كتَّاب إيلاف

أينشتين ونشأة الكون

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
من مفكرة سفير عربي في اليابان
يعتقد البعض بأن هناك تضاد بين العلم والدين، وبأنه من الصعب أن يتماشي التقدم العلمي والتطور الفكري مع المفاهيم الدينية التقليدية. لنقرأ ما كتبه حول هذا الموضوع أحد كبار علماء القرن العشرين والحاصل على جائزة نوبل للعلوم الفيزيائية، البروفيسور ألبرت أينشتين: "يكفي أن أقف برهبة، وسط تكوين هذا العالم، بقدر ما تسمح لي إحساساتي الناقصة، لأقدر ماهية خالقها... والعلم بغير الدين يكون كسيحا، والدين من غير العلم يكون ضريرا... ويظهر جميع ما بداخلي مما قد يسمى بالدين، من خلال إعجابي الغير منفصل، لتركيبة هذا العالم، بقدر ما يحاول العلم الحديث أن يكتشفه... وكل ما أراه في الطبيعة من تكوين رائع، وبكل ما يستطيع أن يستوعبه عقلنا البشري بجميع نواقصه، يجعلني أفكر بإحساس متواضع، وهو إحساس ديني أصيل لا علاقة له بالخرافة. أما فكرة شخصنت الإله غريبة عن تفكيري، وتبدو بأنها فكرة ساذجة." (إنتهى). فيؤكد أينشتاين بأنه لا يوجد تضاد بين العلم والدين، فهو يؤمن بخالق هذا الكون جل شأنه، ويعكس هذا الإيمان من خلال ما فهمه عن أسرار الخلق في الطبيعة، بقوانينها الفيزيائية الدقيقة والمنظمة. ولم يستوعب عقله فكرة شخصنت الإله، كما يعتقد بأن العقل البشري ناقص في معرفة حقائق خالقه، فتارة يجسمه في شكل صورة أو تمثال، وتارة أخرى يشخصنه في شخصية الإنسان وصفاته. والسؤال المحير: ما هي أسرار الكون التي شغلت عقل أينشتين وزادت من إيمانه؟ وكيف بدأت نشأته؟
تربط أساطير الهند فكرة نشأة العالم بانفجار البيضة الكونية. وقد بينت الاكتشافات الحديثة بأن الأجرام السماوية تزداد تباعدا عن بعضها البعض، مما أدى لانشغال العلماء بنظرية البيضة الكونية والانفجار الكبير. وتفترض نظرية الانفجار الكبير الحديثة بأن أصل الكون يرجع لكتلة غازية كبيرة، تزيد حجمها عن كتلة الشمس بعشرين مرة، وذات حرارة عالية جدا، ومكونة من جزيئات متناهية الصغر. وقد أدى الانفجار الكبير لتناثر جزيئاتها، ولتتحول مع الوقت وبانخفاض درجة حرارتها لجزيئات الكواك والبوزون، والتي تشكلت منها جزيئات الذرة. وتحتوي الذرة على نواة مركزية تجمع بداخلها جزئيات البروتون والنيوترون، وتحوم حولها سحابة من جزيئات الإلكترون. ويعتقد العلماء بأن أول عنصر تشكل بعد هذا ألانفجار هو ذرة غاز الهيدروجين، والتي تحتوي نواتها على جزئية واحدة من البروتون وأخرى من ألإلكترون. وقد اندمجت ذرات الهيدروجين مع بعضها لتشكل غاز الهليوم، وبعدها بدأت تزداد عدد البروتونات والالكترونات المكونة للذرة لتتشكل عدة عناصر من فلزات المواد المختلفة الموجودة في الكون. وقد أمتلئ الكون بعد الانفجار الكبيرة بغازي الهيدروجين والهليوم ليشكلا 98% من عناصره، بينما تحولت ال 2% من الذرات الباقية لمختلف مواد الأجرام السماوية وكواكبها. وقد ترافق تشكل ألجزيئه لتكون ما يسمى بمضاد ألجزيئه، كالجزيئات المضادة للبروتونات والإلكترونات، وترافق تشكل المادة لتكون ما يسمى بمضاد المادة. لذلك أفترض العلماء بان ما نراه ونحسه من أجزاء العالم لا يمثل إلا 4% من مكونات الكون، إما باقي ال 96% مكون من مواد مضادة سميت بالمادة الداكنة المكونة جزيئاتها مما يسمى بالجزيئات الإلاهية، والتي لم يستطع العلماء اكتشاف حقائقها حتى الآن.
لقد استطاعت التكنولوجيات الحديثة تطوير تلسكوبات فضائية لدراسة الكواكب والأجرام السماوية، بينما تحدد تطور الميكروسكوب الإلكتروني لتكبير الخلية والجرثومة والفيروس، ولكنه لم يستطع تكبير الجزيئات المتناهية في الصغر كالبوزونات والجزيئات الإلاهية. وقد قام العلماء مؤخرا بتطوير جهاز مصادم البروتونات، ليستطيعوا تسجيل تفاصيل حركة الجزيئات بسرعة تصل لمائة مليون مليار المليار من الثانية، وهذه السرعة مهمة لدراسة التغيرات التي حدثت في الجزيئات في فترة ما بعد الانفجار الكبير والتي تعد بأجزاء من المليارات من الثانية. ويحاول العلماء بهذا الجهاز خلق ظروف مشابه للانفجار الكبير وذلك بالعمل على تصادم جزيئات البروتون بسرعة قريبة من سرعة الضوء، ليسجلوا طبيعة هذا الانفجار والجزيئات والطاقة الناتجة منه، وليتأكدوا من صحة فرضياتهم عن الجزئيات الإلهية، والتي تمثل الجزء المخفي من الكون بمادتها الداكنة وطاقتها الداكنة المرافقة.
وقد شاركت اليابان في دراسة سر نشأة الكون من خلال محاولة معرفة تفاصيل الجزيئات الصغيرة في الذرة، وذلك بإنشاء أحد أكبر المراكز العالمية لأبحاث دراسة جزيئات الذرة، والذي يضم جهاز تصادم البروتونات بتكلفة مائة وخمسين مليار ين ياباني. وهدف هذا المركز، الذي سيفتتح في شهر ديسمبر القادم، مساعدة علماء اليابان لدراسة الجزيئات المتناهية الصغر من الذرة، والذي يتوقع العلماء أن تساعد اكتشافاته لتطوير تكنولوجية صناعة الأدوية وإنتاج المواد الغذائية وخزن وإنتاج الطاقة. كما سيستطيع الباحثون دراسة تفاصيل جزيئات النيوترون بالإضافة لدراسة تفاصيل جزيئات البروتونات والالكترونات.
كما شارك علماء اليابان في مشروع المنظمة الأوربية للأبحاث النووية المعروف بمصادم الهيدون الكبير، وقد علقت صحيفة اليابان تايمز في الحادي عشر من هذا الشهر بالقول: "لقد أحتفل أمس علماء علم الفيزياء بعد انتظار طويل لبدأ عمل جهازهم العملاق المصمم لاكتشاف أسرار الكون، والذي نجح في تجربته الأولى، فقد كان يوم تاريخي وانجاز علمي عظيم." وعلق روبرت ايمر مدير المشروع بالقول:" هناك شغف لذي البشر لمعرفة من أين أتوا، وإلى أين ذاهبون، وهل سينتهي الكون، ولأين سيذهب الكون مستقبلا. ففي الساعة الثامنة والنصف مساءا من يوم العاشر من سبتمر 2008، حقن شعاع من البروتون في جهاز مصادم الهيدرون. وهدف هذا المشروع الجواب على السؤال: هل فعلا توجد الجزيئات اللالاهية، لتؤكد نظرية المادة الداكنة، والتي يعتقد العلماء بأنها تمثل 96% من الكون، وهل هناك أبعاد أخرى موازية لأبعادنا؟" وقد قذف وبنجاح في هذا الجهاز شعاعين من البروتون، وبسرعة قريبة من سرعة الضوء، وأدى جهاز مغناطيسي عملاق لاصطدام البروتونات في أربعة مختبرات مجهزة لتشكل حالة الانفجار الكبير التي أدت لتشكل الكون قبل 13.7 مليار عام، وقامت هذه الأجهزة برصد جميع الجزيئات الناتجة. ويحاول العلماء من خلال هذا المشروع معرفة ما حدث بعد انفجار البيضة الكونية، وكيف تشكلت المجرات بشكلها الحالي؟ وما سر كون الجاذبية الأرضية ضعيفة؟ فهل هناك أبعاد كونية أخرى لم تكتشف بعد، تمتص جزءا من هذه الجاذبية؟ وما الذي حدث مباشرة بعد هذا الانفجار بأجزاء من المليارات من الثانية؟
وباختصار شديد، يحاول العلماء بجهاز تصادم الهيدرون تأكيد نظرية الانفجار الكبير، والتي تفترض بأن الكون بدأ من كتلة كبيرة وبدرجة حرارة هائلة ومكونة من جزيئات متناهية الصغر. وقد انفجرت هذه الكتلة وتناثرت أجزائها في مختلف أرجاء الكون. ومع انخفاض درجة الحرارة تجمعت هذه الجزيئات لتكون بعضها الجزيئات الالهية والتي تحولت للمادة الداكنة، بينما تحولت جزيئات أخرى لجزيئات الكواك واللبتون، والتي تحولت لجزيئات البروتون والنيوترون والالكترون، ليتشكل منها الذرة. وقد تجمعت هذه الذرات لتكون النجوم والكواكب المتعددة، ولتتحول ذراتها لغازات وسوائل ومواد صلبة. كما تشكلت من ذراتها المواد الكيماوية اللازمة لتشكل الفيروسات والخلايا، لتبدءا الحياة بتكون النباتات والحيوانات والبشر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
آيه
قاريء -

بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى :مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَـوَاتِ وَالأرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً* صدق الله العظيم

باختصار شديد
resha koye -

ان توجد حياة ذكية بالصدفة على أحد إليكترونات جسمك ممكن لکن لا يمكن لك أن تعرف بوجود هذه الحياة لان فارق الأحجام يمنعك . هذا هو كلام أينستاين. هو يقول الحقيقة موجودة والمشكلة أننا لا نستطيع الاستدلال عليها . كى ترصد وجود جسيم أنت تحتاج لأن تضربه على الأقل بفوتون واحد من الضوء . وفى العالم الصغير جدا ، فوتون ممكن يدمر أكوان كاملة ، ليس تغير حالتها فقط . أنت تحتاج لموجات ذات أطوال أقصر بكثير كى لا تدمر تلك الجسيمات ، لكن ساعتها لن تستطيع أنت رصد هذه الترددات الفائقة جدا . إذن الشىء القطعى أن هذا الخالق لا يعلم أى شىء عن وجودنا على وجه الإطلاق. العكس صحيح ايضا. هذه الحياة الذكية لا تستطيع أن تتوصل لك لأنها تحتاج لمستويات طاقة وأحجام ضخمة تفوق قدرتها بكثير كى ترصد وجودك . ذلك معناه أننا أصغر حجما من أن نمتلك أدوات رصد لرؤية ما وراء هذا الكون. إنها ذات القوانين أيضا بالنسبة للماكروكوزموس . حين نتحدث عن مسافات شاسعة تحتاج أزمانا طائلة وسرعات هائلة لوصولها، فإن الكون، أو الزمان‑المكان، الزمكان، ينحنى حسب تعبيرات نظرية النسبية، ولن تستطيع الإفلات من هذا الكون أبدا ولو انطلقت بسرعة الضوء ! المؤكد يقينا أننا لن نعرف أبدا إذا كان يوجد خالق لذلك الكون الكبير البعيد أم لا ، وبنفس القدر من التأكيد واليقين هذا الخالق لن يعرف هو نفسه بوجودنا . هذه النظرية ألغت كل ما اعتقدنا أنه مطلقات الكون، ولم تبق سوى على مطلق واحد هو سرعة الضوء.

تعليق
عصام -

نحن نعلم بوجود الفيروسات ومكوناتها وتمكّن العلماء من رؤيتهاونعلم بمكونات الذره وتركيبها وايضا تمكّن العلماء من رؤيتها فكيف لا يعلم الله بوجودنا .

تعليق2
عصام -

ان نظرية نشأة الكون نظريه لم تبرهن(بضم التاء) لغاية الآن وذلك لصعوبة تطبيقها عمليا وثانيا فان هذه النظريه لم تحدد المكان الذي كانت موجوده فيه كتلة الغاز التي يفترض انها انفجرت وكونت الكون والسؤال هو هل كان هناك شئ اسمه مكان عند حدوث الأنفجار

تعارض الدين مع العلم
رمضان عيسى -

هناك تعارض بين الدين و العلم في المبتدأ و الخبر فالدين يبدأ من العدمية و الأحلام و الخوف و الأسطورة و الخبر هو التعصب للمقدس الذي يختلف من شعب إلى آخر حيث لكل شعب أساطيره عن نشأة الكون و وجود الإنسان و مصيره في هذا العالم و بالتالي لكل شعب مقدساته و نجد أن كل شعب يسخر من مقدسات الشعب الآخر و يعتبرها غير صحيحة و بهذا تدور الصراعات بين الشعوب بسبب الاختلاف في الأديان و المقدسات على مدى التاريخ .أما العلم فيبدأ من الموضوعية و الواقعية و الحياة المعاشة و عن طريق التجربة تترسخ المفاهيم و القوانين العلمية و يستخدمها الإنسان من أجل تسهيل الحياة و رفاهية الجنس البشري عن طريق استخدامه الواعي للمكتشفات العلمية من هنا نرى أن هناك تعارضا شديدا في البداية و النهاية بين الدين و العلم في التطبيق حيث نرى أن المقدس يأخذ قوته ليس من العجزعن التفسير فقط بل من قوة الميراث أيضا ، والخطورة في صعوبة التخلي عن الموروثات حتى لو تعارضت مع المعطيات العلمية والتجربة الحياتية والسبب هو أن جملة من الموروثات الفكرية كونت نوعا من الميثولوجيا ووجدت أنصارا من المستفيدين فدافعوا عنها وخصوصا الحكام لأتها تخدم مصالحهم وقتلوا بالسيف من يعارضهم ، وحسب تجربة الشعوب الحياتية فان لكل شعب ميثولوجيا خاصة به أى مقدسات نخصه هو ، وقد نجد من الشعوب يستهزىء بمقدسات وموروثات الشعوب الأخرى مع أن جملة موروثاته الميثولوجية لا تصمد أمام أدنى تفكير عقلانى ، وفي التطبيق العملي لهذا الاعتقاد بالمقدسات نجد أناس يموتون انطلاقا من ايمانهم بموروثات شعبية ارتدت صفة القداسة ، وبعد فترة من الزمن ليست بالطويلة يكتشف الناس أن الفكرة أو الاعتقاد الذى راح ضحيته آلاف من البشر كان خاطئا وزائفا , وما نراه من صراعات مذهبية ودينية تتماهى مع الدفاع عن المقدس هى نتيجة هذه العصبية الزائفة . وأخيرا نقول: ان الصراعات الدينية هى الأكثر تدميرا فى حياة الشعوب .

لن يجدوا شيئا
ام احمد -

والله كلما اقراعن محاولات الانسان وحيرته امام الكون ازداد ايمانا بالله واردد مع نفسي يامعشر البشر لن تجدوا شيئا في ابحاثكم لاتكم وكل ما في ادمغتكم من علم لن تصلوا الا بما يسمح به الخالق عز وجل وانتم الى هذا اليوم لم تجدوا شيئا سوى ما تقنعون به انفسكم اما حقيقة الخالق فلم ولن يصل اليها احد من البشر حتى وان كان عالما