كتَّاب إيلاف

حرب اليمن: المذهب والقبيلة والتوازنات الإقليمية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لا يختلف المراقبون والمحللون والمتابعون للشأن اليمني أن الحرب الأهلية الدائرة في محافظة صعدة في أقصى شمال البلاد هي نتاج لأجندات إقليمية متضاربة وتناقضات داخلية يمنية، وعلى الرغم من فجاعة الحرب الدائرة وشراستها، فإن اتفاق الهدنة الجديد الذي أعلن عنه في الثامن عشر من آب /أغسطس الفائت مرّ مرور الكرام مع انشغال العالم ووسائل الإعلام بمتابعة الألعاب الأولمبية في بكين.
الصراع بين أتباع الحوثي الزيديين الذين يعيشون في محافظة (صعدة) الواقعة في منطقة الحدود اليمنية السعودية وبين الحكومة المركزية ما يزال مستمرًا منذ عام 2004 بشكل متقطع. وتتهم الحكومة في صنعاء المتمرّدين بأنَّهم يسعون إلى إعادة إقامة الإمامة الزيدية التي كانت تحكم شمال اليمن حتى عام 1962، الأمر الذي تعتبره الحكومة تهديدًا لوجودها. بالمقابل، فإن مطالب الحوثيين متنوعة وغير واضحة، فهم تارة يطالبون بـ"إنهاء التمييز" الذي تعاني منه جماعتهم، وأحياناً بالإفراج عن سجنائهم في السجون الحكومية، بالإضافة إلى اتهامهم الحكومة بالانجرار وراء الأجندة الأمريكية في المنطقة.
إلا أن التطور الأبرز في هذه الحرب تمثل في امتداده إلى مسافة عشرين كيلو متراً خارج العاصمة صنعاء، الأمر الذي هدد هيبة الدولة وعزز من مخاوفها إزاء مطالب المتمردين الحوثيين بعد أكثر من أربعة أعوام من المعارك المتواصلة، على الرغم من التحرك القطري الأخير والذي نشط في الآونة الخيرة لإيجاد حل سلمي للنزاع وكان يبدو ذلك ممكناً في نهاية عام 2005 إلا أن المحاولة باءت بالفشل، وأدَّى "إعلان الدوحة" الذي تم التوصل إليه منتصف شهر شباط/فبراير 2008 إلى إنهاء المعارك التي كانت تدور بعيدًا عن العاصمة في محافظة صعدة الواقعة في شمال اليمن.
بيد أنَّ المعارك اندلعت من جديد وبشكل عنيف منتصف شهر نيسان/أبريل 2008، وذلك بعدما وقع ضابط يمني كبير في كمين نصبه المتمرّدون؛ ونتيجة لذلك تخلى الوفد القطري عن مساعيه وسافر عائدًا إلى قطر. ومن ثم امتدَّت الحرب في مناطق أخرى من شمال اليمن، الأمر الذي لا يعود سببه فقط إلى رغبة الحكومة في مواجهة هذا الصراع بمساعدة مقاتلي قبائل يمنية شمالية. وبذلك أثَّرت مصالح جديدة بالإضافة إلى المصالح الإقليمية الخاصة بالقبائل في مواصلة الحرب.
والحال أن الحرب الدائرة في صعدة يصعب رد عواملها وتحليلها إلى أمر بعينه، سواء كان دينياً أم سياسياً أم قبلياً. فالمتمرّدون الحوثيون شيعة زيدية، في حين تعتبر الغالبية الحاكمة في اليمن من أتباع المذهب السني، باستثناء الرئيس الزيدي علي عبد الله صالح. ويشكِّل السنَّة نحو ثمانين في المائة من مجموع السكان، وكانت الصحف اليمنية قد تحدَّثت للمرَّة الأولى عندما اندلعت المعارك من جديد في نهاية عام 2007 عن وجود ضباط في الجيش يشتمون المتمرّدين الحوثيين الزيديين باعتبارهم "هراطقة" وكفارًا وأنَّ هؤلاء الضباط يجدون في ذلك سببًا لإعلان الجهاد ضدهم، إلا أن الحكومة اليمنية سارعت إلى مواجهة ذلك وتطويقه.
ويتَّهم طرفا النزاع بعضهما بعضًا بالحصول على مساعدات مالية من دول أخرى. ومن اللافت للنظر أنَّ المملكة العربية السعودية واليمن اللتين لا تتمتعان بعلاقات جيدة في الماضي منذ الحرب اليمنية السعودية التي دارت في عام 1934 والخلافات على الحدود منذ تلك الحرب صارتا تقيمان حاليًا علاقات دبلوماسية حسنة. وبدهي أن المملكة العربية السعودية لا تريد أي تمرد شيعي على حدودها الجنوبية في ظل التوتر والاحتقان الذي تعرفه المنطقة، وكذلك يتم اتِّهام المتمرّدين الحوثيين بأنَّهم مدعومون من جهات خارجية من بينها إيران، مما قد يبرر ما تصاعد في الآونة الأخيرة من تسمية هذه الحرب بحرب الوكالة أو الحرب الخفية بين إيران والسعودية على تقاسم النفوذ في العالم الإسلامي.
وتنتشر التقارير مؤخراً عن مدى معاناة الناس في اليمن وخاصة المقيمين منهم في محافظة صعدة الذين كانوا يعتبرون في السابق أثرياء جدًا بالمقارنة مع باقي أهالي اليمن، حيث قامت في الأسبوع الماضي لجنة مكلّفة من الحكومة بزيارة هذه المنطقة وأكَّدت حجم الأضرار البالغة التي حلت بالمنطقة. ومنها تدمير أربعة آلاف بيت ومبنى ومزرعة، بالإضافة إلى تدمير 116 مدرسة وستة وثلاثين مركزًا صحيًا.
ولكن يبقى السؤال إذا كانت معاهدة الصلح الخامسة ستستمر. وهذا الأمر يتوقَّف حسب رأي الخبراء على جوانب مختلفة. فهو يتوقف من ناحية على مدى نجاح الحكومة المركزية في السيطرة على القبائل الشمالية التي جندتها لمواجهة الحوثيين وعلى العسكريين في جيشها. ولكنه يتوقَّف أيضًا على الاتفاقات التي ستضمنها معاهدة الصلح. ومن المحتمل أن يبقى الوضع هادئًا حتى الانتخابات التي ستجرى في شهر نيسان/أبريل 2009. وفي حال استثمر المعنيون هذا الوقت من أجل توطيد السلام، فعندئذ ستكون هناك فرص طيبة من أجل سلام دائم. ما لم يحتكم كلا الطرفين لشكوكه ومخاوفه من أجندة الطرف الآخر، أو يفضي تدخل العوامل الإقليمية إلى توتير الأجواء ثانية، أو دفعها باتجاه التصعيد واندلاع الحرب مرة أخرى.

كاتب وباحث فلسطيني
hichammunawar@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كلنا نعاني
عبدالله الحجافي -

من حيث المعاناة، كلنا كشعب يمني نعاني من نقص الخدمات، وبالذات في مجال الكهرباء، فها نخن في شهر رمضان نعيش على أضواء الفوانيس..

كلنا نعاني
عبدالله الحجافي -

من حيث المعاناة، كلنا كشعب يمني نعاني من نقص الخدمات، وبالذات في مجال الكهرباء، فها نخن في شهر رمضان نعيش على أضواء الفوانيس..

اين الاجابة
محمد علي كابع -

مع الاسف حاول من منح نفسه لقب باحث الخوض فى الشان اليمني لكنه لم يوفق لانه بكل بساطة استعرض ماتم بالفعل لكن عواقب حرب الخمس سنوات بين القوات الحكومية والحوثيين لم يتطرق اليها كما ورد فى عنوانه وعليه نرجوا ان يستكمل الباحث ماذهب اليه وليقل لنا بالضبط من وراء تلك الحرب هل هي السعودية ام ايران ام الاثنين معا

اين الاجابة
محمد علي كابع -

مع الاسف حاول من منح نفسه لقب باحث الخوض فى الشان اليمني لكنه لم يوفق لانه بكل بساطة استعرض ماتم بالفعل لكن عواقب حرب الخمس سنوات بين القوات الحكومية والحوثيين لم يتطرق اليها كما ورد فى عنوانه وعليه نرجوا ان يستكمل الباحث ماذهب اليه وليقل لنا بالضبط من وراء تلك الحرب هل هي السعودية ام ايران ام الاثنين معا

اعتقد
احمد الواسطي -

اعتقد ان هناك شيئين مهمين في اية معادلة سياسية من هذا القبيل , الاول هو النظام السياسي الديمقراطي والثاني هي العدالة الاجتماعية , فتوفر هذين الشيئين في اية دولة معاصرة ستكون هناك وسائل سلمية لحل اي نزاع ينشأ لأي سبب من الاسباب , فاليمن لا يخرج عن هذا السياق الذي اصبح معروفا للجميع , فالنظام اليمني يحمل شكلا ديمقراطيا ومضمونا استبداديا , فليس من المعقول ان يكون في اليمن نظاما ديمقراطيا وحاكمه يجلس على سدة الحكم منذ عام 1978 , ولم تؤكد لنا التقارير المستقلة ان اليمن حقق تقدما اقتصاديا مهما وعدالة اجتماعية مقبولة لكي ينتخب الشعب اليمني حاكما يتربع على العرش منذ ما يقرب من 30 عام , فوجود حاكم مستبد مع عدم وجود عدالة اجتماعية يكون الوضع السياسي هش الى درجة كبيرة ويكون البلد موضع تدخل من اكثر من طرف اقليمي ودولي , فهل يبحث اهل اليمن عن مخرج من هذا الصراع المستمر الدامي ضمن هاتين الدائرتين وان كان خلاف ذلك فسيكون الحل معلقا على شجرة مشمش كما يقول اهلنا في العراق .

اعتقد
احمد الواسطي -

اعتقد ان هناك شيئين مهمين في اية معادلة سياسية من هذا القبيل , الاول هو النظام السياسي الديمقراطي والثاني هي العدالة الاجتماعية , فتوفر هذين الشيئين في اية دولة معاصرة ستكون هناك وسائل سلمية لحل اي نزاع ينشأ لأي سبب من الاسباب , فاليمن لا يخرج عن هذا السياق الذي اصبح معروفا للجميع , فالنظام اليمني يحمل شكلا ديمقراطيا ومضمونا استبداديا , فليس من المعقول ان يكون في اليمن نظاما ديمقراطيا وحاكمه يجلس على سدة الحكم منذ عام 1978 , ولم تؤكد لنا التقارير المستقلة ان اليمن حقق تقدما اقتصاديا مهما وعدالة اجتماعية مقبولة لكي ينتخب الشعب اليمني حاكما يتربع على العرش منذ ما يقرب من 30 عام , فوجود حاكم مستبد مع عدم وجود عدالة اجتماعية يكون الوضع السياسي هش الى درجة كبيرة ويكون البلد موضع تدخل من اكثر من طرف اقليمي ودولي , فهل يبحث اهل اليمن عن مخرج من هذا الصراع المستمر الدامي ضمن هاتين الدائرتين وان كان خلاف ذلك فسيكون الحل معلقا على شجرة مشمش كما يقول اهلنا في العراق .