كتَّاب إيلاف

يجب نقد هذه الكتب!!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يتمثل تراث الامم والشعوب في قسم منه بالكثير ممِّا تركه فلاسفتها وأدباؤها وعلماؤها وفنانوها ومعلموها وملوكها من كتب واسفار وملاحم، هذه الكتب والاسفار والملاحم يسري أثرها في دماء الشعوب، ويكمن في ضمائر أبنائها، ويتسلل بهدوء وخفية إلى ما تنتج فيما بعد من فكر وعلم وأدب وفلسفة وتصورات عن الحياة والتاريخ، لها وقع السحر الأسود، تشكل منابع إبداع، أو أسباب إعاقة، أو مصادر خلق وإلهام، أو مزيج من هذا وذاك، وتبقى لهذه الكتب والاسفار والملاحم حاضرة بشكل وآخر مهما قيل عن قدمها، وتهريء أوراقها، ونسيان مبدعيها أو كتّابها، ومن هنا يشخص منهج بعض ناقدي تاريخ الفكر والعلم الذي يؤكد على ضرورة البحث عن الماضي فيما ينتجه كِبار الحاضر، هناك يبحثون عن البذرة الاولى، عن النفحة الاولى، وسواء نتفق مع هذه المنهج أو نختلف، فإن المنهج يحمل شيئا من الحقيقة...
هل يمكن أن ننسى دور الالياذة، والأوديسا، والبخاري، والطبري، والشهنامة، والكافي للكليني وكليلة ودمنة، وكتاب ما بعد الطبيعة لارسطو وشرحه لابن سينا، وسيرة ابن هشام، وشعر المتنبي، وملحمة دانتي، ونقد العقل النظري وغيرها من اسفار الشعوب الخالدة؟
هذه كتب تراثية مصيرية إذا صح التعبير، وفي كل فترة زمنية يخلف لنا الفكر البشري أسفارا تحمل بصمة الحضور الكبير والمستمر في الضمائر التي تأتي فيما بعد...
هل ما كتبه طه حسين بمعزل عن هذا التراث الذي ينتمي إليه أساسا؟
هل ما ابدعه عمانوئيل كنط بمعزل عمّا أنتجته الحضارة اليونانية من فلسفة ومنطق وفكر؟
هل ما ابدعه ميشيل فوكو بمعزل عمّا ابدعه السابقون عليه؟
وأنا أذ اقول هذا ألفت النظر الى كتبنا التراثية التي لها حضور طاغ ومؤثر ومؤسس في ما نكتب، وننتج، ونؤلف، ونتحدث، ونعمل، سواء كنا تراثيين أو معاصرين، سواء كنا حداثويين أو تقليديين، سواء كنا مسليمن أو مسيحيين، سواء كنا يساريين أو يمنيين، بل سواء كنا مؤمنين أو ملحدين.
هل قرانا ـ مثلا ـ محمود أمين العالم؟
هل قرانا ـ على سبيل المثال أيضا ــ زكي نجيب محمود؟
هل قرانا ـ على سبيل المثال أيضا ــ محمد باقر الصدر؟
هل قرأنا ـ على سبيل المثال أيضا ــ الجابري؟
لا أريد أن أطيل، فالقائمة طويلة، وربما معروفة كذلك، بل ممارساتنا السياسية والاجتماعية والفكرية كعرب ومسلمين هل هي بعيدة عن روح كتاب البخاري، والجو العام لتاريخ الطبري، والنكهة الطاغية على كليلة ودمنة، بل حتى البنى المنطقية والتحليلية ليست ببعيدة عن هذا التراث، بعيدة عن نكهة ابن رشد والغزالي وابن طفيل وملا صدرا، وهكذا...
هنا، نعم هنا، أقول يجب أن ننقد هذه الكتب، إن هجرها، اهمالها بمثابة خرافة، أو وهم، فهي دائمة الحضور، فما علينا سوى أن نواجهها بجرأة، وشجاعة، ربما نعاني، نقاسي، ربما يتسبب ذلك في دماء واشلاء، ولكن ذلك مطلوب على أي حال، لا أقصد بطبيعة الحال حرقها، أو رميها في نهر دجلة والنيل، هذه دعوة مجنونة، ليس في ذلك شك، ولكن أدعو إلى اختراق قدسيتها، مواجهتها بصراحة، تفكيك نصوصها، إخضاعها للنقد، سواء على صعيد قدسيتها، أو على صعيد أصالتها الفكرية والعلمية ومدى تماهيها مع حاجات العصر، او على صعيد ما أفرزت وأنتجت وأثرت وأسست.
البخاري... الطبري... الكافي للكليني... قانون بن سينا... تهافت الفلاسفة...نقد المنطق لابن تيمية... المدينة الفاضلة للفارابي... كل هذه الاسفار رغم جلالة قدرها في وقتها، يجب أن نخترق حريمها بالقلم الحر، بالفكر الشجاع، هذه الكتب والاسفار بمثابة أصنام، إلهة مزيفة، تتحكم بنا من حيث نشعر ومن حيث لا نشعر، بل يجب أن يتعدى النقد من النص إلى منشيء النص، إلى الكندي نفسه، إلى محمد بن جرير الطبري نفسه، إلى أحمد بن عبد الحليم بن يتيمية نفسه، إلى المجلسي نفسه ـ صاحب كتاب البحار ـ عملية نقد وتشريح وتفتيت وتفكيك للنص والزمن الذي كُتِب فيه، والكاتب، وأدوات إنتاجه، والخفايا التي تكمن في ضميره، والآثار التي تخلفت عن ذلك، سلبيا أو إيجابيا، نتوجه بكل ثقلنا الفكري والأخلاقي والنظري لنمعن النقد بهذه الاسفار، هذه الاوراق، نحطم ربوبيتها الطاغية، قدسيتها المزيفة.
الغريب أن بعضهم يرى أن نقد هذه الكتب بمثابة عودة الى الماضي، وإثارة للفتن، بل بمثابة ضحك على العقول، وتلاعب بالضمائر! والاغرب من ذلك أن بعضهم يرى أن نقد هذه المصادر بمثابة تهديم لقيم الامة وتاريخ الامة ومستقبل الامة، وكلا التصورين في رأيي جناية على كياننا ومستقبلنا، فإن نقد مصادر الطبري الروائية ـ مثلا ــ لا يعني عودة الى الماضي كما يفهم بعض المتسرعين، ولا يعني إثارة الفتن الدينية والمذهبية، كأن كتاب الطبري غائب، ولم يعد له حضور في المكتبات والمدارس والجامعات والمواقع، ولم يعد له حضور في خطبنا ومواعظنا واطروحاتنا لنيل الشهادة العليا، إنما هي عملية قد تهدف إلى تهذيب الكتاب من الخرافات والمبالغات والتهويلات كي لا يتحول إلى سطور منزلة من فوق، بل ربما تهدف في التحليل الاخير إلى سد أبواب الفتنة، فإن هذه الفتن كثيرا ما يكون مصدرها الطبري وما شابه الطبري من كتب التاريخ والحديث والسيرة والعقائد والأدب وعلوم الكلام والفلسفة وغيرها..
إن كتاَّب ومفكري ومثقفي هذه الامة مدعوون حقا إلى خرق حرمة هذه الاصنام، هذه التابوتات، هذه المحرمات، هذه المقدسات، ولكن بهدوء وعلمية وموضوعية وبأدوات دقيقة، ولغرض النهوض بهذه الامة، وإنقاذها ممّا تتضمنه هذه (المصادر والاسفار والكتب والمؤلفات) من دواعي الفتن، والسكون، والموت، والخرافة، والمبالغة...
وإلا يكون الطوفان...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
جميل...لكن.....
الناصري التميمي -

منطق جميل...لكن هل يعلم الكاتب - وهو لاشك يعلم- أن الساحة السنية كانت ولاتزال تمارس النقد والتحيح منذ أمد بعيد لكن السؤال: هو لماذا لا نرى ذلك في الساحة الشيعية؟ السبب أن السنة لا تمتلك قرارهم جهة واحدة كما هوالحال مع الشيعة....تأمل حاليا بمصير كل من يصنف على أنه ضد الولي الفقيه من الشيعة ماذا يحدث له في كل مناطق الشيعة في العالم...منتظري كان مثالا واضحا....أحمد الكاتب....الخدعوتكم جميلة يا سيدي لكن لكن واقعيين...الساحة الشيعية هي اللتي تفتقد لهذه الأفكار. تحياتي

الحيلدية والاولية
ابو ياسر -

تحياتي لك استاذ غالب على طروحاتك الجريئة.. نحن معك في طرحك البناء هذا والصادق ..ان بعض الكتب حتى وان احتوت شيئا من القدسية فان ذلك لايعني انها غير خاضعة للنقاش واعادة النظر بما احتوت من افكار ومفاهيم وطروحات بل ان ذلك من دواعي المسؤولية والواجب لنفض الغبار عنها ومعرفة الغث من السمين كما يقال وما يصلح فيها وما تجاوزه الزمن وظهر تناقضه فلا قدسية ثابتة الا للقرآن الكريم لانه كلام الله المحفوظ وان مفاهيمه متجددة ولكي نبدأبداية صحيحة علينا ان نبدأ بالاهم وبحيادية وتجرد وبضمير واع ومسؤول لاتأخذه بالحق لومة لائم,,مع الشكر

مقال رائع
محمد -

استاذ شاهبندرمقال رائع ككل مقالاتك! بالاضافة الى طروحاتك العلمية العميقةاقدر تواضعك الجمتمنياتك لك بالتوفيق و في انتظار مقالك القادم

الحيادية والاولوية
ابو ياسر -

تحياتيلك استاذ غالب على طروحاتك الجريئة.. نحن معك في طرحك البناء هذا والصادق..ان بعض الكتب حتى وان احتوت شيئا من القدسية فان ذلك لايعني انها غيرخاضعة للنقاش واعادة النظر بما احتوت من افكار ومفاهيم وطروحات بل ان ذلكمن دواعي المسؤولية والواجب لنفض الغبار عنها ومعرفة الغث من السمين كمايقال وما يصلح فيها وما تجاوزه الزمن وظهر تناقضه فلا قدسية ثابتة الاللقرآن الكريم لانه كلام الله المحفوظ وان مفاهيمه متجددة ولكي نبدأبدايةصحيحة علينا ان نبدأ بالاهم وبحيادية وتجرد وبضمير واع ومسؤول لاتأخذهبالحق لومة لائم,,مع الشكر

السبب هو التلقين
شاكوش -

ياسيدي السبب هو نظام التعليم في بلداننافمن تعلم منا في المدارس تعلم باسلوب التلقين.حتى جلستنا في الصف هي لمواجهة الصبورة والمعلم لنتلقى منه فقط.فمن النادر اذا لم يكن من الممنوع ان نناقش مايقوله لنا المعلم ولا نزنه بميزان عقولنا ولا نواجه بعضنا البعض لمناقشة ماتم طرحه من اراء من قبل المعلم.التلقين يجعل من اغلبنا متلقي ومؤمن بما يتلقى.نقرا ونؤمن بما نقرا، نشاهد على شاشة التلفزيون فنؤمن بما شاهادناه.نحن شعوب تعلمنا على التلقين فكيف تريد منا ان نناقش افكار يعتبرها البعض مقدس وهو لايعرفون ان لامقدس الا العقل...الا يعتبر البعض صحيح اليخاري مقداس ؟؟

600 عام
خوليو -

الدين الاسلامي ظهر بعد المسيحية ب600 عام وهي الأعوام التي يحتاجها أتباعه ليلحقون بعصر الحضارة الحالية، نقد الكتب الدينية نفسها في الغرب وتحليل مضمونها بدأ منذ عصر نهضتهم، فهناك كتابات وكتب غير ممنوعة تقرأها الملايين، فمثلاً كتاب لماذا لاأعتقد لروبرت غرين صدر عام 1896 يقول فيه:التوراة الكتاب الذي هو كذبة الغرب وتجارة عديمي الأخلاق وملجأ الجهلاء... وهناك آلاف المواقع والكتب الورقية والبلوغات الإلكترونية تفتح حوارات لتناقش وتنتقد التوراة والانجيل والذات الآلهية نفسها دون منع أو شطب أو ملاحقة، بينما نحن لانستطيع مناقشة أين تغرب الشمس،(لأنها تغرب في بئر حمئة ونقطة). داور السيد الكاتب لمن يجب أن ننتقد فذكر كتب البخاري والطبري وآخرون ممن يسمونهم علماء ولكنه ابتعد خوفاً عن ذكر ذلك الكتاب الذي يجب نقده مباشرة وتفكيك مفاصله،لأنه هو السبب المباشر لتخلفنا، لقد سبقنا الغرب لأنه أجرأ مننا،لقد وصلوا لنظام مدني يكفل حرية الكلمة وخاصة عندما تقدمها بشكل فكر مؤدب،بينما في بلاد القمع من كل النواحي لاتستطيع أن تذكر ولو بكلمة أوتنتقد أو تضع فكرتك لأنك كما يقولون ممنوع عليك ازدراء الأديان، الفرق الحضاري بيننا وبينهم هو 600 عام.

طريق المهالك
سامي الجابري -

لمن تفتح ولمن تعيد صياغة الماضي؟ ,وهل من مستمع من هذه الامه للغة المنطق والعقل والضمير الحر؟,بعد كل هذه العقود من القهر والحرمان والغاء الاخر حتى وصل الامر لحد التكفير والاخراج من المله, تريد ان تعيد صياغة الماضي وفق منطق جديد ومتنور , كتب اصبحت من المسلمات حتى وصل الامر حد التقديس, بل تعدى تقديسها الكتب السماويه التي اصبحت امام هذه الكتب ركنا خفيا, تريد الآن ان تمحص وتفحص فيها, من يقبل منك ذلك؟,ومن يسمع ومن يقتنع؟,ليس الموضوع بالامر الهين ولا بالامر اليسير, ولااظن انك بقادر ان تسمع الموتى , بالاخير سيحكم عليك بتهم اقلها الخروج من المله, وسيهدر دمك وربما تذهب قبل ان تكمل نصف الطريق.

الحيادية والاولوية
ابو ياسر -

تحياتيلك استاذ غالب على طروحاتك الجريئة.. نحن معك في طرحك البناء هذا والصادق..ان بعض الكتب حتى وان احتوت شيئا من القدسية فان ذلك لايعني انها غيرخاضعة للنقاش واعادة النظر بما احتوت من افكار ومفاهيم وطروحات بل ان ذلكمن دواعي المسؤولية والواجب لنفض الغبار عنها ومعرفة الغث من السمين كمايقال وما يصلح فيها وما تجاوزه الزمن وظهر تناقضه فلا قدسية ثابتة الاللقرآن الكريم لانه كلام الله المحفوظ وان مفاهيمه متجددة ولكي نبدأبدايةصحيحة علينا ان نبدأ بالاهم وبحيادية وتجرد وبضمير واع ومسؤول لاتأخذهبالحق لومة لائم,,مع الشكر

من أي نص نبدأ ؟
أحلام أكرم -

فكره نقد الكتب معروفه وإن كانت لا زالت غير مقبوله ..ما يهمني هنا ماهو النص الذي يدعو الكاتب إلى تحليله .. أي كتاب وأي نص .. لقد قدّس الإنسان العربي كل النصوص وأله كل الأشخاص فمن أين نبدأ.. الكاتب ومع إحترامي العميق له .. بالرغم من معرفته الكبيره بمثل هذه الكتب ..توقف فقط عند تشجيع الآخرين الأكثر جرأه على الدخول في عملية النقد والتحليل بينما وكعادة معظم الكتاب العرب .. سيقف متفرجا ..

عاد يتعالم
أبو لمبة -

مخالف لشروط النشر

عاد يتعالم
أبو لمبة -

مخالف لشروط النشر

كيف نبدأ
MOUSA -

لفتة رائعة من كاتب محايد.المشكلة من ينقد قدسياته اللتي تؤذي غيره, و ماذا يتطلب لنقل الفكرة خاصة الى المشائخ الكرام.بينما نجد تخندقا و سبابا و تجريحا يكرس المصائب

احسنت یا استاذ
gilak -

مرحبا بهذا الفکرة لاسیما ان الکاتب الکریم من الاوفیاء عملیا بالفکرةو شکرا لایلاف

أحسنت أخي الكاتب
حميد -

خالص الود والتحية للأخ الكاتب الكريم ، على هذه الآراء القيمة ، والتي هي حديثنا الذي لا ينضب ، ومنذ سنين ، فكل تراثنا وكتبنا ما عدى كتاب الله سبحانه ، خاضعة للجرح والتعديل والنقد والتصحيح والتهذيب والتشذيب ، ولا يوجد في ذلك محذور لأنه لا يمس المقدس.

رؤوس اقلام
الموسوية -

اشعر احيانا ان بعض مقالاتك ما هي سوى رؤوس اقلام او تمهيد لما هو اهم .تحياتي

حرب على المقدسات
عين تراقب العدو -

إن كتاَّب ومفكري ومثقفي هذه الامة مدعوون حقا إلى خرق حرمة هذه الاصنام، هذه التابوتات، هذه المحرمات، هذه المقدسات، ولكن بهدوء وعلمية وموضوعية وبأدوات دقيقة، ولغرض النهوض بهذه الامة، وإنقاذها ممّا تتضمنه هذه (المصادر والاسفار والكتب والمؤلفات) من دواعي الفتن، والسكون، والموت، والخرافة، والمبالغة...وإلا يكون الطوفان...أي طوفان هذا يا نوح الزمان هذا بيت القصيد الكافي والبخاري كما قيل ليس حبا بعلي ولكن كرها لعثمان