مرضي, وها أواسي اليوم نفسي بفقدك, هذا هو قدرنا كامل, ان ترحل من والى أرضك, ونرحل من والى غربتنا.فلك سلام السماء , بعد أن كان سلام الارض عصيا.
المجد لكل من يعمل بص
صلاح الحديدي -تحية للروح التي تحب العراق وتقدمه على الاهل والنفس والمظاهر والعناوين باعت الدنيا زاهدة بعيدا عن الاضواء والاهواء
ليسوا في بشتآشان
أمير أمين -الى الأخ رحمن الجابري المعلق هنا رقم 9 أقول أن الشهيد الملازم الطيار لطيف مطشر لم يقتل في بشتآشان بل أنه إستشهد قبل الأحداث بحوالي ستة شهور في بهدينان في ديسمبر عام 1982 مع مجموعة من رفاقه ويمكنك الإطلاع على التفاصيل في احد المواقع.
الجناه لايابهون
جيكور -اتفق مع السيد الدكتور اكرم حامد ياسين. بان الجناه لايهابون اي عقوبه.. واضيف ربما ان الجناه هم انفسهم اولي الامر وهم ضمن اللجان التي سيشكلها رئيس الوزراء للتحقيق في استشهاد كامل شياع..نعم انه احتمال كبير لان القتله تربعوا في الوزارات والبرلمان حتى بدون اقنعه.. واحيانا يعلنون عن جرائمهم وعن جرائم سوف يقومون بها.. كامل شياع اراد ان يكون قطره في نهر عراقي جديد.. نهر يروى نخيل العراق واعنابه..كامل شياع ستطويه الذاكره مهما تبجحنا بتخليده..لاننا في ضفه بعيده لايطولها الرصاص الذي الهب جسده الضئيل..تحيه للاستاذ حسين كركوش على وفائه وعلى الكلمه الجميله بحق صديقه الشهيد