كتَّاب إيلاف

افتحوا النوافذ لكي يدخل الهواء والذباب!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كنت في الأيام الماضية مستغرقاً في قراءة سيرة الرئيس الصيني الراحل دينغ شياو بينغ. وكنت متمتعاً وسعيداً بهذه القراءة من مصادر مختلفة.
فالرئيس الصيني بينغ، هو الأب الحقيقي للصين الحديثة، وكان على خلاف مع الأسطورة وقائد الثورة ماوتسي تونغ، فيما يتعلق بعلاقة الصين مع الغرب، وبمستقبل الصين الاقتصادي. فقد كان بينغ يرى أن مستقبل الصين المشرق، لن يتحقق إلا إذا تحوّلت الصين من عدوة مطلقة مع الغرب إلى شريكة مطلقة مع هذا الغرب. وهو ما كان.

النوافذ المفتوحة تأتي بالهواء وبالذباب
كان الرئيس بينغ يرى، أن فتح النوافذ الصينية سيأتي بالهواء المنعش وبالذباب أيضاً. في حين أن ماو كان يعتقد بأن النوافذ لن تأتي إلا بالذباب فقط. وقد أثبت التاريخ فيما بعد، بأن النوافذ أتت بالهواء المنعش الجديد والمتجدد الذي يفسر النمو الاقتصادي الصيني السنوي الآن بأكثر من 8% وهو رقم لم تحققه أية دولة أخرى في العالم. وأن الذباب (وهو هنا القيم الأخلاقية الغربية) مقدورٌ عليها، وباستطاعة الصين صدها، كما سبق وحاربت الدعارة، وانتشار الجرذان.

الرأسمالية بخصائص صينية
كان الرئيس بينغ يعتقد ويؤمن، أن لا أهمية للقطط أن تكون رأسمالية أو اشتراكية، ولكن المهم أن تصطاد الفئران في النهاية. في حين كان ماو يصر على أن تكون القطط اشتراكية لكي تستطيع صيد الفئران. وأثبت التاريخ الآن، أن لا أهمية لأيديولوجية القطط، ما دامت تأكل الفئران!
وحين زار بينغ أمريكا في عهد الرئيس كارتر، سألوه: ما الفرق بين الرأسمالية الأمريكية والرأسمالية بخصائص صينية التي تدعو لها، وتطبقها الآن في مناطق تجريبية في الصين، على غرار المحميات الطبيعية، وهي محميات اقتصادية فعلاً؟
فأجاب:
نحن نطبق الآن الرأسمالية، ولكن بخصائص صينية، وهذه الرأسمالية لا تؤذي الأغنياء، ولكنها تحاول أن ترفع من مستوى الفقراء. أما الرأسمالية الأمريكية، فهي تزيد الغني غنىً، والفقير فقراً.

أنا مسلم ليبرالي
لفت نظري قبل مدة ما قاله الصديق المفكر التنويري السعودي إبراهيم البليهي، في جوابه على سؤال صحافي من جريدة "الوطن" السعودية في 16/5/2009:
من أنت؟
فكان جواب البليهي:
"أنا مسلم ليبرالي، وأرى أن الإسلام يخدمه أن تكون ليبرالياً."
والبليهي يعني هنا، أن هناك قواسم مشتركة بين الإسلام والليبرالية بخصائص إسلامية، وهي:
1- أن الإسلام يدعو إلى الحرية الفردية، في العمل والقول، شرط أن لا تخالف العقد الاجتماعي. وكذلك تدعو الليبرالية إلى الحرية الفردية، شرط عدم الانفلات المجاني.
2- الإسلام يدعو إلى المساواة بين الناس، وأن كافة النصوص التي ورد فيها التفريق بين حقوق المرأة والرجل، هي نصوص تخصُّ فقط مجتمعاً، كان قائماً منذ 15 قرناً. وهي النصوص التي يلوك بها بعض الفقهاء الحرفيين البعيدين عن "المقاصدية النصية"، التي تقول أنه "متى تحققت الغاية فلا داعٍ للوسيلة الأبدية الواحدة." وما تطبيقها الآن في بعض المجتمعات العربية، إلا بفضل الطغيان الذكوري في تلك المجتمعات. ولقد تخلّص بلد عربي كتونس منها منذ نصف قرن.
3- الإسلام يحترم الفرد، ويحترم أداءه العام في كل الميادين. ويُعلي من قيمة الفرد وأثره في بناء الحياة. والليبرالية تقول بذلك، وتفعل ذلك.
فهل كان إبراهيم البليهي، يتبع قول الرئيس الصيني دينغ شياو بينغ من أن فتح النوافذ يأتي بالهواء الجديد وبالذباب أيضاً. وأن مكافحة الذباب (القيم الأخلاقية الغربية المتعلقة بالمرأة خصوصاً) هيّنة، مقابل تنفس الهواء النقي الجديد؟

خصوم الليبرالية يستحلبون الفتاوى
خصوم الليبرالية في العالم العربي قليلون، ولا يشكلون أكثر من 5%، وعلى رأسهم بعض رجال الدين السلفيين المتشددين. وغبار هؤلاء، أكثر بكثير من أمطارهم.
فبفتوى واحدة، يمكن لهم أن يثيروا غباراً لأسابيع كثيرة، في حين تظل سماؤهم ضنينة بالمطر والسُقيا.

شِراك "الصحويين"
لقد وقع بعض رجال الدين العقلاء والمنفتحين في شراك بعض رجال الدين المتشددين ممن يطلقون على أنفسهم "الصحويون" الذين ظهروا في السعودية خاصة، في ظروف وأحداث حرب الخليج 1991، وما سبقها وما لحقها. وهؤلاء "الصحويون"، كانوا قد أوقعوا بعض رجال الدين العقلاء في ذلك الوقت في شباكهم. وما زالوا يرمون شباكهم حتى الآن، لاصطياد المزيد من "الفتاوى المُستحلبة" منهم. وقد قال لنا الشيخ أحمد بن عبد العزيز بن باز، نجل مفتى السعودية الراحل، من أن بعض السائلين وطالبي الفتوى، كانوا يستحلبون الفتوى استحلاباً من الراحل ابن باز، لكي يضيروا بها خصومهم، ويكيدون لهم.

استحلاب فتوى تكفير الليبراليين
وهذا ما حدث قبل مدة، حين استحلب سليمان الخراشي فتوى من عضو "هيئة كبار العلماء" السعودية، الشيخ فوزان الفوزان، سائلاً إياه هذا السؤال الخبيث، الملغوم بلغم شديد الانفجار، كاللغم الذي وُضع في حِجْر الشيخ سعد الشتري المُقال من "هيئة كبار العلماء" السعودية، على إثر فتواه المُستحلبة، حول الاختلاط في جامعة "كاوست".
وكان السؤال للشيخ الفوزان يقول، بخبث الذئاب الناهشة:
"ما قول فضيلتكم في الدعوة إلى الفكر الليبرالي في البلاد الإسلامية؟ "
ولم يصمت الخراشي عند هذا الحد، بل أضاف يقول، وكأنه يضع الإجابة التي يريدها، في فم الشيخ الفوزان:
"وهو الفكر الذي يدعو إلى الحرية، التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي. فيساوي بين المسلم والكافر، بدعوى التعددية، ويجعل لكل فرد حريته الشخصية، التي لا تخضع لقيود الشريعة كما زعموا، ويُحاد بعض الأحكام الشرعية التي تناقضه؛ كالأحكام المتعلقة بالمرأة، أو بالعلاقة مع الكفار، أو بإنكار المنكر، أو أحكام الجهاد.. الخ.

هل يجوز للمسلم أن يقول أنا ليبرالي؟
ثم وجه سليمان الخراشي سهمه المسموم إلى المفكر التنويري البليهي، وقال:
"وهل يجوز للمسلم أن يقول أنا مسلم ليبرالي؟"
فكان رد الشيخ الفوزان المنبثق من أيديولوجيته الخاصة، ومعلوماته المحدودة جداً عن الليبرالية، والتي ترى أن فتح النافذة يُدخل الذباب فقط:
"الذي يريد الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي، متمرد على شرع الله، يريد حكم الجاهلية، وحكم الطاغوت، فلا يكون مسلماً."
وجاءت هذه الفتوى على هذا النحو بناء على كيفية نص السؤال والعبارات "الاستحلابية" التي يتضمنها، والتي تضع الإجابة في فم المفتي.
وعلينا أن نلاحظ أن الشيخ الفوزان قد أفتى بذلك، دون أن يتحقق من صحة الليبرالية بخصائص إسلامية أو عربية. وبالتأكيد، فإنه لم يقرأ أدبياتها منذ القرن السابع عشر حتى الآن.
ولم يعلم الشيخ الفوزان غير: أن النوافذ لا تُدخل الهواء النقي، ولكنها تدخل الذباب فقط. ولهذا، ومن باب "سد الذرائع" المنيع، علينا إغلاق هذه النوافذ!
السلام عليكم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ابراهيم البليهي وكفى
إمرأة -

الفيلسوف والشاعر الحساس إبراهيم البليهي شمس وأمل بلادنا المملكة العربية السعودية .. فإن أفل هذا البدر فلا عزاء لنا .. دعواتي الصادقة والقلبية لهذا الرجل المعطاء ..وتعازينا الحارة له ولأخواته و لمحبيه ومتابعي فكره ومن جميع في الأرض ..

أغلق النافذة لأن :
صلاح -

الحمد لله يوجد تكييف ونظام تهوية على أعلى مستوى .وعليه فالأولى غلق النوافذ لئلا يدخل الذباب .وللمعلومية هناك من تهمه ( صحته ) فليس الجميع لديهم الاستعداد للتنازل بدخول بعض الذباب !!والحمد لله مرة أخرى

----------
lolo -

كيف يتوافق الاسلام كتشريع وقوانين مع الليبرالية هل الليبرالية تنظر للمراة بنفس منظار الاسلامهل الاسلام يقبل الاخر مثلما تفعل الليبراليةالنكتة التي اطلقتها اليوم سيد شاكر عن ليبرالية بخصائص اسلامية تذكرني بدعايات قديمة عن بيرة شرعيةانت تقارن بين الصين والاسلام وهذا لايجوزالصين امة وبلد وقومية بينما الاسلام دين

ليبرالي ذ
اسد بابل -

انك تخلط الأوراق يا سيد شاكر و انت تحط من قدر الليبرالية و تنتهكها بمحاولتك موائمتها مع الفكر الإسلامي و لماذا بدأت تتراجع هل خانتك الشجاعة لماذا تخاف ان تعلنها صراحة و بالفم المليان ان الدين الإسلامي بعيد كل البعد ان يتماشى مع ما تنحو نحوه الليبرالية, السيد سليمان الخريشان مع عدم اتفاقي معه و مع الشيخ فوزان هم اكثر اقناعا منك في طروحاتهم و اكثر انسجاما مع ما يومنون به بدون لف ودوران ولايلوون الحقيقة لتلائم افكارهم, من متطلبات الليبرالي ان يكون شجاعا و الا فليسكت

ُُجملْ من التاريخ
يرفئيل رفائيل زياده -

في القرن الماضي من وسط الثمانينات بدأ الراحل حافظ الأسد ومن أعماق خبرته المؤلمة وعمق قرائته للمستقبل َيصيحُ ومن أعلى صوتهِ التالي الدفاع الإستراتيجي أوالتوازن الإسترايجي فكرة فلسفية من سياسي ذوعمق تاريخي النتيجة كانت صماً بُكماً عمياً لا يفهمون لأنهم واقِعون بمرض القبلِية والطائِفية الغيرحكيمة وفاقدة للبراكماتية والعكس في العالم الشمالي الغني جغرافياً وبراكماتية ثمن ذلك كانت فترة الذل العربي من 2000 - 2008 على أبواب الألفية الثالثة وكأن عدوهم أراد أن يسجل لهم هذيمة على أبواب القرن الواحد وعشرون وعن طريق بناديق شقر وذو أعين زرقاء أو خضراء وكما فعلها بهم سابقاً إبراهما وجماعته ومن نفس المكان ولكن وضع القدسية عليها أعمتْ حتى الحكماء من قرائتها فالعظيم وموحد العرب الوحيد محمد البابِلي السوري النسطوري في دستور وحدتهِ الخالدة والذي كتبهُ بالعربية للحفاظ على الذات واللغة العربية من الإبادة قبل الراحل الحافظ قالَ وأعدوا لهم القوة فقوتهم كانت الخادِمات الترف والكسل البدني والعقلي وإسبانيا فالعربي والمصري والأرامي والكنعاني والسرياني ترعرع على سطح أرض فقيرة بالموارد الفِلاحه والصناعة والماء لذلك الفقرالجغرافي ينتج فقر إنساني عقلياً ويدوياً وصفات إنسانية فاشلة أحيانناً عنوانها دمارالذات والحول والمكان ومع هذا كان في سوريا عامل إنساني بنائي تجسدَ بالراحل حافظ الأسد الذي وضع نظام سياسي فلسفي بركماتي خاص به ويلزمة ُمخليصين مع حكيم وفيلسوف لدوام ذلك النظام البركماتي ولكي يحفاظ على ماتبقى من سوريا الطبيعية جنباً إلى جنب مع الكرامه ضدّ عدو فاقد للكرامه فهكذا سارق للأرض وثقافة المنطقة ورموزها وسارق العالم الشمالي الغني وهذه السرقه وإحتكاره للشمال وإبعاد شعوب المنطقة عن الشمال الغني ومن زمن بولوص الذي إقتنع بعدم النصرعلى شعوب المنطقة من منطقتهم فهاجر إلى الشمال لإختراقه ومن ثم الرجوع إليه فرجعوا عقائيدياً وأقوياء مادياً من العالم الشمالي والغني جغرافياً ومادياً فمنحتهُمْ التفوق على شعوب المنطقة تحت أسم جمعي يدعى العرب

إلى من يهمه الامر
ن ف -

جلّ ما أخشاه هو نقرأ مقالة لأحد الكتّاب بعد يوم أو يومين تحت عنوان: هواء وذباب.. تأملات في مقالة شاكر النابلسي يكون مطلعها: ذباب وهواء ايه اللي انت جاي تقول عليه.. ما أنت عارف معنى الهباب ايه.. إلخ.. إلخ. ويبدأ بتفنيد المقالة على مزاجه وفق قراءة غير متأنية للنص تؤيده جوقة من . ثم يخرج الكاتب ويذهب إلى المقهى المجاور لبيته مفتخراً أن المثقفين في بلده هم مّنْ خرموا التعريفة وهم من اخترعوا الماء الساخن!

اختراع فلتر النوافذ
فارس الرياض -

الأذكياء فقط هم الذين يفتحون النوافذ على مصراعيها ليدخل الهواء النقي ويستخدمون في الوقت نفسه فلتر ومرشح منع دخول الحشرات والذباب ، وهو الشبكة الحديدية الخفيفة التي لا تمنع الهواء ولا تمنع الرؤية ولكنها تمنع دخول الذباب والحشرات الضارة ، أعتقد أن العجز العقلي الذي يعانيه البعض بسبب عدم قدرتهم على ابتكار الحلول ، فإما أن تفتح النافذة أو تغلقها ، والصحيح أن هناك حلول إبداعية كثيرة تعطي أفضل النتائج ، وتبتعد عن حدية الطرفين الأبيض والأسود وكأنه لا شيء سواهما من الاألوان.

لقد اسمعت إذ ناديت
طيف الحلاج -

لا ادري اين تكمن العلة في العروبة ام الاسلام لماذا جميع الدول العربية متخلفة هل تكمن العلة في الاسلام وتوظيفه من قبل الحكام وتسيسه لاهداف معينه ام تكمن كما يقول على الوردي في العقلية والتركيبة العربية في كتابه مهزلة العقل البشري

الادنى والاعلى ؟!
الايلافي -

اذا كان الاسلام يتضمن ما ذكر الكاتب حرية ومساواة .. فما حاجتنا اذا الى اللبرالية ؟! اذا كان لدينا الاصل فلم الركض خلف الفرع وتقديمه على الاصل ؟! حاجة ثانية الاستاذ البهيلي انهزم امام جبروت الغرب فقدم من دينه تنازلات لا داعي لها ثالثا الصحيح ان اللبراليين لا يكونون حتى خمسة بالمائةفي اي مجتمع عربي مسلم اخير الشيخ الشتري لم يقل لانه افتى بالضد من الاختلاط ولكنه خالف عرف نصيحة السر للحاكم وكما يقولون غلطة الشاطر بألف فتمت اقالته ؟!! ايها اللبراليون عودوا الى النبع الصافي الى الاصل واتركوا عنكم ادران واوساخ الحضارة الغربية الفاشلة والآفلة حتما . كما يقول اللبناني اللي بيجرب لمجرب عقلو مخرب ؟!!

المشكلة في الاستبداد
اوس العربي -

مشكلة النيو ليبراليين في بلادنا انهم يريدون تنحية الاسلام والشريعة والقيم واستجلاب المنظومة الغربية اللبرالية بخيرها وشرها بدون غربلة لا اظن المشكلة تكمن في الاسلام او اللبرالية وان كان من غير المعقول ولا المقبول مساواة الاسلام كدين باللبرالية كفكرة اقول ان المشكلة الازلية لدينا هي في الاستبداد وهذا اس البلاء ونادرا ما يتحدث اللبراليون عن الاستبداد والفساد ومن المؤسف انهم ضبطوا اما انهم يخدمون الاستبداد او يبررون له او يحتمون به او يحرضونه على الاخرين فضلا عن موافقهم المخجلة من الاحتلال الصهيوني والامريكي ومواقفهم المخجلة من المقاومة والممانعة ان كل مشاكلنا تكمن في الاستبداد والفساد