فاروق شوشه بين لغتنا الجميلة و(الأنتولوجي)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وقد نجحت بعض شركات البحث لأن تكون من أكثر شركات آليات البحث شهرة وربحية، بعد أن نقلت تكلفة خدماتها من المستهلكين، إلى الشركات التي تروج لصفحاتهم الإلكترونية ومنتجاتها الصناعية والفكرية، والتي تحدد أولويات ترتيب عرض نتائج البحث على السعر الذي تدفعها هذه الشركات. ويناقش علماء الاجتماع خطورة احتكار بعض هذه الشركات لأولويات ترتيب عرض المعلومة، ليس حسب الدقة وجودة النوعية، بل على قيمة ربحية الشركة منها. وقد أدى ذلك لتطوير العلماء آلية بحث منافسة تعتمد ترتيب الأولوية فيها على نوعية ودقة المعلومة المعروضة على صفحات الإنترنت، مما احتاج ذلك لتطوير آلية بحث بذكاء تكنولوجي يدرك معاني الكلمات ويتفهم التعبيرات المختلفة لتكوين الجملة، مما أدى لظهور علم جديد سمي بعلم الأونتولوجي. والسؤال لعزيزي القارئ: ما هو علم الأنتولوجي؟ وهل سيفرض هذا العلم الجديد على علوم اللغة تطورها لتماشي مع التطورات التكنولوجية؟ وما هي تحديات لغة فاروق شوشة الجميلة مع تطورات هذا العلم الجديد؟
لقد ناقش عالم الذكاء الآلي، رضى بركان، في صحيفة اليابان تايمز في العاشر من شهر ديسمبر الماضي، تطوير جودة النوعية كمفتاح لآليات البحث. فحذر يقول: "في المستقبل القريب، سيستطيع الطلبة التخرج من الثانوية العامة وبدون لمس كتاب. وقبل قرنين من الزمن تخرج الطلبة من مدارسهم وبدون أن يلمسوا الحاسوب. فخلال عقود قليلة غيرت تكنولوجية الحاسوب والانترنت اللب الأساسي للمعرفة والمعلومة والتعليم. فتستطيع اليوم أن تجمع في الحاسوب أكثر من ستين ألف كتاب، وتبحر في مليارات الكتب على صفحات الإنترنت. ويبين لنا ذلك مدى الانفجار المعلوماتي الذي نعيشه اليوم، والقلق المرافق له. فآليات البحث الإلية هي الوسيلة الوحيدة المتوفرة للإبحار بين طوفان محيطات المعلومات، ويجب أن لا نخطئ بتصورها كزر لعبة آلية، أو أداة للبحث عن أقرب مطعم للبيزا، بل هي أجهزة بحث، كنقطة توزيع قوية للمعلومة والثراء، ونعم للتضليل."
ويعقب الكاتب بأنه حينما نتكلم عن آلية البحث فأول اسم يخطر ببالنا هو غوغل، وليس من المبالغة أن نقول بأن غوغل هي التي اخترعت آلية البحث الإلكترونية، بل خلقت جيل جديد يختلف عن الآباء. فقد صممت هذه الآلية على الإحصائيات اللوغارثمية، والتي لا تستطيع تقيم نوعية المعلومة، فببساطة لان المعلومة القيمة لا تكون عادة ذو شعبية مرتفعة، والمعلومة ذات الشعبية المرتفعة قد لا تكون دائما ذا نوعية عالية. كما أن الجمع الإحصائي ينظر للخلف، فيحتاج للوقت لكي يرجع للمعلومة ويجمعها. ولذلك لا تستطيع هذه الآليات البحث عن المعلومات الجديدة والصفحات المتغيرة بسرعة، لأن هذه التكنولوجية تعتمد على آليات تقليدية متخلفة نسبيا، معرضة للتلاعب حسب الفائدة المالية والإعلامية. وقد أدت عملية التلاعب في آليات البحث "التقليدية" عن المعلومة لإنتاج صناعة مبدعة جديدة، تسمى بآلية البحث لتحقيق الأمثلية، والتي تركز على إستراتيجية تصنيف أولويات ترتيب المعلومة على مستوى جودة نوعيتها، لا على مدى شعبيتها، وهي صناعة تقدر قيمتها بالمليارات.
ويعتقد الكاتب بأن من يملك المال اليوم، يستطيع أن يدفع لتكون صفحته الالكترونية متقدمة في ترتيب عرضها، بينما تختفي الصفحات الالكترونية ذات الجودة العالية في نهاية القائمة، والتي قد لا يراها احد. ومنذ بدأ بعض هذه الشركات بالعمل، أصبحت نوعية المعلومة معرضة لمخاطر التجارة وجمع المال. ولنتذكر بأن نوعية المعلومة على صفحات الانترنت ستقرر مصير البشرية، وللمحافظة على مستوى جودة المعلومة نحتاج لثورة تكنولوجية جديدة في آليات البحث، تتجاوز علم اللوغرثمات الإحصائية، لتستطيع إدراك معنى الكلمة، وتتفهم تبعاتها، وتفرز المعلومات الجيدة من السيئة. وهذه التكنولوجية الجديدة في طريقها للتنفيذ وتسمى "بالسمنتك تكنولوجي"، أي علم إدراك معنى الكلمات الآلي. وتعتمد هذه التكنولوجية على "تعليم آلية البحث كيف يعمل العالم بأكمله." فمثلا حينما تكتب الكلمة "بل" باللغة الإنجليزية فتفهم آلية البحث بأنها كلمة لها 15 معني. وحينما تكتب كلمتي "أقتل البل" ستفهم آلية البحث بأن "البل" تعني في هذه العبارة معنا واحد وهو التشريع، وبذلك يفهم من العبارة بأن عليك وقف تشريع ما. بينما تفهم آلية البحث من كلمتي "أقتل بل" بأنها تعني أقتل شخص أسمه بل، وهو في الحقيقة اسم فلم سينمائي. ففي النهاية، بمراجعة كلمات وتعبيرات كهذه، تستطيع آلية البحث التعرف على جمل وفقرات متعددة لتدرك المعنى الحقيقي من ورائها. ولخلق هذا المستوى من الذكاء الآلي للغة، يجب تطوير ما يسمى بعلم الاونتولوجي. والانتولوجي هو علم متعلق بترابط المفاهيم والكلمات كالتي موجودة بين مفهوم بل واقتل. ولتطوير علم الاونتولوجي نحتاج "لجمع علوم العالم في كبسولة،" وهي مسئولية كبيرة. وقد بدأت بعض الشركات هذا المشروع، كشركة هاكيا وشركة البحث الذهني وشركة لكسي. والسؤال: كيف يمكن لآلية البحث إدراك معنى الكلمات لكي تحل مشكلة إبراز نوعية جودة المعلومة لا شعبيتها؟ ويبدو بأن الجواب على هذا السؤال سهل عند المختصين وهو الدقة. فحينما تستطيع آلية البحث ان تدرك معنى الكلمات بدقة، يسهل إيصال درجة جودة المعلومة للمستهلكين، بدون الحاجة لكي تكون شعبيتها كبيرة، بعكس آليات البحث المتوفرة حاليا، والتي تعتمد على شعبية المعلومة، لا على قيمة جودتها ودقتها. وتسمى تكنولوجية إدراك معنى الكلمات، بالسمنتيك تكنولوجي، وتعني بالتأكد من جودة النوعية باكتشاف مدى ثراء وترابط المفاهيم الموجودة في النص. وفي عصرنا هذا، وبمحدودية سرعة القراءة عند البشر لحوالي الثلاثة مائة كلمة في الدقيقة، ومع الكمية الهائلة المتوفرة من المعلومات، فلكي نصدر قرارات صائبة، نحتاج لتطوير تكنولوجية إدراك معنى الكلمات، وفي جميع المجالات العلمية وبدقة عالية. ولن نستطيع التعامل مع التحديات المستقبلية اعتمادا على قرارات تصدر من جمع معلومات مرتبطة بشعبيتها ومقدار ما تحققه من ربحية، بدل أن تكون معتمدة على جودة نوعيتها ودقتها. فالاونتولوجي هو علم تصنيف المفاهيم في مختلف مجالات المعلومة والأشياء وخواصها ووظائفها وعلاقتها ببعضها ونتيجة تأثيراتها. والسؤال لعزيزي القارئ: هل نحتاج لتطوير لغتنا الجميلة لتستطيع التعامل مع التكنولوجيات الجديدة بعلم تصنيف المفاهيم المعرفية وتكنولوجية أدراك مفاهيم النص؟
سفير مملكة البحرين في اليابان
التعليقات
ونحن، ماذا عن
احمد الشايع -روعة ياسعادة السفير، منذ فترة وانا اتابع كتاباتك في هذا الموقع، وكلي فرح وغبطة بأنك سفير عربي! شكراً على هذا المقال اللذيذ والشيق.سؤال، ان كان العمل على انجاز مايتعلق باللغة الانجليزية قائم على قدم وساق بواسطة الشركات التي ذكرتها، وهو امر سيفرغون منه بالتاكيد طالما شرعوا به، فكم سيستغرق اللغة العربية لكي يتم لها هذا الامر، أو قل كم سيستغرق الامر حتى يدرك البعض اهمية القيام به؟ لك تحياتي،احمد الشايع
مقال ممتاز
د.عادل الأبيوكي -الشاعر اللإعلامي الدكتور فاروق شوشه صاحب الصوت المخملي والقصائد الشعرية الجميلة ومؤلفاته العلمية بما فيها رسائل الماجستير الأثنين ورسالة الدكتوراة هو عندي أفضل من أي مؤلفات على جهاز الحاسب الآلي ، وإذا أردتم معرفة ذلك وكيف ؟ استمعوا إلى فاروق شوشة من خلال برامجه الاذاعية خاصة برنامجه الشهير لغتنا الجميلة.أحسنت معالي الدكتور الوزير ( الصحة الأسبق )السفير خليل حسن ، سفير مملكة البحرين في اليابان والمعروف عنه ولعه الشديد بالكمبيوتر في أعماله، والله شئ يسعد كل مثقف.وأنتم ياسعادة السفير مثال رائع في دنيا الفكر والثقافة.
ونحن، ماذا عن
احمد الشايع -روعة ياسعادة السفير، منذ فترة وانا اتابع كتاباتك في هذا الموقع، وكلي فرح وغبطة بأنك سفير عربي! شكراً على هذا المقال اللذيذ والشيق.سؤال، ان كان العمل على انجاز مايتعلق باللغة الانجليزية قائم على قدم وساق بواسطة الشركات التي ذكرتها، وهو امر سيفرغون منه بالتاكيد طالما شرعوا به، فكم سيستغرق اللغة العربية لكي يتم لها هذا الامر، أو قل كم سيستغرق الامر حتى يدرك البعض اهمية القيام به؟ لك تحياتي،احمد الشايع
عائق
خوليو -ولكن علماء العرب والمسلمين سيشبعون آلات البحث الإلكتروني معلومات عن الجن الأزرق ومنجزاته وعن عذاب القير وأنواع النار في الآخرة وتكفير كل ما عدا ذلك، القارئ العربي الذي لايعرف لغة أخرى لن يصل للمعلومات النوعية وستبقى مفردات لغتنا الجميلة محصورة في عالم الشياطين والآلهة ، لن نستفيد من التقدم الإلكتروني كما تستفيد باقي البشرية.
المدعو خوليو
!!!!!!! -بالطبع يعود لنا كل صباح المدعو خوليو ويتهجم ويتمسخر على المسلمين وكأن اللغة العربية حكراً على المسلمين فقط وكذلك الإنترنت. بالطبع سيغرق المدعو خوليو الإنترنت ببحوثه الوهمية في حربه الهوائية ضد الدين الإسلامي. هل تظنون أنه يستفاد من الإنترنت للتواصل الإنساني؟ الجواب هو لا وألف لا. الإنترنت للمدعو خوليو هي أداة لنشر الكراهية فقط.
عائق
خوليو -ولكن علماء العرب والمسلمين سيشبعون آلات البحث الإلكتروني معلومات عن الجن الأزرق ومنجزاته وعن عذاب القير وأنواع النار في الآخرة وتكفير كل ما عدا ذلك، القارئ العربي الذي لايعرف لغة أخرى لن يصل للمعلومات النوعية وستبقى مفردات لغتنا الجميلة محصورة في عالم الشياطين والآلهة ، لن نستفيد من التقدم الإلكتروني كما تستفيد باقي البشرية.
خوليو
حسن صالح -للمقالات و التعليقات نكهة خاصة عندما تتبل بتعليقات خوليو. تحية لك.
خوليو
حسن صالح -للمقالات و التعليقات نكهة خاصة عندما تتبل بتعليقات خوليو. تحية لك.